• فضل الطهارة عند النوم :
15- {عن عبد الله بن عمر (رضى الله عنها) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( طهروا هذه الأجساد طهركم الله فانه ليس عبد يبيت طاهرا إلا بات معه ملك فى شعاره لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك انه بات طاهرا) [ رواه الطبرانى فى الكبير 12/446، والأوسط 5/204، و رواه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال 1/134 بلفظ: «طَهِّرُوا هَذِهِ الْأَجْسَادِ طَهَّرَكُمُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَبِيتُ طَاهِرًا إِلَّا بَاتَ مَعَهُ مَلَكٌ فِي شِعَارِهِ لَا يَتَقَلَّبُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
16- وروى الديلمي في الفردوس 2/463 : { الطاهر النائم كالصائم القائم } وذكره السيوطي في جمع الجوامع 1/14146 ، و المتقي الهندي في كنز العمال 9/277 .
17- و عن البراء بن عازب قال قال النبى - صلى الله عليه وسلم – {« إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل اللهم أسلمت وجهى إليك ، وفوضت أمرى إليك ، وألجأت ظهرى إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذى أنزلت ، وبنبيك الذى أرسلت . فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به » . قال فرددتها على النبى - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغت « اللهم آمنت بكتابك الذى أنزلت » . قلت ورسولك . قال « لا ، ونبيك الذى أرسلت » رواه البخاري 1/435 }.مولانا السيد الشريف كتب:
قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في حديث الرسول ( 3/116ـ117)
الأصل السادس والثلاثون والمائتان
في أن النوم مع الطهر كالصوم مع القيام
عن عمرو بن حريث رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( النائم الطاهر كالصائم القائم )
الصائم بترك الشهوات يطهر وبقيامه بالليل يحيا والنائم نوم العدة محتسبا إذا نام على طهارة بمنزلته فإن نفسه تعرج إلى الله تعالى فإذا كان طاهرا قرب فسجد تحت العرش
قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما تعرج الأرواح إلى الله تعالى في منامها فما كان طاهرا سجد تحت العرش
وما كان غير طاهر سجد قاصيا فلذلك يستحب أن لا ينام الرجل إلا وهو طاهر
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه إذا نام الإنسان عرج بنفسه حتى يؤتى بها إلى العرش فإذا كان طاهرا أذن لها في السجود وإن كان حنبا لم يؤذن لها في السجود
وما قال أبو الدرداء رضي الله عنه إن النفس تعرج أصوب
فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( وكل بالنفوس شيطان يقال له الهو فهو يخيل إليها ويتراءى إلى أن ينتهي إذا عرج بها فإذا انتهت إلى السماء فما رأت فهو الرؤيا التي تصدق ) إلا أن عبد الله بن عمرو إستجاز أن يسمي الروح باسم قرينها كالقلب والفؤاد
والنفس والروح قرينان إلا أن الروح سماوي يدعو إلى الطاعة ومسكنه في الرأس
والنفس أرضية تدعو إلى الشهوات وقد وضع في كل واحد منهما شيء من الحياة فيعمل بتلك الحياة
فبالنفس يأكل ويشرب ويسمع ويبصر وبالروح يعف ويستحيي ويتكرم ويتلطف ويعبد ربه ويطيع
والنفس هي الأمارة بالسوء وهي حارة
والروح بارد فإذا نام العبد خرجت النفس بحرارتها فعرج بها إلى الملكوت
والروح باق معلق بنياط القلب يحرس القلب بما فيه من التوحيد
وأصل النفس باق يتقيد بالروح وقد خرج شعاعها
قال الله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى
ولذلك تجد النائم استيقظ في أعضائه بردا في أيام الصيف لخروج حرارة النفس
والنفوس تشترك بين الآدمي والبهائم وفضل الآدمي بالروح السماوي ليكون داعيا لنفسه إلى الطاعة وإذا نام العبد خرجت النفس فلقيت من أمور الملكوت وأخبار الغيب ما يرجع إلى صاحبها بالعلم الشافي
قال صلى الله عليه وسلم رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم لم يبق بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات رؤيا المؤمن
