موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسلم "
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يناير 20, 2014 2:07 am 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 22, 2013 3:24 pm
مشاركات: 554

{ البيئة التي هيأها القدر لخاتم الأنبياء ، خالية من أسباب الدعة والترف }



يقول الله تعالي في كتابه العزيز : (( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جائكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ، قال أأقررتم وأخذتم علي ذلكم اصري ، قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين )) . ( آل عمران: 81 )


_ منذ استودع الخليل ابراهيم قلب الصحراء ولده اسماعيل عليهما السلام . فإن يد القدرة كانت تعد لونآ جديدآ من تحمل التبعة والمسئولية ، خاليآ من الدعة والرخاء والنعومة للرجال الأكفاء الذين سيحملون أمانة الرسالة الخاتمة علي يد النبي العربي سيدنا ومولانا محمد "صلي الله عليه وسلم" ، وتترجم فطرة ابراهيم هذه المعاني في صورة الدعاء والأماني : يسأل ربه .
قال الله تعالي : (( ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة ، فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم ، وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون )) . ( ابراهيم : 37 )

وما كاد يشتد ساعد اسماعيل عليه السلام بعد فترة وجيزة ، حتي يقف الي جوار أبيه ، يؤكدان معآ هذا الأمل الجاد في خاتم الأنبياء من ورائه أمة الأسلام . قال تعالي : (( وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم ، ربنا وابعث فيهم رسولآ منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم )). (البقرة: 127- 129 )

_ قال ابن عباس في تفسير قوله تعالي
(( لقد جائكم رسول من أنفسكم )) : أي ولدتموه يامعشر العرب . (ابن سعد _ الطبقات الكبري ج1ص21 )

وفي رواية لأبن سعد بسنده أن رسول الله"صلي الله عليه سلم " قال : ان الله اصطفي من ولد اسماعيل : بني كنانة ، واصطفي من بني كنانة : قريشآ ، واصطفي من قريش : بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم : فأنا خيار من خيار من خيار .
( المرجع السابق ص20 )

_ وتخلص من هذا بأن روحآ من الجد والعصامية : كانت تزخر بها البيئة التمهيدية لخاتم الأنبياء وتسري في دماء آبائه وأجداده معآ في الكفاح والجهاد والقوة والأعتماد علي النفس : توطئة لإبراز النبي "صلي الله عليه وسلم" وأصحابه وكل من أتبعه من أمته "صلي الله عليه وسلم" في هذا الجو العملي والمناخ الحيوي والطبيعة القوية المتحفزة ، لتكون كل هذه الصفات أمورآ غير متكلفة في نبي الأسلام وأصحابه وأتباعه ، وتحت تأثير هذه الظرف جميعآ : كانت نشأة محمد ، وكان ميلاده " صلي الله علي وسلم " .



_________________
آل بيت النبي ذريعتي *** وهم إليه وسيلتي
أرجو بهم اُعطى غداً *** بيدي اليمين صحيفتي


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 21, 2014 6:00 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 09, 2012 11:46 pm
مشاركات: 441
اذا ما شئت في الدارين تسعد *** فأكثر من الصلاة عل محمد
وان شئت القبول في الدعوات *** فتختم بالصلاة علي محمد
فلا صوم يصح ولا صلاة *** لمن ترك الصلاة علي محمد
وان كانت ذنوبك ليس تحصي *** تكفر بالصلاة علي محمد
فما تتضاعف الحسنات الا *** بتكرار الصلاة علي محمد
وعند الموت تري أمورا *** تسرك بالصلاة علي محمد
وعند القبر تحظي بالأماني *** وترحم بالصلاة علي محمد
ولا تخشي من الملكين رعبآ *** اذا سألاك قل لهما محمد
رسول الله حقآ اتبعنا *** وآمنا وصدقنا محمد


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 21, 2014 6:02 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 09, 2012 11:46 pm
مشاركات: 441
بلغ العلا بكماله
وكشف الدجي بجماله
وحسنت جميع صفاته
صلوا علي وآله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 22, 2014 12:32 am 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 22, 2013 3:24 pm
مشاركات: 554
الفاضل فاروق سيف شكرآ علي مروركم الكريم ....

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد

_ ( الميلاد والنشأة في ضوء هذه الظروف ) :

_ وفي ضوء هذه الظروف ، يري المتأمل لحياة النبي " صلي الله عليه وسلم " منذ ميلاده الشريف : أن نشأته الأولي " صلي الله عليه وسلم "
كانت بعيدة كل البعد عن حياة الترف والرخاء والنعومة ، ومن حكمة ذلك أن يتهيأ النبي " صلي الله عليه وسلم " لاحتمال الشدائد والمصاعب منذ نعومة أظافره ، ويكون قادرآ علي تخطي العقبات والتغلب عليها ، ومن الظواهر التي يلاحظها التاريخ بين يدي ميلاد أعظم مخلوق عرفته البشريه علي وجه الأرض" صلي الله عليه وسلم " - ظاهرة اليتم المبكر - فقد قبض والده " صلي الله عليه وسلم " وهو في بطن أمه .

يقول الله تعالي في كتابه العزيز (( ألم يجدك يتيمآ فآوي )). ( الضحي : 6 )

_ لقد نشأ رسول الله " صلي الله عليه وسلم " أول ما نشأ : يتيمآ لايلقي برغبات الطفولة ودلالها علي حنان الأبوة وعطفها ، حتي لايكون لذلك تأثيره فيما بعد علي الأعتماد الكامل علي النفس بل ولم يكن قبر هذا الوالد قريبآ من ولده ، يزوره حيث شاء ، وانما كان الموت والمثوي في مكان بعيد عن مكة .

يقول ابن سعد بسنده : (( خرج عبدالله بن عبد المطلب الي الشام : الي غزة في عير من عيرات قريش يحملون تجارات ، ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا ، فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبدالمطلب يومئذ مريض ، فقال : أنا أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار ، فأقام عندهم مريضآ شهرآ ، ومضي أصحابه فقدموا مكة ، فسألهم عبد المطلب عن عبد الله ، فقالوا : خلفناه عند أخواله : بني عدي بن النجار وهو مريض ، فبعث اليه عبد المطلب أكبر أولاده - الحارث - ، فوجده قد توفي ، ودفن في دار النابقة ، وأخبره أخواله بمرضه ، وبقيامهم عليه وما ولوا من أمره وأنهم قبروه !! فرجع الي أبيه فأخبره ، فوجد عليه عبد المطلب واخوته وأخواته وجدآ شديدآ ، ورسول الله " صلي الله عليه وسلم " يومئذ حمل ، ولعبد الله يوم توفي خمس وعشرون سنة ))

( ابن سعد - الطبقات الكبري : ج1 ص99 ) .


ثم يقول ابن سعد : وقالت آمنة بنت وهب ترثي زوجها عبد الله بن عبد المطلب:

عفا جانب البطحاء من ابن هاشم *** وجاور لحدا خارجا في الغماغم *

دعته المنايا دعوة فأجابها !!! *** وما تركت في الناس مثل ابن هاشم

عشية راحوا يحملون سريره *** تعاوره * أصحابه في المزاحم

فان يك غالته * المنايا وريبها *** فقد كان معطاء كثير التراحم


( الطبقات الكبري - ج1 ص100 )


_________________
* الغماغم : المراد بها الأماكن المدغلة في البعد .

* تعاوره : تولي دفنه .

* غالته : أهلكته فجأة .

_________________
آل بيت النبي ذريعتي *** وهم إليه وسيلتي
أرجو بهم اُعطى غداً *** بيدي اليمين صحيفتي


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 24, 2014 2:53 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 22, 2013 3:24 pm
مشاركات: 554
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد

وعودآ علي بدأ يقول الفقير وبالله التوفيق .

*** أحداث الساعات الأولي في حياة أكرم مولود ودلالاتها :

اذا كان القدر قد قضي بالفراق بين الوالد وولده ، من قبل لقائهما بموت عبدالله بن عبدالمطلب والنبي "صلي الله عليه وسلم " في بطن أمه ، توطئة لاستكمال جوانب مسؤلياته الكبري التي تفوق توقع الأعانة أو الوصاية من البشر ، وحتي لايذوب أي جزء من قدرة التحمل في ثنايا عاطفة الحنان الأبوي :فكذلك كان وضع الوليد مع أمه منذ الساعات الأولي لولادته ، فما كاد
" صلي الله عليه وسلم " ينعم بدفئ عاطفة الأمومة في البلد الحرام بضعة أيام ، حتي رحل الي وطن غير الوطن ودفع الي مرضعة غير الأم ، فأخذته حليمة السعدية الي مضارب بني سعد .

_ قال الأمام الزرقاني في شرحه للمواهب اللدنية :

(( أمه أرضعته " صلي الله عليه وسلم " تسعة أيام . ذكره صاحب المورد وغيره ،وقيل : ثلاثة أيام ، وقيل سبعة أيام ، وثويبة أيام قلائل قبل قدوم حليمة ))

( شرح الزرقاني : ج1 ص137 ط1 - المطبعة الأزهرية المصرية )



ومعني ذلك أن الوليد اليتيم ، فارق أمه كذلك في الأيام الأولي من حياته ، وهذا أدعي الي تنمية قوة مواجهة الحباة في غير اعتماد علي الأب والأم ، اللذين يتلاشي الطفل فيهما عادة ، وقد ثبت علميآ : شدة تأثر الطفل بكل ما يحدث في حياته المبكرة حوله . بل وإن الأطار الذي تم فيه أخذ الرضيع من موطنه أم القري ، وبعده عن أحضان أمه ، كان اطارآ خاليآ من الأغراء الذي يرغب في احاطة الطفل بالتدليل والتنعيم ، فقد ذكر ابن سعد أن حليمة السعدية ، حين عرض عليها الوليد اليتيم ، جعلت تقول :

(( يتيم ولا مال له ، وما عست أمه أن تفعل ? ثم قالت لزوجها : ماتري ؟ قد خرج صواحبي وليس بمكة غلام يسترضع الا هذا الغلام اليتيم ، فلو أنّا أخذناه ، فإني أكره أن نرجع الي بلادنا ولم نأخذ شيئآ )).

( الطبقات الكبري : ج1 ص111 )



واذن فقد أبت كثير من المراضع أن تقنع بالرضيع اليتيم ، وما أخذته حليمة الا لخوفها من أن تعود دون المراضع من غير ولد ، وفي مثل الاطار الخالي من المغريات ، كان فرلق الوليد اليتيم أمه آمنة وكان بعده عن أم القري _ مكة المباركة_ .

*** بعد الغلام الرضيع عن أمه وموطنه فترة أخري :

_ يرجع الغلمان عادة من عند مراضعهم الي منازلهم بعد عامين ، لكن مشيئة الله سبحانه وتعالي التي تهيأ " محمد " للعبء الثقيل : قضت ببقائه بعيدآ عن أمه وموطنه في مكة فترة أطول ؛ حتي يتمرس بالصحراء ويتعود خشونة الحياة وصعوبتها .

_ يذكر ابن اسحاق عن حليمة قولها عن النبي " صلي الله عليه وسلم " في هذه الفترة :

(( فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير ، حتي مضت سنتاه ، وفصلته ، وكان يشب شبابآ لم يشبه الغلمان ، فلم يبلغ سنتيه حتي كان غلامآ جفرآ - أي قويآ ممتلئآ - قالت : فقدمنا به علي أمه ونحن أحرص شيء علي مكثه فينا ، لما كنا نري من بركته ، فكلمت أمه وقلت لها : لو تركت ابني عندي حتي يغلظ ؟ فإني اخشي عليه وباء مكة ، قالت : فلم نزل بها حتي ردته معنا)) .
( ابن هشام : سيرة النبي : ج1 ص106 )

_________________
آل بيت النبي ذريعتي *** وهم إليه وسيلتي
أرجو بهم اُعطى غداً *** بيدي اليمين صحيفتي


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يناير 24, 2014 10:46 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 09, 2012 11:46 pm
مشاركات: 441
انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

صلى وسلم سيدى **ما جاء ذكر محمد
فى قلب كل موحد **ذاق المقام الاحمدى

فبسر نور "ابى الهدى"** إنى احب محمدا
والحب منك .. فإن بدا **ربـى ...فزده مؤيدا

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

وبسر انوار "النبى" ** وبنور سر " العربى"
و لآنت تعلم مأربى ** ماغير وجهك مطلبى

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

وبسر نور "المصطفى" ** اصل السماحة والوفا
يا خير غفار عفا ** اجعل فؤادى فى صفا

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

وبسر نور "الهاشمى" ** عجل بفتح منعم
واجعل نبيك بلسمى ** من كل داء مبهم

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

وبسر نور "المرتضى" ** وبسر اسرار القضا
إفتح لنا باب الرضا ** واغفر وسامح ما مضى

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

و بنور "يس " الجلى ** وبحق اسمك يا ""على "
احببته .. فاجعله لى *** يا رب مولاى الولى

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

و بنور من اسميته *** "طه" ... و قد ناديته
يا رب قد اهديته ** روحى و قد بايعته

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

وبسر نور حبيبنا ** اجعله رب شفيعنا
و ولينا وكفيلنا **فى كل حال شئوننا

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا

و بســر نــص قاطــع **ســر حكيــم جامــع
كن لى نجيى سامعى ** ما من سواك بنافع

انى احب "محمدا" ** و الله خير شاهدا
يارب صل على المدى** ابدا عليه مجددا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 05, 2014 11:35 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 22, 2013 3:24 pm
مشاركات: 554
رعيه للغنم في هذه السن المبكرة وشق صدره :

قالت حليمة : (( فرجعنا به _ أ ي من مكة من عند أمه _ فوا لله انه بعد مقدمنا به بأشهر مع أخيه لفي بهم ( بفتح فسكون ) لنا خلف بيوتنا ، إذ أتانا أخوه يشتد _ أي يعدو ، والمقصود أخوه من الرضاعة _ فقال لي ولأبيه : ذاك أخي القرشي ، قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه ، فشقا بطنه ، فهما يسوطانه ( أي : يشقان بطنه ) قالت فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه قائماً منتقعاً وجهه ، قالت : فالتزمته والتزمه أبوه _ أي احتضنته واحتضنه _ )) .

( ابن هشام : سيرة النبي : ج1 ص107 )


ومفاد قول حليمة في هذا النص (( انه مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا )) يعني انه " صلي الله عليه وسلم " عني في طفولته المبكرة هذه بأمر الغنم ومعالجة شأنها ، وذلك أدعي لأن يكون أصلب عوداً ، وأوفر خبرة كلما تقدمت به سنوات العمر .

عودته لأمه " صلي الله عليه وسلم " :

وكان لحادثة شق الصدر أثر مقلق بالنسبة لحليمة السعدية ، فقد خشيت علي " محمد " أن يكون قد أصابه مكروه ، ومع حرصها البالغ علي بقائه معها لما لمست من يمنه وبركته " صلي الله عليه وسلم " ، فقد آثرت أن ترده إلي أمه آمنه بمكة ، وفاء للأمانة وإبراء للذمة .

ويري ابن هشام في روايته التي أسلفنا ذكرها : أن عودته لأمه " صلي الله عليه وسلم " كانت وهو في العام الثالث من عمره ، غير أن الأمام المقريزي يرجح أن عودته كانت وهو ابن خمس سنين وشهر ، ثم يقول : (( ثم خرجت به آمنه إلي المدينة تزور أخواله بها ، فماتت بالأبواء وهي راجعة إلي مكة وله " صلي الله عليه وسلم " : ست سنين وثلاثة أشهر وعشرة أيام )) .

( إمتاع الأسماع : ص7 )


والثمرة من ذكر هذا الخلاف الإشارة إلي وجازة الفترة التي قضاها " صلي الله عليه وسلم " مع أمه في الطفولة ، وفي هذا ما فيه من الدلالة علي معني " العصامية " التي لازمت النبي " صلي الله عليه وسلم " منذ ميلاده بعد رحيل أبيه عن الدنيا ، ثم بعده بمجرد ولادته عن أمه وموطنه ، ثم وفاة أمه قبل أن تلبث معه فترة كافية ، ومما يضاعف من قوة الصدمة وشدة الأثر لهذا الحادث في إكساب " محمد " مزيداً من المناعة والحيوية ومعاني الجد ، هذه الصورة التي فارقت بها الأم وليدها العظيم ، فقد تركته في الطريق فلا هو عند أهل أبيه بمكة ، ولا هو عند أخواله بالمدينة !!! وهكذا روع الطفل اليتيم الغريب في أعز إنسان لديه ، فأصبح بلا أب أو أم ، وأحس في وحدته وسفره بقسوة العبء علي قلب طفل تمت له كل معاني اليتم والحزن واللوعة ، ثم لم يلبث أن حمل إلي جده بمكة .

جد النبي "صلي الله عليه وسلم " يلحق سريعاً بأبويه :

(( فكفله بعد آمنه جده عبد المطلب بن هاشم ، وكان يري من نشوئه ما يسره فيدنيه ، حتي كان " صلي الله عليه وسلم " يدخل عليه إذا خلا وإذا نام ويجلس علي فراشه ، فإذا أراد بنو عبد المطلب منعه قال عبد المطلب : دعوا ابني فإنه يؤنس ملكاً )) .

( الإمتاع للمقريزي : ص7 )



لكن هذه العاطفة الفياضة لم تلبث أيضاً أن خبت وتوارت سريعاً فقد (( مات عبد المطلب وله " صلي الله عليه وسلم " من العمر ثماني سنين )) .

( المصدر السابق )



أجل : مات عبد المطلب لتبقي الظاهرة التي لازمت الطفل المبارك وهو جنين في بطن أمه فأضحي يتيم الأب والأم والجد حتي يتربي علي احتمال المسؤولية بنفسه وذاته دون وسيط ، وذلك قدر ليس بالقليل يسهم في تكوين عبقرية الصمود التي تحتاجها فيما بعد تنشئة أمة ، وتأسيس دعوة . لكن الجد الكريم حين يحس بقرب الرحيل يبلغ بأمانته الغالية وهو في طريق الخلود إلي ولده أبي طالب . فقد أوصي " بمحمد " ليكون في كفالة ابنه أبي طالب لأنه كان أخا عبد الله لأمه وأبيه _ أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ _ فهو عم شقيق " للنبي صلي الله عليه وسلم " .

طعامه قليل مبارك :

(( كفله عمه أبو طالب وحاطه أتم حياطه ... وكان أبو طالب يقرب إلي الصبيان تصبيحهم أول البكرة _ إفطارهم _ فيجلسون وينهبون ، ويكف رسول الله "صلي الله عليه وسلم " يده لاينهب معهم . فلما رأي ذلك أبو طالب عزل له طعامه علي حدة ، وكان " صلي الله عليه وسلم " يصبح في أكثر أيامه فيأتي زمزم فيشرب منها شربة فربما عرض عليه الغذاء فيقول : لا ، أنا شبعان )) . ( إمتاع الأسماع : ص7 ، 8 )

وإنما ذكرنا هذا الجانب من سلوك الطفولة الكبيرة ، لما في قلة الطعام من قناعة ولا يخفي ما في القناعة من تحكم في رغبات النفس وبعد عن الشهوات ، وعلاقة ذلك بالصمود واضحة ، ذلك أن أبعد الناس عن معاني الصمود . هم أولئك الذين لايتحكمون في شهواتهم . فإذا كانت القناعة فطرة وطبيعة في مرحلة الطفولة المبكرة فكيف بآثارها العظيمة حين يبلغ الإنسان رشده ، ويتم له نضوجه وعقله !؟

_________________
آل بيت النبي ذريعتي *** وهم إليه وسيلتي
أرجو بهم اُعطى غداً *** بيدي اليمين صحيفتي


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: دروس من الثبات والصمود في ذكري مولده " صلي الله عليه وسل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 05, 2014 11:37 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت يونيو 22, 2013 3:24 pm
مشاركات: 554
رعيه للغنم في هذه السن المبكرة وشق صدره :

قالت حليمة : (( فرجعنا به _ أ ي من مكة من عند أمه _ فوا لله انه بعد مقدمنا به بأشهر مع أخيه لفي بهم ( بفتح فسكون ) لنا خلف بيوتنا ، إذ أتانا أخوه يشتد _ أي يعدو ، والمقصود أخوه من الرضاعة _ فقال لي ولأبيه : ذاك أخي القرشي ، قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه ، فشقا بطنه ، فهما يسوطانه ( أي : يشقان بطنه ) قالت فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه قائماً منتقعاً وجهه ، قالت : فالتزمته والتزمه أبوه _ أي احتضنته واحتضنه _ )) .

( ابن هشام : سيرة النبي : ج1 ص107 )


ومفاد قول حليمة في هذا النص (( انه مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا )) يعني انه " صلي الله عليه وسلم " عني في طفولته المبكرة هذه بأمر الغنم ومعالجة شأنها ، وذلك أدعي لأن يكون أصلب عوداً ، وأوفر خبرة كلما تقدمت به سنوات العمر .

عودته لأمه " صلي الله عليه وسلم " :

وكان لحادثة شق الصدر أثر مقلق بالنسبة لحليمة السعدية ، فقد خشيت علي " محمد " أن يكون قد أصابه مكروه ، ومع حرصها البالغ علي بقائه معها لما لمست من يمنه وبركته " صلي الله عليه وسلم " ، فقد آثرت أن ترده إلي أمه آمنه بمكة ، وفاء للأمانة وإبراء للذمة .

ويري ابن هشام في روايته التي أسلفنا ذكرها : أن عودته لأمه " صلي الله عليه وسلم " كانت وهو في العام الثالث من عمره ، غير أن الأمام المقريزي يرجح أن عودته كانت وهو ابن خمس سنين وشهر ، ثم يقول : (( ثم خرجت به آمنه إلي المدينة تزور أخواله بها ، فماتت بالأبواء وهي راجعة إلي مكة وله " صلي الله عليه وسلم " : ست سنين وثلاثة أشهر وعشرة أيام )) .

( إمتاع الأسماع : ص7 )


والثمرة من ذكر هذا الخلاف الإشارة إلي وجازة الفترة التي قضاها " صلي الله عليه وسلم " مع أمه في الطفولة ، وفي هذا ما فيه من الدلالة علي معني " العصامية " التي لازمت النبي " صلي الله عليه وسلم " منذ ميلاده بعد رحيل أبيه عن الدنيا ، ثم بعده بمجرد ولادته عن أمه وموطنه ، ثم وفاة أمه قبل أن تلبث معه فترة كافية ، ومما يضاعف من قوة الصدمة وشدة الأثر لهذا الحادث في إكساب " محمد " مزيداً من المناعة والحيوية ومعاني الجد ، هذه الصورة التي فارقت بها الأم وليدها العظيم ، فقد تركته في الطريق فلا هو عند أهل أبيه بمكة ، ولا هو عند أخواله بالمدينة !!! وهكذا روع الطفل اليتيم الغريب في أعز إنسان لديه ، فأصبح بلا أب أو أم ، وأحس في وحدته وسفره بقسوة العبء علي قلب طفل تمت له كل معاني اليتم والحزن واللوعة ، ثم لم يلبث أن حمل إلي جده بمكة .

جد النبي "صلي الله عليه وسلم " يلحق سريعاً بأبويه :

(( فكفله بعد آمنه جده عبد المطلب بن هاشم ، وكان يري من نشوئه ما يسره فيدنيه ، حتي كان " صلي الله عليه وسلم " يدخل عليه إذا خلا وإذا نام ويجلس علي فراشه ، فإذا أراد بنو عبد المطلب منعه قال عبد المطلب : دعوا ابني فإنه يؤنس ملكاً )) .

( الإمتاع للمقريزي : ص7 )



لكن هذه العاطفة الفياضة لم تلبث أيضاً أن خبت وتوارت سريعاً فقد (( مات عبد المطلب وله " صلي الله عليه وسلم " من العمر ثماني سنين )) .

( المصدر السابق )



أجل : مات عبد المطلب لتبقي الظاهرة التي لازمت الطفل المبارك وهو جنين في بطن أمه فأضحي يتيم الأب والأم والجد حتي يتربي علي احتمال المسؤولية بنفسه وذاته دون وسيط ، وذلك قدر ليس بالقليل يسهم في تكوين عبقرية الصمود التي تحتاجها فيما بعد تنشئة أمة ، وتأسيس دعوة . لكن الجد الكريم حين يحس بقرب الرحيل يبلغ بأمانته الغالية وهو في طريق الخلود إلي ولده أبي طالب . فقد أوصي " بمحمد " ليكون في كفالة ابنه أبي طالب لأنه كان أخا عبد الله لأمه وأبيه _ أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ _ فهو عم شقيق " للنبي صلي الله عليه وسلم " .

طعامه قليل مبارك :

(( كفله عمه أبو طالب وحاطه أتم حياطه ... وكان أبو طالب يقرب إلي الصبيان تصبيحهم أول البكرة _ إفطارهم _ فيجلسون وينهبون ، ويكف رسول الله "صلي الله عليه وسلم " يده لاينهب معهم . فلما رأي ذلك أبو طالب عزل له طعامه علي حدة ، وكان " صلي الله عليه وسلم " يصبح في أكثر أيامه فيأتي زمزم فيشرب منها شربة فربما عرض عليه الغذاء فيقول : لا ، أنا شبعان )) . ( إمتاع الأسماع : ص7 ، 8 )

وإنما ذكرنا هذا الجانب من سلوك الطفولة الكبيرة ، لما في قلة الطعام من قناعة ولا يخفي ما في القناعة من تحكم في رغبات النفس وبعد عن الشهوات ، وعلاقة ذلك بالصمود واضحة ، ذلك أن أبعد الناس عن معاني الصمود . هم أولئك الذين لايتحكمون في شهواتهم . فإذا كانت القناعة فطرة وطبيعة في مرحلة الطفولة المبكرة فكيف بآثارها العظيمة حين يبلغ الإنسان رشده ، ويتم له نضوجه وعقله !؟

_________________
آل بيت النبي ذريعتي *** وهم إليه وسيلتي
أرجو بهم اُعطى غداً *** بيدي اليمين صحيفتي


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 30 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط