موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 7, 8, 9, 10, 11, 12, 13 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 09, 2009 1:56 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثامنة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ليخفف ألم البلاء عنك علمك بأنه سبحانه هو المبلي لك
فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الإختيار )

إذا أصابتك أيها الأنسان مصيبة أو نزلت بك بلية في بدن
أو أهل أو مال فأذكر من أنزل ذلك عليك وما هو متصف به
من الرحمة والرأفة بك والمحبة والعطف عليك لعلك تفهم
ما في طي ذلك من النعم وما يعقبه من سوابغ الفضل والكرم
ولو لم يكن إلا تطهيرك من الذنوب وتمحيصك من الغيوب
وتقريبك من حضرة علام الغيوب فهل تعودت منه إلا الإحسان
وهل رأيت منه إلا غاية المبرة والإمتنان
فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الاختيار
فالذي واجهتك منه أحكام قهره هو الذي عودك تمام إحسانه
وبره , فالذي واجهتك منه ظواهر المحن هو الذي أسبغ عليك
بواطن المنن
فالذي واجهتك من حضرة قهاريته الرزايا هو الذي أتحفك
بأنواع الكرامات والهدايا
ولله در صاحب العينية حيث يقول :

تلذ لي الآلام إذ أنت مسقمي
وأن تمتحني فهي عندي صنائع

تحكم بما تهواه في فانني
فقير لسلطان المحبة طائع

قال الجنيد رضي الله عنه :
كنت نائماً بين يدي السري فأيقظني وقال لي :
يا جنيد رأيت كأني وقفت بين يديه فقال لي :
يا سري خلقت الخلق فكلهم أدعوا محبتي , فخلقت الدنيا
فهرب مني تسعة أعشارهم وبقي معي العشر , فخلقت الجنة
فهرب مني تسعة أعشار العشر وبقي معي عشر العشر
فسلطت عليهم ذرة من البلاء فهرب مني تسعة أعشار
عشر العشر فقلت للباقين معي : لا الدنيا أردتم ولا الجنة
أخذتم ولا من النار هربتم فما تريدن ؟
قالوا : إنك تعلم ما نريد , فقلت : إني مسلط عليكم من البلاء
بعدد أنفاسكم ما لا تقوم له الجبال الرواسي أتصبرون ؟
قالوا : إن كنت أنت المبتلي فافعل ما شئت هؤلاء عبادي حقاً اهـ

وقال في التنوير:
وإنما يعينهم على حمل الأحكام فتح باب الإفهام .
وأن شئت قلت :
وأنما يقويهم على حمل أقداره شهود حسن اختياره
وأن شئت قلت :
وإنما يصبرهم على وجود حكمه علمهم بوجود علمه
وأن شئت قلت :
إنما يصبرهم على أفعاله ظهوره عليهم بوجود إجماله
وأن شئت قلت :
إنما صبرهم على القضاء علمهم بأن الصبر يورث الرضا
وأن شئت قلت :
إنما صبرهم على الأقدار كشف الحجب والأستار
وإن شئت قلت :
إنما صبرهم على أقداره علمهم بما أودع فيها من
لطفه وأبراره اهـ

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 17, 2009 3:15 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة التاسعة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من ظن الفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره )

من أعظم إحسان الله وبره كون لطفه لا ينفك عن قدره
فما نزل القدر إلا سبقه اللطف وصحبه وبهذا حكم النقل والعقل .
أما العقل فما من مصيبة تنزل بالعبد إلا وفي قدرة الله
ما هو أعظم منها وقد وجد ذلك .
فإذا نزلت بك أيها الإنسان مصيبة فأذكر من هو أعظم منك بلاء .
فكم من إنسان يتقطع بالأوجاع , وكم من إنسان مبتلي
بالجذام والبرص والجنون والعمى , وكم من إنسان مطروح في
الفنادق لا يجد من يبرئه إلا من ابتلاه
وكم من إنسان أعمي أو مقعداً أو محموم إلى ما لا يتناهي
نسأل الله عافيته الدائمة في الدارين
وأما من جهة النقل , فقد ورد في ثواب الأمراض والأوجاع
أحاديث كثيرة وآيات قرآنية في مدح الصابرين منها :

قوله تعالى : { إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب }

وقوله تعالى : { وبشر الصابرين }

الآية { أن الله مع الصابرين } إلى غير ذلك

وقوله صلى الله عليه وسلم :
" ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن
حتى الشوكة يشاكها وحتى الهم يهمه إلا كفر به سيأته "

وورد في الحمى أحاديث كثيرة وأن حمى ساعة تكفر سنة
إلى غير ذلك .

وقد ذكر الشيخ ابن عباد رضي الله عنه منها جملة شافية فليطالعه
من أراد تكثير الأجور , ورفع الستور
والرضى بالمقدور .
وكان شيخ شيخنا رضي الله عنه يقول :
كلام النية قصير وبالله التوفيق , فالأمر واضح لمن هو لنفسه ناصح
فلا يخاف عليك من الجهل بالحق , وإنما يخاف عليك من
غلبة الهوى وجهلة الخلق .


وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 29, 2009 5:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة العاشرة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا يخاف عليك أن تلتبس الطرق عليك وإنما يخاف عليك
من غلبة الهوى عليك )

لا شك أن الله سبحانه بين لنا طريق الوصول على لسان
الرسول صلى الله عليه وسلم . فبين لنا أعلام الشريعة
ومنار الطريقة وأنوار الحقيقة فقرر لنا شرائع الإسلام
وقواعد الإيمان ومقام الإحسان فما ترك صلى الله عليه وسلم
شيئاً يقربنا إلى الله إلا دلنا عليه , ولا شيئاً يبعدنا عنه إلا حذرنا منه
لم يأل جهداً في إرشاد العباد وإظهار طريق السداد فما رحل إلى
الله تعالى حتى ترك الناس على الدين القويم والمنهاج المستقيم
على طريق بيضاء لا يضل عنها إلا من كان أعمى .

قال تعالى :
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الأسلام ديناً "

وقال تعالى : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي "

وقال عليه السلام : " لقد تركتكم على الحنيفية السمحة "

وفي رواية : " على الملة البيضاء نهارها كليلها "
أو كما قال عليه السلام

وقال أحمد بن حضرويه البلخي رضي الله عنه :
الطريق واضح , والدليل لا ئح والداعي قد أسمع
فما التحير بعد هذا إلا من العمى .

