موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 18, 19, 20, 21, 22, 23, 24 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أكتوبر 28, 2013 9:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والخمس والخمسون من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضاً ويطلب
منه غرضاً )

لا شك أن المحبة التي تكون على الحروف والحظوظ ليست
بمحبة , وإنما هي مصانعة لقضاء الحاجة , فمن أحب أحداً
ليعطيه أو ليدفع عنه فإنما احب نفسه , إذ لولا غرض
نفسه فيه ما أحبه .

قال أبو محمد رويم رضي الله عنه : من أحب العوض نغص
العوض إليه محبوبه , وأيضاً فطالب العوض إنما هو بائع يريد
أن يعطي لينال , والمحب مقتول في محبة سيده لا يعّرج على
سواء مرضاته , وفي معنى ذلك قيل :

بُنى الحبُّ على الجور فلو ... انصف المحبوب فيه لســـمج
ليس يستحسن في حكم الهوى ... عاشق يطلب تأليف الحجج

ومما لا يستحسن أيضاً في حكم المحبة والهوى , إظهار الحزن
أو الكآبة من أجل الجفاء من المحبوب , أو الشكوى بذلك
بل الواجب هو التجلد والتصبر على جفاء المحبوب حتى
يظفر بالمطلوب , وفي ذلك قيل :

أن شكوت الهوى فما أنت منا ... احمل الصد والجـــفا يا مُعنّى
تدعى مذهب الهوى ثم تشكو ... أي دعواك في الهوى قل لي أينا ؟
لو وجدناك صابراً لهوانا ... لأعطيناك كل ما تتمنى

وقال آخر
الحب ديني فلا أبغي به بدلا ... والحسن ملك مطاع جار أم عدلا
والنفس عزت ولكن فيك أبذلها ... والذل مرُّ ولكن في رضاك حلا
يا من عذابي عذب في محبته ... لا أشتكي منك لاصدا ولا مللا

وأن شئت قلت : المحبة هي أخذ الرب بقلب العبد بحيث
لا يلتفت إلى غيره أو أخذ جمال المحبوب بمحبة القلب حتى
لا يجد مساغا للالتفات لسوى المحبوب , فمتى وقع الإلتفات
نقص الحب على قدره .

قال بعض الناس لإمرأة : أني أحبك , فقالت : وكيف وخلفك
من هو خير مني ؟ فالتفت فقالت : قبحك الله من محب تدعى
المحبة وتلتفت للغير
وكذلك العبد إذا ادعى محبة سيده ثمأحب شيئاً أو استحسن
شيئاً من السوى , أو اشتكى شيئاً أو خاف شيئاً سوى محبوبه
فهو ناقص المحبة أو مدعيها ومن ادعى ما ليس فيه
فضحته شواهد الإمتحان .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 07, 2013 4:14 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والسادس والخمسون من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( فإن المحب من يبذل لك , ليس المحب من تبذل له )

المحب في الشئ هو الذي يبذل نفسه فيه وفلسه , ويزهد
في جنسه من أجله ولا يصح ذلك على التمام , إلا في
جانب الذي أسبغ عليك سوابغ الإنعام , أنعم عليك أولا
بالإيجاد , وثانياً بالأمداد , وأعطاك كل ما تريد , وملكك
الكون كله تتصرف فيه كما تريد , قال تعالى :
{ وآتاكم من كل ما سألتموه } وقال :
{ خلق لكم ما في الأرض جميعاً }
فهذا سبب محبة العوام .

وأما محبة الخواص فهي ناشئة عن شهود جماله وبهائه
فغابوا في شهود جماله وتاهوا في حضرة بهائه
وأنشدوا :

يا ساقي القوم من شذاه القوم من شذاه
الكل لمـــــــــا سقيت تاهوا

غابوا وبالســـــــكر فيك طابوا
وصرحوا بالهوي وفاهــــــــوا

فهؤلاء باعوا أرواحهم في طلب مولاهم , ثم استقلوا
ما باعوا , واستحيوا مما بذلوا لقلة ماأعطوا في جانب
ما طلبوا , وفي ذلك يقول سلطان العشاقي ابن الفارض
رضي الله عنه :

لو أن روحي في يدي ووهبتها
لمبشري بقدومكم لم أنصف

مالي سوى روحي وباذل روحه
في حب من يهواه ليس بمسرف

فلئن رضيت بها فقد أسعفتني
يا خيبة المسعى إذا لم تسعف

قال الشيخ أبو عبد الله القرشي رضي الله عنه :
حقيقة المحبة أن تهب كلك لم أحببته حتى لا يبقى لك
منه شيء .

وقال أبو يعقوب السوسي : حقيقة المحبة أن ينسى
حظه من الله , وينسى حوائجه إليه .

وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
المحب على الحقيقة من لا سلطان على قلبه لغير محبوبه
ولا مشيئة له مع مشيئته .

وقيل : أول ما يقول الله للعبد : اطلب العافية والجنة
والأعمال وغير ذلك , فإن قال : لا , ما أريد إلا أنت
قال له : من دخل في هذا معي فإنما يدخل بإسقاط
الحظوظ ورفع الحدوث , واثبات القدم , وذلك
يوجب له العدم , وفي معنى ذلك قيل :

من لم يكن بك فانياً عن حظه
وعن الغنى والأنس بالأحباب

فلأنه بين المنــــازل واقف
لمنال حظ أو لحســن مآب

وبالجملة فأمر المحبة كبير , وبحرها خطير , وفي ذلك
قالوا : ما خاضوا بحر الرباح حتى خاضوا بحر الخسارة
لا تنال إلا بذبح النفوس , وترك الفلوس :

إن ترد وصلنا فموتك شرط
لا ينال الوصال من فيه فضله

فما تحقق سير السائرين ورحيلهم إلى المحبوب إلا
بمحاربة النفوس ومجاهدتها وقتلها .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 19, 2013 1:22 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والسابع والخمسون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين )

الميادين جمع ميدان , بكسر الميم وبفتحها وبه صدّر في
القاموس وهو مجال الخليل , ثم استعير هنا لمحاربة النفوس
ومجاهدتها , فهي تارة تكر عليه فتظفر به , وتارة يكر عليها
فيظفر بها , وفي هذا المعنى قال شيخ شوخنا المجذوب
رضي الله عنه :

