الأهرام العربي" تنشر تقارير البرادعى السرية: مصر دولة مارقة.. ولابد من دفعها «للانصياع»
http://arabi.ahram.org.eg/NewsContent/3 ... D9%84.aspx
27-8-2013 | 22:45
د.محمد البرادعى
أسامة الدليل
لم يكن قرار الدكتور محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية السابق الفرار من المشهد السياسى المصرى فجأة وفى لحظة حرجة .. قرارا عشوائيا .. فالرجل الذى ملأ الساحة السياسية بالضجيج على مدار سنوات بدأت مع مناهضته الواضحة لنظام مبارك .. مرورا بظهوره على شاشات قناة دريم الفضائية مع المذيعة منى الشاذلى، ليقول إن مصر مال حالها منذ بدأت ثورة يوليو 1952 .. ثم تبنيه لقضية خالد سعيد .. ثم ظهوره الشديد على الساحة مع أحداث 25 يناير 2011 .. وصولا إلى استقالته المباغتة قبيل فض اعتصام الإخوان المسلمين ومناصرى الرئيس الفاشل المعزول محمد مرسى .. هذا الرجل لا يرحل أبدا وكأنه فص ملح وذاب .. هو عادة يرحل عندما تكتمل المهمة.
هذا ما تقوله لنا سيرته الذاتية وبالذات فى الجزء الخاص بتدمير العراق.. وتدمير قدرات سوريا البحثية فى المجال الذرى .. وأيضا تدمير البرنامج العلمى المصرى فى مجال أبحاث الطاقة النووية .. ولعله ليس سرا أن أحداث 25 يناير التى اندلعت فى عام 2011 تزامنت مع طرح مناقصة عالمية لتوريد مفاعل نووى لمصر للبدء فى إنتاج الكهرباء من منطقة الضبعة.. هذه المناقصة راحت .. وقد طواها النسيان .. للأبد !!
البرادعى هو رجل يعرف رجال المخابرات الأمريكية طريقه ويعرفهم وصلاته بالإدارة الأمريكية وثيقة .. بحسب ما قاله فى مقابلة مع جواناتان مان مراسل محطة CNN الأمريكية بعد ساعات من إعلان منحه جائزة نويل للسلام فى 7 أكتوبر 2005 وهى المقابلة التى اعتبرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحدة من وثائقها .. وهو الرجل ذاته الذى علق أخيرا وزير خارجية بريطانيا هيج على استقالته على أنها انتكاسة .. دون أن يوضح ما اذا كانت هذه الانتكاسة للبريطانيين أم للأمريكيين أم للمصريين .. فما الذى كان يعرفه هيج عن مهمة البرادعى كنائب رئيس جمهورية مصر .. ولم نكن نعرفه؟!
لكن المثير: أنه فى كل مهمة كان البرادعى يتولاها كان هناك دائما طرف يتعرض للخيانة .. فى مهمته بشأن العراق خان بغداد واستدعى التدخل العسكرى الأمريكى والبريطانى ولم يجد أحد أبدا ما زعم البرادعى أنه برنامج للسلاح النووى وبرنامج للحرب الكيماوية باستخدام أسلحة الدمار الشامل .. وقد أظهر تقرير لجنة اللورد شيلكوت بوضوح تام أن (عداء) جهة التفتيش للعراق كان وراء تضليل الحكومة البريطانية فى هذا الخصوص وبالتالى تورطها فى غزو دولة عربية ذات سيادة
وفى تقارير البرادعى عن سوريا تحريض واضح لصالح إسرائيل .. بل إنه أنب الإسرائيليين على أنهم قصفوا منشآت سورية كان من شأنها – لو لم تدمرها إسرائيل- أن تودى بسوريا إلى مصير العراق !!
وفى التقرير الذى أعده البرادعى عن مصر .. كان يناضل من أجل إدراج القاهرة فى لائحة الدول المارقة .. اعتمادا على قصاصات الصحف!!
فرار البرادعى من المشهد فى مصر فى واحدة من أصعب لحظات تاريخها .. ليس له سوى معنى واحد .. المهمة انتهت .. لكن السؤال الكبير .. من الذى تعرض للخيانة هذه المرة ؟
فى تقارير البرادعى لمجلس محافظى الوكالة عن مصر (وهى تقاير سرية بدرجة: محظور التداول) نجد أن هناك ميلا فى صياغة هذه التقارير لاعتبار أن هذه الدولة (مشبوهة) وأن عليهما أن تقدم – طوعا أو كرها- أدلة قوية على أنها ليست كذلك!! لكن الأكثر إثارة هو، أن الأساس القانونى لهذه الشبهة يكمن فى مجرد توقيع مصر على اتفاقية منع الانتشار النووى، أى أن رغبة مصر فى الإسهام فى إقرار الأمن والسلم فى العالم باتت هى الورطة التى أوقعت نفسها فيها، وأنه لا بديل لها سوى الإذعان لما ألزمت به نفسها .. الأخطر: أن مصادر الوكالة ومديرها عن أى مخالفات تتعلق بما ترى أنه (إخلال) بواجبات هذه الدولة تجاه الاتفاقية الدولية هى مصادر هلامية، أى غير محددة الجهة وغير مسموح بنقاش مصداقيتها ودرجة حيدتها ونزاهتها، فوكالة البرادعى فى تقاريرها المقدمة ضد مصر فى 2005 تستند إلى (المجهول) فى اتهاماتها، وعلى القاهرة أن تقدم البراهين المادية على براءتها من أى تهمة تنسب إليها وألا تكون قد (فشلت) فى الوفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة !!
وفى تقرير الدكتور البرادعى ضد مصر المقدم منه إلى مجلس المحافظين فى 14 فبراير 2005 نجد من أول كلمة فى عنوان التقرير الذى يقع فى 6 صفحات بالإنجليزية كل معانى الاشتباه والرغبة فى التعامل مع الدول بوصفها قاصراً يقع تحت وصاية المجلس الحسبى للوكالة، يقول العنوان: نفاذية اتفاق ضمانات منع الانتشار النووى فى جمهورية مصر العربية .. وكلمة (نفاذية implementation ) نجد فى أصلها باللغة الإنجليزية كل سياقات الإذعان لحكم مسبق، ومن الواضح أن اختيار هذا اللفظ هو الذى يدفع بالبرادعى لأن يوضح قضيته فى الفقرة الأولى بالإشارة إلى هذا “الحكم المسبق” وبالنص: دخل الاتفاق بين جمهورية مصر العربية وبين الوكالة على تطبيق الضمانات المتصلة باتفاقية منع اتتشار السلاح النووى حيز القوة entered into force فى 30 يونيو 1982، وقد وافقت مصر فى 1 إبريل 1997 على تعديل الترتيبات الفرعية للاتفاقية بما يشمل القيام بالانصياع to comply (أى الطاعة والاستجابة والإذعان وفقا للقواميس اللغوية) لقرارات مجلس الوكالة !!
ولأن الدكتور البرادعى رجل قانون، فهو يعرف تماما خطورة النصوص وأهمية دقة ألفاظها، ولذلك تتكرر فى هذه الفقرة ألفاظ (الاتفاق) وهو التعاقد بين شخصين يعترفان نصا أو ضمنا بأهليتهما للتعاقد وتساوى موقفهما القانونى، وكذلك لفظ (اتفاقية) وهى إشارة لإطار يتم من خلاله تعاون دولى بين أطراف متعددة، ومن عجب أن الوثيقة التى يشير فيها إلى موافقة مصر على (الانصياع) لقرارات مجلس الوكالة والموجودة فى أرشيف الوكالة الدولية برقم GOV/2554/Att.2/Rev.2، لا يوجد فيها ظاهرا أو باطنا أن الدولة المصرية قد سلمت إرادتها لهذه الوكالة وألزمت نفسها بالطاعة والاستجابة والإذعان، ومن هنا نجد أن النص فى التقرير السرى المقدم ضد مصر يستند فى صياغته القانونية التى قام بها الدكتور البرادعى بنفسه إلى تحايل ولى للحقائق لتوريط مصر فيما سيلى فى هذا التقرير من شبهات دفعت بعدد من المحللين الغربيين – فور صدور التقرير - لوضع مصر إلى جانب كوريا الشمالية النووية فى خانة واحدة ..اسمها : المروق !!
ومن الغريب أن يعترف الدكتور البرادعى فى نص تقريره المقدم منه لمجلس محافظى الوكالة، وفى الفقرة الثانية بتعاون مصر مع الوكالة، والتعاون هنا لا يذكر نصا أبداً رغم أن (التعاون) هو الأساس الذى وقعت مصر استنادا إليه، حيث تقول الفقرة الثانية بالنص : بحلول سبتمبر 2004 أخطرت مصر الوكالة بوجود ثلاث منشآت وخمس أخرى تقع خارج المنشآت التى تستخدم المواد النووية بحكم العادة customarily .. والمنشآت الثلاث التابعة لهيئة الطاقة الذرية المصرية هى مفاعل البحث النووى المصرى بقدرة 2 ميجاوات وآخر بقدرة 22.5 ميجاوات متعدد الاغراض ومشروع إنتاج الوقود، بخلاف معمل- من فئة منشآت الخارج الخمسة - لابحاث الوقود النووى وكلها توجد متجمعة فى مركز أنشاص النووى .. والمنشآت الخمس المشار إليها هى التى تقع خارج أنشاص وتشمل مستشفيين ومعمل تحاليل وقسماً للأبحاث فى جامعة !!
منتهى التحقق
الديباجة الرئيسية للتقرير الذى فرض وجوده ما يسميه الدكتور البرادعى “مطبوعات من مصادر مفتوحة “ استوجبت الاشتباه فى مصر وتفتيش منشآتها البحثية النووية السلمية، وعقد عدد غير محدود من الاجتماعات ما بين الوكالة والمسئولين المصريين فى كل من القاهرة وفيينا، ونلاحظ هنا أن اللقاء الأخير بين الوكالة والمسئولين المصريين تم قبل 3 أيام من تقديم هذا التقرير السرى لمجلس محافظى الوكالة، وهو اللقاء الذى تم فى فيينا مقر الوكالة ذاتها .. فما الذى يقوله التقرير بعد ذلك مباشرة.
..................
تابع ما جاء في التقرير على رابط الأهرام العربي السابق