موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: المخطط خطير جدا : خذ من كل إمام خيره, ولا تأخذ منه ما يؤخرك
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 06, 2021 2:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8042
[font=Arial]المخطط خطير جدا : خذ من كل إمام خيره, ولا تأخذ منه ما يؤخرك ولو شعرة :
ــــــــــــــــــــــــ
( الفتنة الثالثة:
ولا تحتاج لكلام, وقد قدمنا الحديث الوارد بشأن علماء فتنة آخر الزمان.
الفتنة الرابعة:
فتنة اتِّبَاع بعض أقوال أهل الله,
مما لا يدرى هل أخطأوا فيها أم دست في كتبهم.
وللأئمة مع فضلهم هنات وهنات,
فخذ خيرها, ودع عنك كل ما فيه ما يقلق من أدب تجاه حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , وقد تجد كلاماً رائقاً عالياً, ويكون فيه شيء من الخطورة على قلب المريد,
كما سبق في الكلام على شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ,
وقد نقلنا قول الإمام الغزالي الذي كنا نود أنه لم يقحم نفسه في هذه الأمور,
ومن نفس الباب ووسط كلام عالٍ رائق كانت كلمات لو قُلتَها لتأخرتَ, كلمات تطل من طرف خفي,
قال الإمام الغزالي في أحد رسائله:
"فصل في آداب أهل الحضرة الإلهية لأهل القرب:
كل الآداب تُتَلَقى من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم،
فإنه صلى الله عليه وآله وسلّم مجمع الآداب ظاهراً وباطناً،
وأخبر اللّه سبحانه عن حسن أدبه في الحضرة بقوله تعالى: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) (النجم 17).
وهذه غامضة من غوامض الآداب اختص بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم أخبر اللّه عن اعتدال قلبه المقدس في الإعراض والإقبال, أعرض عما سوى اللّه، وتوجه إلى اللّه، وترك وراء ظهره الأرضين والدار العاجلة بحظوظها والسموات والدار الآخرة بحظوظها
ولا لحقه الأسف على الفائت في إعراضه. قال اللّه تعالى: (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) (الحديد 23).
فهذا الخطاب للعموم،
وما زاغ البصر إخبار عن حال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بوصف خاص من معنى ما خاطب به العموم،
فكان ما زاغ البصر حاله في طرف الإعراض،
وفي طرف الإقبال تلقى ما ورد عليه في مقام: قاب قوسين بالروح والقلب،
ثم فرّ من اللّه حياء منه وهيبة وإجلالاً وطوى نفسه في مطاوي انكساره وافتقاره، لكيلا تنبسط النفس فتطغى، فإن الطغيان عند الاستغناء وصف النفس.
قال اللّه تعالى: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق 6 - 7)
" انتهى كلام الإمام الغزالي.
قلت: هنا المربون من أهل الله يقولون عند الكلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته: قف, لا تتفوه ولا تتكلم,
فجملة: "وطوى نفسه في مطاوي انكساره وافتقاره، لكيلا تنبسط النفس فتطغى، فإن الطغيان عند الاستغناء وصف النفس". لا ينبغي أن تقال عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ,
نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلّم جوهرة ودرة لا مثيل لها في العالمين,
أطيب من الطيب, وأطهر من الطهر,
فتنبه, غفر الله لنا ولكم وللإمام الغزالي.
وقال الإمام الغزالي في سياق كلام له أيضاً:
"وهذا يعضده ما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قيل له: ألا تصلي على فلان وقد مات؟
فقال: لا أصلّي على من لم يصلّ،
فقال عمر: أنا رأيته يصلي ركعتي العيد،
فقال عليه السلام: كيف أصلّي على من لم يصلّ إلّا نافلة!
فجاءه جبريل عليه السلام أمين الحضرة وقال له:
يا محمد أليس رأوه في بابنا مرة
إذا رددته من بابي فبباب من يقف؟
يا محمد إني قد غفرت له فصلت عليه ملائكتي، إن اللّه لغني عن العالمين".