فإذا عرجت النفس صارت إلى فناء العرش فظهرت بقرب الله تعالى وبالسجود الذي أذن لها فرجعت إلى صاحبها طاهرة بالقرب محبوة بكرامة السجود فصارت بمنزلة الصائم الذي طهر بترك الشهوات وحيى بقيام الليل فهذه منزلة الصادقين استوى نومه على طهارة بصيامه وقيامه
ولهذا قال معاذ رضي الله عنه لأبي موسى إني أنام نصف الليل وأقوم نصفه فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي
فأما منزلة الصديقين خاصة الله تعالى فهي أرفع من هذا فإن النوم عندهم أثر من القيام لأن نفوسهم قد قلقت بين الأحشاء فهي تطلب الانفلات إلى فسحة التوحيد إلى فحص العرش
وطلبت العقول الوصول إلى الله تعالى فاغتنم ما تطلب النفس فاقترنا فخرج العقل بحظه من القلب اشتياقا إلى الله تعالى وخرجت النفس اشتياقا إلى فسحة العرش والروح الذي هناك
فإذا رجعا إلى البدن أوردا على الروح من الطهارات والكرامات ما لا يخطر على قلب بشر حتى يرتاح ويطهر ولذلك كان رسول الله يتوخى نوم السحر
قالت عائشة رضي الله عنها ما ألقاه السحر عندي إلا نائما
فالسحر ساعة نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا واطلاعه على الخلق والعطف عليهم والنداء ألا هل من داع فأستجيب له ألا هل من تائب فأتوب عليه ألا هل من سائل فأعطيه ألا هل من مستغفر فأغفر له وهو باسط يده لمسيء النهار أن يتوب بالليل
ثم يقول من يقرض غير معدوم ولا مطول فكان صلى الله عليه وسلم يتوخى النوم في ذلك الوقت لعروج نفسه إلى الله تعالى فتلقاه في سمائه وهذا أفضل عنده من قيامه
لأنه في حال القيام إنما يعرج إليه قلبه بعقله وفي حالة النوم تعرج النفس والعقل والقلب فاجتماع الثلاثة أفضل عنده
فخاصة الله تعالى نالوا هذا الحظ وتوخوا بنومهم ذلك فصاروا أفضل من الصائمين القائمين
وأما الصادق فقد اعتدل نومه بصومه ومكثه في نومه بقومته وإليهم أشار صلى الله عليه وسلم في الحديث وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم ( الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر )
فهذا شكر الصادقين عدل شكره على طعامه بصبره في صيامه فأما شكر الصديقين فقد فاق وبرز على صبر الصائمين لأن الصبر ثبات العبد في مركزه عن الشهوات برد ما يهتاج منه من الشهوات في وجه النفس والشاكر من الصديقين يطعم ويفتتح طعامه ببسم الله الذي يملأ تسميته ما بين السماء والأرض ويطفئ حرارة شهوته ويرى لطف الله تعالى في ذلك الطعام ورأفته به في سياقته إليه ويحمد الله تعالى على ما يرى من صنعة الله تعالى في ذلك الطعام حمدا لا ينتهي فقد بان تفاوت ما بين هذين الحالين
وعند معاذ بن جبل رضي الله عنه قال أبطأ عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الفجر حتى كادت الشمس تدركنا ثم خرج فصلى بنا فخفف في صلاته ثم انصرف فأقبل علينا بوجهه فقال على مكانكم أخبركم بإبطائي عنكم اليوم في هذه الصلاة إني صليت في ليلتي هذه ما شاء الله تعالى ثم ملكتني عيني فرأيت ربي في أحسن صورة وأجملها فقال يا محمد قلت لبيك يا رب قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري يا رب ثم قال يا محمد قلت لبيك يا رب قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري يا رب قال فوضع كفه بين كتفي فوجدت برد أنامله بين ثديي فعلمت من كل شيء وبصرته ثم قال يا محمد قلت لبيك يا رب قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت في الكفارات قال وما هن قلت في المشي على الأقدام إلى الجماعات وفي إسباغ الوضوء في السبرات وفي القعود في المساجد بعد الصلوات قال ثم فيم قال قلت وفي إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة بالليل والناس نيام قال سل قلت اللهم إني أسألك حب الحسنات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة في خلقك فنجني إليك منها غير مفتون اللهم وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك ثم أقبل علينا فقال تعلموهن وادرسوهن فإنهن حق
فانظر كم بين النومة والقومة فهو قصد المشتاقين إلى الله تعالى في المنام يتوخون بها تجدد أحوال النفوس ويتوقعون من الله تعالى المنن وكان أبو بكر رضي الله عنه يقول لأن أسمع برؤيا صالحة أحب إلي من كذا وكذا