من فرائد الحكمة
قَالَ وَمن لَا يكون عَالما بِمَا ورد عَلَيْهِ من الله يُوشك أَلا يكون عَالما بِمَا ورد على الله تَعَالَى مِنْهُ اعْلَم يَا أخي انه من اطاع الله وَلم يخفه فقد أطاعه فِي الْعَمَل وَعَصَاهُ فِي ترك الْخَوْف فَكيف بِمن يعصيه وَلَا يخافه وَقَالَ لَو أَنَّك لم تَأْخُذ من الدُّنْيَا إِلَّا قوتك غير انك لم ترد الله بِهِ قطع بك وَلَو تركت قوتك من الدُّنْيَا وَلم ترد الله بِهِ قطع بك وَقَالَ لَو عقلت عَن الله امرين لنظرت اليه بعظيم الشُّكْر لَهُ حَيْثُ لم يَجْعَل دعاءه الى الْجنَّة فِي ترك مَا تحْتَاج اليه من الدُّنْيَا وَلم يَجْعَل دعاءه الى النَّار فِي حَاجَتك مِنْهَا وَقَالَ اعرف النِّعْمَة تكن من أَهلهَا فَإِن الْبَهِيمَة لَا تَجِد رَائِحَة الْمسك وَإِن حشى بِهِ منخراها وَقَالَ كن من أَبنَاء الْحق يحبك الْحق وَقَالَ اجْعَل نَفسك تَابعا فِي طَرِيق الْهدى وَلَا تجعلها قائدا الى طَرِيق الْهوى وَقَالَ احذر شَهْوَة لَا تبقى وندامة لَا تفنى وَقَالَ أنيسك الْيَوْم هُوَ انيسك غَدا فِي قبرك وعملك الْيَوْم هُوَ عَمَلك غداص فَانْظُر من أنيسك وَمَا عَمَلك وَقَالَ احفظ الله عِنْد هَوَاك يحفظك عِنْد لقاك تعوذ بِاللَّه من عمل ظَاهره طَاعَة وباطنه مَعْصِيّة وَقَالَ مَا ترك الْحق لأَهله سُرُورًا وَلَا أبقى الْبَاطِل لأَهله من الاخرة نَصِيبا وَقَالَ من علم مَا بَين يَدَيْهِ هان عَلَيْهِ مَا فِي يَدَيْهِ إِذا اكملت معرفَة الرجل بالدنيا تعجب من أبنائها وَإِذا عمي عَن معرفَة الاخرة تعجب من ابنائها وَقَالَ من عرف الدُّنْيَا قاطعها وَمن لم يعرفهَا انْقَطع اليها وَمن عرف الاخرة انْقَطع اليها وَمن لم يعرفهَا قاطعها وَقَالَ اقل الشَّهَوَات لَك نفعا فِي الدُّنْيَا أضرها عَلَيْك فِي الاخرة وَأَقل شهوات الاخرة مُؤنَة عَلَيْك فِي الدُّنْيَا أردهَا عَلَيْك فِي الْآخِرَة وَقَالَ مَا أيسر الامر على من أحتسب بِنَفسِهِ عَن مُنَافَسَة اهل الْعِزّ فِي عزهم فقد هدي الى المرتقى الَّذِي ارْتقى مِنْهُ المحبون لقرب الله عزوجل وَقَالَ اخْتِيَار العَبْد للعبودية شِفَاء وَبرد على الْفُؤَاد وجلاء لِلْبَصَرِ وَقَالَ طلب العَبْد للحرية بلَاء يعشى مِنْهُ الْبَصَر وَقَالَ الْعَامِل النَّاظر عمله على الْمحبَّة وَالْعَامِل السَّامع غير النَّاظر عمله على الاستثقال فاعمل عمل من سمع ففهم وَنظر فأبصر وَلَا تعْمل عمل من سمع وَلم ينظر وَقَالَ رب نعْمَة تصير عُقُوبَة ونقمة وَرب عُقُوبَة تصير نعْمَة وَقَالَ إِذا أردْت أَن تحب شَيْئا فَأكْثر ذكره فَإِن الذّكر وَالنِّسْيَان لَا يَجْتَمِعَانِ وَقَالَ الْحَسَنَة الصادقة المشكورة يُثَاب عَلَيْهَا صَاحبهَا فِي الاخرة وَيُزَاد مِنْهَا فِي الدُّنْيَا يُزَاد للشكر ويثاب للصدق وَقَالَ من انفع الْعِبَادَة ان يُعَامل العَبْد نَفسه باستصغار الدُّنْيَا عِنْدهَا وَقَالَ وَمن أحسن الْعِبَادَة ان يمتلئ قلب العَبْد من حب الطَّاعَة فَإِذا فاض عملت الْجَوَارِح على قدر مَا رَأَتْ من الْقلب فَرُبمَا كَانَت الْجَوَارِح فِي الْعِبَادَة وَالْقلب فِي البطالة قلت وَكَيف عبَادَة الْقلب دون الْجَوَارِح وَكَيف يفِيض الْقلب بِالْعبَادَة الى الْجَوَارِح قَالَ أَن يصير وعَاء للهم والحزن والافتقار وَالْخَوْف والندامة والتواضع والاضطرار الى الله عز وَجل والنصح لَهُ وَحب مَا يحب الله وبغض مَا يبغض الله فَإِذا عَامل الله على هَذَا بِقَلْبِه هَاجَتْ الْجَوَارِح بِمثل مَا رَأَتْ من الْقلب فانبعث على الطَّاعَة وَإِنَّمَا يكون ذَلِك من الْقلب إِذا خالط سويداءه مَا تَأتي بِهِ الْقِيَامَة وَالْبَاب الاخر ان يمتلئ قلبه من معرفَة نعم الله عز وَجل وسروره بِاللَّه وأنسه بِعبَادة الله وشوقه الى محاب الله وحبه للشكر لله ورجائه مغْفرَة الله فَإِذا عَامل الله بِهَذَا من قلبه اشتاق الى عبَادَة الْجَوَارِح مَعَه فَيكون عَاملا وَفِي عمله أنس وسرور وحلاوة وَقَالَ وَمن أشرف الْعِبَادَة ان تراقب الله بِمَا يحب الله فَإِذا فترت عَن ذَلِك راقبته فِيمَا يكره ملتمسا الْعود الى الْحَالة الاولى الَّتِي كنت عَلَيْهَا حَرِيصًا على ذَلِك فَيحدث لَك حِينَئِذٍ اليها حنين شَدِيد فَإِنَّهُ إِذا رآك كَذَلِك تحن وتحرص رد عَلَيْك مَا سلبك قَالَ وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَالَّتِي قبلهَا وَفِي جَمِيع الاعمال على الْعَامِل ان يعقل مَا على الْقلب وَمَا على جوارح فَيبْدَأ بِمَا على الْقلب ثمَّ بِمَا على الْجَوَارِح فَإِن الْقلب هُوَ الاصل والجوارح أَغْصَان وَلَا تقوم الاغصان إِلَّا بالاصل قَالَ وَمن أحسن الاخلاق ان تكون سجية العَبْد التَّوَاضُع وَمن أحسن الفعال الاحسان الى من أَسَاءَ إِلَيْك وَقَالَ اجْتهد وَلَا تيأس وَلَا تقل عِنْد ذكر الصَّالِحين لَوْلَا ذُنُوبِي لرجوت طَريقَة الصَّالِحين فيفترك ذكر ذنوبك عَن الْعَمَل فَإِن صَاحب الْحمل الثقيل أولى ان يجْتَهد فِي إِسْقَاط مَا قد حمل من المخف الَّذِي لَيْسَ على ظَهره شَيْء وَقَالَ إِن اردت ان ينظر الله اليك بِالرَّحْمَةِ فَانْظُر انت الى الصَّالِحين بالغبطة والى العاصين بالرأفة
وَقَالَ إِذا وَقع فِي قلب العَبْد الاهتمام بِالنَّفسِ اشْتَدَّ خَوفه عَلَيْهَا وَعظم رجاؤه للنَّاس واذا خلا قلبه من هم نَفسه حسن ظَنّه بهَا وَعظم رجاؤه لَهَا وَخَافَ على النَّاس وَقَالَ من طَالَتْ فكرته فِي اربعة اشياء اورثته الْحزن والهم وَهِي تُؤدِّي بَعْضهَا الى بعض وكل خصْلَة مِنْهَا كَافِيَة اذا فَكرت فِي علم الله فِيك واين اسْمك فِي ام الْكتاب وَبِمَ يخْتم لَك وَذكرت ذنوبك وَقَالَ من طَالَتْ فكرته فِي اربعة اشياء اورثته الْخَوْف والخشية وَهِي تُؤدِّي بَعْضهَا الى بعض وكل وَاحِدَة مِنْهَا كَافِيَة من فكر فِي الْمَوْت وَسُرْعَة انْقِضَاء الاجل والمصير الى الْقَبْر وَالْوُقُوف لِلْحسابِ وَالنَّار الَّتِي لَا صَبر لأحد عَلَيْهَا وَقَالَ لَا تنَازع الله فِي محبته فَتكون قد عاملته بالغلبة وَقَالَ لَا تُؤثر على الله احدا فيكلك الى من آثَرته عَلَيْهِ وَقَالَ الى مَتى تعد الشّغل عونا وَقَالَ ان لم تتْرك مَا يرديك اقبل عَلَيْك من يغويك وَقَالَ اذا اردت ان تقسم صَدَقَة اَوْ مَعْرُوفا فِي النَّاس اَوْ فِي سواك قريب مِنْك فَإِنَّمَا تبدأ اقربهم مِنْك منزلا واشدهم الى صدقتك فقرا ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَلم تذكر بصدقتك من بعد مِنْك اَوْ اسْتغنى عَن صدقتك فَقرب يَا أخي منزلتك من الله واكشف لَهُ عَن فقرك اليه ينلك معروفه فِي اول من ينَال فَافْهَم يَا اخي ان كنت تفهم وَقَالَ لَو كَانَ لَك عبيد اردت عتق بَعضهم الْيَسْ كنت تبدأ بأعدلهم سيرة وانصحهم لَك واخدمهم وَقَالَ انك ان لم تتْرك مَا يكرههُ الله لم يذكرك فِيمَن يُحِبهُ وَقَالَ ابذل الله مَا اغناك عَنهُ يبْذل لَك لَا غنى بك عَنهُ وَقَالَ من كَانَ يحب الْقرب من الله فليترك مَا يباعد من الله تَعَالَى وَقَالَ اجْعَل بَصرك بَين يَديك فَإِن الَّذِي وَرَاءَك قد جزته وَقَالَ انك لَو رَأَيْت من بَاعَ نصِيبه من الْآخِرَة بِنَصِيب غَيره من الدُّنْيَا لعجبت مِنْهُ فبع انت نصيب غَيْرك من الدُّنْيَا بنصيبك من الْجنَّة فَإِن الَّذِي يبْقى مِنْك انما هُوَ رزق غَيْرك وَقَالَ لَا تطلب المحمدة مِمَّن يَمُوت فلتلحقك المذمة مِمَّن لَا يَمُوت وَقَالَ اترك خوف الدُّنْيَا تأمن الْآخِرَة واطلب أَمن الْآخِرَة بخوف الدُّنْيَا
وَقَالَ اذا عرضت لَك شَهْوَة فاذكر الْعَاقِبَة فكم من شَهْوَة ذهبت عَنْك لذتها وَبقيت عَلَيْك حسرتها وَقَالَ ان الَّذِي يفْسد عَلَيْك الْآخِرَة هُوَ الَّذِي لَا تحْتَاج اليه فِي الدُّنْيَا فَمَا راحتك اليه وَقَالَ لَو رَأَيْت رجلا بَين جمَاعَة وكل وَاحِد يكيده بألوان المكايد ثمَّ لم تره يتَضَرَّع ويستكين وَيَنْقَطِع الى من يَرْجُو نجاته لسفهت رَأْيه وعقله فَلَا تكونن انت هُوَ وَقَالَ مَا وجد اُحْدُ من صَاحبه رَائِحَة اطيب رَائِحَة اطيب من رَائِحَة حسن الْخلق وَقَالَ ان لَك فِي خِصَال ثَلَاث شغلا عَمَّا سواهَا فِي مراقبتك رَبك ومحاسبتك نَفسك ومذاكرتك ذَنْبك وَقَالَ اصرف عَنْك عوارض الشَّهَوَات بالحزن والندامة على الشَّهَوَات الْمَاضِيَة الَّتِي قد انْقَضتْ عَنْك لذتها وَبقيت عَلَيْك تبعاتها والق عَن قَلْبك الْهم تَصْدِيق بوعد الله تَعَالَى والزم قَلْبك الْخَوْف حذر الْوَعيد لله تَعَالَى وتواضع لَهُ افتقارا الى رَحمته واستصغارا لنَفسك عِنْد ذكر عَظمته وانف عَنْك التزين للنَّاس ايثارا لمحبته واستوجب اسْم الشُّكْر لَهُ على احسانه اليك بالمحبة مِنْك لعبادته واستوجب اسْم الْخَوْف مِنْهُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْك لمعاصيه واستوجب نعْمَة مَعْرفَته بحبك لمراقبته واستوجب اسْم الْحبّ لمراقبته بالانس بِهِ دون خلقه وَقَالَ ان للنَّاس منَازِل ودرجات فَمن نظر بعيني قلبه ابصر درجاتهم ومنازلهم فِي طَرِيق الْآخِرَة كَمَا ابصر بعيني رَأسه منَازِل ودرجات اهل الدُّنْيَا وَلَا يسْتَحق اُحْدُ منزلَة من منَازِل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِمَعْرِِفَة قلبه وَلَا بِذكر لِسَانه وَلَكِن بِعَمَل اهلها وَالْقِيَام بشروطها وكما لَا ينفع الْفَقِير مَعْرفَته بيسار الْمُوسر وَمَا يملك من النَّعيم والوان الاطعمة والافرشة واللباس كَذَلِك لَا تنفعك معرفتك بأعمال الصَّالِحين وانت غير عَامل بِمثل عَمَلهم بل هُوَ حجَّة عَلَيْك وَالله نسْأَل التَّوْفِيق برحمته وَقَالَ ان للنَّاس منَازِل ودرجات فَمن نظر بعيني قلبه ابصر درجاتهم ومنازلهم فِي طَرِيق الْآخِرَة كَمَا ابصر بعيني رَأسه منَازِل ودرجات اهل الدُّنْيَا وَلَا يسْتَحق اُحْدُ منزلَة من منَازِل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِمَعْرِِفَة قلبه وَلَا بِذكر لِسَانه وَلَكِن بِعَمَل اهلها وَالْقِيَام بشروطها وكما لَا ينفع الْفَقِير مَعْرفَته بيسار الْمُوسر وَمَا يملك من النَّعيم والوان الاطعمة والافرشة واللباس كَذَلِك لَا تنفعك معرفتك بأعمال الصَّالِحين وانت غير عَامل بِمثل عَمَلهم بل هُوَ حجَّة عَلَيْك وَالله نسْأَل التَّوْفِيق برحمته
المصدر / آداب النفوس للمحاسبي
_________________ مدد ياسيدى يارسول الله مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس
|