موقع د. محمود صبيح

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آل بيته الأخيار الأطهار و على الصحب و التابعين إلى يوم الدين

الأخوة الأحباب في الفترة الأخيرة انتشر بين الشباب كتاب The Secret و التسجيل المرئي له

و كعادة هذه العلوم الواردة علينا من الغرب أو من الشرق فقد أخذ الناس في الكلام حولها و عنها كثيرا جدا من مؤيد أعمى لمعارض أصم

ثم و كعادة العادات تبدأ تظهر الفتاوى الوهابية الجاهلة و التي تتهم الناس بالشرك و الكفر بسبب هذه العلوم

و الحقيقة أنا هنا أود أن أناقش معكم هذه القضية من ناحية أخرى تماما

من ناحية ( هل نحن بحاجة لهذا أم لا؟)

أولا عما يدور هذا الكتاب أو هذا المنهج؟

إنه يدور حول ما يسمى (قانون الجذب)

هذا القانون باختصار يتناول فكرة أن ما تفكر فيه بصدق و يقين يحدث لك

أن كل الحوادث التي حصلت لك هي نتاج فكرك السابق لها

و لقد بدأت الكتابات في هذا الموضوع منذ حوالي مائة عام أو أكثر بكتاب (Science of getting rich) و هو كتاب جميل جدا و موجود على النت مجانا

يتكلم فيه مؤلفه أن التفكير الإيجابي يؤدي إلى موجات أو ما شابه عقلية تجعل الكون كله يسعى لتنفيذ ما تفكر فيه

و الحقيقة هذا الكلام جميل جدا ، و بالنسبة لأهل الغرب اكتشاف حقيقي مذهل كان يفترض بنا أن نكون قد طبقناه منذ زمن..و لكن لا بأس فالحكمة ضالة المؤمن

أين المشكلة إذن؟؟؟

المشكلة ليست أن القانون يعمل أم لا ..فهو بالفعل يعمل ليس بسبب تفكيرنا الإيجابي ( فهذه سذاجة غير عادية) و لكن لأن الله سخر لنا الكون ..لأن الله أذن له بأن يروض لنا

القصة بمنتهى البساطة قالها الشيخ الشعراوي رحمه الله من قبل

الله سخر الفيل لنا..فمع الأخذ بأسباب التسخير – أي الترويض لسنين – تجد الفيل يسير بمنتهى الطاعة خلف طفل لا يبلغ معشار حجمه!!!

الجهل هنا في الظن أن الترويض هو السبب في التسخير

بل العكس

التسخير هو السبب في قابلية الترويض

و إلا فلتروض ناموسة لو تقدر!!!

اجلس فكر سنينا بإيجابية و تأمل في الكهوف و مارس كل تمارين الطاقة في الصين و الهند و لن تطيعك ناموسة!!!

من هنا أقف معكم سادتي

فقانون الجذب جميل لأنه تطبيق لسنة الله في الأرض بشكل عملي..و هو بكل تأكيد نقلة لمحترفي اليأس و القنوط من رحمة الله

و لكن المشكلة الحقيقة في الهدف

ترى بأي شيء يربطك قانون الجذب؟؟

إنه يربطك بالدنيا أكثر و أكثر ، خاصة مع إطاعة الدنيا لك

هذا قانون يفتح قلبك على الدنيا ، فهل قلبك مستعد؟؟؟ هذا أولا

ثانيا : هل الدنيا مطلوبة أصلا في ذاتها؟؟؟

إن كانت لا تسوى عند الله جناح بعوضة فهل نعمل فكرنا من أجل ترويض هذا الجناح و نقضي فيه سنينا و نصرف الآلاف على تعلمه و ممارسته!!!!

أهذا عقل!!!

فماذا إذن البديل

البديل أوضحه بشكل رمزي

هب أن شخصا وجد كلبا و روضه ..و مع الوقت صار هذا الكلب طوع الرجل تماما..يأمره فيطيع..يحرس..يلاعبه..يسليه...

هنا انشغل الشخص بالكلب و ملأ قلبه

و شخص آخر روض الكلب لا لشئ إلا لأنه مأمور بهذا

ثم تركه
فهذا الكلب يأتي على باب الشخص و يخربش عليه و صاحبنا لا يفتح له

فيلزم الكلب باب صاحبه و الرجل أصلا لا يفكر فيه..لا يفتح له بابه أبدا

هذا الرجل الآخر هو نموذج أهل الله

إذ الدنيا تأتيهم مرغمة فلا يعطونها (نفس حلو)

هم انشغلوا بالله فسخر الله لهم الدنيا كلها ظاهرها و باطنها ..فلم يبعدهم هذا عن المعطي

هم منجذبون لله
بل حتى عبروا مرحلة العبادة من أجل جائزة الله تعالى في الآخرة حتى وصلوا إلى العبادة لله و بالله


و آخرون منجذبون للدنيا


لاحظوا الفارق شخص قصارى جهده الدنيا

هذا بالتأكيد أقل بكثير ممن قصارى جهده الجنة...الفارق بينهما هو المتمثل في الفرق بين أي رقم و بين الخلود!!!

و لكن ليست هذه آخر المراحل بل بعدها مرحلة من قصارى جهده لله فقط لا لشيئ آخر..لأنه أهل للعبادة

هل لاحظتم مقصدي؟

سمعت جمله عجبتني كثير

لو علم الناس ان كل شيء من عند الله لرؤا كل قبيح جميل

_________________
MAN LA ADAB LAHOW LA 3ELM 3ENDHOW.

قال تعالى :

" يا ابن آدم خلقتك لى و خلقت الاشياء من أجلك فلا تشتغل بما هو لك عما أنت له "

[poet font="Simplified Arabic,4,green,normal,normal" bkcolor="white" bkimage="" border="double,10,green" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
تجري عليك صروفه = وهموم سرك مطرقة
[/poet]

عودة بعد غيبة

لعل الله يمن علينا و يجمعنا في كنف الحبيب صلى الله عليه و سلم

عزيزي الحفيد : ما كتبته هو في الحقيقة باب كبير..يتعدى قانون الجذب هذا بمرااااااااااحل

سمعت أحد مشايخنا الأحباب يحكي عن شيخه و كيف أنه كان يسلم كل ما يأتيه من صروف الأقدار بمزحة و نكتة جميلة، فتراه يقول ( كله منه ، و أنا مالي هيه)

هذا نظر مختلف و فهم مختلف و تقدير مختلف للأمور ربنا يوصلنا ليه

أخي طالب العلم : جئت أنت ببيت القصيد، و هذا هو مفتتح كلامي اليوم

فقانون الجذب كما قلنا يفتح الدنيا عليك و يفتح قلبك على الدنيا

هو قانون يعمل حتما

و لكن السؤال هو ( هل قلبك مستعد و قادر على عدم الإفتتان بالدنيا؟؟)

كيف و هو قائم أصلا على هذا الإفتتان بشكل أو بآخر!!

ومما يتم تعليمه في هذه الدورات أن تستمع لنفسك و تعطيها أذنك

و الحقيقة أنا لا أجد مشكلة في هذا الأمر إلا شيئا واحدا

ترى أي نفس هي التي نستمع إليها؟؟؟

أهي النفس الأمارة أم اللوامة أم المطمئنة أم الراضية أم المرضية أم الملهمة!!!!!

وقفت علوم الشرق و الغرب كلها عند باب النفس الأمارة في زمننا هذا

و الناظر في علوم البوذية يجد أن أصلها كان ترقيات في مراحل النفس و لكنها شوهت ووقفت عند معجزات البدايات حتى صارت هي النهايات!