سايس من النفس جهدك ... وصبح ومس عليها
لعلها تدخل بيدك ... فتعود تصطــــــاد بها

فقد بين رضي الله عنه كيفية مجاهدتها , وعلمك الحيلة
في أخذها , وذلك أن تدخل معها شيئاً فشيئاً فتعلمها
الصمت وحده , ثم العزلة , ثم تقدمها للخراب شيئاً
فشيئاً , تقدمها للقليل , فإذا استأنست به زدتها شيئاً
آخر وهكذا ! فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل
ولا يعملها البطالة , فورده من العمل الذي تموت به
لا يتركه , وقد كنت في حالة المجاهدة إذا هممت بترك
وردي نادتني هواتف الأكوان حتى كنت في بعض الأيام
تخاطبني الصبيان : يا هذا اليهودي حين نهتم بترك وردي
من السؤال , وقد سمعت مراراً متعددة حين نستعمل
خراباً : زد على يديك , وتارة يقول : زد صف سبيكتك
وتارة نسمع يا عساس حين يسرقني شئ من الحس , وهكذا
وكانت مجاهدتي لنفسي كلها سياسة لم أحملها من المرة الأولى
إلا ما تطيقه حتى تستأنس به ثم نزيدها حتى كنت نفعل بها
ما نشاء .

قال بعض العارفين : انتهى سير الطالبين إلى الظفر بنفوسهم
فإن ظفروا بها وصلوا , وما ذكرته من السياسة للنفس
والاحتيال عليها هو الصواب , قال في المباحث :

واحتل على النفس قرب حيلة ... انفع في النصر من قبيله

وأما إن حملها من أول مرة ما لا تطيقه فإنها تسقط وتمل
وربما ترجع بالكلية , قال صلى الله عليه وسلم :
" اكفلوا من العمل ما تطيقونه , فإن الله لا يمل حتى تملوا "
" لا يكن أحدكم كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقي "
والمنبت : هو المنقطع .

وحاصل ما ذكره الشيخ في هذه الحكمة أن الناس
على قسمين : قسم لا سير لهم , إذ لا توجه لهم إلي الله
فهم واقفون مع ظاهر الشريعة كل ما أباحته الشريعة
أخذوه ثقيلاً كان على النفس أو خفيفاً , بل لا يأخذون
إلا الخفيف لأنهم يقصدون رخص الشريعة وتسهيلها مما
يوافق هواهم , فلم يغيروا من عوائدهم وشهواتهم شيئاً
فعزهم وافر , وجاههم باق , ودنياهم في الزيادة
وهؤلاء عوام المسلمين .

وقسم شاقت نفوسهم إلى حضرة الملك وغلبهم الشوق
فتوجهوا إلى حضرته , واشتغلوا بمجاهدة نفوسهم
ومحاسبتها , فكل ما يثقل عليها أدخلوها فيه وهي تموت
وكل ما يخف عليها جنبوها منه وهي تبكي , هكذا يدومون
عليها حتى ترتاض وتلين , وحينئذ تطاوعهم فيما يريدون
فأول ما يجاهد المريد في ترك الدنيا أو التخفيف حتى لا يبقى
ما يشغله عن ربه , ثم في ترك الناس والفرار منهم يتنكر
لمن يعرف , ولا يتعرف لمن لا عرف , ثم في إسقاط المنزلة
والجاه حتى يسقط من عين الناس , ويسقط الناس من عينه
ثم في الذل والانكسار قلباً وقالباً , بالمشي بالحفا وتعرية
الرأس وغير ذلك ؟
فإذا تحققت بالذل والتواضع والخمول والفقر وسكنت
في ذلك واستحلته , فقد تمكن منها وملكها بل ملك
الكون كله :

ونفسك تحوي بالحقيقة كلها
أشرت بجد القول ما أنا خادع

فكل من ملك نفسه فقد ملك الوجود بأسره , فلولا
مجاهدة النفوس ومحاربتها في هذه الميادين ما تحقق
سير السائرين , إذ لا يتحقق السائر من القاعد إلا
بمخالفة الهوي وخرق العوائد , فمن خرق عوائد نفسه
حتى استوى عنده العز والذل والفقر والغنى , وغير ذلك
من مكروهات النفوس , فقد تحقق سيره ووصوله
ومن لم يقدر على تغيير شعرة من نفسه فلا سير له
ولا وصول
قال أبو عثمان الحيري : لا يكمل الرجل حتى يستوي قلبه
في أربعة أشياء في المنع والعطاء والعز والذل , يعني أنه
يكون عنده الذل كالعز , والمنع كالعطاء , لا ينقص منها

وقال محمد بن خفيف رضي الله عنه : قدم علينا بعض
أصحابنا فاعتل وكان به علة البطن , فكنت أخدمه وآخذ
منه الطست طول الليل , قال فغفوت مرة فقال لي
نمت لعنك الله , فقيل له كيف وجدت نفسك عند قوله
لعنك الله ؟ قال : كقوله رحمك الله .

وحكي عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال :
ما سررت في الإسلام إلا ثلاث مرات معدودات :
كنت في مركب يوماً وكان به رجل يحكي الحكايات
فيضحك منه الناس , وكان يقول رأيت وقتاً في معركة
الترك علجاً ويقول هكذا , وكان يأخذ بلحيتي ويمد يده
على حلقي والناس يضحكون منه , ولم يكن في ذلك
المركب عنده أحد أصغر منى ولا أحقر , فسررت بذلك
ويوماً آخر كنت جالساً فجاء إنسان فصافعني , ويوماً
آخر كنت جالساً فجاء إنسان وبال علىّ .