وما قاله الإمام الغزالي باطل قطعاً, ولا ينبغي أن يقال.
ومثله أيضاً ما قال في الإحياء قال:
" ... وكل ما عرفناه قليل نزر حقير بالإضافة إلى ما عرفه جملة العلماء والأولياء,
وما عرفوه قليل نزر حقير بالإضافة إلى ما عرفه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام,
وجملة ما عرفوه قليل بالإضافة إلى ما عرفه محمد نبينا صلى الله عليه وآله وسلّم ,
وما عرفه الأنبياء كلهم قليل بالإضافة إلى ما عرفته الملائكة المقربون كإسرافيل وجبريل وغيرهما ... ".
فعند عامة أهل الله والمتصوفة فإنه لا أحد أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ,
فلا تقل مثلما قال هذا الإمام,
وتذكر الجزء الأخير من كتابنا أحجار الزيت
في موضوع نقل الأمانات من أهل البيت إلى الصوفية,
ثم بخروج السادة الكبار الجيلاني والرفاعي والشاذلي والدسوقي والبدوي انتقلت الأمانات مرة أخرى لأهل البيت,
وشرحنا أسباب ذلك,
فتذكر ذلك جيداً.
ومن نفس الباب, نذكر كلام الإمام نجم الدين الكبرى.
قال الإمام نجم الدين الكبرى في "التأويلات النجمية" كلاما عظيما, لكن فيه جملة في منتهى الخطورة,
قال رحمه الله:
"اعلم أن فضل كل صاحب فضل يكون على قدر استعلاء ضوء نوره؛
لأن الرفعة في الدرجات على قدر رفعة الاستعلاء كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة 11)
فالعلم هو الضوء من نور الوحدانية فكلما ازداد العلم زادت الدرجة فناهيك عن هذا المعنى قول النبي عليه السلام فيما يخبر عن المعراج
"أنه رأى آدم في السماء الدنيا، ويحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في السماء الثالثة، وإدريس في السماء الرابعة، وهارون في السماء الخامسة، وموسى في السماء السادسة، وإبراهيم في السماء السابعة، وعبر النبي عليه السلام حتى رفع إلى سدرة المنتهى ومن ثم إلى قاب قوسين أو أدنى، فهذه الرفعة في الدرجة في القرب إلى الحضرة كانت له على قدر قوة ذلك النور في استعلاء ضوئه،
وعلى قدر غلبات أنوار التوحيد على ظلمات الوجود كانت مراتب الأنبياء بعضهم فوق بعض، فلما غلب نور الوحدانية على ظلمة إنسانية النبي عليه السلام اضمحلت وتلاشت وفنيت ظلمة وجوده بسطوات تجلي صفات الجمال والجلال،
فكل نبي بقدر بقية ظلمة وجوده بقي في مكان من أماكن السموات، فإنه صلى الله عليه وآله وسلّم ما بقي في مكان ولا في الإمكان؛ لأنه كان فانياً عن ظلمة وجوده باقياً بنور وجوده
ولهذا سماه الله نوراً وقال: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (المائدة 15)
فالنور هو محمد عليه السلام والكتاب هو القرآن، فافهم واغتنم
فإنك لا تجد هذه المعاني إلا ههنا".
انتهى النقل من "التأويلات النجمية".
وقال أيضاً:
"الهداية في الحقيقة فتح باب العبودية إلى عالم الربوبية
وذلك من خصائص قدرة الحق سبحانه؛ لأن لقلب العبد بابين باب إلى النفس والجسد وهو مفتوح أبداً، وباب إلى الروح والحضرة وهو مغلق لا يفتحه إلا الفتاح الذي بيده المفتاح كما قال لحبيبه عليه السلام: (إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحا مُّبِينا (1) لِّيَغفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعمَتَهُ عَلَيكَ وَيَهدِيَكَ صِرَطا مُّستَقِيما) (الفتح 1 - 2)
إلى الحضرة كما هداه ليلة المعراج إلى قرب قاب قوسين أو أدنى، وقال في حق المغلوقين أي أبواب قلوبهم: (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد 24)
وقال عليه السلام:
"قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء" فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه،
فالنبي عليه السلام مع جلالة قدره لم يكن آمناً على قلبه
وكان يقول:
"يا مقلب القلوب ثبت قلب عبدك على دينك وطاعتك"،
والهداية عبارة عن تقليب القلب من الباطل وهو ما سوى الله إلى الحق وهو الحضرة فليس هذا من شأن غير الله" انتهى.
والجمل المكتوبة بخط سميك لا تقال,
فالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ما عنده ظلمة إنسانية,
وقد قال تعالى:
(نُورٌ عَلَى نُورٍ) (النور 35) ,
قال أهل الله: أتى نور الله على نور محمد فجعله نوراً على نور.
وجملة:
"فالنبي عليه السلام مع جلالة قدره لم يكن آمناً على قلبه"
لا تقال,
وقد أمَّنَه ربه,
وقال: «أفلا أكون عبداً شكوراً» ,
وقلب المؤمن قد يحدث له زيغ, أما النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فهو المؤمن,
وفي قوله تعالى: (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) (التوبة 61) ,
ومن معانيها:
أنه لما كان يجب على المؤمنين أن يؤمنوا حق الإيمان, ولن يستطيع الكثير منهم لعدم المشاهدة, فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يؤمن بدلاً منهم.
فإذا رأيت إماماً يتكلم عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ويضرب بحاله مثلاً, فقف وانتبه, فقد يغفر الله له ويرضى عنه في المجمل لبحر علمه وإيمانه,
أما المريد فيمشي ويقع, فلا يتحمل التأخير,
فخذ من كل إمام خيره, ولا تأخذ منه ما يؤخرك ولو شعرة,
مع حفظ الأدب ظاهراً وباطناً مع أهل الله,
لتفوز بإذن الله فوزاً عظيماً.
أي مواضيع ترى فيها خدشاً في مقام التعظيم والتوقير لسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ففر منها, ولا تقف أبداً فيها، ولا تقع, فإذا ما تكلم أئمة كبار ووافقوا بعض الفقهاء في أن الأنبياء يفتنون في قبورهم,
وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كان يستعيذ من أجل ذلك من عذاب القبر في الصلاة , فاتبع القواعد,
وقل:
اللهم صل وسلم على من خلقت الدنيا من أجله, ولولاك لولاك ما خُلقت الأفلاك.
أما فتن الممخرقين ومن يستخدمون الجن والعياذ بالله, ومدعي المهدوية والولاية العظمى وغيرها, فلا يسع المقام لذكرها, وقد وضحناها بحمد الله في مواضع أخرى من كتبنا.
إذا علمت شيئاً من الفتن الأربع والتي تطيح بالناس في آخر الزمان حيث ينسج الشيطان والدجال شبكة عظيمة جداً أخذها ونسجها من كل فتنة أو زلل أو جزئيه أوقع فيها عالماً أو فقيهاً حياً أو مات من زمن,
فقد علمت جزءاً من معنى كون الدجال من المعمرين. فهو يرى الزمان وأحداثه, ويخطط خططاً مبنية بعضها فوق بعض, فلا بد من أساس يبني عليه, فيرضى من فقيه أو عالم بخطأ واحد, هو في عين الناس بسيط, لكن الدجال يعرف كيف يستثمره بعد مائة عام وبعد مائتين وبعد ألف سنة, وأكثر.
إبليس والدجال لهما خطة ليست خمسية ولا عشرية ولا عشرينية ولا خمسينية من السنين, إبليس والدجال وأتباعهم لهم خطط متوافقة لكل لحظة, ولكل يوم, ولكل شهر ولكل عام, ولكل مائة عام, ولآلاف السنين, فإن فهمت فتنة أو زللاً ما وقع فيه من سبق في الزمان أدركت بنور البصيرة ماذا يريد الشيطان والدجال منك ومن أهل زمانك,
ثم ما يترتب عليه وينبني عليه من بناء الخطل في الأزمنة القادمة, فلا تكونن سبباً من أسباب الفتن.
و اجل مرآة قلبك حتى لا تقع في الفتن التي هي كموج البحر,
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟ فَقَالَ قوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ، فَقَالَ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ؟ قَالُوا: أَجَلْ، قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا، قَالَ: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ، قَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ:
«تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»، قَالَ حُذَيْفَةُ: وَحَدَّثْتُهُ، «أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ»، قَالَ عُمَرُ: أَكَسْرًا لَا أَبَا لَكَ؟ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ، قُلْتُ: «لَا بَلْ يُكْسَرُ»، وَحَدَّثْتُهُ «أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ» قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ، مَا أَسْوَدُ مُرْبَادٌّ؟ قَالَ: «شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ»، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا؟ قَالَ: «مَنْكُوسًا».
واعلم حبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم هو أعظم مرآة ترى فيها معنى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) (الأنفال 17).
وأن المشايخ الكبار مهما وصلوا فمن نوره صلى الله عليه وآله وسلّم اقتبسوا وعلى ضوئه ساروا, والشيخ الممكن في الحضرة البرزخية هو لكم ومعكم كالمرآة, وجه من المرآة في الحضرة ووجه من المرآة معكم, وإما أن يراك في مرآته, وإما أن تراه في مرآتك,
وعلى قدر الحضرة عندك يكون الحضور, وتكون مذكوراً مشهوداً بإذن الله, وفي الحضرة قرب, وفي الحضرة والعياذ بالله حجب وطرد وإبعاد, نسأل الله العفو والعافية, ألم يكن إبليس في حضرة وكان من العُبَّاد؟
ونعوذ بالله أن نأمن مكر الله, (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)
(الأعراف 99).
إبليس طُرد من الحضرة, نسأل الله العفو والعافية.
إبليس قرر معاداة آدم الذي لا يطيقه,
إبليس استخدم أسلوباً غريباً حتى يطرد سيدنا آدم من الجنة.
هذا الأسلوب مازال متبعاً, ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
هذا الأسلوب اسمه: السلم والثعبان!!
وانطبع في الأذهان حتى أصبح من ألعاب الأطفال؟
إبليس تسلل إلى الجنة كما في كتب أهل الكتاب عن طريق حية.
الحية نوع من أنواع الثعابين, التي يخاف منها ابن آدم وهي مؤذية وعدوة,
والجن يتشكلون فيها وفي الكلاب وفي غيرهما،
كما ذكرنا في كتاب حياة الخضر وإلياس والمجيء الثاني للسيد المسيح.
إبليس وسوس لسيدنا آدم وأمنا حواء, فكان السلم هو الثقة في الحلف بالله (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (الأعراف 21) والثعبان هو ما يجعلك تهبط من أعلى لأسفل.
الأسلوب:
الثقة في شيء له علاقة بالله تعالى,
وحية ناعمة تتخفى حتى تلدغك فيسري سمها فيك, نسأل الله العفو والعافية.
وأصبحت الحية رمزاً للماسون,
ورمزاً للحية المطوقة التي تلتف حول العرش,
فالعرش مطوق بحية,
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «إِنَّ الْعَرْشَ لَمُطَوَّقٌ بِحَيَّةٍ، وَإِنَّ الْوَحْيَ لِيَنْزِلُ فِي السَّلَاسِلِ».
وقد أثار هذا الحديث كثيراً من الناس,
لكن المقصود به عرش إبليس بالقطع, فإن أحد الرواة أدخل حديثين في بعضهما, ومما يدلك على ما نقوله ما رواه أَبِو سَعِيدٍ الخدري أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ لاِبْنِ صَيَّادٍ: «مَا تَرَى»، قَالَ: أَرَى عَرْشًا عَلَى الْبَحْرِ وَحَوْلَهُ الْحَيَّاتُ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «ذَلِكَ عَرْشُ إبْلِيسَ».
مازال إبليس والدجال يتبعان أسلوب السلم والثعبان, ثم يدعوانك إلى حفلة أو سفرة أو ما نسميه في عصرنا هذا مسرح, أو قاعة سينما, ويرجوان لك مشاهدة ممتعة, ثم تطبيق ما رأيت في قصته:
الإبعاد من الجنة!
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
نعم ... لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
افهم عبد الله,
إبليس عنده خطط شديدة قوية والدجال مثله, نجانا الله من الشياطين, ونعوذ بالله أن يحضرون, إبليس يتبع معك أسلوب جرك مرة أخرى إلى الحضيض فتكون مثلاً مرشحاً لدرجة كبيرة كترقية من الإسلام إلى الإيمان, أو من الإيمان إلى الإحسان فيبعث لك سُلَماً تثق فيه فتأنس وتصعد وتصعد, ثم ثعباناً يلتف حولك, وينزلك مرة أخرى إلى حيث مسرحه ومجلسه والعياذ بالله.
الثعبان إن لدغك حدثت لك جلطة من سمه.
لكن ثعابين أهل الدنيا وجلطاتهم تجعلك حياً, وأنت ميت القلب.
المشكلة أن هذه الثعابين عندها القدرة على التشكل والظهور بمظهر الآدميين واختراق غيرهم.
هذه الثعابين أحد مهامها نقل نوع من أنواع استعمار النفس عن طريق اللدغ,
كيف؟ تأتي لإنسان ما مسالم, فتلدغه لدغة, لا ينتبه لها, فينتقل منها جزء لا يراه هو, تسيطر به الحية عليه على قدر اللدغة وعلى قدر تحمله, ومقاومته.
ثم ماذا؟
ثم يخرج هذا الإنسان المسالم وأنت تثق فيه فيقول كلاماً يفلت منه تفلتاً شديداً, وكأن الشيطان قد تلبسه,
ويظن أن ما يقوله من الفتوح ومن الحقائق, يهدي به أقواماً ويصحح صورة الإسلام والمسلمين, فيفتن الناس, وما لهم لا يفتنون فما خرج هذا الكلام إلا من ثقة من الأعلام.
مرة وراء مرة وفلتة وراء فلتة يصبح هذا الملدوغ من الخطورة بمكان ويحجز له الشيطان أحد الألوية أو أحد الكراسي.
ألوية وكراسي؟
نعم
ألوية الشيطان والدجال, وكراسي قصتهما في مسرح الحياة, فيجلسهم على:
كرسي الخيانة كرسي الحسرة كرسي الخيبة
كرسي الخسران: (أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المجادلة 19)
كرسي الخذلان: (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) (الفرقان 29)
كرسي الأذى كرسي الشتات كرسي الضياع كرسي التلبيس كرسي الخداع والتمويه
كرسي مزج الحق بباطل كرسي التخليط: (وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ) (التوبة 48)
كرسي المداهنة: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (القلم 9)
كرسي التسويل: (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) (محمد 25)
كرسي الإملاء كرسي الزلل والاستزلال: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا) (البقرة 36) , (اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ) (آل عمران 155)
كرسي الإيعاد كرسي التخبط وهو مسرور بما يحدث له كرسي الخوف كرسي مؤاخاة الشيطان: (وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا) (النساء 38)
كرسي الضلال والإضلال كرسي الكيد كرسي الغرور كرسي الرجس وكرسي الرجز كرسي إيقاع العداوة والبغضاء كرسي الإنساء كرسي الوسوسة كرسي الفتنة والافتتان
كرسي اتباع الانسلاخ كرسي النزغ كرسي التطواف للأذى كرسي التزيين كرسي مصاحبة الكاذبين كرسي البعد عن الاستعاذة كرسي العصيان كرسي الأمر بالفحشاء والمنكر كرسي العداوة والإضلال كرسي الدعوة إلى عذاب السعير كرسي المس
كرسي الحزن: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) (المجادلة 10)
كرسي الاستحواذ: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ) (المجادلة 19)
كرسي التبرؤ بعد الوقوع في الذنب: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) (الحشر 16)
كرسي تقليل الكثير الطيب كرسي تكثير القليل الخبيث
وكل كرسي من هذه الكراسي له شكل ومنظر وله عديد من الألوان, أسود وأزرق .. ونقاعة الحناء ... وغيرها من ألوان.
هذا الملدوغ, لم يصبح مسكيناً فقط, , بل أصبح فرداً عاملاً في مخطط هدم العالم كله, وإقامة عرش الدجال.
الملدوغ لا يعلم أنه ملدوغ إلا في الحالات المتأخرة, الملدوغ يظن أنه من القوة بحيث إنه حامي الحمى, وعليه تنزل الرحمات, وعلى يده تجديد الدين, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأنتم سمعتم في زمننا هذا فتاوى وكلاماً في الدين لا غرض منه إلا هدم الدين, فانظر إلى القائل وقوله, وافهم هل هو صاحب لواء ودعوة, أم هو من أصحاب الكراسي, وما هو الكرسي الذي أقعده عليه الشيطان والدجال: كرسي الخيبة, كرسي الخذلان, كرسي الخيانة .... وهكذا.
وقد حدثناك عن الحجب والأخطاء والزلات فهذا الجزء اعتبره تحت أصحاب الفتنة الثالثة, وبرزخ بين أصحاب الفتنة الثالثة والفتنة الرابعة, فأخطر الخطر أن يأتي ما لا تحتسب ممن جمع بين فقه وزهد وتصوف.
وأخيراً أختم هذا الجزء بالرجوع مرة أخرى للفقيه والفقير, ونقصد هنا الفقير لله تعالى, والفقيه المقصود هنا من اهتم بعلم الظاهر ولم يهتم بعلم الباطن, فما له كثير نصيب من اسم الله: الباطن, مع التنويه أن الفقيه على الحقيقة هو من فقه عن ربه, وهم أصحاب الفقه الباطن والظاهر, وليسوا أصحاب الكتب.
فالعلماء منهم العالم الرباني, وعالم على حق من أصحاب الموازين, وعالم فقيه مجتهد مفت, وعالم مصيب متلمس,
ثم عالم السوء وهم من كانوا على ضلالة, فمنهم عالم مجند جنده الشيطان درى أو لم يدر، عالم ضال، عالم على غير هدى, عالم جاهل، عالم فاسق, عالم يساعد الشيطان دون أن يدري, عالم كثير الزلل, عالم يحكم بالهوى. العلماء الصالحون كما ذكرنا ورثة الأنبياء, مأجورون في اجتهادهم أصابوا أم أخطأوا, فهم ليسوا بمعصومين, فلا نأخذ بالشاذ من أقوالهم, ولا الزلل من آرائهم, أما الخوف فمن أهل التخليط, والكل يُخشي عليه،
فأسيادنا العلماء على ثغر عظيم من ثغور الإسلام, فإن الشيطان يحاربهم حرباً ضروساً, الكل يُخاف عليه, وكيف لا وقد كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَهْلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ قَالَ: (نعم) إِنَّ الْقُلُوبَ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا».
يُقصد بالفقير الذي يرى كم هو فقير محتاج إلى ربه في كل شيء وأدق الأمور، ويرى ذلك عياناً, فمن ذا الذي يجري الدم في عروقه, ومن الذى يأتي بالروح ويذهب بها, ومن ذا الذي قذف الإيمان في قلبه, ومن ذا الذي أحاط به وبكل من حوله, فمازال ينظر في الملكوت يرى أنه لا إله إلا الله, وما نحن إلا أقلام القدرة.
أما الفقهاء فمنهم الورعون ومنهم فقهاء السوء, وكلما زادت الفتن قل فقهاء الخير الورعون وزاد فقهاء السوء.
آفة الفقيه الورع أن يحجبه عقله ويأنس بعلمه وورعه ولا يرد النعم إلى المنعم.
وآفة الفقيه السوء تسلط شهواته النفسية عليه.
