- قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (15 / 29 ، 30) : [قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} ظَاهِرُهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شُعَيْبًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ كَانُوا عَلَى مِلَّةِ قَوْمِهِمْ؛ لِقَوْلِهِمْ: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} وَلِقَوْلِ شُعَيْبٍ: (أنَعُودُ فِيهَا {أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} وَلِقَوْلِهِ: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِيهَا. وَلِقَوْلِهِ: {بَعْدَ إذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا} . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَنْجَاهُمْ مِنْهَا بَعْدَ التَّلَوُّثِ بِهَا؛ وَلِقَوْلِهِ: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى قَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ} وَلِأَنَّهُ هُوَ الْمُحَاوِرُ لَهُ بِقَوْلِهِ: {أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} إلَى آخِرِهَا وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُ وَمِثْلُ هَذَا فِي سُورَةِ إبْرَاهِيمَ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} الْآيَةُ. هَذَا تَفْسِيرُ آيَاتٍ أَشْكَلَتْ حَتَّى لَا يُوجَدَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ إلَّا مَا هُوَ خَطَأٌ فِيهَا،وَمِنْهَا قَوْلُهُ: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا} الْآيَةُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا. التَّحْقِيقُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يَصْطَفِي لِرِسَالَتِهِ مَنْ كَانَ خِيَارَ قَوْمِهِ حَتَّى فِي النَّسَبِ كَمَا فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ. وَمَنْ نَشَأَ بَيْنَ قَوْمٍ مُشْرِكِينَ جُهَّالٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَقْصٌ إذَا كَانَ عَلَى مِثْلِ دِينِهِمْ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَفِعْلِ مَا يَعْرِفُونَ وُجُوبَهُ وَتَرْكِ مَا يَعْرِفُونَ قُبْحَهُ.]اهـ
قلت وبالله التوفيق :
أما عن رمي نبي من أنبياء الله عليهم السلام بالكفر - وحاشاهم من ذلك - فهو خير دليل لمن لديه مسكة من عقل عن مدى منهجية وعلم وعقل هذا الشخص المشتهر بابن تيمية.ولا يحتاج الأمر لمزيد بيان أو تمحل أعذار لأمثاله.
فأين من ينتصر لمثل هذا الشخص وتنتفخ أوداجه دفاعاً عنه من الغضب لنبي الله سيدنا شعيب عليه السلام ؟!!!!
كلام ابن تيمية في حق نبي الله شعيب عليه السلام يؤصل في نفس قارئه الاستهانة والاستخفاف بمنصب النبوة ، ويرسخ في الأذهان تصورات تدعم ما انبني عليه قبيح قوله هو ومن تابعه من الخوارج في مسألة التوسل بالأنبياء والصالحين.
فقد افتتح ابن تيمية المسألة بقوله هذا وتلقف هذا المنهج القبيح من تابعه إلى أن وصل الأمر بخوارج عصرنا من الوهابية بقولهم عن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بأنه - وعياذاً بالله من قولهم هذا - "طارش" وتعني بلغة أهل نجد من يرسل بالبريد ، وفي هذا القول ما فيه مما لا يخفى.
ما عليه أئمة الأمة وجماهيرها من خلفهم خلاف ما قال به ابن تيمية وتلقفه من بعده من تابعه من الخوارج.
ومن ذلك ما يلي :
- قال السمعاني في تفسيره (2 / 198) : [{قد افترينا على الله كذبا إِن عدنا فِي ملتكم بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا} فَإِن قيل: كَيفَ يَصح لفظ الْعود من شُعَيْب، وَلم يكن على ملتهم قطّ؟ قيل مَعْنَاهُ: إِن صرنا فِي ملتكم، وَعَاد بِمَعْنى صَار وَكَانَ.]اهـ
- قال البغوي في تفسيره "معالم التنزيل" (2 / 215) : [فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا، وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها، وَلَمْ يَكُنْ شُعَيْبٌ قَطُّ عَلَى مِلَّتِهِمْ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُمْ تَرْجِعُ إِلَى مِلَّتِنَا؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَوْ لَتَدْخُلَنَّ فِي مِلَّتِنَا، فَقَالَ: وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَدْخُلَ فِيهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنْ صِرْنَا فِي مِلَّتِكُمْ. وَمَعْنَى عَادَ: صَارَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ قَوْمَ شُعَيْبٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا فَآمَنُوا فأجاب شعيب عنهم.]اهـ
- قال ابن الجوزي في تفسيره "زاد المسير" (2/ 138) : [فان قيل: كيف قالوا: «لتعودن» ، وشعيب لم يكن في كفر قطّ، فيعود إليه؟ففيه جوابان: أحدهما: أنهم لما جمعوا في الخطاب معه من كان كافراً، ثم آمن، خاطبوا شعيباً بخطاب أتباعه، وغلَّبوا لفظهم على لفظه، لكثرتهم، وانفراده. والثاني: أن المعنى: لتصيرُنّ إلى ملتنا فوقع العَود على معنى الابتداء، كما يقال: قد عاد عليَّ من فلان مكروه، أي: قد لحقني منه ذلك وإن لم يكن سبق منه مكروه.]اهـ
- قال الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (14 / 316) : [وَإِمَّا أَنْ تَعُودَ إِلَى مِلَّتِنَا وَالْإِشْكَالُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُمْ: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِمُ الَّتِي هِيَ الْكُفْرُ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ كَافِرًا قَبْلَ ذَلِكَ وَذَلِكَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَقَوْلُهُ: قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ أَتْبَاعَ شُعَيْبٍ كَانُوا قَبْلَ دُخُولِهِمْ فِي دِينِهِ كُفَّارًا فَخَاطَبُوا شُعَيْبًا بِخِطَابِ أَتْبَاعِهِ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ أَحْكَامَهُمْ. الثَّانِي: أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ قَالُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّلْبِيسِ عَلَى الْعَوَامِّ يُوهِمُونَ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ وَأَنَّ شُعَيْبًا ذَكَرَ جَوَابَهُ عَلَى وَفْقِ ذَلِكَ الْإِيهَامِ. الثَّالِثُ: أَنَّ شُعَيْبًا فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ كَانَ يُخْفِي دِينَهُ وَمَذْهَبَهُ، فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ. الرَّابِعُ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ شُعَيْبًا كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِمْ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى نَسَخَ تِلْكَ الشَّرِيعَةِ بِالْوَحْيِ الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْهِ. الْخَامِسُ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا أَيْ لَتَصِيرُنَّ إِلَى مِلَّتِنَا فَوَقَعَ الْعَوْدُ بِمَعْنَى الِابْتِدَاءِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: قَدْ عَادَ إِلَيَّ مِنْ فُلَانٍ مَكْرُوهٌ يُرِيدُونَ قَدْ صَارَ إِلَيَّ مِنْهُ الْمَكْرُوهُ ابْتِدَاءً.]اهـ
- قال القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (7 / 250) : [وَمَعْنَى" أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا" أَيْ لَتَصِيرُنَّ إِلَى مِلَّتِنَاوَقِيلَ: كَانَ أَتْبَاعُ شُعَيْبٍ قَبْلَ الْإِيمَانِ بِهِ عَلَى الْكُفْرِ أَيْ لَتَعُودُنَّ إِلَيْنَا كَمَا كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَوْدُ بِمَعْنَى الِابْتِدَاءِ، يُقَالُ: عَادَ إِلَيَّ مِنْ فُلَانٍ مَكْرُوهٌ، أَيْ صَارَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَهُ مَكْرُوهٌ قَبْلَ ذَلِكَ، أَيْ لَحِقَنِي ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ: (أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) أَيْ وَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ تَجْبُرُونَنَا عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْوَطَنِ أَوِ الْعَوْدِ فِي مِلَّتِكُمْ. أَيْ إِنْ فَعَلْتُمْ هَذَا أَتَيْتُمْ عَظِيمًا. (قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها) إِيَاسٌ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى مِلَّتِهِمْ.]اهـ
- قال البيضاوي في تفسيره "أنوار التنزيل" (3/40) : [(قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا) أي ليكونن أحد الأمرين إما إخراجكم من القرية أو عودكم في الكفر وشعيب (صلى الله عليه وسلم) لم يكن في ملتهم قط لأن الأنبياء لا يجوز عليهم الكفر مطلقاً لكن غلبوا الجماعة على الواحد فخوطب هو وقومه بخطابهم وعلى ذلك أجرى الجواب في قوله (قال أولو كنا كارهين) أي كيف نعود فيها ونحن كارهون لها أو أتعيدوننا في حال كراهتنا.]اهـ
- قال النسفي في تفسيره "مدارك التنزيل" (1/ 586) : [فإن قلت كيف قال شعيب إِنْ عُدْنَا فِى مِلَّتِكُمْ والكفر على الأنبياء عليهم السلام محال قلت أراد هود قومه إلا أنه نظم نفسه في جملتهم وإن كان بريئاً من ذلك إجراء لكلامه على حكم التغليب.]اهـ
- قال ابن جزي في تفسيره "التسهيل لعلوم التنزيل" (1/295) : [فإن قيل: إن العود إلى الشيء يقتضي أنه قد كان فعل قبل ذلك فيقتضي قولهم: لتعودن في ملتنا أن شعيبا ومن كان معه كانوا أولا على ملة قومهم، ثم خرجوا منها فطلب قومهم أن يعودوا إليها وذلك محال، فإن الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة وبعدهافالجواب من وجهين: أحدهما قاله ابن عطية وهو أن عاد قد تكون بمعنى صار، فلا يقتضي تقدم ذلك الحال الذي صار إليه، والثاني: قاله الزمخشري وهو أن المراد بذلك الذين آمنوا بشعيب دون شعيب، وإنما أدخلوه في الخطاب معهم بذلك كما أدخلوه في الخطاب معهم في قولهم: لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك، فغلبوا في الخطاب بالعود الجماعة على الواحد.]اهـ
- قال الخازن في تفسيره "لباب التنزيل" (2/262) :[ وهذا فيه إشكال وهو أن شعيباً عليه الصلاة والسلام لم يكن قط على ملتهم حتى يرجع إلى ما كان عليه فما معنى قوله أو لتعودن في ملتنا وأجيب عن هذا الإشكال بأن اتباع شعيب كانوا قبل الإيمان به على ملة أولئك الكفار فخاطبوا شعيبا وأتباعه جميعاً فدخل هو في الخطاب وإن لم يكن على ملتهم وهذا فيه إشكال وهو أن شعيباً عليه الصلاة والسلام لم يكن قط على ملتهم حتى يرجع إلى ما كان عليه فما معنى قوله أو لتعودن في ملتنا وأجيب عن هذا الإشكال بأن اتباع شعيب كانوا قبل الإيمان به على ملة أولئك الكفار فخاطبوا شعيبا وأتباعه جميعاً فدخل هو في الخطاب وإن لم يكن على ملتهم قط.]اهـ
- قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره "البحر المحيط" (5/112) : [وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شُعَيْبًا كَانَ فِي مِلَّتِهِمْ وَعَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي يُشْكَلُ لِأَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يَكُنْ فِي مِلَّتِهِمْ قَطُّلَكِنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَانُوا فِيهَا، وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِوُجُوهٍ.
أَحَدِهَا: أَنْ يُرَادَ بِعَوْدِ شُعَيْبٍ فِي الْمِلَّةِ حَالُ سُكُوتِهِ عَنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يبعث لإحالة الضَّلَالِ فَإِنَّهُ كَانَ يُخْفِي دِينَهُ إِلَى أَنْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ لَمَّا عَطَفُوا أَتْبَاعَهُ عَلَى ضَمِيرِهِ فِي الْإِخْرَاجِ سَحَبُوا عَلَيْهِ حُكْمَهُمْ فِي الْعَوْدِ وَإِنْ كَانَ شُعَيْبٌ بَرِيئًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَتْبَاعُهُ قَبْلَ الْإِيمَانِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ قَالُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّلْبِيسِ عَلَى الْعَامَّةِ وَالْإِيهَامِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ.]اهـ
- قال النيسابوري في تفسيره "غرائب القرآن ورغائب الفرقان" (3/286) :[وهاهنا سؤال وهو أن الكفر على الأنبياء محال فكيف يتصور عوده إليه؟ وهب أن قول الكفار ليس حجة أليس قول شعيب حجة حيث قال إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ؟ وأجيب بأن الكلام بني على التغليب،وأن شعيبا أراد عود قومه إلا أنه نظم نفسه في جملتهم لما ذكرنا، أو لعل رؤساءهم قالوا ذلك تلبيسا على القوم وشعيب أجرى كلامه على وفق ذلك، أو أنه كان في أوّل أمره يخفي مذهبه فتوهموا أنه على دينهم، أو أريد بالملة الشريعة التي صارت منسوخة بشرعه، أو يطلق العود على الابتداء.]اهـ
- وفي تفسير "الجلالين" للمحلي والسيوطي (1/206) : [{قال الملأ الذين استكبروا من قومه} عن الإيمان {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن} ترجعن {في ملتنا} ديننا وغلبوا في الخطاب الجمع على الواحد لأن شعيبا لم يكن في ملتهم قط.]اهـ
- قال الثعالبي في تفسيره "الجواهر الحسان" (3/56) : [وشعيبٌ عليه السلام لَمْ يَكُ قطُّ كافراً،فيقتضي أنها بمعنى «صار» ، وأما في جهة المؤمنين به بَعْدَ كُفْرهم، فيترتَّب المعنى الآخر، ويخُرُج عنه شعيبٌ، وقوله: أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ توقيفٌ منه لهم على شِنْعَة المعصيةِ، وطَلَبٌ أن يقروا بألسنتهم بإِكراهِ المُؤْمنين على الإِخراج ظُلْماً وغشماً.]اهـ
- قال الآلوسي في تفسيره "روح المعاني" (5/4) : [والمتبادر من العود الرجوع إلى الحالة الأولى وهذا مما لا يمكن في حق شعيب عليه السلام لأن الأنبياء عليهم السلام معصومون عما دون الكفر بمراتب. نعم هو ممكن في حق من آمن به فإسناده إليه عليه السلام من باب التغليب، قيل: وقد غلب عليه المؤمنون هنا كما غلب هو عليهم في الخطاب فيكون في الآية حينئذ تغليبان، وقال غير واحد: إن تعود بمعنى تصير كما أثبته بعض النحاة واللغويين فلا يستدعي العود إلى حالة سابقة.]اهـ