يتبع إن شاء الله

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 25, 2013 4:36 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

نكمل إن شاء الله شرح الحكمة

وقال بعضهم : حقيقة زوال الهوى من القلب حب لقاء الله
في كل نفس من غير اختيار حالة يكون عليها , فإذا وجد
المريد هذه العلامات في نفسه , فقد خرج من عالم جنسه
ووصل إلى حضرة قدسه , وكان كما قال الشاعر:

لك الدهر طوعاً والأنام عبيد
فعش , كل يوم من أيامك عيد

وكما قال سيدي أبو العباس بن العريف رضي الله عنه في
هذا المعنى :

بدا لك سر طال عنك اكتتامه ... ولاح صباح كنت أنت ظلامه
فأنت حجاب القلب عن سر غيبه ... ولولاك لم يطبع عليه ختامه
فإن غبت عنه حل فيه وطنبت ... على مركب الكشف المصون خيامه
وجاء حديث لا يمل سماعه ... شهى إلينا نثره ونظامـه
إذا سمعته النفس طاب نعيمها ... وزال عن القلب المعنى غرامه

فإن لم يجد المريد هذه العلامات فليستمر على سيره , ولا يمل
ولا يفتر فمن عرف ما قصد هان عليه ما ترك وهذا الكلام
إنما هو مع من أسعده الله فوصله إلى شيخ التربية
وأما من لم يصل إليه فلا يطمع في السير أبداً ولو جمع العلوم
كلها وصحب الطوائف كلها وهذا أمر ذوقي لا أقلد فيه أحداً
فقد صلينا كثيراً , وصمنا كثيراً , واعتزلنا كثيراً , وذكرنا
كثيراً , وقرأنا القرآن كثيراً , والله ما عرفنا قلوبنا , ولا ذقنا
حلاوة المعاني حتى صحبنا الرجال أهل المعاني
فأخرجونا من التعب إلى الراحة , ومن التخليط إلى الصفا
ومن الإنكار إلى المعرفة .
قلت : قد قال الحضرمي : قد انقطعت التربية , وما بقي
إلا الهمة والحال , فعليكم بالكتاب والسنة .
قلت : لم يقصد الحضرمي انقطاعها على الأبد , وحاشا
الحضرمي أن يتحكم على الله ويعجز قدرة الله , وإنما أراد
أن في زمانه مدعين كثيرين , فحذر أهل زمانه منهم , ومعرفة
الحضرمي وزروق رضي الله عنهما تنافى هذا القصد , وعلى
تقدير صدورها منهما فليسا بمعصومين , فكل كلام يرد
ويقبل إلا الكلام صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم .
قد وجد بعد الحضرمي رجال كانوا من أهل التربية النبوة
بالحال والمقال والهمة لا يمكن عدهم , وهم موجودون في
زماننا هذا , مشهورون كنار على علم , قد هدى الله على
أيديهم خلقاً كثيراً , وخرج على أيديهم من الأولياء ما
لا يعلمهم إلا من من عليهم بمعرفتهم .

قال في لطائف المنن : إنما يكون الاقتداء بولى دلك الله عليه
وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه , فطوى عنك
شهود بشريته وعرفك وجود خصوصيته , فألقيت إليه القياد
فسلك بك سبيل الرشاد , يعرفك برعونات نفسك ودفائنها
وكمائنها ودقائقها , ويدلك على الجمع على الله ويعلمك الفرار
مما سوى الله , ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى الله
يوفقك على إساءة نفسك ويعرفك بإحسان الله إليك
فتفيدك معرفة إساءة نفسك الهرب منها وعدم الركون إليها
ويفيدك العلم بإحسان الله إليك الإقبال عليه , والقيام الشكر
إليه , والدوام على ممر الساعات بين يديه .
قال : فإن قلت فأين من هذا وصفه ؟ لقد دللتني على أغرب
من عنقاء مغرب , فاعلم أنه لا يعوزك وجدان الدالين , وإنما
يعوزك وجدان الصدق في طلبهم , جد صدقاً تجد مرشداً
وتجد ذلك في كتاب الله , قال تعالى :
{ أمن يجيب المضطر إذا دعاءه } وقال :
{ فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم }
فلو اضطررت إلى من يوصلك إلى الله اضطرار الظمآن إلى الماء
والخائف إلى الأمن , لوجدت ذلك أقرب إليك من وجود طلبك
ولو اضطررت إلى الله اضطرار الام لولدهم إذا فقدته , لوجدت
الحق منه قريباً ولك مجيباً , ولوجدت الوصول غير متعذر عليك
ولتوجه الحق بتيسير ذلك عليك اهـ .

قال الشيخ ابن عباد رضي الله عنه : وفي كلامه تنبيه على أن
الشيخ من منح الله وهداياه للعبد المريد , إذا صدق في إرادته
وبذل جهده في مناصحة مولاه , لاعلى ما يزعمه من لا علم
عنده من كونه لا يشترط , ثم قال : وعند ذلك يوفقه الله
تعالى لاستعمال الأدب معه , لما أشهده من على مرتبته
ورفيع درجته اهـ .

وقال أيضاً في لطائف المنن :
وليس شيخك من سعمت منه إنما شيخك من أخذت عنه
وليس شيخك من واجهتك عبارته إنما شيخك من سرت
فيك إشارته
وليس شيخك من دعاك إلى الباب إنما شيخك من رفع بينك
وبينه الحجاب
وليس شيخك من واجهك مقاله إنما شيخك من نهض بك حاله
شيخك هو الذى أخرجك من سجن الهوى , ودخل بك على المولى
وشيخك هو الذي ما زال يجلو مرآة قلبك حتى تجلت فيه أنوار ربك
نهض بك إلى الله فنهضت إليه , وسار بك حتى وصلت إليه
ولا زال محاذياً لك حتى ألقاك بين يديه , فزج بك في نور
الحضرة , وقال : ها أنت وربك اهـ .

والسير هنا إلى الله تعالى مجازى , عبارة عن قطع العلائق والعوائق

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 04, 2013 10:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والثامنة والخمسون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها , ولا قطعة بينك وبينه
حتى تمحوها وصلتك )

هذا سؤال عن بحث مقدر ,كأن قائلاً قال له :
هل بيننا وبينه مسافة حتى يتحقق سير السائرين إليه ؟
فقال : لا مسافة بينك وبينه إلا حجاب النفس الكثيفة , وعلائق القلب
الكونية , فخرق عوائدها , وقطع شهواتها , وقطع العلائق والعوائق :
هو السير إلى الله , فمن خرق عوائد نفسه زالت عنه الحجب الظلمانية
ومن قطع علائق القلب فاضت عليه العلوم الربانية , وأشرفت عليه
الشموس العرفانية , وهذا هو الوصول فلا مسافة بينك وبينه حسية
حتى تطويها رحلتك , ولا قطعة بينك وبينه , أي لا حاجز بينك وبينه
حتى تمحوها وصلتك , قال تعالى :
{ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه
من حبل الوريد }

فما حال بيننا وبينه إلا توهم وجود نفوسنا , فلو غبنا عنها لوجدنا
أنفسنا في الحضرة ولا يمكن الغيبة عنها إلا بموتها , وموتها في
مخالفة عوائدها .