وأما الفقيه على الحقيقة فهو من فقه عن ربه,
ومن لم يستطع الفقه عن ربه فقه من الدليل, فكان في إيمانه شيء راجع إلى تعدد الأدلة, فكلما ظهر له دليل, أو وجه من دليل غير كلامه,
هذا هو فقيه علم الظاهر, فإن لم يتعلم ويجلس بين يدي فقيه العلم الباطن كان هذا الفقيه محل ابتلاء, وخاصة إن حكم في الدماء والأعراض والأموال, فهو يرى الخلق في احتياج إليه, ويرى نفسه حاكماً عليهم, فينسى أن العارية مؤداة (العارية من الاستعارة) فيرى في نفسه العلو, وفي الناس السفل, ومن كثرة ما يرى من أهل الفجور والخصام والشجار, ينظر إلى كل من يأتي إليه بنوع توجس, ويراه أنه غالباً متهم من أصحاب الجنايات.
الهاء هي آخر حرف من حروف كلمة الفقيه, والهاء لها الإحاطة كما قدمنا في كتابنا شرح دعاء سورة يس, ولها من الأرقام رقم (5) وتعني الكف, فهي لها الإحاطة والكف, كما كان يقول العوام أيام الأجداد, (كانوا يقولون خمسة وخميسة).
الفقيه عندما يُحجب يرى أنه يحيط بالفقه والعلوم والمراد الإلهي, يرى أنه ليس في الدنيا مثله. أضف إلى ذلك أنه من كثرة ما يقول الفقيه: الحكم الشرعي كذا, وكذا, يظن أن الولاية على الخلق انتقلت إليه, ونسي أنه عليه البلاغ فقط, إبلاغ الحكم, وأن الشريعة هي الحاكمة وليس هو الحاكم.
الفقيه إن لم ينتبه أنه مجتهد في حكم الله وأن حكمه قد يختلف عن حكم الله وينسى ما رواه بُرَيْدَة عَنْ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: «وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَمْ لَا».
الفقيه قد ينسى نفسه ويتذكر أقذار الخلق.
الفقيه قد ينسى نفسه ويتذكر احتياج الناس للعلم فيظن أنهم يحتاجونه هو, وينسى احتياجه هو لله.
يَتَبَسَّط الفقيه في الكلام لظنه أنه المخول وصاحب التصريح من الحضرة العالية بهداية الخلائق, فيتبسط في الكلام, ويتوسع حتى يقع في ما لا يصح قوله في جناب الله, وفي جناب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته, وهذا خطأ ممن يسمونهم الدعاة الجدد أو الفقهاء, فترى الواحد منهم يقولون منكراً من القول وزوراً وأنواعاً من قلة الأدب، فيقولون: خذوا عظة من النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كان رجلاً عجوزاً ومشي من مكة للمدينة, وأحدهم يقول: الرجل ده عمل كثيراً!!
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, من قال ذلك إما له لواء أو كرسي من كراسي الشيطان والدجال, وإما قد لدغته حية الدجال المحيطة بعرش إبليس فجندوه دون أن يدري, جندوه ليُسقِطَ دون أن يشعر قول الله عز وجل: (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (الفتح 9)
دخل هذا الفقيه وهذا الداعية ضمن منظومة الدجال في جزئية كيفية إسقاط الأدب تجاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , ومن ثم تتسلسل السلسلة, وتعظم الجرأة في الكلام على خير خلق الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته, وقد سمعتم أن واحداً ممن يشار إليهم بالبنان قال إنه ليس من حق النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أن يفتي!! أخطأ وزل في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الذي لا ينطق عن الهوى.
وقال آخر: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ليست له قدسية, والقدسية للقرآن فقط, مع أنهم إذا قابلوا بابا الفاتيكان خاطبوه بقولهم: قداسة البابا!!
مخطط خطير جداً
مخطط إسقاط الأمة المحمدية للأدب أصبح رأى العين, متحققاً على يد كثير من الفقهاء والدعاة, ولا أريد الاستفاضة وذكر الأمثلة, فإن أراد الله بالفقيه الذي نسي نفسه خيراً يريه عظمة معنى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) (الرحمن 46)

مقام الربوبية
فمن خاف حقوق اسم الرب, وتجلي اسم الرب
ومعنى أن الله تعالى جعله في مقام التربية كرب البيت وربة الأسرة, فإذا خاف هذا المقام وتبعاته كانت له جنتان, مقام التربية له جنة ومقام الخوف له جنة, فإن رأي وتفطن وشاهد هذا المقام تعلق بالتوبة وتعلق بآداب التربية, وكيف أن رب الأسرة يجب أن يكون رحيماً ودوداً.
وتعلق ومن شدة التعلق يتعلق بأول الكلمة: رب، راء، وباء
فمن أدرك قارباً وهو يغرق تعلق بأول جزء يمسك به, القارب هو الخوف من مقام الربوبية, وأول جزء يمسكه الفقيه هو أول كلمة "رب", وأول حرف كلمة رب هو حرف الراء, فينقلب من فقيه إلي فقير, فتبدل هاؤه الإحاطية إلى راء, فآخر ما وصل إليه من علم الظاهر: "لهاء" وهي آخر ما يتركه, فحب الجاه آخر ما يخرج من قلوب الصالحين, وتبدأ مراحل ترقيه في علوم الباطن, كان الشيخ علِيّ الخواص رضي الله عنه يقول: "إنما كان مشايخ القوم يجيبون تلامذتهم من قبورهم دون مشايخ الفقهاء في الفقه؛ لصدق الفقراء في اعتقادهم في أشياخهم دون الفقهاء, فلو صدق الفقيه لأجابه الإمام الشافعي رضي الله عنه، وخاطبه مشافهة".انتهى
الفقيه يبدأ مرحلة جديدة فيفهم كل ما عرفه من علوم الظاهر بعلوم الباطن الجديدة عليه, فيستفيد من غوامض العلم ما يشعره بلذة لا تعادلها لذة, فها هو قد فقه شيئاً عن ربه, فهم به المراد الإلهى, وعلى ما كان من الكلام باللسان النبوي الشريف, فيفهم الروايات والأحاديث بظاهر الألفاظ وباطن المعاني ويدري الفرق بين ما للاسم الظاهر وما للاسم الباطن, فعلوم الظاهر لها اسم وعلوم الباطن لها على الأقل تسعة وتسعون اسماً, ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: «رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالفُرَاتُ، وَأَمَّا البَاطِنَانِ: فَنَهَرَانِ فِي الجَنَّةِ».
فالظاهران من الدنيا, والباطنان من الجنة, فعلم فضل الباطن على الظاهر.
كان ما سبق من كتابة أنواع من أنواع الحجب هو ما تيسر على عجالة في كتابنا هذا, ونسأل الله العفو والعافية, وأن لا يجعل فينا ولا منا شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مقتراً عليه في الرزق سواء الرزق الباطني أو الظاهري, ونسأله التثبيت ورفع الحجب باللطف والسلامة مع التمكن والتمكين إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير, ولنكمل كتابة: على أعتاب الحضرة المحمدية, فكل جزئية فيه توضح ما قبلها وترتبط مع ما بعدها, والجزء المتبقي هو الجزء الخاص بالإسراء والمعراج, وما يتعلق بذلك من حضرات وبرازخ, ونسأل الله المدد والإمداد.
الفاتحة لحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم )
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)
[/font]

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: المخطط خطير جدا : خذ من كل إمام خيره, ولا تأخذ منه ما يؤ
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 06, 2021 9:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 46902
بارك الله فى نقلكم المبارك - اللهم صل وسلم وبارك على كامل النور

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: المخطط خطير جدا : خذ من كل إمام خيره, ولا تأخذ منه ما يؤ
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 07, 2021 1:43 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8042
حامد الديب كتب:
بارك الله فى نقلكم المبارك - اللهم صل وسلم وبارك على كامل النور

جمعا آمين بجاه الضمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 17 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط