إلى أين تتجه أسعار النفط في عام 2021؟
http://gate.ahram.org.eg/News/2545114.aspxبدأت أسعار النفط قوية في عام 2020، حيث كان متوسط سعر خام برنت عند 64 دولارا للبرميل في يناير، لكنها هوت بقوة خلال جائحة فيروس كورونا وحرب الأسعار لتصل إلى 9 دولارات للبرميل تقريبًا في شهر أبريل، في حين سقط خام غرب تكساس إلى سعر غير مسبوق على الإطلاق عند -37 دولار للبرميل، ومنذ بداية مايو بدأت الأسعار في التعافي التدريجي حتى بلغ متوسط أسعار برنت أكثر من 40 دولارا للبرميل بحلول يونيو واستمرت في هذا الاتجاه في الأشهر التي تلت ذلك، حتى وصلت أعلى مستوياتها في ثمانية شهر في نهاية شهر نوفمبر.
الإجماع العام بين المحللين وخبراء سوق تداول النفط هو أن الأسعار ستشهد بالفعل ارتفاعًا في عام 2021، حيث ستنخفض المخزونات فوق المتوسط مع تعافي الاقتصاد العالمي والطلب على النفط.
كان الدافع الرئيسي الآخر للزيادة الأخيرة في أسعار النفط هو الاتفاق على خفض سقف إنتاج أوبك ببطء في الربع الأول من عام 2021، فبدلاً من 2 مليون برميل يوميًا وافقت أوبك بلس على زيادة المعروض من النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميًا بدءًا من الشهر المقبل، أي أقل بكثير من حاجز مليوني برميل.
في نهاية شهر نوفمبر وصلت أسعار النفط الخام إلى أعلى مستوياتهاعند 47 دولارا منذ بداية شهر مارس، بعد أن أعلنت استرا زينكا ثالث شركة أدوية عن لقاحها لفيروس كورونا بعد شركة فايزر وشركة مودرنا، كما دعم الأسعار حالة اليقين بشأن الانتخابات الأمريكية بعدما أعطى الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"الضوء الأخضر لبدء إجراءات الانتقال السلمي للسلطة إلى الإدارة المنتخبة بقيادة "جو بايدن".
انهيار أسعار النفط
كانت آخر مرة تم فيها تداول الأسعار بالقرب من 47 دولارا للبرميل في بداية شهر مارس الماضيمتأثرة بضعف الطلب بسبب فيروس كورونا، حتى قبل انهيار تحالف أوبك بلس بعدما اختلفت المملكة العربية السعودية وروسيا على إدارة إمدادات النفط في ظل أزمة فيروس كورونا، لتتصاعد الخلافات بينهما وتدخل الأسواق في حرب أسعارالتي كانت عاملا أساسيا في انهيار الأسعار.
أدت جائحة فيروس كورونا إلى انخفاض كبير في الطلب العالمي على النفط، اعتبارًا من يناير 2020 فرضت العديد من الحكومات قيودًا على السفر وأغلقت الشركات لوقف تفشي الفيروس.
كانت أوبك وأعضاؤها ملتزمين باتفاق للحد من الإنتاج حتى 31 مارس 2020، وفي اجتماع أوبك 6 مارس أعلنت روسيا أنها لن تقيد الإنتاج مرة أخرى اعتبارًا من 1 أبريل، ردًا على ذلك أعلنت السعودية حرب الأسعار ورفعت مستويات انتاجها، الأمر الذي تسبب في تخمة المعروض في نفس الوقت الذي يعاني فيه السوق من أزمة كبيرة في معدلات الطلب.
مع امتلاء مرافق التخزين انخفضت الأسعار إلى المنطقة السلبية، لم يرغب أحد في تسليم النفط لأنه لم يكن هناك مكان لتخزينه، في أبريل هوي نفط خام برنت إلى حوالي 9 دولارات و- 37 دولارلخام غرب تكساس الوسيط، في 12 أبريل اتفقت أوبك وروسيا على خفض الإنتاج لدعم الأسعار بما أعاد الأسعار إلى النطاق الإيجابي.
لقاحات فيروس كورونا
أعلنت ثلاثة شركات أدوية عالمية خلال شهر نوفمبر أخبار إيجابية عن لقاحات لفيروس كورونا، في البداية كشفت شركة فايزر الأمريكية بالشراكة مع الشركة الألمانية بيونتك عن لقاحها الخاص الذي أثبت فاعلية تصل إلى 90%، تبعتها شركة مودرنا ثم شركة استرا زينيكا التي أعلنت كل منهما عن لقاح خاص بها، دفعت تلك الأخبار الإيجابية أسعار النفط إلى الارتفاع حيث تزايدت الآمال في التعافي السريع لمعدل الطلب العالمي.
منذ إعلان أول شركة (فايزر) عن لقاحها الفعال، تصدر قطاع الطاقة القطاعات الرابحة في السوق، حيث إنه كان الأكثر تضررًا خلال أزمة فيروس كورونا.
الدولار الأمريكي والإنفاق التحفيزي
يعتبر انخفاض الدولار الأمريكي على خلفية الانتعاش الاقتصادي العالمي والإنفاق التحفيزي المستمر في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعافي الاقتصادات الرئيسية الأخرى سببًا صعوديًا لأسعار النفط.
تجدد التفاؤل بشأن انتعاش الاقتصاد العالمي في عام 2021 بعد أنباء توزيع اللقاحات في الاقتصادات الكبرى خلال أسابيع قليلة، بما سيسمح للناس باستئناف حياتهم بطريقة طبيعية تدعم المزيد من الإنفاق الذي يقوده الاستهلاك والذي من شأنه أن يرفع أسعار النفط، بعدما أدى ظهور الوباء في وقت سابق من هذا العام إلى قيود السفر وانخفاض حاد في النشاط الاقتصادي مما تسبب في زيادة المعروض النفطي في السوق وجعل سعر السلعة بلا قيمة.
ومن جهة أخرى، عادةً ما يُنظر إلى الثقة العالية في التعافي الاقتصادي العالمي على أنه يؤدي إلى ضعف الدولار الأمريكي الذي انخفض بنحو 12٪ مقابل سلة من العملات الكبرى منذ شهر أبريل، بعدما وصل إلى ذروته في مارس بسبب هروب المستثمرين إلى العملة الاحتياطية كونها الملاذ الآمن في ظل التقلبات التي كانت تسود الأسواق.
أعلن البنك الاحتياطي الفيدرالي أنه سيبقي أسعار الفائدة منخفضة وسيواصل توفير التحفيز المطلوب لدعم الاقتصاد الأمريكي، ويعد تعيين الرئيس المنتخب "جو بايدن" لرئيسة الاحتياطي الفيدرالي السابقة "جانيت يلين" لمنصب وزيرة الخزانة بمثابة ورقة تأمين على الإنفاق التحفيزي، بما سيعزز النمو الاقتصادي الأسرع في الولايات المتحدة.
تفاؤل بالرغم من الموجة الثانية لفيروس كورونا
على الرغم من توسع الموجة الثانية لفيروس كورونا في أوروبا واجتياحها في أكبر مستهلك للنفط في العالم الولايات المتحدة، إلا أن هناك العديد من العوامل التي ساهمت في ارتفاع الأسعار في الأسابيع الأخيرة التي جعلت المستثمرين ومحللي سوق النفط أكثر تفاؤلاً لأسعار النفط في العام المقبل، ألا وهي:
أولًا: مخزونات النفط الأمريكية لا تزال عند أعلى من متوسط مستوياتها في خمس سنوات، على الرغم من انخفاضها عن ذروتها التي وصلت إليها خلال هذا العام، وذلك وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ثانيًا: ارتفاع مستويات الطلب على النفط من دول شرق آسيا بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة بما يشير إلى تعافي النمو الاقتصادي، وذلك يعطي سوق النفط دفعة بأن الطلب سيستمر في قوته في تلك المنطقة خلال عام 2021.
ثالثًا: تعزز آمال المستثمرين في وجود لقاح فعال يحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء لاستخدامه قبل نهاية العام، من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها قبل فيروس كورونا في العام القادم.
مخاطر هبوطية
وبالرغم من ذلك، إلا أن هناك احتمالية لأن يعاني السوق من العديد من المخاطر التي قد تؤثر سلبًا على أسعار النفط وتدفعه إلى الاتجاه الهبوطي، خاصة بعد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا وتفشي الموجة الثانية في الولايات المتحدة وأوروبا التي دفعت السلطات إلى فرض عمليات الإغلاق من جديد وتشديد التدابير الوقائية، بما سيكون له أثرسلبي على النشاط الاقتصادي والطلب على النقل على المدى القريب.
إن تزايد الشكوك حيال الطلب على النفط خلال الموجة الثانية ووتيرة تعافي الاقتصادات المتقدمة ستزيد من الضغط على الأسعار على الأقل في الأشهر الأولي من العام المقبل، قالت وكالة الطاقة الدولية إنه من المتوقع أن يبدأ ظهور تأثير اللقاح على معدل الطلب على النفط في النصف الثاني من عام 2021.