فى هذا المشاركة أذكر ترجمة يسيرة عن الإمام محمد بن عمر بن بحرق الحضرمى الشافعى ثم موقفه من المسائل المختلفة التى يثيرها المتمسلفة الوهابية الخوارج على الأمة و على علماء الأمة , مثل مسألة:
- الإحتفال بالمولد النبوى الشريف - الزيارة للقبر النبوى الشريف - التبرك بالقبر الشريف و بالآثار الشريفة و تقبيلها - تفضيل موضع القبر النبوى الشريف على ما عداه من بقاع الأرض - تعظيم كل ما يتعلق بالنبى صلى الله عليه و آله و سلم - التوســـــــــل - الإستغاثــــــــــــة - الحلف بالنبى صلى الله عليه و آله و سلم و بآيات كتاب الله - مسألة إيمان أبوى النبى صلى الله عليه و آله و سلم - قرابة النبى صلى الله عليه و آله و سلم - النبى صلى الله عليه و آله و سلم و علم الغيب - قراءة سورة يس - عقيدة الإمام بحرق فى سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم - بردة الإمام البوصيرى - التصوف - الكرامات - الشيعة
[align=center] الإمــــــام بحــــــــــرق 869-930 هـ[/align]
هذه الترجمة بإختصار من مقدمة كتابه "حدائق الأنوار و مطالع الأسرار فى سيرة النبى المختار صلى الله عليه و سلم و على آله و أصحابه المصطفين الأخيار" طبعه دار المنهاج – الطبعة الثانية (مصححة و منقحة) 1424 هـ - 2003 م
هو الشيخ العلامة المحدث , الإمام البارع , اللغوى النحوى الأديب, القاضى: جمال الدين محمد بن عمر بن مبارك بن عبد الله بن على. الحميرى, الحضرمى, الشافعى. الشهير بـ (بحرق).
مولده:
ولد رحمه الله تعالى فى ليلة النصف من شعبان, سنة تسع و ستين و ثمان مئة بحضرموت
نشأته و طلبه العلم:
نشأ – رحمه الله تعالى - على احسن الأوصاف و النعوت بحضرموت, المشهود لها بوفرة العلماء و رسوخهم فى كثير من فنون العلم , فحفظ القرآن العظيم و الجزرية و معظم الحاوى الصغير و الشاطبية و منظومة البرماوى الأصولية و ألفية ابن مالك النحوية. و أخذ عن الفقيه الجليل محمد بن أحمد باجرفيل الفقه.
رحل إلى "الشحر" , فأخذ عن العلامة الشهير عبد الله بن عبد الرحمن بافضل و قرأ عليه فى الفقه و أصوله.
ثم إلى بندر "عدن" , فأخذ عن عبد الله بن أحمد بامخرمة الذى لازمه ملازمة تامة حتى تخرج به, و قرأ عليه الفقه و أصوله و العربية , حتى كان جل انتفاعه به, و قرأ عليه ألفية ابن مالك و جميع سيرة ابن هشام و جملة صالحة من الحاوى الصغير فى الفقه, و سمع عليه جملة من علوم شتى. و أخذ عن الشيخ محمد بن أحمد بافضل, فقرأ عليه أيضا الفقه و أصوله. ثم ارتحل الى "زبيد" و أخذ عن علمائها. فأخذ علم الحديث عن المحدث الشيخ زين الدين محمد بن عبد اللطيف الشرجى, و علم الأصول عن الفقيه جمال الدين محمد بن أبى بكر الصائغ, و أخذ عنه التفسير و الحديث و النحو, و قرأ عليه "شرح البهجة الوردية" لأبى زرعة. و أخذ أيضا عن السيد الشريف الحسين بن عبد الرحمن الأهدل. و صحب الشيخ أبا بكر العيدروس, و أخذ عنه, و انتفع به, و عادت عليه بركته.
ثم رحل الى "الحرمين" سنة أربع و تسعين و ثمان مئة, و أدى المنسكين العظيمين, و اجتمع بالحافظ السخاوى , و سمع منه , و أخذ عنه علم الحديث و المصطلح.
مكانته و حياته:
كان – رحمه الله تعالى – ثقة , صالح حافظ للاحاديث و الاثار رجاعا الى الحق, محبا لأهل العلم, محسنا الى طلبته, غاية فى الكرم, مؤثرا .
تولى القضاء بالـ "شحر" فكان قاضيا عادلا تحمد احكامه. ثم عزل نفسه , و قصد عدن فحصل له قبول و جاه عن أميرها مرجان العامرى.
و لما توفى الامير مرجان سنة سبع و عشرين و تسع مئة قصد الهند , فوفد على سلطانها مظفر شاه أحمد بن محمود بايقرا (الكجراتى) , فقربه السلطان و أكرمه و عظمه , و قام به و قبله, و وسع عليه و التفت اليه , و أدناه منه و أخذ عنه, فاشتهر بجاهه . و صنف للسلطان كتابنا هذا : "تبصرة الحضرة الشاهية الاحمدية بسيرة الحضرة النبوية الاحمدية" .
قال السخاوى فى "الضوء اللامع" : و صاهر صاحبنا – أى بحرق – حمزة الناشرى على ابنته و أولدها, و تولع بالنظم أيضا و مدح السلطان – عامر بن عبد الوهاب - حين شرع فى بناء مدارس "زبيد" و النظر فيها, فكان من أولها فيما انشدنيه حين لقيته بمكة و أخذ عنى , و كان قدومه لها ليلة الصعود, فحج حجة الإسلام و أقام قليلا, ثم رجع , كان الله له ..." اهـ كلام السخاوى
قال عنه العيدروس فى النور السافر: " ما رأيت احدا من علماء حضرموت أحسن و لا أوجز عبارة منه, و له نظم حسن, و هو أحد من جمع بين ديباجتى النظم و النثر, فنثره منثور الرياض جاد بها السحائب, و نظمه منظوم العقود زانتها النحور و الترائب", ثم اورد العيدروس نظما للإمام بحرق ثم قال: " و لقد أجاد فيها كل الإجادة و لله دره و لا يبعد أن براعته فى الشعر لمعنى إرثى من إمامه الشافعى رضى الله عنه " اهـ كلام العيدروس
و قد ذكر له كرامات و مرائى صالحات لا نطيل بذكرها.
و له مقاطيع شعرية حسنة, منها:
أنا فى سلوة على كل حال **** إن ابانى الحبيب أو إن اتانى أغنم الوصول إن دنا فى أمان **** و إذا ما نأى أعش بالأمانى
و له قصيدة عظيمة سماها : "العروة الوثيقة فى الجمع بين الشريعة و الحقيقة", أجاد فيها إلى الغاية , و شرحها شرحا سماه : " الحديقة الانيقة"
لقد كان رحمه الله تعالى العالم الذى يمشى تحت علم فتياه العلماء الاعلام و حملة الأقلام, وتخضع لفصاحته و بلاغته صيارفة النثر و النظام, شيخ اللغة و النحو و الإعراب, و عمدة الفقهاء فى نصوص الشافعى و الاصحاب.
مصنفاته:
صنف رحمه الله تعالى مصنفات عديدة فى الاصول و الفروع و الحديث و السيرة و العقيدة و النحو و فى أهل الأحوال, و قد تلقاها الناس بالقبول, نذكر منها:
1- حدائق الانوار و مطالع الاسرار فى سيرة النبى المختار (صلى الله عليه وآله و سلم). (مطبوع) 2- أرجوزه فى علم الحساب. 3- أرجوزه فى علم الطب و شرحها شرحا مفيدا. 4- الأسرار النبوية فى إختصار الأذكار النووية. (مطبوع) 5- البهجة فى تقويم اللهجة. 6- ترتيب السلوك إلى ملك الملوك. 7- تحفة الأحباب فى شرح "ملحة الأعراب" للحريرى. (مطبوع) 8- الحديقة الأنيقة فى شرح العروى الوثيقة. (مطبوع) 9- الحسام المسلول على منتقصى أصحاب الرسول صلى الله عليه و آله و سلم. (مطبوع) 10- حلية البنات و البنين فيما يحتاج إليه من أمر الدين. (مطبوع) 11- الحواشى المفيدة على أبيات اليافعى فى العقيدة. و ذكر فى كتابه " ترتيب السلوك" أن له على ابيات الشيخ عبد الله بن اسعد اليافعى ثلاثة شروح: بسيط ووسيط ووجيز. 12- ذخيرة الاخوان (المختصر من كتاب الاستغناء بالقرآن). (مخطوط) 13- رسالة فى علم الميقات. 14- رسالة فى الفلك. 15- شرح الجزرية. 16- شرح على منظومة الشيخ أبى الجبيش الاندلسى فى العروض. 17- شرحان على لامية ابن مالك فى التصريف, مختصر و كبير. 18- عقد الدرر فى الإيمان بالقضاء و القدر. (مخطوط) 19- العقد الثمين فى إبطال القول بالتقبيح و التحسين. (مخطوط) 20- فتح الاقفال شرح أبنية الافعال. 21- فتح الرؤوف فى معانى الحروف. 22- مختصر الخلاصة لابن مالك, فى عده أهل بدر و شرحه. 23- مختصر نهاية الناشرى فى علم القراءات. 24- متعه الأسماع بأحكام السماع, ( المختصر من كتاب الإمتاع). 25- مختصر الترغيب و الترهيب, للمنذرى. (مخطوط) 26- مختصر شرح لامية العجم, للصفدى. (مخطوط) 27- مختصر المقاصد الحسنة, للسخاوى. 28- مواهب القدوس فى مناقب العيدروس. 29- النبذه المختصره فى معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة و المؤخرة. 30- النبذه المنتخبة من كتاب الاوائل, للعسكرى.
لعل هذه المصنفات هى الاشهر و بالجملة: فجميع مؤلفاته رائقة حسنة, محررة منقبة مستحسنة, و لهذا تداولها ابناء الزمان, و تناقلها المشاه و الركبان, و عقدت عليها الخناصر, و انعطفت عليها الأواصر.
وفاته:
قال العيدروس فى النور السافر "حكى انه مات بالسم و سبب ذلك انه حظى عند السلطان الى الغاية , فحسده الوزراء على ذلك, فوقع منه ما اوجب له الشهادة, و ناهيك بها من سعادة.
و من احسن ما قيل فيه هذا البيت لبعضهم يمدحه
لأى المعانى زيدت القاف فى اسمكم و ما غيرت شيئا إذا هى تذكر لانك بحر العلم و البحر شأنه اذا زيد فيه الشىء لا يتغير
و مثله قول الاخر فيه ايضا :
فأنت بحر و قاف ما له طرف محمد اسمك المعروف موصوفا سمى خير الأنام الطهر من مضر يهناك يهناك هذا الفخر تشريفا
عاش رحمه الله تعالى احدى وستين سنة و انتقل الى جوار ربه فى ليلة العشرين من شعبان سنة ثلاثين و تسعمائة (بكجرات) فشيعه خلق كثير و دفن فى مدينة أحمد اباد تغمده الله بالرحمة و الرضوان و أسجنه فسيح الجنان.
|