وسمعت رابعة العدوية صالحاً المرّي يقول :
من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له , فقالت له :
الباب مفتوح وأنت تفر منه , كيف تصل إلى مقصد أخطأت
الطريق إليه في أول قدم . اهـ كلامها رضي الله عنها
فلا يخاف عليك أيها المريد أن تلتبس الطرق الموصلة إلى
الله تعالى عليك لأنها في غاية الوضوح وإنما يخاف عليك
من غلبة الهوى عليك فيصمك ويعميك

* أن الهوى ما تولى يصم أو يصم *

فلا يخاف عليك التباس الهدى , إنما يخاف عليك إتباع الهوى
فلا يخاف عليك التباس الحق وإنما يخاف عليك جهلة الخلق .

{ وأن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله }
فلا يخاف عليك عدم وجود أهل التحقيق
وإنما يخاف عليك قطاع الطريق
لا يخاف عليك من خفاء أهل الحق
إنما يخاف عليك من قلة الصدق .

{ فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم }

والله ما حجبهم عنك إلا من عدم صدقك , فلو حسنت ظنك بالله
وبأولياء الله لرفع الله الحجاب بينك وبينهم
ووجدتهم أقرب إليك من أن ترحل إليهم
فسبحان من سترهم في حال ظهورهم وأظهرهم في حال خفائهم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 29, 2009 5:52 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة العاشرة بعد المائة من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا يخاف عليك أن تلتبس الطرق عليك وإنما يخاف عليك
من غلبة الهوى عليك )

لا شك أن الله سبحانه بين لنا طريق الوصول على لسان
الرسول صلى الله عليه وسلم . فبين لنا أعلام الشريعة
ومنار الطريقة وأنوار الحقيقة فقرر لنا شرائع الإسلام
وقواعد الإيمان ومقام الإحسان فما ترك صلى الله عليه وسلم
شيئاً يقربنا إلى الله إلا دلنا عليه , ولا شيئاً يبعدنا عنه إلا حذرنا منه
لم يأل جهداً في إرشاد العباد وإظهار طريق السداد فما رحل إلى
الله تعالى حتى ترك الناس على الدين القويم والمنهاج المستقيم
على طريق بيضاء لا يضل عنها إلا من كان أعمى .

قال تعالى :
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الأسلام ديناً "

وقال تعالى : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي "

وقال عليه السلام : " لقد تركتكم على الحنيفية السمحة "

وفي رواية : " على الملة البيضاء نهارها كليلها "
أو كما قال عليه السلام

وقال أحمد بن حضرويه البلخي رضي الله عنه :
الطريق واضح , والدليل لا ئح والداعي قد أسمع
فما التحير بعد هذا إلا من العمى .

وسمعت رابعة العدوية صالحاً المرّي يقول :
من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له , فقالت له :
الباب مفتوح وأنت تفر منه , كيف تصل إلى مقصد أخطأت
الطريق إليه في أول قدم . اهـ كلامها رضي الله عنها
فلا يخاف عليك أيها المريد أن تلتبس الطرق الموصلة إلى
الله تعالى عليك لأنها في غاية الوضوح وإنما يخاف عليك
من غلبة الهوى عليك فيصمك ويعميك

* أن الهوى ما تولى يصم أو يصم *

فلا يخاف عليك التباس الهدى , إنما يخاف عليك إتباع الهوى
فلا يخاف عليك التباس الحق وإنما يخاف عليك جهلة الخلق .

{ وأن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله }
فلا يخاف عليك عدم وجود أهل التحقيق
وإنما يخاف عليك قطاع الطريق
لا يخاف عليك من خفاء أهل الحق
إنما يخاف عليك من قلة الصدق .

{ فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم }

والله ما حجبهم عنك إلا من عدم صدقك , فلو حسنت ظنك بالله
وبأولياء الله لرفع الله الحجاب بينك وبينهم
ووجدتهم أقرب إليك من أن ترحل إليهم
فسبحان من سترهم في حال ظهورهم وأظهرهم في حال خفائهم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 10, 2009 2:33 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الحادية عشر بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

) سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور وصف البشرية
وظهر بعظمة الربوبية في أظهار العبودية )

الخصوصية هي نور الحق يشرقه الله في قلوب خواص عباده
المقربين بعد تطهيرها من الأكدار وتنزيهها عن المساوي
والأغيار يغيبون به عن شهود أنفسهم بشهود محبوبهم
وسرها : هو ما أحتوى عليه ذلك النور من الكمالات العلية
والنعوت القدسية والصفات السنية التي تليق بالمتحلى به :
كالكبرياء والعز والقوة والعظمة والإجلال وكالإتصاف بالقدرة
التامة والعلم المحيط وسائر أوصاف الكمال
ثم إن الحق سبحانه من عظيم حكمته وباهر قدرته أن ستر تلك
الأوصاف اللازمة لذلك النور بظهور أضدادها التي هي
أوصاف العبودية فستر كبرياءه وعظمته بظهور الذل والفقر
والضعف على العبد وستر قدرته وإراداته بظهور العجز
والقهرية عليه وستر علمه المحيط بظهور الجهل والسهو
إلى غير ذلك من أوصاف العبودية المقابلة لأوصاف الربوبية
فسبحان من جعل الأشياء كامنة في أضدادها
ستر كمالات الربوبية بنقائص العبودية ولولا ذلك لكان السر
غير مصون والكنز غير مدفون وسيأتي قوله :
ستر أنوار السرائر بكثائف الظواهر إجلالاً لها أن تبتذل
بالإظهار وأن ينادي عليها بلسان الأشتهار اهـ
ولذلك قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
لو كشف عن نور الولي لعبد من دون الله
وثبت عن الشيخ أبي يزيد رضي الله عنه أنه لما تجلى له هذا
النور قال سبحاني ما أعظم شأني وقال الحلاج رضي الله عنه :

أنا أنت بلا شك ... سبحانك سبحاني
توحيدك توحيدي ... وعصيانك عصياني

وقال أيضاً
سبحان من أظهر ناسوته ... سر سناء لاهوته الثاقب

ثم بدا في خلقه ظاهراً ... في صورة الآكل والشارب

حتى لقد عاينه خلقه ... كلحظة الحاجب بالحاجب

وبإظهار هذا وأمثاله قتل رضي الله عنه
فمن لطف الله تعالى ورحمته أن ستر ذلك السر بظهور
نقائصه صوناً لذلك السر أن يظهر لغير أهله ومن أفشاه
لغير أهله قتل كما فعل بالحلاج
وكما ستر سر الخصوصية بظهور أضدادها ظهر بعظمة
الربوبية في مظاهر العبودية
قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
العبودية جوهرة أظهر بها الربوبية اهـ
إذ الربوبية تقتضي مربوباً موصوفاً بضد ما أتصف به ربه
من الكمالات الإلهية والنعوت القدسية
فما ظهرت أوصاف الربوبية التي هي الغنى والعز والقدرة
وغير ذلك من الكمالات إلا في أضدادها من الفقر والذل
والضعف وغير ذلك , فالفقر الحقيقي شامل لسائر الموجودات
والغنى المطلق واجب لمن تجلى في الأرض والسموات :

{ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد }

فإذا تقرر هذا علمت أن الإضافة في سر الخصوصية ليست
هي للبيان بل هي للتخصيص , فسر الخصوصية غيرها

إذ الخصوصية هي النور الذي يقذفه الله سبحانه في قلوب
أوليائه وسرها هو الكمالات التي تلازم ذلك النور كما تقدم

وأعلم أن سر الخصوصية الذي جعله الله في بواطن أوليائه
وستره بظهور وصف بشريتهم قد يظهره عليهم على وجه
خرق العادة فقد يظهر على وليه من قدرته وعلمه وسائر
كمالاته ما تحار فيه العقول وتذهل فيه الأذهان لكن لا يدوم
ذلك لهم بل يكون على سبيل الكرامات وخرق العادات
يشرق عليهم شموس أوصافه فيتصفون بصفاته ثم يقبض
ذلك عنهم فيردهم إلى حدودهم

فنور الخصوصية وهي المعرفة ثابت لا يزول ساكن لا يحول
وسرها وهو كمالاته تعالى تارة يشرق على أفق بشريتهم
فيستنير بأوصاف الربوبيه , وتارة ينقبض عنهم فيردون
إلى حدودهم وشهود عبوديتهم
فالمعرفة ثابته والواردات مختلفة والله تعالىأعلم

وأعلم أيضاً أن أوصاف البشرية التي ستر الله بها سر
الخصوصية إنما هي الأوصاف الذاتية اللازمة للبشر
كالأكل والشرب والنوم والنكاح لا الأوصاف المذمومة
المناقضة للعبودية كالكبر والعجب والحسد والغضب وغير ذلك
فإن تلك أوصاف ذهبت بظهور نور العناية وسابق الهداية
إذ لا تثبت الخصوصية إلا بعد محوها
بخلاف الأوصاف الذاتية فإنها تجامع الخصوصية كما سيأتي
إن شاء الله بل هي حجابها وصوانها , وبوجودها وقع الستر
والخلفاء لأولياء الله تعالى غيرة عليهم أن يعرفهم من لا يعرف
قدرهم قال في لطائف المنن:

فأولياء الله أهل كهف الإيواء فقليل من يعرفهم

وسمعت الشيخ أبا العباس رضي الله عنه يقول :
معرفة الولي أصعب من معرفة الله فإن الله معروف بكماله
وجماله , ومتى تعرف مخلوق مثلك يأكل كما تأكل ويشرب
كما تشرب , وإذا أراد الله أن يعرفك بولي من أوليائه طوى
عنك وجود بشريته وأشهدك وجود خصوصيته اهـ

تنبيه : هذا النور الذي أشرقه الله في قلوب أوليائه كان
كامناً في الروح في أصل بروزها فأصلها نورانية عالمة
بأسرار الغيب دراكة للأشياء على حقيقتها
وإنما حجبها عن ذلك سجنها في هذا البدن الطيني وأشتغالها
بحظوظه وشهواته فمن أدبها وريضها على يد شيخ كامل
رجعت إلى أصلها قال في المباحث :

ولم تزل كل نفوس الأحيا ... علامة دراكة للأشيا
وإنما تعوقها الأبدان ... والأنفس النزع والشيطان
فكل من أذاقهم جهاده ... أظهر للقاعد خرق العاده

فإذا كمل تطهير الروح من الأغيار وأشرقت عليها شموس الأنوار
كوشفت بأسرار الذات وأنوار الصفات
فغرقت في بحر التوحيد الذي تكل عنه العبارة , ولا تلحقه
الإشارة وهو التوحيد الخاص الذي أشار إليه الهروي بقوله :

ما وحد الواحد من واحد ... إذ كل من وحده جاحد
توحيد من ينطق عن نعته ... عارية أبطلها الواحد
توحيده أياه توحيده ... ونعت من ينعته لاحـــد
ومضمنه أن الحق سبحانه وتعالى تولى توحيد نفسه بنفسه
فكل من ادعى أنه وحده بنفسه فهو جاحد لوحدانيته حيث
أشرك معه نفسه , وكل من ينعته بنفسه فهو لأحد أي مائل
عن الصواب والله تعالى أعلم
فإذا طلبت ربك في تطهيرك من وصف البشرية ليكشف لك
سر الخصوصية ثم تأخر مطلبك فإنما ذلك من سوء أدب

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 3:38 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثانية عشر بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى


( لا تطالب ربك بتأخر مطلبك ولكن طالب نفسك بتأخر أدبك)

هذه قاعدة عامة وإن كانت مناسبتها خاصة
فإذا طلبت شيئاً ثم تأخر ظهور ذلك المطلب فإنما ذلك
لما فاتك من حسن الأدب , ولو لم يكن إلا قصد خصوص ذلك
الطلب , فلا تطالب ربك أن يعجل مطلبك بسبب تأخره عنك
ولكن طالب نفسك بتأخر أدبك , فلو أحسنت الأدب في الطلب
لقضيت حاجتك معنى وأن لم تقض حساً
وحسن الأدب هنا هو أكتفاؤك بعلمه ورضاك بحكمه
وأعتمادك على ما أختاره لك دون ما أخترته لنفسك لقلة علمك
فقد ضمن لك الإجابة فيما يريد لا فيما تريد وفي الوقت الذي
يريد لا في الوقت الذي تريد ولله در القائل:

وكم رمت أمراً خرت لي في أنصرافه
فلا زلت لي مني أبر وأرحماً

عزمت علي إلا أحس بخاطر
على القلب إلا كنت أنت المقدماً

وإلا تراني عند ما قد نهيتنى
لأنك في نفسي كبيراً معظماً

قال وهب بن منبه رضي الله عنه:
قرأت في بعض الكتب يا أبن آدم أطعني فيما أمرتك
ولا تعلمني بما يصلحك إني عالم بخلقي إنما أكرم من
أكرمني وأهين من هان عليه أمري, ولست بناظر في
حق عبدي حتى ينظر عبدي في حقي
وأعظم الآداب وأكملها إمتثال أمره والإستسلام لقهره .


وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 03, 2009 2:58 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثالثة عشر بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى

( متى جعلك في الظاهر ممتثلاً لأمره وفي الباطن مستسلماً
لقهره فقد أعظم المنة عليك )

إنما كان من أعظم المنة لأنه شاهد المعرفة التي هي منتهي
الهمم وأقصي غاية النعم
فإمتثال الأمر في الظاهر يدل على كمال الشريعة وتحقيق
العبودية
والإستسلام للقهر في الباطن يدل على كمال الطريقة
ونهاية الحقيقة, والجمع بينهما هو غاية الكمال إذ منتهي
الكمالات الشرائع

فمتي جعلك أيها الإنسان في الظاهر ممتثلاً لأمره
ومجتنباً لنهيه , وفي الباطن مستسلماً لقهره فقد أعظم
المنة , عليك حيث أراح ظاهرك من عنت المخالفة
وأراح باطنك من تعب المنازعة

أو تقول حيث زين ظاهرك بالطاعة , وزين باطنك بالمعرفة
فالواجب عليك أن تشكر هذه النعمة, وتعرف قدرها حتى
تعظم محبة الله في قلبك , وذلك أقصى مرادك وقصدك
{ والله ذو الفضل العظيم }

ومتى أثبت لك هذا الأمر فقد خلصك من نفسك وحررك
من رق حظك , فلا تبال معها ما فاتك من تخصيص الكرامات
الحسية لأنها أمور وهمية

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 20, 2009 12:47 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الرابعة عشر بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى

(ليس كل من ثبت تخصيصه كمل تخليصه )

المراد هنا بالتخصيص تخصيصه بالكرامات الحسية
والمراد بالتخليص تخليصه من رق الحظوظ ومن بقية السوى
فليس كل من ثبت تخصيصه بالكرامات الحسية كمل تخليصه من
حظوظه النفسية.
ليس كل من ثبت تخصيصه بالكرامات , كمل تخليصه من
العوائد والشهوات , بل قد يعطي الكرامة الحسية بعض من لم
يتخلص من حظوظه النفسية , وحكمة ظهورها عليه ثلاثة أمور:
إحدها : إنهاضه في العمل لحصول فترة أو وقعة
الثاني : إختبار له هل يقف معها فيحجب أو يأنف عنها فيقرب
الثالث : زيادة في يقينه أو يقين الغير فيه لينتفع به
فهي مقصودة بالتكميل على كل حال .

قال سهل رضي الله عنه لرجل قال له : إني أتوضأ فأجد الماء
يسقط من يدي قضبان ذهب وفضة , فأجابه بقوله :
أما علمت أن الصبيان إذا بكوا أعطوا خشخاشة يشتغلون بها .

قال بعض العلماء : ما رأيت هذه الكرامات إلا على أيدي
البله من الصادقين اهـ .
قلت : الكرامة العظمى هي المعرفة والإستقامة ورفع الحجاب
وفتح الباب , فلا كرامة أعظم من هذا
وسيأتي الكلام على هذا المعنى بعد أن شاء الله

ويحتمل أن يريد بالتخصيص تخصيص التقريب والهداية
فليس كل من ثبت تخصيصه بالهداية وشروق الأنوار كمل تخليصه
من رؤية الأغيار, فقد يخصص بالمجاهدة والمكابدة ولا يتحف
بالمعرفة والمشاهدة .
قوم أقامهم لخدمته وقوم أختصهم بمحبته كما تقدم
فالعباد والزهاد ثبت تخصيصهم فهم من عوام المقربين , ولم يكمل
تخليصهم من شهود السوى حتى يكونوا من خواص العارفين
وبالله التوفيق .

وحاصلها : تحقيق الأدب في التعرفات الجلالية بدوام معرفته
وشهود نعمته في نعمته, وجريان لطفه وبره في حال قضائه
وقدره, حتى لا يغلبك الهوى فتلتبس عليك سبل الهدى
أو تقف مع ظاهر الأشياء التي هي محل الجلال فتحجب عن
البواطن التي هي مستقر الجمال

فالذات جلال والصفات جمال

فمن وقف مع ظواهر الجلال حجب عن شهود الجمال

وحرم من معرفة الرجال , وكان محجوباًعن ذي العظمة والجلال
فيسيء الأدب , ويحرم حصول المطلب
فإذا إستدركته العناية , وهبت عليه ريح الهداية , شغل ظاهره
بوظائف العبودية , وباطنه بشهود الربوبية , فكان في الظاهر
ممتثلاً لأمره , وفي الباطن مستسلماً لقهره فتمت عليه نعمة مولاه
وكمل تخليصه من رق حظوظه وهواه فهو يعظم ما عظم مولاه
ولا يستحقر شيئاً من أسباب محبته ورضاه .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 28, 2009 1:03 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الخامسة عشر بعد المائة من الحكم العطائية
: لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى

( لا يستحقر الورد إلا جهول , الوارد يوجد في الدار الآخرة
والورد ينطوي بأنطواء هذه الدار , وأولى ما يعتني به ما لا يخلف
وجوده , الورد هو طالبه منك , والوارد أنت تطلبه منه
وأين ما هو طالبه منك مما هو مطلبك منه )

الورد في اللغة هو الشرب , قال تعالى :{ بئس الورد المورود }
وفي الإصطلاح ما يرتبه العبد على نفسه أو الشيخ على تلميذه
من الأذكار والعبادات .
والوارد في اللغة : هو الطارق والقادم يقال ورد علينا فلان أي قدم
وفي الإصطلاح ما يتحفه الحق تعالى قلوب أوليائه من النفحات
الإلهية فيكسبه قوة محركة وربما يدهشه أو يغيبه عن حسه
ولا يكون إلا بغتة ولا يدوم على صاحبه .

ثم أن الورد ينقسم على ثلاثة أقسام :
ورد العباد والزهاد من المجتهدين
وورد أهل السلوك من السائرين
وورد أهل الوصول من العارفين
فأما ورد المجتهدين : فهو إستغراق الأوقات في أنواع العبادات
وعبادتهم بين ذكر ودعاء وصلاة وصيام , وقد ذكر في
الإحياء والقوت أوراد النهار وأوراد الليل , وعين لكل وقت
وردا معلوما.
وأما ورد السائرين فهو : الخروج من الشواغل والشواغب
وترك العلائق والعوائق , وتطهير القلوب من المساوي والعيوب
وتحليتها بالفضائل بعد تخليتها من الرذائل , وعبادتهم ذكر واحد
وهو ما يعينه له الشيخ لا يزيد عليه مع جمع القلب وحضوره
مع الرب
وأما ورد الواصلين فهو : إسقاط الهوى ومحبة المولى وعبادتهم
فكرة أو نظرة مع العكوف في الحضرة فكل من أقامه مولاه في
ورد فليلتزمه ولا يتعدى طوره ولا يستحقر غيره .
إذ العارف لا يستحقر شيئاً بل يصير مع كل واحد في مقامه
ويقرر كل شيء في محله , فلا يستحقر الورد ويطلب الوارد
إلا جهول أو معاند , وكيف يستحقر الورد وبه يكون الورود
على الملك المعبود ؟
الورد يوجد ثوابه وثمرته في الدار الآخرة والوارد الذي تطلبه
ينطوي بإنطواء هذه الدار , قال تعالى :

{ وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعلمون }

وجاء في الأثر : " أن الله يقول أدخلوا الجنة برحمتي
وتقاسموه بأعمالكم " .

وأيضاً المراد من الواردات ثمراتها ونتائجها , وهو ما يعقبها من
اليقين والطمأنينة والرضا والتسليم , وغير ذلك من المحاسن
فإذا أعطتك نتائجها وجنيت ثمراتها فلك في الله غني عنها
فلا يستحقر الورد ويطلب الوارد إلا من كان عبد الوارد
وأما من كان عبد الله فلا يلتفت إلى ما سواه بل يلزم ما هو
مكلف به من وظائف العبودية , قياماً بحق عظمة الربوبية
فهو الذي يدوم , وبه يتوصل إلى رضا الحي القيوم
وأولى ما يعتني به الإنسان ما ينقطع وجوده بإنقطاع موته وهو ورده
فيغتنم وجوده ما دام في هذه الدار, فليس في تلك الدار عمل
وإنما هي دار جزاء وحصول أمل , فالدنيا دار عمل لا جزاء فيها
والآخرة دار جزاء لا عمل فيه , فليغتنم الإنسان عمره قبل الفوات
فما من زمن يخلو عنه إلا وهو فائت منه

وقد جاء في الحديث : " لا تأتي على العبد ساعة لا يذكر الله فيها
إلا كانت عليه حسرة يوم القيامة " اهـ

والذكر متنوع كل بحسب حاله , وقال الحسن رضي الله عنه :
أدركت أقواماً كانوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهمكم

وفي معنى ذلك قيل :
السباق السباق قولاً وفعلاً ... حذر النفس حسرة المسبوق

وفي بعض الأحاديث عنه عليه الصلاة والسلام :
من إستوى يوماه فهو مغبون , ومن كان يومه شراً من أمسه
فهو محروم , ومن لم يكن في الزيادة فهو في النقصان
ومن كان في النقصان فالموت خير له "

وأولى ما يعتني به العبد أيضاً ما هو طالبه منه الحق تعالى وهو الورد
دون ما يطلبه هو منه وهو الوارد , فالورد من وظائف العبودية
وهو الذي طلبه منا الحق تعالى , والوارد من وظائف الحرية
ولذلك تطلبه النفس وتتعشق إليه
وأين ما هو طالبه منا مما هو مطلبنا منه بينهما فرق كبير

قال الشيخ زروق رضي الله عنه : بينهما في القدر ما بينهما في
الوصيف :" قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق " اه

فتحصل أن الإعتناء بالورد أفضل وأكمل من الإعتناء بالوارد
لأن الورد من وظائف العبودية وهي لا تنقطع ما دام العبد في هذه الدار
كما أن حقوق الربوبية لا تنقطع كذلك حقوق العبودية لا تنقطع .

قال النقشبندي رحمه الله :
ولهذا لم يترك العبادة سيد هذا المقام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت
قدماه , " فقيل له : كيف تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك
وما تأخر ؟ فقال أفلا أكون عبداً شكوراً "
فأفاد صلى الله عليه وسلم أن شكر النعمة تمام الخدمة وهو موجب المزيد

قال تعالى : { لئن شكرتم لأزيدنكم }

وهذا سبيل طائفة الجنيد رضي الله عنه , لم يترك أوراده في حال نزاعه
فقيل له في ذلك ؟ فقال ومن أولى مني بذلك وهذه صحائفي تطوي
فلم يترك الخدمة رضي الله عنه في مثل هذه الحالة فكيف بسواها
قيل له أن جماعة يزعمون أنهم يصلون إلى حالة يسقط عنهم التكليف
قال : وصلوا ولكن إلى سقر .

وقال في كلام آخر : هذا كلام من يقول بالإباحة والسرقة والزنى عندنا
أهون حالاً ممن يقول بهذه المقالة , ولقد صدق رضي الله عنه في
قوله هذا , فإن الزاني والسارق عاص بزناه وسرقته ولا يصل
إلى حد الكفر
وأما القائل بسقوط الفرائض المعتقد لذلك فقد أنسل من الدين
كانسلال الشعرة من العجين , فعض على هذا الأصل بالنواجذ يا أخي
ولا تسمع كلام من أخذ الحقائق من الكتب وصار يتكلم بالزندقة
والإلحاد وإسقاط الأعمال على حسب فهمه وهواه
قال صلى الله عليه وسلم :
" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تابعاً لما جئت به "

وقال تعالى :
( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )

فعليك بمتابعته صلى الله عليه وسلم ومتابعة السلف الصالح في
الأقوال والأفعال والأحوال تحز مقامهم وتسكن معهم
فالمرء مع من أحب اهـ كلام النقشبندي وهو حسن لأن من
أخذ الحقائق من الكتب لاذوق عنده , وإنما يترامى على الحقيقة
بالعلم فيتبع الرخص ويسقط في مهاوي الهوى .
وأما من كان من أهل الأذواق فسره مكتوم , وأمره محزوم
عبادته أدب وشكر, وهو أحق بدوام الشكر, وكيف ينكر الواسطة
ولولا الواسطة لذهب الموسوط .

قال أبو الحسن الدراج رضي الله عنه : ذكر الجنيد أهل المعرفة بالله
وما يراعونه من الأوراد والعبادات بعدما أتحفهم الله به من الكرامات
فقال الجنيد رضي الله عنه العبادة على العارفين أحسن من التيجان
على رؤوس الملوك اهـ
وقد رأى رجل الجنيد رضي الله عنه وفي يده سبحة فقال له أنت مع
شرفك تأخذ في يدك سبحة , فقال : نعم سبب وصلنا إلى ما وصلنا
فلا نتركه أبداً اهـ

فالشريعة باب والحقيقة بيت الحضرة , قال تعالى :
" وأتوا البيوت من أبوابها " .

ثم قال : فلا دخول للحقيقة إلا من باب الشريعة
ولله در سيدي عبد الله الهبطي الزجلي رضي الله عنه حيث يقول
في منظومته :

وثالث الفصول في الشريعه ... لأنها إلى الهدى ذريعه
فكل باب دونها مسدود ... ومن أتى من غيرها مردود
قد أصطفاها ربنا عز وجل ... بفضله وجوده على الملل
طريقة العدنان للرحمن ... محفوفة بالنور والرضوان
طوبى لمن أتى بها للعرض ... والويل للذي بها لم يقض
يا أيها المريد إن أردت ... وصال من بحبه شغفت
فشد منك الكف يا ولي ... على شريعة النبي الأمي
حصل جميع ماله الشرع أرتضى ... وكن لكل ما سواه رافضاً
ترى الفؤاد صافياً وشارقاً ... وعن سوي المولي إلى المولي أرتقى

ثم قال :
فبالشريعة الوصال للمنا ... كالفوز بالبقاء من بعد الفنا
ومن يظن الخير في سواها ... فإنه والله ما دراهـــا

وقد رأيت كثيراً من الفقراء قصروا من الشريعة , فخرجوا من
الطريقة , وسلبوا نور الحقيقة . ورأيت آخرين طال أمدهم في
صحبة القوم , ولم يظهر عليهم بهجة المحبين ولا سيما العارفين
وما ذلك إلا لعدم التحفظ على مراسم الشريعة .

وكان شيخنا اليزيدي رضي الله عنه يقول :
كل من ترك الشريعة من غير جذب ولا عذر سلوكه كبيرة اهـ
والله ما رأينا الخير إلا فيها وما ربحنا إلا منها , فالله يرزقنا الأدب
معها إلى يوم الفصل والقضاء آمين .

ثم ذكر ثمرة الورد ونتيجته وهو المدد الإلهي , إذ بقدر الإستعداد
تحصل الأمداد ولا إستعداد لها إلا بدوام الأوراد وتفرغ الفؤاد .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 04, 2009 10:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السادسة عشر بعد المائة من الحكم العطائية
: لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ورود الأمداد بحسب الإستعداد )

المراد بالأمداد : أنوار التوجه للسائرين وأنوار المواجهة للواصلين
فهي تتوالى على قلوب العباد بحسب التأهب والإستعداد فبقدر
المجاهدة تكون المشاهدة وبقدر التخلية تكون التحلية

وفائدة هذه الأمداد تطهير القلوب من الأغيار وتقديس الأسرار
من غبش الحس والأكدار, والوقوف مع الأنوار
فلا تزال أمطار المدد تنزل على أرض النفوس الطيبة , والقلوب
المطهرة والأرواح المنورة والأسرار المقدسة , حتى تمتلأ بأنوار
المعاني فحينئذ نشق لها أسرار الذات , وتتعلق لها أنوار الصفات
فتغيب بشهود الذات عن أثر الصفات , ثم ترد إلى شهود الصفات بالذات
والذات بالصفات , لا يحجبها جمعها عن فرقها , ولا فرقها عن
جمعها , تعطي كل ذي حق حقه , وتوفي كل ذي قسط قسطه .

قال شيخ شيخنا مولاي العربي رضي الله عنه في بعض رسائله :
فإن قلتم أي وقت نكون كالجبال :
( تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب )

قلنا : إذا زهدتم في الدنيا بالكلية , وقطعتم الإياس من الرجوع
إليها بالكلية , ثم أعتقدتم في شيوخكم أنهم كمل وأنهم على قدم
الأنبياء عليهم السلام من ورثة النبي صلى الله عليه وسلم
فو الله العظيم لينزل عليكم المدد الليل والنهار والشهر والعام
وفي كل وقت وساعة ولحظة , حتي تمتلئ قلوبكم بمعرفة الله
وتطمئن قلوبكم بذكر الله وتكونوا كالجبال الراسية

هذا معنى كلامه بإختصار رضي الله عنه , وهو كما قال
لأن الزاهد في الدنيا تفرغ قلبه وتجلى من الأكدار, وتهيأ للأنوار
فإذا نزل المدد وجد القلب متسعاً مطهراً منظفاً فملأه من أنواره
وحلاه بحلية أسراره , بخلاف ما إذا كان القلب معموراً بأغيار الدنيا
لم يجد المدد موضعاً ينزل فيه , فيرجع من حيث جاء

واعتقاد كمال الشيوخ هو عين الصدق وبقدر الصدق ينبغ المدد
ولا يمكن أن ينقطع الوهم أو يذهب الحس إلا بالصدق مع الزهد
فبالزهد يتهيأ للمدد وبالصدق يفيض عليه المدد
فكلما فاض ماء المدد غسل أوساخ الوهم
فإذا لم يبق للوهم أثر حصل الغرق في البحر والله تعالى أعلم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 10, 2009 11:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة السابعة عشر بعد المائة من الحكم العطائية
: لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى


(شروق الأنوار على حسب صفاء الأسرار )

شروق أنوار المعارف في أفق سماء القلوب يكون على قدر
صحوها من سحب الآثار , وغيم الأغيار , وغين الأنوار
كما قال الشاعر :

إن تلاشي الكون عن عين قلبي
شاهد السر غيبه في بيان

فأطرح الكون عن عيانك وأمح
نقطة الغبن أن أردت تراني

فبقدر صفائها ومحوها يكون تمام إشراق نورها , فإذا انجلى عن
سماء القلوب سحب الآثار وغيم الأغيار , أشرق فيها نور الفنا
فيغيب القلب والروح عن الرسوم ولم يبق إلا الحي القيوم

وإذا أنجلت عن الأسرار غين الأنوار , أشرق فيها نور البقاء
فيفنى من لم يكن , ويبقى من لم يزل

ولصاحب العينية رضي الله عنه :

فنيت بها عيني فما لي أنية
هوية ليلى للأنية قاطع

وكنت كما أن لم أكن وهو أنه
كما لم يزل فرداً وللكل جامع

فشمسي في أفق الألوهة مشرق
وبدري في شرق الربوبية طالع

فأفنيتها حتى فنت وهي لم تكن
ولكنني بالوهم كنت أطالع

فعلامة شروق هذه الأنوار ترك التدبير والإختيار والإكتفاء

بنظر الواحد القهار


وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 19, 2009 5:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة الثامنة عشر بعد المائة من الحكم العطائية
: لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى

( الغافل إذا أصبح نظر في ماذا يفعل والعاقل ينظر ماذا يفعل الله به )

الغافل هو الجاهل بالله ولو كثر ذكره باللسان
والعاقل هو العارف بالله ولو قل له ذكر اللسان

إذ المعتبر هو ذكر الجنان , فالغافل نفسه موجودة وآماله ممدودة
إذا أصبح نظر ماذا يفعل بنفسه فيدبر شؤنه ومأربه بعقله وحدسه
فهو ناظر لفعله معتمد على حوله وقوته , فإذا فسخ القضاء ما أبرمه
وهدم له ما أمله , غضب وسخط وحزن وقنط فنازع ربه , وأساء أدبه
فلا جرم أنه يستحق من الله البعد ويستوجب في قلبه الوحشة والطرد
إلا أن حصل له إياب , وأدام الوقوف بالباب حتى يرفع عنه الحجاب
فحينئذ يلتحق بالأحباب

وأما العاقل وهو العارف فقد تحققت في قلبه عظمة ربه , وأنجمع إليه
بكلية قلبه فأشرقت في قلبه شموس العرفان وطوى من نظره
وجود الأكوان , فليس له عن نفسه أخبار , ولا مع غير الله قرار

تصرفه بالله ومن الله وإلى الله فقد فني عن نفسه وبقي بربه
فلم ير لها تركاً ولا فعلاً ولا قوة ولا حولاً

فإذا أصبح نظر ماذا يفعل الله به فتلقى كل ما يرد عليه بالفرح والسرور
والبهجة والحبور لما هجم عليه من حق اليقين والغنى برب العالمين

قال سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه :
أصبحت وما لي سرور إلا مواقع القدر .

وقال أبو عثمان رضي الله عنه : منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال
فكرهته ولا نقلني إلى غيره فسخطته اهـ .

فإذا أراد الفقير أن يكون تصرفه بالله فلينعزل عن حظوظه وهواه
فإذا أراد أن يفعل أمراً فليتأن ويصبر ويستمع إلى الهاتف فإن الله
سبحانه يسمعه ما يريد أن يتوجه إليه فعلاً أو تركاً
وقد جربنا هذا في سفرنا وأقامتنا فكنا لا نتصرف إلا بإذن خاص
والحمد لله . وصاحب الاعتناء كله هكذا مع التأني
فإن التأني من الله والعجلة من الشيطان وكثيراً ما كان الشيخ المجذوب
الولي العارف سيدي أحمد أبو سلهام ينشدني هذا البيت :

تأن ولا تعجل لأمر تريده ... وكن راحماً بالخلق تبلى براحم

فعليك أيها المريد بالإعتناء بهذا الأمر وافهم عن الله في أمورك كلها
وأنشد على نفسك :

أتبع رياح القضا ودر حيث دارت ... وسلم لسلمى وسر حيث سارت

واستعن على هذا الأمر بأدعيته عليه السلام في هذا المقام كقوله :

" اللهم إني أصبحت لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة
ولا نشوراً ولا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني ولا أن أتقي إلا
ما وقيتني فوفقني اللهم لما ترضاه مني من القول والفعل وفي عافية
وستر , إنك على كل شيء قدير "

وكقوله أيضاً عليه السلام :

" اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك نفع ما أرجو
وأصبح الأمر بيد غيري , وأصبحت مرتهنا بعملي فلا فقير
أفقر مني , اللهم لا تشمت بي عدوي ولا تسيء بي صديقي
ولا تجعل مصيبتي في ديني ولا تجعل الدنيا أكبر همي
ولا مبلغ علمي , ولا تسلط على من لا يرحمني "

إلى غير ذلك من الأدعية التي تكسب الرضا والتسليم
والمقصود من دعائه عليه السلام فهم معانيها لا مجرد ألفاظها
فالمراد المعاني لا الأواني والله تعالى أعلم .

ويجمع هذه المعاني وصية شيخ طريقتنا القطب ابن مشيش للرجل
الذي قال له وظف على وظائف وأوراد فغضب وقال له أرسول أنا
فأوجب الواجبات , الفرائض معلومة والمعاصي مشهورة
فكن للفرائض حافظاً وللمعاصي رافضاً , وأحفظ قلبك من
أرادة الدنيا وحب النساء ومن الجاه وإيثار الشهوات , وأقنع في ذلك
كله بما قسم الله لك إذا خرج لك مخرج الرضا_ وهو جماله تعالى _
فكن لله فيه شاكراً
وإذا خرج لك مخرج السخط _ وهو جلاله _ فكن عليه صابراً
وحب الله قطب تدور عليه الخيرات , واصل جامع لجميع الكرامات .

وحصن ذلك كله أربعة : صدق الورع , وحسن النية , وأخلاص العمل
ومحبة العلم , ولا يتم ذلك إلا بصحبة أخ صالح أو شيخ ناصح اهـ .

وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
احرص أن تصبح وتمسي مفوضاً مستسلماً لعله ينظر إليك فيرحمك اهـ
وقال بعضهم : من اهتدى إلى الحق لم يهتد إلى نفسه , ومن أهتدى
إلى نفسه لم يهتد إلى الله : أي من رأى الحق غاب عن نفسه
ومن رأى نفسه حجب عن الله .

ثم إن العاقل الذي ينظر ما يفعل الله هو العارف كما تقدم
لأنه هو الذي يتحقق فيه ذلك ومن علامته :
أنه لا يستوحش من شيء لمعرفته في كل شيء وفهمه عن الله
في كل شيء بخلاف غيره من العباد والزهاد

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 26, 2009 3:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

معنا اليوم الحكمة التاسعة عشر بعد المائة من الحكم العطائية
: لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى


( إنما أستوحش العباد والزهاد من كل شيء لغيبتهم عن الله في
كل شيء فلو شهدوه في كل شيء ما أستوحشوا من شيء )

العباد هم الذين غلب عليهم الفعل , فهم مستغرقون في العبادة
الحسية يقومون الليل ويصومون النهار, شغلهم حلاوة العبادة عن
حلاوة شهود المعبود , فحجبوا بعبادتهم عن معبودهم

والزهاد هم الذين غلب عليهم الترك , فهم يفرون من الدنيا وأهلها
ذاقوا حلاوة الزهد فوقفوا معه وحجبوا عن الله , فهم يستوحشون من
الأشياء لغيبتهم عن الله فيها , ولو عرفوا الله في كل شيء
ما أستوحشوا من شيء ولأنسوا بكل شيء وتأدبوا مع كل شيء .

والعارفون لنفوذ بصيرتهم شهدوا الخلق مظاهر من مظاهر الحق
فحجبوا أولاً بالحق عن الخلق , وبالمعنى عن الحس , وبالقدرة عن
الحكمة ثم ردوا إلى شهود الحق في الخلق والقدرة في الحكمة
فحين عرفوه في كل شيء أنسوا بكل شيء وتأدبوا مع كل شيء
وعظموا كل شيء وفي هذا المقام قال المجذوب رضي الله عنه :

الخلق نوار وأنا رعيت فيهم ... هم الحجب الأكبر والمدخل فيهم

وقال سيدي علي رضي الله عنه على قول الشيخ أبي الحسن
الشاذلي في شأن الخلق :
أراهم كالهباء في الهواء أن فتشتهم لم تجدهم شيئاً , قال بل أن
فتشتهم وجدتهم شيئاً , وذلك الشيء ليس كمثله شيء , يعني
وجدتهم مظاهر من مظاهر الحق أنواراً من أنوار الملكوت
فائضة من بحر الجبروت كما قال صاحب العينية رضي الله عنه :

تجليت في الأشياء حين خلقتها ... فها هي ميطت عنك فيها البراقع

قطعت الورى من ذات نفسك قطعة ... ولم يك موصول ولا فصل قاطع

وقال شيخ شيوخنا المجذوب رضي الله عنه :

طلع النهار على قلبي حتى نظرت بعينيا
أنت دليلي يا ربي أنت أولى مني بيا

والحاصل : أن العارفين بالله غابوا عن شهود الخلق بشهود الحق
فهم مع الخلق بالأشباح , ومع الحق بالأرواح , ماتوا وبعثوا وقامت
قيامتهم وتبدلت في حقهم الأرض غير الأرض والسموات , وبرزوا
لله الواحد القهار فهم يرون الأنوار والناس في ظلمة الأغيار .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 30, 2009 2:02 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين سبتمبر 28, 2009 11:17 pm
مشاركات: 883
[fot][font=Tahoma]المهاجرة
وحشتينى كل عام وانتى بخير وجميع احبابك بخير
ودى هدية منى ليكى عشان الحكمة الرائعة دى [/font]
[/fot]

[poet font="Arial,4,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/12.gif" border="double,4,seagreen" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]

إنما أستوحش العباد والزهاد من كل شيء
لغيبتهم عن الله في كل شيء
فلو شهدوه في كل شيء
ما أستوحشوا من شيء
[/poet]

صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 23, 2009 2:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

شكراً لك ياسلافة على الهدية الجميلة , وأنت كمان وحشتينى
جداً وربنا يخليك , وكل سنة وأنت طيبة وبصحة وسلامة .

معنا اليوم الحكمة العشرون بعد المائة من الحكم العطائية
: لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( أمرك في هذه الدار بالنظر في مكوناته وسيكشف لك في
تلك الدار عن كمال ذاته )

إنما أمرك في هذه الدار أن تنظر إليه بواسطة مكوناته , لأنك لا تقدر
هنا أن تنظر إلى حقيقة ذاته المقدسة في عظمة الجبروت الأصلي
بلا واسطة , لضعف نشأتك وإن كان ذلك جائزاً عقلاً , ولذلك طلبه
سيدنا موسى عليه السلام , لكن حكمة الحكيم أقتضت تغطية أسرار
الربوبية بأنوار سبحات الألوهية , إذ لا بد للحسناء من نقاب
وللشمس من سحاب , ولو ظهر من غير رداء الكبرياء لوقع الإدراك
ولم يبق حينئذ ترقي

فالترقي في أسرار الذات إنما هو بالنظر إلى أنوار الصفات وهو
لا ينقطع أبداً في الدراين , فلا تنال الذات من غير مظهر أصلاً
فالمعنى لا تقبض إلا بالحس . هذا مذهب أهل التحقيق من أهل
المعاني فإن قلت كيف فرق الشيخ بين الرؤيتين باعتبار الدارين
والتحقيق أنها رؤية واحدة لأن المظهر متحد ؟

فالجواب : أنه لما كان مظهر هذه الدار الحس فيه غالب على المعني
والحكمة ظاهرة والقدرة باطنة , ومظهر الدار الآخرة بالعكس
المعنى فيه غالب على الحس , والقدرة ظاهرة , إنكشف ثم عن
حقيقة الذات أكثر مما أنكشف هنا فبهذا المعنى وقع التفريق
بين الرؤيتين

ومثله قول الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه في حزبه الكبير :

عز الدنيا بالإيمان والمعرفة , وعز الآخرة باللقاء والمشاهدة . اهـ

هذا بإعتبار الخواص
وأما العوام فلا يرون إلا الحس في هذه الدار وفي تلك الدار .
وأما الرؤية التي تحصل لهم يوم المزيد فيحتمل أن يظهر لهم نوراً
من أنوار قدسه ويلهمهم المعرفة فيه وهو ظاهر الحديث
أو يفنيهم عن حسهم في ذلك لوقت حتى يشدوا معاني الذات
ويتلذذوا برؤيتها ثم يردهم إلى حسهم .

والحاصل أن تجلي الذات على قسمين :
قسم يكون بوسائط كثيفة ظاهرها ظلمة وباطنها نور, ظاهرها
حكمة وباطنها قدرة , ظاهرها حس وباطنها معنى .
وهو تجلي هذه الدار .

وقسم يكون بوسائط لطيفة نورانية , ظاهرها نور وباطنها نور
ظاهرها قدرة وباطنها حكمة . ظاهرها معنى وباطنها حس
وهو تجلي دار الآخرة .

فالعارفون لما حصل لهم الشهود والمعرفة في هذه الدار وفي تلك
الدار لا يحجبهم عن الله حور ولا قصور , بل دائماً في النظرة والسرور
والنضرة والحبور , وذلك أنهم لما عرفهم به هنا لم يحجبهم هنالك
يموت المرء على ما عاش عليه ويبعث على مامات عليه
بخلاف العامة فإنهم لما حجبهم هنا بشهود أنفسهم أنحجبوا هنالك
عن رؤية معبودهم إلا في وقت مخصوص على وجه مخصوص

ولذلك كتب ابن العربي الحاتمي إلى الإمام الرازي فقال له :
تعال نعرفك بالله اليوم قبل أن تموت , فإذا تجلى الله لعباده أنكرته
ولم تعرفه .

وسئل الشيخ أبو محمد عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه عن رجل
يدعي أنه يرى الله ببصره فاستدعاه فسأله عن ذلك , فقال :
نعم , فانتهره ونهاه عن هذا القول , ثم قيل له أمحق هو أم مبطل ؟
فقال : هو محق ملبس عليه. وذلك أنه شهد ببصيرته نور الجمال
ثم خرق من بصيرته إلى بصره فنفذ فرأى بصره بصيرته
وبصيرته يتصل شعاعها بنور شهوده , فظن أن بصره رأي
ما شاهدته بصيرته , وإنما رأى بصره بصيرته فحسب . اهـ

والحاصل أنه انعكس بصره في بصيرته فرآه ببصيرته وظن أنه
رآه ببصره , ومعني ذلك أن الروح ما دامت محجوبة بالبشرية
كان النظر إنما هو للبصر الحسي فلا يرى إلا الحسى
فإذا استولت الروحانية على البشرية انعكس نظر البصر إلى
البصيرة فلا يرى البصر إلا المعاني التي كانت تراها البصيرة
وهو معنى قول شيخ شيوخنا المجذوب :

غيبت نظري في نظر ... وأفنيت عن كل فاتي

حققت ما وجدت غير ... وأمسيت في الحال هاني

والله تعالى أعلم .

وإنما أمرك في هذه الدار أن تنظر إليه في مكوناته تسلية لك
عن شهود ذاته والنظر إليه

إذ لا صبر للمحب عن محبوبه

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 7, 8, 9, 10, 11, 12, 13 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 10 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط