بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله أجمعين ... وبعد
الأخ الفاضل /خادم الرسول الكريم ... اعتذر عن تأخرى فى الرد والمشاركة .. وأقول لك :
أعانك الله يا أخى الحبيب على التحاور مع عقليات لا ترى سعة الدين الحنيف .. وتريد الأمور كلها ( one way )
أخى الحبيب ... هناك قواعد وأصول وثوابت .. وضعها واتفق عليها علماء الأمة ... المشهود لهم بالعلم والعمل والولاية .
من هذه الثوابت ... والقواعد المشهورة أنه ( لا ينكر على المختلف فيه , ولكن ينكر على المجمع عليه ) وهذه القاعدة ذكرها العلامة الولى الجلال السيوطى فى كتابه " الأشباه والنظائر "
ومن هذه الثوابت ... والقواعد المشهورة أيضا ... أن الروايات التى فى إسنادها ضعف يعمل بها فى الفضائل .. وقد قرر ذلك .. وذكره علماء الحديث الجهابذة .. منهم :
أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدى وابن الصلاح ... انظر ماذا قال فى مقدمته .. التى هى العمدة والمرجع عند أهل الحديث ...
قال رحمه الله (1/19) النوع الثاني والعشرون : معرفة المقلوب :
( يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد، ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة ، من غير الحلال والحرام وغيرهما. وذلك كالمواعظ ، والقصص ، وفضائل الأعمال ، وسائر فنون الترغيب والترهيب ، وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد , ومن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك : عبد الرحن بن مهدي , وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما ) . انتهى
وتابعه فى ذلك كل من ابن كثير فى الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث (1/10) , والعلامة الشريف الجرجانى فى المختصر في أصول الحديث (1/2) الفصل الثالث في الضعيف .. وقال :
( هو ما لا يجتمع فيه شروط الصحيح والحسن ، وتتفاوت درجاته في الضعف بحسب بُعده من شروط الصحة ، ويجوز عند العلماء التساهل في أسانيد الضعيف دون الموضوع من غير بيان ضعفه في المواعظ والقَصَص وفضائل الأعمال لا في صفات اللَّه تعالى وأحكام الحلال والحرام ) انتهى .
وهو مذهب الحفاظ والمحدثين أمثال العلائى وابن حجر والبيهقى وغيرهم .
وللفائدة .. يا أخى الحبيب .. اعلم أن قول العلامة الولى النووى فى المجموع (2/66) : ( وأما حكيم بن حزام بالزاى فهو أبو خالد حكيم بن حزام بن خويلد بن اسد بن عبد العزى أسلم يوم الفتح وكان ولد في جوف الكعبة ولم يصح أن غيره ولد في الكعبة وعاش مائة وعشرين سنة ستين في الجاهلية وستين في الاسلام ) فنفيه الصحة فى قوله (ولم يصح أن غيره ولد في الكعبة ) .. لا يعنى الوضع ... أو يقتضى الترك والطرح .
واعلم يا أخى .. أن قول العلماء : ليس له إسناد , أو لايصح , أو لايثبت هذا الحديث , ليس حكما عليه بالوضع أو الضعف ..
اسمع ما قاله علامة الهند ومحدثها محمد بن عبد الحى اللكنوى فى كتابه الرائع ( الرفع والتكميل فى الجرح والتعديل – ص191 وما بعدها قال :
( إيقاظ –6- فى أن نفى الصحة والثبوت لايلزم منه الحكم بالضعف أو الوضع . كثيرا ما يقولون : لايصح , ولا يثبت هذا الحديث . ويظن منه من لا علم له أنه موضوع أو ضعيف . وهومبنى على جهله بمصطلحاتهم , وعدم وقوفه على مصرحاتهم . فقد قال على القارى فى تذكرة الموضوعات " لايلزم من عدم الثبوت وجود الوضع " وقال فى موضع آخر " لايلزم من عدم صحته وضعه " .
وقال الحافظ ابن حجر فى تخريج أحاديث الأذكار المسمى بنتائج الأفكار " ثبت عن أحمد بن حنبل أنه قال : لاأعلم فى التسمية أى فى الوضوء حديثا ثابتا . قلت – القائل ابن حجر – لايلزم من نفى العلم ثبوت العدم , وعلى التنزل : لايلزم من نفى الثبوت ثبوت الضعف ,لاحتمال أن يراد بالثبوت الصحة , فلا ينتفى الحسن , وعلى التنزل : لايلزم من نفى الثبوت عن كل فرد نفيه عن المجموع" .
وقال نور الدين السمهودى فى جواهر العقدين فى فضل الشرفين " قلت : لايلزم من قول أحمد فى حديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء ( لايصح ) أن يكون باطلا , فقد يكون غير صحيح وهو صالح للاحتجاج به , إذ الحسن رتبة بين الصحيح والضعيف" .
وقال الزركشى فى نكته على ابن الصلاح " بين قولنا : موضوع , وبين قولنا : لايصح بون كثير , فإن الأول إثبات الكذب الاختلاق , والثانى إخبار عن عدم الثبوت , ولايلزم منه إثبات العدم , وهذا يجئ فى كل حديث قال فيه ابن الجوزى ( لايصح ) ونحوه" .
وقال أيضا " لايلزم منه أن يكون موضوعا , فإن الثابت يشمل الصحيح والضعيف دونه " .
وقال الحافظ ابن حجر فى القول المسدد فى الذب عن مسند أحمد , فى بحث حديث عموم مغفرة الحجاج " لايلزم من كون الحديث لم يصح أن يكون موضوعا " . انتهى كلام اللكنوى بلفظه فهؤلاء .. يا أخى .. هم سلف الأمة .. وعلماؤها .. فالزم ركبهم تسلم بإذن الله .
وصل اللهم على سيدنا ومولانا رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين وسلم , وعظم وشرف وكرم .
|