قال الشيخ أبو مدين : من لم يمت لم ير الحق .

وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
لا دخول على الله إلا من بابين : إما بالفناء الأكبر الذي هو الموت
الطبيعي أو بالفناء الأصغر الذي تعنيه هذه الطائفة .

قال بعضهم : لا يدخل على الله حتى يموت أربع موتات :
الموت الأحمر : وهو مخالفة النفس .
والموت الأسود : وهو احتمال الأذى من الخلق .
والموت الأبيض : وهو الجوع .
والموت الأخضر : وهو لبس المرقعات .

قال الشطبي رضي الله عنه : واعلم أن طريق الحق تعالى ليس
فيها مفازة ولا متاهة , بل هي منازل وأحوال قد جعل الله لجميعها
أعواناً وأنصاراً وهو سبحانه يصدق وعده , وينصر عبده , ويهزم
الأحزاب وحده , وإنما المفاوز والمسافات في الركون إلى المألوف
واتباع العادات , وفي مسامحة النفس والوقوف مع الحس والحدس
وعند كشف الغطاء يتبين ذلك كما قال صاحب المباحث الأصلية:

وإنما القوم مسافرون ... لحضرة الحق وظاعنون
فافتقروا فيها إلى دليل ... ذي بصر بالسير والمقيل
قد سلك الطريق ثم عاد ... ليخبر القوم بما استفاد

إلى آخر كلامه اهـ .

وقال أيضاً : ومن الناس من تحجبه المجاهدة عن المشاهدة , فتسطو
عليه الأحوال , فتحول بينه وبين الغاية القصوى . ومناهج الخلق متفاوتة
لا تجري على منهاج واحد . قال الله العظيم :

( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )
( ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ) .

وكل شخص إنما يعبر عن وجهته التي خصه الله بها , ولذلك كان النظر
في الكتب يضعف المسالك لتشعبها وكثرتها عند اختلاف الهمم
لا سيما من جبلت طبيعته على علم الظاهر , فإنه أبعد الناس عن
الطريق , ما لم يداركه الله بفتح منه , لأن التشريع كل حكمة تحتها
حكم , من لم يفهمها فبستانه مزهر غير مثمر , ومن هنا وقع الإنكار
حتى امتحن الله كثيراً من الصوفية على أيدي علماء الظاهر , عندما
نسبوهم للكفر والزندقة والبدعةوالضلال . وسر الخصوصية يقتضي
ذلك لا محالة :

( سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
( ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون )
وما هلكت الأمم السابقة إلا بقولهم :
( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) .

فتحصل أن الإنسان إذا جال مع النفس في ميدانها فجاهدها حتى
هذبها وطهرها من الأوصاف الحاجبة لها , رجعت نفسه حينئذ إلى
أوصلها وهي الحضرة التي كانت فيها , إذ لم تكن بينها وبين الحضرة
إلا الحجب الظلمانية , فلما تخلصت منها رجعت إلى أصلها نوراً
مشرقاً في قالب ظلمانى فصارت عنده ياقوتة مكنونة تطوى عليها
أصداف المكنونات .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 04, 2013 10:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والثامنة والخمسون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها , ولا قطعة بينك وبينه
حتى تمحوها وصلتك )

هذا سؤال عن بحث مقدر ,كأن قائلاً قال له :
هل بيننا وبينه مسافة حتى يتحقق سير السائرين إليه ؟
فقال : لا مسافة بينك وبينه إلا حجاب النفس الكثيفة , وعلائق القلب
الكونية , فخرق عوائدها , وقطع شهواتها , وقطع العلائق والعوائق :
هو السير إلى الله , فمن خرق عوائد نفسه زالت عنه الحجب الظلمانية
ومن قطع علائق القلب فاضت عليه العلوم الربانية , وأشرفت عليه
الشموس العرفانية , وهذا هو الوصول فلا مسافة بينك وبينه حسية
حتى تطويها رحلتك , ولا قطعة بينك وبينه , أي لا حاجز بينك وبينه
حتى تمحوها وصلتك , قال تعالى :
{ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه
من حبل الوريد }

فما حال بيننا وبينه إلا توهم وجود نفوسنا , فلو غبنا عنها لوجدنا
أنفسنا في الحضرة ولا يمكن الغيبة عنها إلا بموتها , وموتها في
مخالفة عوائدها .

قال الشيخ أبو مدين : من لم يمت لم ير الحق .

وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
لا دخول على الله إلا من بابين : إما بالفناء الأكبر الذي هو الموت
الطبيعي أو بالفناء الأصغر الذي تعنيه هذه الطائفة .

قال بعضهم : لا يدخل على الله حتى يموت أربع موتات :
الموت الأحمر : وهو مخالفة النفس .
والموت الأسود : وهو احتمال الأذى من الخلق .
والموت الأبيض : وهو الجوع .
والموت الأخضر : وهو لبس المرقعات .

قال الشطبي رضي الله عنه : واعلم أن طريق الحق تعالى ليس
فيها مفازة ولا متاهة , بل هي منازل وأحوال قد جعل الله لجميعها
أعواناً وأنصاراً وهو سبحانه يصدق وعده , وينصر عبده , ويهزم
الأحزاب وحده , وإنما المفاوز والمسافات في الركون إلى المألوف
واتباع العادات , وفي مسامحة النفس والوقوف مع الحس والحدس
وعند كشف الغطاء يتبين ذلك كما قال صاحب المباحث الأصلية:

وإنما القوم مسافرون ... لحضرة الحق وظاعنون
فافتقروا فيها إلى دليل ... ذي بصر بالسير والمقيل
قد سلك الطريق ثم عاد ... ليخبر القوم بما استفاد

إلى آخر كلامه اهـ .

وقال أيضاً : ومن الناس من تحجبه المجاهدة عن المشاهدة , فتسطو
عليه الأحوال , فتحول بينه وبين الغاية القصوى . ومناهج الخلق متفاوتة
لا تجري على منهاج واحد . قال الله العظيم :

( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )
( ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ) .

