بمناسبة مولد العارف بالله
سيدى أبى الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه
شيخ الطريقة الشاذلية واصل مددها وعنصر مشربها وقطب دائرتها الذى تدور عليه وهو السيد الأجل الكبير سيدنا وسندنا ومولانا القطب الربانى العارف الوارث المحقق بالعلم الصمدانى صاحب الاشارات العلية والحقائق القدسية والأنوار المحمدية والاسرار الربانية والمنازلات العرشية الحامل فى زمانه لواء العارفين والمقيم فيه دولة علوم المحققين كهف الواصلين وجلاء قلوب الغافلين منشىء معالم الطريقة ومظهر أسرارها ومبدى علوم الحقيقة بعد خفاء انوارها ومظهر عوارف المعارف بعد خفائها واستتارها الدال على الله وعلى سبيل جنته والداعى على علم وبصيرة الى جنابه وحضرته أوحد اهل زمانه علما وحالا ومعرفة ومقالا الحسيب النسيب ذو النسبتين الطاهرتين الروحية والجسمية والسلالتين الطيبتين الغيبية والشاهدية والوراثتين الكريمتين الملكية والملكوتية المحمدى العلوى الحسنى الفاطمى الصحيح النسبتين الكريم المعنصرين فحل الفحول امام السالكين ومعراج الوارثين لاستاذ الواصل المربى الكامل أبو الحسن سيدى على الشاذلى الحسنى ابن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصى بن يوسف بن يوشع ابن ورد بن أبى بطال على بن احمد بن محمد بن عيسى بن ادريس المبايع له ببلاد المغرب بن عبد الله بن الحسن المثنى بن سيد شباب أهل الجنة وسبط خير البرية أبى محمد الحسن بن أمير المؤمنين سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه ومولاتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا حضرة النبى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو النسب الصحيح لسيدى أبى الحسن الشاذلى على قول وسيأتى لصاحب السلوة رضى الله تعالى عنه ان الصحيح فى نسبه هو ما ذكره أعنى صاحب السلوة عن الامام القصار عن صاحب النبذة وسيأتى بلفظه ان شاء الله تعالى وهو أعنى الشيخ سيدنا ومولانا أبا الحسن الشاذلى رضى الله عنه صاحب الطريق ومظهر لواء التحقيق الذى قال فيه الامام البوصيرى صاحب البردة والهمزية فى قصيدة مدح بها سيدى أبا العباس المرسى وشيخه سيدى أبا الحسن الشاذلى رضى الله عنه
أما الامام الشاذلى طريقة فى الفضل واضحة لعين المهتدى
فانقل ولو قدما على آثاره فاذا فعلت فذاك أخذ باليد
أقدى عليا بالوجود وكلنا بوجوده من كل سوء نفتدى
قطب الزمان وغوثه وامامه عين الوجود لسان سر الموجدى
ساد الرجال فقصرت عن شأوه همم المآرب للعلى والسودد
فتلقى ما يلقى اليك فنطقه نطق بروحالقدس أى مؤيد
واذا مررت على مكان ضريحه وشممت ريح الند من ترب ندى
ورأيت أرضا فى الفلاة بخضرة مخضرة منها بقاع الفرقد
والوحش آمنة لديه كانها حشرت الى حرم بأول مسجد
ووجدت تعظيما بقلبك لو سرى فى جامد سجد الورى للجلمد
فقل : السلام عليك يا بحر الندى الطامى وبحر العلم بل والمرشد
( وقال ) الشيخ إبراهيم بن محمد بن ناصر الدين بن المليق :
ولو قيل لى من فى الرجال مكمل لقلت امامى الشاذلى أبو الحسن
لقد كان بحرا فى الشرائع راسخا ولا سيما علم الفرائض والسنن
ومن منهل التوحيد قد عب وارتوى فلله كم أروى قلوبا بها محن
وحاز علو ما ليس تحصى لكاتب وهل تحصر الكتاب ما حاز من فن
فكن شاذلى الوفت تحظ بسره وفى سائر الاوقات مستغنيا بعن
فإنى له عبد وعبد لعبده فيا حبذا عبد لعبد ابى الحسن
إذا لم أكن عبدا لشيخى وقدوتى إمامى وذخرى الشاذلى أكن لمن
فيارب بالسر الذى قد وهبته تمن علينا بالمواهب والفطن
( وما أحسن ) قول العارف سيدى على بن عمر القرشى بن المليق :
أنا شاذلى ما حييت فان أمت فمشورتى فى الناس ان يتشذلوا
( وقال بعضهم )
تمسك بحبل الشاذلى ولا ترد سواه من الاشياخ ان كنت ذالب
فاصحابه كالشمس زاد ضياؤها على النجم والبدر المنير من الحب
( وقال آخر )
تمسك بحب الشاذلى فانه له طرق التسليك فى السر والجهر
أبو الحسن السامى على أهل عصرة كراماته جلت عن الحد والحصر
وقال آخر
تمسك بحب الشاذلى فتلق ما تروم وحقق ذا المناط وحصلا
توسل به فى كل حال تريده فما خاب من يأتى به متوسلا
وفى الأعلام ج4/305
( هو ) على بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف بن هرمز الشاذلى المغربى ، أبو الحسن : رأس الطائفة الشاذلية ، من المتصوفة ، وصاحب الأوراد المسماة ( حزب الشاذلى ) ، ولد فى بلاد غمارة بريف المغرب ، ونشأ فى بنى زرويل ( قرب شفشاون ) وتفقه وتصوف بتونس وسكن ( شاذلة ) قرب تونس ، فنسب إليها ، وطلب ( الكيمياء ) فى ابتداء أمره ، ثم تركها ، ورحل إلى بلاد المشرق فحج ودخل العراق ، ثم سكن الإسكندرية ، وتوفى بصحراء عيذاب فى طريقه إلى الحج ، وكان ضريرا ، ينتسب إلى الأدارسة أصحاب المغرب ، أخبره بذلك أحد شيوخه عن طريق ( المكاشفة )
قال الذهبى : نسب مجهول لا يصح ولا يثبت ، كان أولى به تركه ، وله غير ( الحزب ) رسالة ( الأمين ) فى أداب التصوف رتبها على أبواب ، و ( نزهة القلوب وبغية المطلوب ) فى شتربتى ، و ( السر الجليل فى خواص حسبنا الله ونعم الوكيل .
كما ذكره الإمام الشعرانى رضى الله عنه فى طبقاته ما نصه :
ومنهم الشيخ أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه وهو على بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلى – بالشين والذال المعجمتين ، وشاذلة قرية من إفريقية – الضرير ، الزاهد ، نزيل إسكندرية ، وشيخ الطريقة الشاذلية ، وكان كبير المقدار ، على المنار ، له عبارات فيها رموز .
صحب الشيخ نجم الدين الأصفهانى ، وابن مشيش وغيرهما
وحج مرات ، ومات بصحراء عيذاب قاصدا الحج ، فدفن هناك فى ذى القعدة سنة ست وخمسين وست مئة
وقد أفرده سيدى الشيخ تاج الدين بن عطاء الله هو وتلميذه أبا العباس بالترجمة ، وقال : بأنه قطب الزمان ، والحامل فى وقته لواء اهل العيان ، وحجة الصوفية ، علم المهتدين زين ، زين العارفين ، أستاذ الأكابر ن زمزم الأسرار ، ومعدن الأنوار ، القطب الغوث الجامع أبو الحسن على الشاذلى رضى الله عنه ، لم يدخل طريق القوم حتى كان يعد للمناظرة فى العلوم الظاهرة ، وشهد له الشيخ أبو عبد الله بن النعمان بالقطبانية
جاء رضى الله عنه فى هذه الطريقة بالعجب العجاب ن وكان الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد رضى الله عنه يقول : ما رأيت اعرف بالله من الشيخ أبى الحسن .
ومن كلامه رضى الله عنه : عليك بالأستغفار ، وإن لم يكن هناك ذنب واعتبر باستغفار النبى صلى الله عليه وسلم بعد البشارة واليقين بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، هذا فى معصوم لم يقترف ذنبا قط وتقدس عن ذلك ، فما ظنك بمن لا يخلو عن العيب والذنب فى وقت من الأوقات ؟
وكان رضى الله عنه يقول : إذا عارض كشفك الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ، ودع الكشف ، وقل لنفسك : إن الله تعالى قد ضمن لى العصمة بالكتاب والسنة ، ولم يضمنها لى فى جانب الكشف ولا الإلها ولا المشاهدة إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة
وكان رضى الله عنه يقول : لقيت الخضر عليه السلام فى صحراء عيذاب فقال لى : يا أبا الحسن ، أصبحك الله اللطيف الجميل ، وكان لك صاحبا فى المقام والرحيل .
وكان رضى الله عنه يقول : إذا جاذبتك هواتف الحق ، فإياك أن تستشهد بالمحسوسات علىالحقائق الغيبيات ، وترده فتكون من الجاهلين ، واحذر أن تدخل فى شىء من ذلك بالعقل
وكان رضى الله عنه يقول : إذا عرض لك عارض يصدك عن الله فاثبت
قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)سورة الأنفال
وكان يقول : كل علم يسبق إليك فيه الخواطر ، وتميل إليه النفس ، وتلتذ به الطبيعة فارم به ، وإن كان حقا ، وخذ بعلم الله الذى أنزله على رسوله ، واقتد به ، وبالخلفاء ، والصحابة ، والتابعين من بعده ، وبالأئمة الهداة المبرئين عن الهوى ومتابعته تسلم من الشكوك ، والظنون ، والأوهام ، والدعاوى الكاذئبة المضلة عن الهدى وحقائقه ، وماذا عليك أن تكون عبد الله ولا علم ولا عمل ، وحسك من العلم العلم بالوحدانية ، ومن العلم محبة ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومحبة الصحابة واعتقاد الحق للجماعة ، قال رجل : متى الساعة يا رسول الله ؟ قال / ( ما أعددت لها ؟ ) قال : لا شىء ، إلا أنى أحب الله ورسوله . فقال : ( المراء مع من أحب )
وكان يقول : إذا كثرت عليك الخواطر والوساوس ، فقل : سبحان الملك الخلاق (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ) سورة إبراهيم (19-20 )
وكان يقول : لا تجد الروح والمدد ويصح لك مقام الرجال ، حتى لا يبقى فى قلبك تعلق بعلمك ولا جدك ولا اجتهادك ، وتيأس من الكل ، دون الله تعالى
وكان يقول : إذا ثقل الذكر على لسانك ، وكثر اللغو فى مقالك ، وانبسطت الجوارح فى شهواتك ، وانسد باب الفكر فى مصالحك ، فاعلم أن ذلك من عظيم أوزارك ، أو لكمون إرادة النفاق فى قلبك ، وليس لك طريق إلا طريق الإصلاح ، والاعتصام بالله ، والإخلاص فى دين الله تعالى ، ألم تسمع قوله تعالى (لَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ) النساء 146
ولم يقل من المؤمنين ، فتأمل هذا الأمر إن كنت فقيها !
ومن كراماته : ما نقله ابن بطوطة فى رحلته قال : أخبرنى الشيخ ياقوت العرشى عن شيخه الشيخ أبى العباس المرسى رضى الله عنهم : أن أبا الحسن الشاذلى رضى اللهعنه كان يحج كل سنة ، فلما كان فى آخر سنة خرج فيها ، قال لخادمه : استصحب فأسا وقفه وحنوطا ، فقال له الخام : لماذا يا سيدى ؟ فقال : فى حميثرا سوت ترى ، وحميثرا بصعيد مصر فى صحراء عيذاب ، فلما بلغ حميثرا اغتسل الشيخ أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه ، وصلى ركعيتن ، فقبضه الله تعالى فى آخر سجدة من صلاته ، ودفن هناك
وفى سلوة الأنفاس فىترجمة الشيخ الإمامالفرد الهمام السيد الجليل الفاضل أبىحفص سيدنا ومولانا عمر ابن سيدنا ومولانا إدريس الأزهر ابن سيدنا ومولانا إدريس الأكبر رضى الله عنهما ما نصه : وكفاه – يعنى سيدنا ومولانا عممر رضى الله عنه – فضلا وفخرا وشرفا وذكرا ، أن من ذريته الشيخ الاماما مفتى الاسلام القطب الشهير ، والغوث الكبي ر، شيخ الطريقة ومعدن السلوك والحقيقة تقى الدين أبا الحسن سيدى على بن عبد الله بن عبدالجبار الغمارى المالكى الشاذلى العيذابى رضى الله عنه ، على ما هو التحقيق فى نسبه ، حسبما حرره الأستاذ القصار والامام الأقصرائى فىكتابه نفحات الصفا ، وصاحب النبذة المفيدة قبلهما وهو تقى الدين أبو عبد الله محمد الإسكندرى سبط الإمامالشاذى رضى الله عنه
وما عند ابن عطاء الله فى لطائف المنن وتبعه البوصيرى فى ( داليته )
رضى الله تعالى عنه وعن سادتنا وعلمائنا ومشايخنا
-----------------------------------------------------------------
العبر 5/232 – طبقات الأولياء ص 458 – حسن المحاضرة 1/520 – شذرات الذهب فى سنةالوفاة – الطبقات الشاذلية ص 19 – الاعلام 4/305 – نور الابصار 234 – الخطط التوفييقية ج14/57 - أنوار الحب ص 514 – العوائد الملموسة ج2/456 – الطبقات الوسطى للشعرانى ترجمة رقم 248 – الطبقات الكبرى للشعرانى ج2/4