وهي أخبار لا تدل بالضرورة على صفات.
وقد اتفق علماء أهل السنّة والجماعة على تسميتها بالصفات الخبرية ،و ( الصفات الخبرية ) :هي الصفات التي وردت بها الأخبار من الكتاب والسنة الثابتة ، وهذه تدخل في المتشابهات لأنها توحي بالمشابهة أو الجارحة أو التغير والحدوث.
ومن ذلك :
( الوجه ) و ( النفس ) و ( العين ) و ( اليد ) و ( الأصابع ) و ( القدم ).
ومنها ما يوحي بالجلوس والاستقرار كالاستواء ، ومنها ما يوحي بالحركة والانتقال كالنزول والمجيء ، ومنها ما يوحي بالانفعال كالغضب والفرح والسرور والضحك.
وهذه في حقيقة الأمر أخبار تتضمن عند اثباتها على ظواهرها نقصاً يتنزه الله تعالى عنه.
وهذه نثبتها على الوجه الذي يحمل المتشابه على المحكم ، وعلى الوجه الذي يدل على الكمال ، مع تنزيه الله تعالى عن أوجه النقص فيها ، مع الاحتراس عن نفي ما أثبته الله تعالى.
ومثال ذلك ( الوجه ) اثباته على ظاهره قد يوحي بالجارحة والجزء من الله ، وهذا محال لأنّ الله تعالى أحد لا جزء له ، غني لا جارحة له ، قهار لا حد له ، متعال على النهاية فلا نهاية له ، فينبغي أنّ نسلك في ذلك طرق الراسخين في العلم ،وهي أحدى ثلاث طرق لا رابع لها :
( الطريق الأول ) إثبات الوجه على سبيل الصفة لا سبيل الجزء والجارحة.
( والطريق الثاني ) حمل الآية على المجاز المراد من الوجه وهو الذات.
( والطريق الثالث ) تفويض علمها إلى الله مع المنع من تفسيرها على ظاهرها ( الذي هو الجزء من الذات ) مع تنزيه الله تعالى عن النقص ، مع الحذر - كل الحذر - من إثبات الوجه على أنه جزء من الذات ، فهذا تشبيه ، وخروج عن إطار أهل السنّة إلى المشبهة ، لما فيه من محاذير اثبات للحد والنهاية ، واثبات للجزء والبعض والجارحة ، والله تعالى أحد صمد منزه عن الجزء والجارحة ومنزه عن الحد والنهاية.
ومثال الصفات الخبرية أيضا ( الاستواء ) فإنه إثبات لصفة خبرية ( جاء بها الخبر ) ولكن اثباتها على ظاهرها قد يوحي بالحد والنهاية لذات الله ، وهذا وصف لذات الله تعالى بالنقص ، لأنّ الحد يعني النهاية والله تعالى منزه عن النهاية لأنها سمة المخلوق المحدود.
وكذلك فإنّ عقيدة المسلمين أنّ الله تعالى أكبر من كل شيء ، وهو أكبر من الحدود ، وكل محدود فإنه يجوز أن يكون ما هو أكبر منه ، والله أكبر من كل تصور فوجب أن يكون منزها عن الحدود ، كما أنّه الواحد القهار الذي قهر الحدود ، وهو الكبير المتعال الذي تعالى عن النهايات ، فإثبات الاستواء على معناه الظاهر ( الجلوس ) ، قد يوحي بالمقابلة أو المحايثة بين الخالق والمخلوق وبين الرب والعرش المربوب ، وهذا محال لأنّ الله تعالى قهار لا حد له ، متعال على النهاية فلا نهاية له ، فينبغي أنّ نسلك في ذلك طرق الراسخين في العلم ، وهي أحدى ثلاث طرق لا رابع لها.
إما اثبات الاستواء على سبيل الصفة لا سبيل الجلوس والاستقرار ، وإما حمل الآية على المجاز المراد من الاستواء وهو علو الهيمنة والربوبية والتدبير ، وإما تفويض علمه إلى الله ، ( استواء على مراد الله ومراد رسول الله ) مع المنع من تفسيره على ظاهره ( الذي هو الاستقرار والجلوس على العرش ) مع تنزيه الله تعالى عن النقص المتمثل في الحد والنهاية والتكييف كجلوس الملك على كرسي عرشه.
مع الحذر من اثبات الاستواء على أته الجلوس ، فهذا تشبيه ، وخروج عن إطار أهل السنّة إلى المشبهة ، ومع الحذر من نفي ( الاستواء ) كأن يقول : ليس للرحمن صفة الاستواء على العرش ، فهذا تعطيل وخروج عن إطار أهل السنّة إلى الاعتزال.