الإمام الليث بن سعد رضى الله عنه
يقول على مبارك باشا وهى بفتح القاف وسكون اللام وفتح القاف الثانية والشين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة وبعدها هاء ساكنة
والآن يطلق عليها ( قرقشندة وهى إحدى قرى مركز طوخ التابعة لمحافظة القليوبية
قال ابن خلكان هى قرية من مديرة القليوبية بمركز قليوب واقعة قبلى ترعة كوم تبين ومن أهلها الامام الليث وهو أبو الحرث الليث بن سعد بن عبد الرحمن امام أهل مصر فى الفقه والحديث كان مولى قيس بن رفاعة وهو مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمى وأصله من أصبهان وكان ثقة سريا سخيا قال الليث كتبت من علم محمد ابن شهاب الزهرى علما كثيرا وقال الشافعى رضى الله عنه الليث بن سعد أفقه من سلك الا أن أصحابه لم يقوموا به وكان ابن وهب يقرأ عليه مسائل الليث فمرت به مسئلة فقال رجل من الغرباء أحسن والله لليث كأنه كان يسمع مالكا يجيب فيجيب هو فقال ابن وهب للرجل بل كان مالك يسمع الليث يجيب فيجيب هو والله الذى لا اله الا هو ما رأينا أحدا قط أفقه من الليث وكان من الكرماء الاجواد ويثال ان دخله كان فى كل سنة خمسة آلاف دينار وكان يفرقها فى الصلات وغيرها وقال منصور بن عمار أتيت الليث فأعطانى الف دينار وقال صن بهذه الحكمة التى آتاك الله تعالى ورأيت فى بعض المجاميع ان الليث كان حنفى المنزل وانه ولى القضاء بمصر وان الامام مالكا أهدى اليه صينية فها تمرا فأعادها مملوءة ذهبا وكان يتخذ لأصحابه الفالوذج ويعمل فيه الدنانير ليحصل لكل من أكل كثيرا من أصحابه وكان قد حج سنة ثلاث عشرة ومائة وهو ابن عشرين سنة وسمع من نافع مولى ابن عمر رضى الله عنهما وكان الليث يقول قال لى بعض أهلى ولدت سنة اثنتين وتسعين للهجرة والذى أوقن سنة أربع وتسعين فى شعبان وتوفى يوم الخميس وقيل يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة ودفن يوم الجمعة بمصر فى القرافة الصغرى وقبره أحد المزارات رضى الله عنه وقال السمعانى ولد فى شعبان سنة أربع وعشرين ومائة والاول أصح وقال غيره ولد سنة ثلاث وتسعين والله أعلم بالصواب وقال بعض أصحابه لما دفنا الليث بن سعد سمعنا صوتا وهو يقول
ذهب الليث فلا ليث لكم ومضى العلم قريبا وقبر
قال فالتفتنا فلم نر أحدا والفهمى بفتح الفاء وسكون الهاء وبعدها ميم هذه النسبة الى فهم وهو بطن من قيس عيلان خرج منها جماعة كثيرة .
الإمـــــام الليث بن سعد فقيه أهل مصر
(94هـ -)
ذكر فى طبقات الشاذلية :
مشهد الليث بن سعد بن عبد الرحمن فقيه مصر وعالهما أثنى عليه الامام مالك بن أنس قال يونس بن عبد الأعلى كان يدخل الليث فى كل سنة مائة ألف دينار ما وجبت عليه زكاة قط وقال محمد بن عبد الحكم أيضا كان يدخل لليث فى كل سنة أكثر من ثمانين ألف دينار وما وجبت عليها زكاة قط ، لأن الحول كان لا ينقضى عنه حتى ينفقها ويتصدق بها ويتصدق بها وكانت له قرية بمصر يقال لها ( الفرما ) مهما حمل اليه من خراجها يجعله صررا ويجلس على باب داره ويعطى لمن مر به من المحتاجين من ذلك صرة صرة حتى لا يدع إلا اليسير من ذلك وحمل من مصر الى بغداد لأجل افتاء الرشيد فى زوجته زبيدة وأمر له بخمسة آلاف دينار فردها عليه وقال له ادفها لمن هو أحود منى اليها ، قال يحيى بن بكير كانوا يزدحمون على باب الليث بن سعد وهو يتصدق عليهم حتى لا يبقى أحد منهم من غير شى وتصدق وأنا معه على سبعين بيتا من الارامل ثم انصرف فبعث غلاما له بدرهم فاشترى به خبزا وزيتا ثم جئت الى بابه فرأيت عنده أربعين من الاضياف فاخرج اليهم اللحم والحلوى فلما أصبح قلت لغلامه بالله عليك لمن الخبز والزيت ؟ قال لسيدى فتعجبت من ذلك كونه يطعم أضيافه اللحم والحلوى ويأكل هو الخبز والزيت !!! ( وحكى من مناقبه أن رجلا من أهل مصر صودر فى أيام الليث بن سعد ونوى على داره فبلغبت اربعمائة درهم فاشتراها الامام فبعث يونس بن عبد الاعلى الصدقى يأخذ المفاتيح فوجد فى الدار أيتاما وعائلة ، فقالوا بالله عليك اتركنا الى الليل حتى ننظر خربة نذهب اليها فتركهم وجاء الليث بن سعد وأخبره بالقصة فبكى وقال له عد اليهم وقل لهم الدار لكم ولكن ما يقوم بكم فى كل يوم ( وقال ) الحسن بن سعد خرجنا مع الليث بن سعد الى الاسكندرية ومعه ثلاث سفن ، سفينة فيها مطبخة وسفينة فيها عياله وسفينة فيها هو وأصحابه فقلنا له يا سيدى نسمع منك أحاديث ما هو فى كتبك قال لو كان كل ما فى صدرى موضوعا فى كتبى ما وسعته هذه السفينة ( وروى ) الفتح بن محمود عن أبيه أنه قال بنى الامام الليث داره فهدمها ابن رفاعة عناداله فى الليل ثم بناها ثانيا فهدمها أيضا فلما كان الليلة الثالثة أتاه آت ف منامه وقال اسمع يا أباد الحارث ( ونريد أن ثمن على الذين استضعفوا فى الارض ونجعلها أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الارض فلما أصبح فاذا ابن رفاعة قد لحقه الفالج وما بعد ذلك ( قال ) محمد بن وهب سمعت الامام الليث يقول إنى لأعرف رجلا يقول لم يأت الله بمحرم قط ، قال فعلمنا أنه يعنى نفسه بذلك : لأن هذه لا يعلم من احد وقال أيضا جالست الليث وشاهدت جنازته مع أبى فما رأيت جنازة أعظم منها ولا اكثر خلفا منها ورايت الناس كلهم عليهم الحزن ويعزون بعضهم بعضا فقلت لأبى كل من هؤلاء الناس صاحب الجنازة ؟ قال لا يا بنى ولكن كان عالما كريما خست العقل كثير الافضال لا يرى مثله أبدا ولما قدم الشافعى مصر أتى قبر الليق وزاره وقال ما فاتنى شىء أشد على من أبن أبى ذئب والليث بن سعد ، ويروى الشافعى رحمه الله تعالى انه وقف على قبر الامام الليث بن سعد وقال
لله درك يا امام * لقد حزت أربع خصال * لم يكملهن عالم * العلم * والعمل * والزهد * والكرم *
وهو أحد مشايخ البخارى ومسلم ومناقبه أكثر من أن تحصى ولو استوعبنا ذلك لضاق عن هذا المختصر ومولده فى سنة أربع وتسعين ومات سنة همس وتسعين ومائة ودفن فى مقابر الصدف وكان قبره مسطبة ثم بنى عليه هذا المسجد بع سنى الاربعين والستمائة وقيل إنه الذى بناه ابن التاجروهو مكان مبارك معروف بإجابة الدعاء وزاره جماعة من العلماء رضى الله تعالى عنهم .
وذكر فى مجلة الإسلام عام 1936
مقال لحسن قاسم قال فيه
مذهب الليث فقيه أهل مصر
التعريف بامام هذا المذهب
هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن أبو الحارث
عالم مصر وإمامها وفقيهها المشهور أنه فهمى ( بفتح الفاء وسكون الهاء) لما يقال من أنه مولى خالد بن ثابت بن ظاعن الفهمى ، واصله من اصبهان فقد روى عنه أنه قال ( نحن من أهل أصبهان فاستوصوا بهم خيرا )
مولده
أكثر الروايات على أن الليث ولد سنة أربع وتسعين للهجرة ففى تاريخ بغداد حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : قال : أبى : ولد الليث بن سعد سنة أربع وتسعين وقال البخارى : فى تاريخه : قال يحيى بن بكير : ولد الليث لأربع عشر خلت من شعبان سنة أربع وتسعين – وكان مولده بقرقشنده ( قرية مصرية من قرى القليوبية
ذكر من سمع عنهم من العلماء ورحلته فى طلب العلم
لقى تسعة وخمسين تابعيا حدث عنهم فقد سمع بمصر من يزيد بن ابى حبيب 0 الذى تلقى العلم عن بعض الصحابة الذين اقاموا بمصر والذى ولاه عمر بن عبد العزيز فتيا مصر ، وكان الليث من اشهر تلاميذه وسمع كذلك من جعفر بن ربيعة والحارث بن يعقوب وعبيد الله بن أبى جعفر وخالد بن يزيد وغيرهم * ورحل إلى الحجاز فسمع من عطاء بن أبى رباح ونافع مولى عمر وهشام بن عروة ويحي بن سعيد الأنصارى وأبى الزبير محمد بن مسلم المكى وعمرو بن دينا ر وقتادة وكثير غيرهم وسمع فى رحلته إلى العراق وهو كبير من هشيم وكان أصغر من الليث سنا ، وروى الخطيب بسنده قال حدثنا أبو صالخ ( كاتب الليث ) قال قا ل: خرجنا مع الليث بن سعد إلى بغداد سنة غحدى وستين ومائة فى شوال وشهدنا الأضحى ببغداد فقال لى الليث : ونحن ببغداد سل عن قطيعة بنى جدار ، فإذا ارشدت إليها فسل عن منزل هشيم الواسطى فقل له أخوك ليث مصر يقرئك السلام ، ويسألك أن تبعث إليه شيئا من كتبك 0 فلقيت هشيما فدفع إلى شيئا فكتبنا منه وسمعتها من هشيم مع الليث*
نبوغه فى المناظرة وتفوقه فى العلم
قال الحافظ بن حجر – قال عبد العزيز بن محمد الدراوردى رايت الليث بن سعد عند ربيعة يناظرهم فى المسائل وقد فاق اهل الحلقة وروى الخطيب بسنده قال حدثنا شرحبيل بن جميل قال : أدركت الناس بمصر ايام هشام بن عبد الملك وهم متوافرون كثيرون ومن بينهم يزيد بن أبى حبيب وابن هبيرة وعبيد الله بن أبى جعفر وجعفر بن ربيعة والحارث بن يزيد وغي رهم من أهل مصر وممن يقدم إلها من علماء أهل المدينة ومن علماء أهل الشام والليث بومئذ حدث شاب وإنهم جميعا ليعرفون فضله وورعه وحسن إسلامه ويقدمونه على حداثة سنه وعم يحى بن بكير قال سمعت الليث يقول : رآنى يحى بن سعيد الأنصارى وقد فعلت شيئا من المباحات فقال : لا تفعل فانك إمام منظور إليك ، قال الحافظ بن حجر : ويحى ين سعيد تابعى من شيووخ الليث0
وقال شعيب بن الليث قيل لأبى إنا نسمع منك الحديث ليس فى كتبك قال : لوكتبت ما فى صدرى فى كتبى ما وسعه هذا المركب – وقال الحافظ بن حجر قال بحيى بن بكير ما رأيت فيمن رايت مثل الليث وما رأيت أكمل منه ، كان فقيه مصر عربى اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر – حسن المذاكرة غلى أن عد خسم عشرة خصلة لم تجتمع لعالم من أهل عصره
وفى تاريخ بغداد قال ابن وهب ، لولا مالك والليث لضل الناس وفيه ايضا حدثنا عثمان بن صالح قال : كان أهل مصر ينتقصون عثمان – رضى الله عنه حتى نشأ فيهم الليث بن سعد فحدثهم بفضائل عثمان فكفوا عن ذلك وكان أهل حمص بنتقضون عليا كرم الله وجهه حتى نشأ فيهم اسماعيل بن عياش فحدثهم بفضائلهم فكفوا عن ذلك
وفى مناقب الليث للحافظ بن حجر العسقلانى الشافعى سمعت الامام الشافعى يقول ( الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به )
وقال النووى فى تهذيب الأسماء واللغات : أجمعوا على جلالته وأمانته وعلو مرتبته فى الفقه والحديث
ذكر من حدثوا عن الليث بن سعد
حدث عن هشيم بن بشير وعطاف بن خالد وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وابو عبد الرحمن المقرئ وعبد الله بن عبد الحكم وسعد بن أبى مريم وحيى بن بكير وعبد الله بن صالح الجهنى وعمرو بن خالد وعبد الله بن يوسف التنيسى واكثر عنه قتيبة بن سعيد وهو من شيوخ أئمة الحديث الخمس وحدث عنه الامام مالك وقال الحافظ بن حجر إن قول مالك : حدثنى من أرض من أهل العلم يريد به الليث بن سعد وقال الشافعى : ما فاتنى أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث بن سعد وابن أبى ذئب
غناه وجوده
كان الليث بن سعد موسرا محفوظا فى الدنيا مستغنيا بذلك عن الولاية ، عرض غليه أبو جعفر المنصور ولاية مصر – فأبى – قال قتيبة بن سعد : كان الليث بن سعد يستغل عشرين ألف دينار فى كل سنة وقال ما وجبت على زكاة قط
أثر مروى عنه
روى صاحب النجوم الزاهرة باسناده عن ابن عبد الحكم حدثنا عبد الله بن صالح جدثنا الليث سعد وحكى له قصة جبل المقطم ((( وسوف أعيد نشر قصته )))
وفاته
كانت وفاته رحمه الله فى رابع عشر شعبان سنة خمس وسبعين ومائة صلى عليه موسى ابن عيس الذى كان واليا على مصر من قبل الرشيد
قال خالد بن عبد السلام وشهدت جنازته مع أبى فما رايت جنازة بعدها أعظم منها ورأيت الناس كلهم تبدو عليهم علائم الحزن ويعزى بعضهم بعض
وعاش رحمة الله إحدى وثمانين سنة على ما بينت من مولده ووفاته ودفن بمصر فى ضريحة المعروف بضريح الامام الليث بالقرب من ضريح الامام الشافعى والله سبحانه وتعالى أعلم ** وقد قمت بزيارته وصليت فى مسجده تحية لمسجد الإمام الليث بن سعد رضى الله عنه
إذا رمت المكارم من كريم *************
فيمم من بنى للفضل بيتـــــا
فذاك الليث من يحى حماه **************
ويكرم جاره حيا وميتــــــــا
هو الإمام الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى وهو أصفهانى الأصل ، مصرى الجنسية حيث ولد ببلدة قلقشندة ( قليوبية ) سنة 92 هـ
والإمام الليث من تابعى التابعين روى عن الكثير وروى عنه الكثير وأجمع العلماء على امانته وعلو كعبه ، وسمو مرتبته فى الفقه والحديث وهو إمام أهل مصر فى زمانه ، وكفاه فخرا أنه شيخ مشايخ البخارى ومسلم وروى البخارى عن قتيبة بن سعيد عن الليث يحيى بن بكير وعبد الله بن وهب ومحمد بن المثنى الصدفى وأحاديثه فى الصحاح الستة وهو ثثقى عدل .
كان الإمام الليث نبيلا سخيا ، حسن العقل ، واسع الثراء ، كثير الأفضال ، وفى ذلك يقول الإمام الشافعى عندما جاء مصر وزار قبر الإمام الليث : لله درك يا إمام ، لقد حزت أربع خصال لم يكملهن عالم ( العلم والعمل والزهد والكرم) كان الإمام الليث ممن من الله عليهم بثراء واسع وبسط لهم من نعمته ، فقد قيل أن دخله بلغ فى السنة الواحدة مائة الف دينار وقد أجتمعت الروايات وتناقلت اللسن والمراجع أنه ما وجبت على الإمام الليث زكاة قط ن لأن الحول كان لا ينقضى عنه حتى ينفقها ويتصدق بها ..
ومما هو ثابت أن الإمامين الليث ومالكا كانا متعاصرين وكان ممن عكفا على الحديث والفقه ، وكانا فى المكانة متقاربين وكان بينهما مكاتبات ومراسلات تدور حول الحديث والفقه والفتوى .
وقد اشتهرت فى التاريخ رسالة فقهية بعث بها مالك إلى الليث ورد عليها الليث بأطول منها ورسالة الإمام الليث تعد نموذجا رائعا فى الحوار العلمى الذى يدور بين قطبين من أقطاب الفقه والعلم فى الأمة الإسلامية ...
والرسالة تكشف لنا عن أن أولئك العلية من الفقهاء كانوا يعتبرون ما كان عليه الناس فى عهد أبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم ، إجماعا لا يجوز مخالفته ولا يحل لمن يجيئون بعد ذلك أن يغيروا أو يبدلوا فيما استقر عليه رأى أولئك (فالعلم بفقه الصحابة والتابعين فى اتفاقهم واختلافهم كان أساس نقاشهم )
توفى الإمام الليث سنة 175 هـ أى قبل الإمام مالك بأربع سنوات