وكل شخص إنما يعبر عن وجهته التي خصه الله بها , ولذلك كان النظر
في الكتب يضعف المسالك لتشعبها وكثرتها عند اختلاف الهمم
لا سيما من جبلت طبيعته على علم الظاهر , فإنه أبعد الناس عن
الطريق , ما لم يداركه الله بفتح منه , لأن التشريع كل حكمة تحتها
حكم , من لم يفهمها فبستانه مزهر غير مثمر , ومن هنا وقع الإنكار
حتى امتحن الله كثيراً من الصوفية على أيدي علماء الظاهر , عندما
نسبوهم للكفر والزندقة والبدعةوالضلال . وسر الخصوصية يقتضي
ذلك لا محالة :

( سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
( ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون )
وما هلكت الأمم السابقة إلا بقولهم :
( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) .

فتحصل أن الإنسان إذا جال مع النفس في ميدانها فجاهدها حتى
هذبها وطهرها من الأوصاف الحاجبة لها , رجعت نفسه حينئذ إلى
أوصلها وهي الحضرة التي كانت فيها , إذ لم تكن بينها وبين الحضرة
إلا الحجب الظلمانية , فلما تخلصت منها رجعت إلى أصلها نوراً
مشرقاً في قالب ظلمانى فصارت عنده ياقوتة مكنونة تطوى عليها
أصداف المكنونات .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 04, 2013 10:39 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد أغسطس 04, 2013 4:28 am
مشاركات: 1140
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكي الله خيرا
اللهم صل علي المبعوث رحمة للعالمين وعلي آلة وصحبه وسلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 12, 2013 2:19 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

شكراً لك moredh وربنا يكرمك ويبارك فيكى

==========================

معنا اليوم الحكمة المائتان والتاسعة والخمسون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( جعلك فى العالم المتوسط بين ملكه وملكوته , ليعلمك
جلالة قدرك بين مخلوقاته , وأنك جوهرة تطوى عليها
أصداف مكوناته )

قد عظم الله سبحانه هذا الإنسان وجعله نخبة الأكوان , اجتمع
فيه ما لم يجتمع في غيره , فيه ملك وملكوت , ونور وظلمة
وغيب وشهادة , وعالم علوى وسفلى , وقدرة وحكمة
وحس ومعنى
فقد جعلك الله أيها الإنسان ناشئاً في العالم المتوسط بين ملكه
وهو بشريتك وملكوته وهو روحانيتك .

أو تقول بين ملكه وهو عالم الأشباح , وملكوته وهو
عالم الأرواح , فلست أيها الإنسان ملكياً فقط فتكون
كالبهائم والجمادات , ولا ملكوتيا فقط فتكون كالملائكة
ولكن جعلك مركباً من ملك وملكوت , لتظهر مزيتك
بالمجاهدة والمشاهدة ولذلك خصصت بالخلافة , وتقدمت
لحمل الأمانة ثم متعت بالنعيم , والنظر إلى وجهه الكريم

ثم انقسمت الناس على قسمين :
فمنهم من غلبت بشريتهم على روحانيتهم , وملكهم على
ملكوتهم , وظلمتهم على نورهم , فبقوا في ظلمة الأكوان
ومنعوا من الشهود والعيان , وهم عوام المسلمين .
ومنهم من غلبت روحانيتهم على بشريتهم , ونورهم على
ظلمتهم , وملكوتهم على ملكهم , وهم الخواص العارفون
السائرون إليه بمجاهدة نفوسهم في ميدان الحرب وهو
مجال الفرسان , فمنهم السابق المقرب , ومنهم اللاحق المحبب
كل واحد على قدر صدقة في محبة سيده
وظاهر كلام الشيخ أن الإنسان شئ زائد على البشرية
والروحانية , لأنه قال : جعلك الله في العالم المتوسط بين الملك
وهو البشرية والملكوت وهو الروحانية , فيقضي أنه شئ
ثابت بينهما .

والتحقيق أن الإنسان هو المجموع من الجسد والروح , فهو
بنفسه عالم متوسط : أي مركب من ملك وملكوت
فلو قال جعلك عالماً متوسطاً بين ملكه وملكوته لأفهم المراد
بسهولة , أي ليست ملكاً فقط ولا ملكوتاً فقط , بل جعلك
متوسطاً بينهما أي مركباً منهما , كقوله عليه الصلاة والسلام :

" كنت نبياً وآدم بين الماء والطين " .

أي مركباً منهما دون روح , ولكن عبارة الشيخ فيها إلغاز
وتدقيق إشارة , وعلمنا كله إشارة , وإنما جعلك بين ملك
وملكوت ليعلمك جلالة قدرك وفخامة أمرك قال تعالى :
{ ولقد كرمنا نبي آدم } وقال تعالى :
{ لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم } .

وليعملك أيضاً أنك جوهرة نفيسة مصونة في صدف نفيس
وهو الكون بأسره , فتطوي عليك أصداف مكوناته من
عرشه إلى فرشه , فأنت أيها الإنسان كالياقوتة في صدف
الأرض تقلك , والسماء تظلك , والجهات تكتنفك
والحيوانات تخدمك وتنفعك , والجمادات تدفع عنك
وأنت في وسط الجميع فالأفلاك دائرة بك , والشمس والقمر
منيران لما أنت فيه , فأنت جوهرة الصدف , ولباب الكون
ومداره عليك .

قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
الأكوان كلها عبيد مسخرة وأنت عبد الحضرة .

وقد ورد في بعض الكتب :
يا بن آدم أنا بدُّك اللازم فالزم بدك .

وفي بعض الآثار المروية عن الله عز وجل :
يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك , وخلقتك من أجلى
فلا تشتغل بما هو لك عمن أنت له .

وقد قالوا في عجائب الإنسان : إن الوجود كله منطو فيك
فهو نسخة من العالم الأكبر .

ومما ينسب لأبي العباس المرسي رضي الله عنه :
يا تائهاً في مهمة عن سره ... انظر تجد فيك الوجود بأسره
أنت الكمال طريقة وحقيقة ... يا جامعاً سر الإله بأسره

وقال في المباحث :
يا سابقاً في موكب الإبداع ... ولاحقاً في جيش الاختراع
اعقل فأنت نسخة الوجود ... لله ما أعلاك من موجود
أليس فيك العرش والكرسي ... والعالم العلوي والسفلي
ما الكون إلا رجل كبير ... وأنت كون مثله صغير

إنما يكون الإنسان نسخة من العالم أو كونا صغيراً , ما لم
تغلب روحانيته على بشريته , ومعناه على حسه , ونوره
على ظلمته , وأما إن غلبت روحانيته على بشريته ومعناه
على حسه , فقد صار حينئذ ملكوتياً جبروتياً , قد استولى
على الكون بأسره وصار هو العالم الأكبر والكون نسخة منه
وفي ذلك يقول ابن الفارض رضي الله عنه :

وإني وإن كنت ابن آدم صورة ... فلى معنى شاهد بأبُوَّتي

إذ الروح لم يسعها أرض ولا سماء

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 19, 2013 1:49 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والستون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( وسعك الكون من حيث جثمانيتك , ولم يسعك من حيث
ثبوت روحانيتكم )

الروح إذا تصفت وتطهرت من كدرات الحسن عرجت إلى عالم
الجبروت , فلم يحجبها عن الله أرض ولا سماء , ولا فلك ولا عرش
ولا كرسي , بل يصير ذلك في جوفها كشئ تافه وهذا أمر مذوق
عند العارفين إذ نظروا إلى الكون بأسره ذاب ورجع ماء
فإذا شربوه صار في قلوبهم كنقطة , وهم متفاوتون في احاطتهمم
بالكون , فمنهم من يصير عنده كالبيضة , ومنهم من يصير عنده
كالخردلة , وذلك بحسب اتساع النظرة وضيقها
فكلما جالت الروح في بحر الجبروت صغر الكون عندها حتى
لا تحس به , ولذلك قال بعضهم :
لو كان العرش في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به .

وقال آخر : العرش والكرسي منطبعان في ترس .

وقال شيخ أشياخنا مولاى عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه :
والعرش والكرسي في طي قبضتي , ثم يتلاشى الكون ويضمحل
ويتصل عالم الملكوت بعالم الجبروت , فلا بقاء إلا للحي الذي
لا يموت , وهذا لا يفهمه إلا العارفون الذين غلبت روحانيتهم على
بشريتهم فصاروا روحانيين ملكوتيين , أشباحهم مع الخلق وأرواحهم
مع الحق فقد وسعك أيها الإنسان الكون , وحصرك من حيث جثمانيتك
وبشريتك وهيكلك المحصور , ولم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك
لأن روحك متصلة بعالم الجبورت المحيط , فلما تكثف وانحصرت في
هذا الهيكل لزمتها القهرية , فانحجبت بالحكمة , وتقيدت بالقدرة
فما دامت البشرية كثيفة بحب الشهوات والعوائد فهي محجوبة
فإذا تلطفت بذكر الله وانخرق عنها حجاب الحس , رجعت إلى أصلها
فاتصلت ببحرها , فصار الملكوت والملك في طي قبضتها
فلم يسعك حينئذ أرض ولا سماء ولا يحصرها عرش ولا فرش
ولذلك قيل : الصوفي لا تقله الأرض ولا تظله السماء

وفي الحديث القدسي : " يقول الله تعالى :
لم تسعني أرضي ولا سمائي , ووسعني قلب عبدي المؤمن "

أي الكامل وهو العارف , والله تعالى أعلم .

فالجبروت هو المعاني اللطيفة القديمة التي لم تدخل عالم التكوين
والملكوت مادخل عالم التكوين باعتبار جمعه ولحوقه بأصله
والملك ما دخل التكوين واعتقد فيه الفرق , وأهل الجمع لا ملك
عندهم , وإنما عندهم الملكوت والجبروت , فما داموا يفرقون بين
النور اللطيف والنور الكثيف , فعندهم الملكوت والجبروت
فإذا ضموا كل شئ إلي أصله لم يبق إلا الجبروت
وأهل الفرق أثبتوا الملك بوهمهم وحجبوا به عن الله .
{ والله غالب على أمره }.

فما دام العبد مسجوناً بالكون محصوراً في بشريته فهو في سجن
الأكوان , فإن نفذت بصيرته وعرجت روحه إلى الملكوت خرج من
السجن إلى الفضاء

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 21, 2014 9:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وواحد وستون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( الكائن في الكون ولم تفتح له ميادين الغيوب مسجون
بمحيطاته محصور في هيكل ذاته )

ميادين الغيوب هي ما أدركته الروح حين خرجت من ضيق
الأشباح إلى عالم الأرواح , ومن فضاء الشهود إلى معرفة
الملك المعبود , فما دام الإنسان في الكون بحيث لا يشهد
إلا الكون , ولا يدرك إلا الحس ولم تفتح له ميادين الغيوب :
أي لم يخرج إلى فضاء الشهود , فهو مسجون بمحيطاته
أي بالأكوان المحيطة به كالسموات والأفلاك الدائرة به
فهو في سجن الأكوان محصور أيضاً في هيكل ذاته , أي
في شكل بشريته وكثائف جسمه , فإذا غلبت روحانيته
على بشريته فقد خرجت من حصر الهيكل وإذا نفذت بصيرته
إلى فضاء الملكوت أو بحار الجبروت فقد خرجت من سجن الأكوان
إلى شهود المكون , فحينئذ تتحرر من رق الأكوان , وتحظى
بنعيم الشهود والعيان .

وأما ما دام محصوراً في الهيكل مسجوناً في الأكوان , فهو محجوب
عن الله ولو كان عالماً بالعلوم الرسمية متبحراً فيها , إذ لا يزيده
التغلغل فيها إلا حجاباً عن الله .
وقد قال الشيخ أبو الحسن : التغلغل في علم الظاهر يضر بصاحبه
في علم الخصوص أو ما هذا معناه .

وقال في قوت القلوب : كل من لم يفتح له في هذا العلم علم
الباطن فهو من أهل اليمين , وكل من فتح له في علم الباطن
فهو من المقرنين السابقين اهـ .
وهو ظاهر , لأن علم الرسوم لايخرجه من سجن الأكوان
فهو من الأكوان على الدوام
وإذا كان مع الأكوان فاته شهود المكون .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 29, 2014 3:36 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وإثنان وستون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون فإذا شهدته كانت
الأكوان معك )

ما دام العبد مقيداً في سجن الأكوان ومحصوراً في هيكل
جسمه , فالأكوان حاكمة عليه , فهو يحبها ويعشقها
وهي تبغضه وتبعده عن ربه , وهو يفتقر إليها وهو غنية عنه
وهو يميل إليها ويحرص عليها وهي تفر منه وهو يخاف منها
ويهابها , وهي تخوفه وترعبه , فإذا شهد مكونها وغاب عنها
وتحرر من رقها كانت حينئذ هي خادمته وهو حاكم عليها
وهي تحبه وتعشقه وهو مشغوف بحب خالقها وهي تفتقر إليه
وهو غني عنها , وهي تحرص عليه وهو زاهد فيها
وهي تخاف منه وتهابه وهو في أمن منها فالجنة تشتاق إليه
وهو غني عنها , وفي الحديث :
" اشتاقت الجنة إلى علي وصهيب وبلال "

كانوا من أهل الصُفة , والنار تهابه وهو في غيبة عنها
وقد ورد في الحديث أنها تقول يوم القيامة :

" جُز يامؤمن فقد أطفأ نورك لهبى "
أو كما قال عليه الصلاة والسلام

فأنت أيها الإنسان محبوس مع الأكوان في عالم الأشباح
مقيد في قيودها , فهي حينئذ تتصرف فيك كيف شاءت
حين تكون تحبها وتحرص عليها وتشتاق إليها كائنة ما كانت
شهادية أو غيبية , ما لم تشهد المكون وتعرفه
فإذا شهدت المكون وعرفته كانت الأكوان معك لأنك تكون حراً
عنها وهي مملوكة لك , لاتحب منها شيئاً من حيث كونيتها
ولا تخاف منها شيئاً كذلك , لأنك قد رحلت عنها إلى عالم
الأرواح فحينئذ تكون في قبضتك تتصرف فيها كيف شئت
لأنك حينئذ تصير خليفة الله في أرضه , الكون كله في قبضتك
وعند همتك , لأنك علقت همتك بالله فصير الأشياء عند همتك .

في بعض الآثار المروية عن الله عز وجل يقول :
عبدي اجعلني مكان همك أكفك كل همك , ما كنت بك
فأنت في محل البعد , وما كنت بي فأنت في محل القرب
فاختر لنفسك .

وقال بعض الأشياخ : إني لأدخل السوق والأشياء كلها
تشتاق إلى وأنا غني عنها .

وقال ابن الجلا رحمه الله :
من علت همته عن الأكوان وصل إلى مكونها , ومن وقف
بهمته على شئ دون الحق فقد حجب به عنه , لأنه أعز
من أن يرضى معه بشريك اهـ .

فمن رفع همته عن الأكوان ومتع بشهود المكون , فقد ثبتت
له الخصوصية الكبرى والولاية العظمى , ولا يلزم من رفع
الهمة عن الأكوان استغناؤه عما تحتاج إليه البشرية
مما يقوم به وصفها اللازم لها

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 12, 2014 11:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وثلاث وستون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية )

المراد بالوصف البشري : ما جعله الله محتجاً إليه بحكمته في
قوام بدن الإنسان من أكل وشرب ولباس ومسكن , وما فطره
عليه من شهوة مباحة كنكاح وشهوة غير محرمة , فهذه الأوصاف
لا ينافي وجودها وجود الخصوصية , فقد قال تعالى في الرسل:

{ وأما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام
ويمشون في الأسواق } وقال تعالى :
{ ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية }

نعم وصف البشرية في حق أهل الخصوصية ليس هو كغيرهم
لأن أهل الخصوصية أمرهم كله بالله , انقلبت حظوظهم حقوقاً
بخلاف غيرهم أنفسهم غالبة عليهم , فتقلباتهم كلها في
حظوظ أنفسهم .

فإذا تقرر هذا علمت أنه لا يلزم من ثبوت الخصوصية وهي الولاية
والمعرفة أو الحرية ومعناها واحد عدم وصف البشرية
فالخصوصية محلها البواطن , ووصف البشرية محلها الظواهر
ولذلك اختفت الأولياء والأنبياء والرسل عن الناس لظهور أوصاف
البشرية عليهم , فكيف تعرف رجلاً يأكل كما تأكل ويشرب وينام
ويتزوج النساء , فلا يعرفهم إلا من أراد الله سعادته , وما وقع الإنكار
على الأنبياء والأولياء إلا لاعتقادهم أن أوصاف البشرية تنافي ثبوت
الخصوصية , فقد قال الكفار في حقه عليه السلام :
{ وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق }

فرد الله تعالى عليهم بعدم تنافيهما فقال :
{ وما أرسلنا قبلك من المرسلين } الآية .

فهذه الأوصاف التي ذكرنا لا ينفك الطبع البشري عنها , وهي
موجودة مع خصوصية النبوة والولاية
وأما الأوصاف التي هي مذمومة :
كالحسد والكبر والبغض والعجب والرياء والغضب والقلق وخوف الفقر
وهم الرزق والتدبير والاختيار , وغير ذلك
فهذه لا بد من من التطهير منها في خصوصية النبوة والولاية
وقد تقدم قوله : اخرج من أوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض
لعبوديتك , لكتون لنداء الحق مجيباً ومن حضرته قريباً .

أما في حق النبي فتطهيره منها واجب , لأنه معصوم من جميع
النقائض وأما في حق الولي فليس بواجب لكنه محفوظ
فقد يصدر منه شئ من هذه الأوصاف المذمومة على سبيل
الهفوة والزلة , ولا تنافي وجود خصوصيته , لكنه لا يصر عليها
ولا يدوم فيها , فقد يصدر من الولي الغضب مثلاً والقلق والتدبير
والإختيار , وغير ذلك , لكنه كالريح يضرب ويسرح .

قال في النصيحة الكافية : وقد تكون للولى هفوة وهفوات وزلة
وزلات , ولكن لا يصر عليها .

وقيل للجنيد : أيزنى العارف ؟ فسكت ثم قال :
{ وكان أمر الله قدرا مقدورا }

قال ابن عطاء الله : ليت شعري , لو قيل له : أتكون همة العارف
مع غير الله ؟ لقال : لا اهـ .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 12, 2014 11:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وثلاث وستون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية )

المراد بالوصف البشري : ما جعله الله محتجاً إليه بحكمته في
قوام بدن الإنسان من أكل وشرب ولباس ومسكن , وما فطره
عليه من شهوة مباحة كنكاح وشهوة غير محرمة , فهذه الأوصاف
لا ينافي وجودها وجود الخصوصية , فقد قال تعالى في الرسل:

{ وأما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام
ويمشون في الأسواق } وقال تعالى :
{ ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية }

نعم وصف البشرية في حق أهل الخصوصية ليس هو كغيرهم
لأن أهل الخصوصية أمرهم كله بالله , انقلبت حظوظهم حقوقاً
بخلاف غيرهم أنفسهم غالبة عليهم , فتقلباتهم كلها في
حظوظ أنفسهم .

فإذا تقرر هذا علمت أنه لا يلزم من ثبوت الخصوصية وهي الولاية
والمعرفة أو الحرية ومعناها واحد عدم وصف البشرية
فالخصوصية محلها البواطن , ووصف البشرية محلها الظواهر
ولذلك اختفت الأولياء والأنبياء والرسل عن الناس لظهور أوصاف
البشرية عليهم , فكيف تعرف رجلاً يأكل كما تأكل ويشرب وينام
ويتزوج النساء , فلا يعرفهم إلا من أراد الله سعادته , وما وقع الإنكار
على الأنبياء والأولياء إلا لاعتقادهم أن أوصاف البشرية تنافي ثبوت
الخصوصية , فقد قال الكفار في حقه عليه السلام :
{ وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق }

فرد الله تعالى عليهم بعدم تنافيهما فقال :
{ وما أرسلنا قبلك من المرسلين } الآية .

فهذه الأوصاف التي ذكرنا لا ينفك الطبع البشري عنها , وهي
موجودة مع خصوصية النبوة والولاية
وأما الأوصاف التي هي مذمومة :
كالحسد والكبر والبغض والعجب والرياء والغضب والقلق وخوف الفقر
وهم الرزق والتدبير والاختيار , وغير ذلك
فهذه لا بد من من التطهير منها في خصوصية النبوة والولاية
وقد تقدم قوله : اخرج من أوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض
لعبوديتك , لكتون لنداء الحق مجيباً ومن حضرته قريباً .

أما في حق النبي فتطهيره منها واجب , لأنه معصوم من جميع
النقائض وأما في حق الولي فليس بواجب لكنه محفوظ
فقد يصدر منه شئ من هذه الأوصاف المذمومة على سبيل
الهفوة والزلة , ولا تنافي وجود خصوصيته , لكنه لا يصر عليها
ولا يدوم فيها , فقد يصدر من الولي الغضب مثلاً والقلق والتدبير
والإختيار , وغير ذلك , لكنه كالريح يضرب ويسرح .

قال في النصيحة الكافية : وقد تكون للولى هفوة وهفوات وزلة
وزلات , ولكن لا يصر عليها .

وقيل للجنيد : أيزنى العارف ؟ فسكت ثم قال :
{ وكان أمر الله قدرا مقدورا }

قال ابن عطاء الله : ليت شعري , لو قيل له : أتكون همة العارف
مع غير الله ؟ لقال : لا اهـ .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 19, 2014 10:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وأربع وستون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( إنما مثل الخصوصية كإشراق شمس النهار ظهرت في الأفق
وليست منه , تارة تشرق شموس أوصافه على ليل وجودك
وتارة يقبض ذلك عنك فيردك إلى حدودك , فالنهار ليس
منك إليك ولكنه وارد عليك )

مثل الربوبية الذي أشرقه الله في قلوب أوليائه وستره بظهور
البشرية , كمثل نور الشمس إذا أشرق على الآفاق , وهو
الفضاء الذي بين السماء والأرض , فإن الفضاء قبل ظهور
الشمس مظلم ليس فيه نور , فإذا أشرقت عليه الشمس
رجع نوراً صافياً , فنورانيته ليست من ذاته , وإنما هي
من الشمس , كذلك نور الربوبية هو مستودع في باطن
البشرية , فإذا أراد الله تعالى أن يظهر خصوصية عبده
أشرق ذلك النور على ظاهر بشريته فتستولى روحانيته على
بشريته فلا يبقى للبشرية أثر , فتصير البشرية لكها نوراً
فنور البشرية ليس منها ولكنه وارد عليها , فتارة تشرق
شموس أوصافه وهي الوجود والقدم والبقاء وسائر أوصافه
السلبية , والوجودية والمعاني والمعنوية على ليل وجودك
الظلماني الكثيف , فتذهب أوصافك الحادثة العدمية بظهور
أوصافه القديمة الأزلية , فيتحقق الوصال , ويذهب الانفصال
وتارة يقبض ذلك النور ويغيبه عنك ويرده إلى باطنك , فترجع
إلى شهود عبوديتك , ويردك إلى حدودك , وهذا حال الوارد
الإلهي إذا فاض على الإنسان غيبه عن نفسه واقتطعه عن
حسه فلا يرى إلا أوصاف ربه وينكر وجود نفسه من أصله , فإذا
سكن الوارد رجع إلى شهود نفسه بربه ورجع ذلك النور
إلى باطنه , فيكون باطنه نوراً على الدوام , وظاهره تارة
يغلب عليه ذلك النور , وتارة تغلب عليه الظلمة , أي :
العبودية , فنور الوارد ليس من الإنسان من حيث بشريته
ولكنه وارد عليه من حيث روحانيته , كما أن نور الأفق
ليس هو من ذات الأفق لكنه وارد عليه من إشراق شمس
النهار عليه , وها هنا مثال آخر , وهو الحديد والفحمة
إذا جعلتها في النار ونفخت عليهما , فإنهما يرجعان من
جنس النار , وتكسو النار الحديد كله والفحمة كلها
فإذا بردا رجع الحديد حديدا والفحمة فحمة , كذلك
البشرية إذا استولت عليها الروحانية صارت كلها روحانية
معنوية , فلا ترى إلا المعاني ولا تحس إلا إياها .

واعلم أن الناس في هذا النور على ثلاثة أقسام :
قسم نوره حده الباطن , ولم يصعد من شعاعه شئ لظاهره
وهم العوام
وقسم استولى نورهم على ظاهرهم وباطنهم , وهم المجذوبون
في حضرة الله
وقسم امتلا باطنهم نورا وصعد شعاعه على ظاهرهم , فاستولى
على الظاهر على الدوام , وهم السالكون بعد الجذب
الراسخون في المعرفة , والله تعالى أعلم .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس فبراير 20, 2014 1:28 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد أغسطس 04, 2013 4:28 am
مشاركات: 1140
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 18, 19, 20, 21, 22, 23, 24 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 3 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط