موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 12, 13, 14, 15, 16, 17, 18 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 13, 2011 12:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخامسة والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( غيب نظر الخلق إليك بنظر الله إليك , وغيب عن إقبالهم عليك
بشهود إقباله عليك )

الخلق في التحقيق عدم والوجود إنما هو لله الواحد الأحد
فوجود السوى كالهباء في الهواء أو كظلال الأشخاص , إن فتشته
لم تجده شيئاً , فغيب عنك أيها الفقير نظر الخلق إليك اكتفاء
بنظر الحق إليك , إذ لا نظر لسواه , وغيب عن إقبالهم عليك
بالتعظيم والتكريم , بشهود إقبال الملك الكريم , فغيب عن الوهم
بثبوت العلم , فإقبالك على الخلق إدبارك عن الحق , وأدبارك عن
الخلق إقبالك على الحق ولا يجتمعان .

وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم فى وصيته لابن عباس :
" احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , إذا سألت فاسأل الله
وإذا استعنت فاستعن بالله .واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن
ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك , ولو اجتمعوا
على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك
جفت الأقلام وطويت الصحف "

وقال الشيخ أبو الحسن :
أيست من نفع نفسي لنفسي فكيف لا ايأس من نفع غيري لها
ورجوت الله لغيري فكيف لا أرجوه لنفسي .

وقال في لطائف المنن :
أعلم أن مبني الولى على الإكتفاء بالله , والقناعة بعلمه
والإعتناء بشهوده . قال الله سبحانه :
{ ومن يتوكل على الله فهو حسبه } وقال سبحانه :

{ أليس الله بكاف عبده } وقال : {ألم يعلم بأن الله يرى }

وقال : { أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد } .

فسبيل أمرهم في بدايتهم الفرار من الخلق , والانفراد بالملك
الحق وإخفاء الأعمال وكتم الأحوال , تحقيقاً لفنائهم
وتثبيتاً لزهدهم وعملاً على سلامة قلوبهم , حتى إذا تمكن
اليقين وأيدوا بالرسوخ والتمكين , وتحققوا بتحقيق الفناء
وردوا إلى وجود البقاء
فهناك إن شاء الحق اظهرهم هادين إليه عباده , وإن شاء
سترهم فاقتطعهم عن كل شئ إليه الخ كلامه .

وقال سهل بن عبد الله : لا ينال العبد حقيقة من هذا الأمر حتى
يكون بأحد وصفين : حتى يسقط الناس من عينه فلا يرى في
الدارين إلا هو وخالقه , فإن أحداً لا يقدر أن يضره ولا ينفعه
وتسقط نفسه عن قلبه فلا يبالي بأي حال يرونه اهـ .
ولله در القائل :

فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خراب
وليت شرابي من ودادك صافياً ... وشربي من ماء العين سراب
إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب

واعلم أن رضا الخلق غاية لا تدرك , وانظر قضية لقمان مع ابنه
وهي مشهورة يتبين لك أن رضا الخلق محال أو متعذر
وأجهل الناس من طلب مالا يدرك .

وقال بعضهم : مالي وللناس , كنت في بطن أمي وحدي وخرجت
إلى الدنيا وحدي , ونموت وحدي , وندخل قبري وحدي
ونسئل وحدي , ونبعث من قبري وحدي , ونحاسب وحدي
فإن دخلت الجنة دخلت وحدي , وإن دخلت النار دخلت وحدي
ففي هذه المواطن لا ينفعني أحد , فمالي وللناس اهـ بالمعنى .

وقيل أن الولي الصادق لا قدر له عند الخلق , ولا قدر للخلق
عنده فكلما عظم أمره عند الله خفى أمره عند الناس .

ثم أنه لا تتحقق الغيبة عن نظر الخلق بنظر الحق , إلا بمعرفة
الحق عند كل شئ وشهوده في كل شئ .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 19, 2011 3:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السادسة والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من عرف الحق شهده في كل شئ ومن فني به غاب
عن كل شئ ومن أحبه لم يؤثر عليه شيئاً )

معرفة الحق هي شهود ربوبيته في مظاهر عبوديته
أو تقول هي الغيبة عن الغيرية بشهود الأحدية
أو تقول هي الترقي من شهود عالم الأشباح إلى شهود
عالم الأرواح فيكون جسمك مع الأشباح وروحك مع الأرواح
قال في المباحث :

واستشعروا شيئاً سوي الأبدان ... يدعونه بالعالم الروحاني
ثم أقام العالم المـــــــــــــــعقول ... معارف تلعز بالمنـــــقول

والفناء هو أن تبدوا لك العظمة فتنسيك كل شئ , وتغيبك عن
كل شئ , سوى الواحد الذي ( كمثله شئ ) وليس معه شئ

أو تقول : هو شهود حق بلا خلق كما أن البقاء هو شهود
خلق بحق , المحبة أخذ الحق قلب من أحب من عباده , فلا يكون
له عن نفسه إخبار , ولا مع غير محبوبه قرار , وقيل غير ذلك
فمن عرف الحق شهده في كل شئ ولم ير معه شيئاً
لنفوذ بصيرته من شهود عالم الأشباح إلى شهود عالم الأرواح
ومن شهود عالم الملك إلى شهود فضاء الملكوت
ومن فني به وانجذب إلى حضرته غاب في شهود نروه عن كل
شيء ولم يثبت مع الله شيئاً .

العارف والفانى
والفرق بين الفاني والعارف
أن العارف يثبت الأشياء بالله والفاني لا يثبت شيئاً سوى الله
العارف يقرر القدرة والحكمة , والفاني لا يرى إلا القدرة
العارف يرى الحق في الخلق كقول بعضهم :
ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله فيه والفاني لا يرى إلا الحق
يقول ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله قبله
العارف في مقام البقاء , والفاني مجذوب في مقام الفناء
الفاني سائر والعارف متمكن واصل
ومن أحب الله لم يؤثر عليه شيئاً من حظوظه وهوى نفسه
ولو كان فيه حتف أنفه , كما قال القائل :

قالت وقد سألت عن حال عاشقها
بالله صفه ولا تنقص ولا تـــــــزد

فقلت لو كان رهن الموت من ظمأ
وقلت قف عن ورود الماء لم يرد

والكلام في المحبة طويل , ذكر الشيخ في لظائف المنن منه
جمل صالحة , وكلام الشيخ رضي الله عنه من باب التدلي
فالمعرفة أعلى المقامات وقبلها الفناء
وقيل للفناء المحبة : أي أولها , فأول ما يقذف الله في قلب
عبده الذي يريد أن يصطفيه لحضرته ويعرفه به محبته
فلا يزال يلهج بذكره , ويتعب جوارحه في خدمته , ويتعطش
إلى معرفته , فلم يزل يتقرب إليه بالنوافل حتى يحبه الحق
فإذا أحبه أفناه عن نفسه , وغيبه عن حسه فكان سمعه وبصره
ويده وجملته , ثم رده إليه وأبقاءه به , فعرفه في كل شيء
ورآه قائماً بكل شيء , ظاهراً في كل شئ , والله تعالى أعلم

ولهذا الذي ذكره الشيخ علامات تدل على تحقيق تلك المقامات
فمن وجدها في نفسه كانت دعواه لتلك المقامات أو بعضها
صحيحة , ومن لم يجدها في نفسه كانت دعواه لها كاذبة
وفضيحة , فليعرف قدره ولا يتعد طوره , وبالله التوفيق


وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 27, 2011 5:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السابعة والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( إنما حجب الحق عنك شدة قربه منك , وإنما احتجب
لشدة ظهوره وخفى عن الأبصار لعظيم نوره )

ذكر فى حكمة خفائه مع شدة ظهوره ثلاث حكم :

الحكمة الأولى : شدة القرب , ولا شك أن شدة القرب توجب
الخفاء كسواد العين من الإنسان , فإن الإنسان لا يدرك
سواد عينه لشدة قربه منه
والله تعالى أقرب إليك من كل شئ .

قال تعالى :{ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس نفسه
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد }

فشدة قربه منك موجب لاضمحلالك .

قال في لطائف المنن :
فعظيم القرب هو الذي غيب عنك شهود القرب .

قال الشيخ أبو الحسن : حقيقة القرب أن تغيب في القرب عن
القرب لعظيم القرب كمن يشم رائحة المسك فلا يزال يدنو
وكلما دنا منها تزايد ريحها , فلما دخل البيت الذي فيه المسك
انقطعت رائحته عنه وأنشد بعض العارفين :

كم ذا تموه بالشعبين والعلم ... والأمر أوضح من نار على علم
أراك تسئل عن نجد وأنت بها ... وعن تهامة هذا فعل متــــهم

الحكمة الثانية : في خفائه تعالى شدة ظهوره , ولا شك أن
شدة الظهور موجب للخفاء , كما قال صاحب الهمزية :
ومن شدة الظهور الخفاء
وقد مثلوا ذلك بقرص الشمس حين يعظم شعاعه , ويتقوى
إشراقه , فإن الأبصار الضعيفة لا تقوى على مشاهدته مع
شدة ظهوره , فصار شدة الظهور موجباً للخفاء
كما قال الشاعر :

وما احتجبت إلا برفع حجابها ... ومن عجب أن الظهور تستر

فاحتجب عن الأبصار الضعيفة بلا حجاب .

الحكمة الثالثة :شدة نوره , ولا شك أن شدة النور
لعدم الإدراك , فإن البصر لا يقاوم النور الباهر .

وفي حديث مسلم في قصة الإسراء :
" قلنا يا رسول الله هل رأيت ربك ؟ قال نور أنّي أراه ؟ "

بلفظ الاستهام : أي غلبني النور كيف أراه .

وفي رواية : " رأيت نوراً " .

فيحمل على انه أول مرة رأى نوراً , ثم لم يطق مشاهدته بالبصر
مع تحقيق شهوده بالبصيرة , وانظر أيضاً البرق الخاطف
فإن البصر لا يطيق رؤيته , وأنشدوا :

بالنور يظهر ما ترى من صور ... وبه وجود الكائنات بلا امترا
لكنه يخفى لفرط ظهـــــوره ... حساً ويدركه البصير من الورى
فإذا نظرت بعين عقلك لم تجد ... شيئاً سواه على الذوات مصورا
وإذا طلبت حقيقة من غيره ... فبذيل جهــــــــــــلك لا تزال معثرا

وهذا النور الذي نتكلم فيه ليس هو حسياً , وإنما هو ما يبدو من
معان بالصفات والأسماء التي تخرج من ظلمة الجهل إلى معرفة
أسمائه وصفاته , قاله الشيخ زروق .
هو النور الأصلي الذي فاض من بحر الجبروت إلا أنه تستر
بالحكمة والعزة والقهرية .
سئل أبو القاسم النصر باذى عن قولهم :
ويظهر في الهوى عز المولى ... فيلزمني له ذل العــــــــبيد

فقال : عز الموالى الستر , لأنه لو انهتك الحجاب لتفطر الألباب .

وحاصلها ثلاثة أمور :
الأول : تلازم الدلالة على أولياء الله للدلالة على الله , بحيث
لا ينفك أحدهما عن الآخر في الغالب .
الثاني : تفسير أسرار الولاية , وهي الاطلاع على أسرار غيب
الملكوت دون اشتراط الاطلاع على أسرار العباد , لأن ذلك قد
يكون فتنة في حقه وسبباً في عقوبته إذا لم يتمكن من معرفته
مع ما فيه من حظ النفس , فربما تقصده بطاعتها فيكون رياء
في حقها , وهو من الأمراض الباطنية التي يصعب علاجها
كالاستشراف إلى اطلاع الناس على خصوصيته , ودواؤه الغيبة
عنهم , والاكتفاء بنظر الله عن نظر غيره .
الأمر الثالث : علامة وجود هذه الأسرار في العارف , وهي
شهود الحق في كل شئ , وفناؤه عن كل شئ , وإيثار محبته
على كل شئ .
فإن قلت : كيف يشهده وهوغيب ؟ قلت : بل هو ظاهر في كل
شئ , وإنما حجبه شدة قربه , وشدة ظهوره , وعظيم نوره
وإذا علمت أنه قريب , وأنه أقرب إليك من روحك وقلبك
اكتفيت بنظره , واستغنيت بعلمه عن طلبه , فإن كان ولا بد
من الدعاء , فليكن عبودية ومناجاة وتملقاً , لا سبباً للعطاء .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 03, 2011 11:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثامنة والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :



( لا يكن طلبك سبباً إلى العطاء منه , فيقل فهمك عنه
وليكن طلبك لاظهار العبودية , وقياماً ما بحقوق الربوبية )

قد تقدم في أول الكتاب أن الطلب كله معلول عند ذوي الألباب
فإن كان ولا بد من الطلب , فليكن إظهاراً للعبودية , وقياماً بحقوق
الربوبية , فلا يكن طلبك من الحق سبباً إلى العطاء منه , فيقل
فهمك عنه لأن الفهم عن الله يقتضي الاكتفاء بعمله والاستغناء
بمعرفته فلا يحتاج إلى شئ , ولا يتوقف على شئ
فإذا فقد من وجدك فلا يكن محط نظره إلا ما يبرز من عنصر القدرة
ولا يشتهي إلا ما يقتضيه عليه مولاه .
قيل لبعضهم : ماذا تشتهي ؟ قال : ما يقضي الله .

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
لا يكن حظك من الدعاء الفرح بقضاء حاجاتك ومن مناجاة محبوبك
فتكون من المحجوبين .
وقال بعضهم :
فائدة الدعاء إظهار الفاقة بين يديه وإلا فالرب يفعل ما يشاء .

قيل أن سيدنا موسى عليه السلام قال :
يا رب أطعمني فأني جائع , فأوحى الله إليه قد علمت ذلك
قال : يا رب أطعمني , قال له : حتى أريد , وهذا مقام أهل
النهايات , وأما أهل البدايات فيرخص لهم في طلب الحاجات
وفي كثرة الدعاء والتضرعات , فالدعاء في حقهم واجب أو مندوب
وفيهم ورد الترغيب في الدعاء والإلحاح فيه , قال تعالى :

{ أدعوني أستجب لكم } وقال : { أمن يجيب المضطر إذا دعاه }

وورد في بعض الأخبار أن الله تعالى قال لسيدنا موسى عليه السلام :
سلني حق ملح عجيبك تشريعاً للضعفاء , لأن الأنبياء عليهم السلام
بعثوا معلمين للضعفاء والأقوياء .

وينبغي أن يتأدب في الدعاء فلا يدعو بممنوع شرعاً , ولا ممتنع
عقلاً , ويكون بتلطف وانكسار , وظهور فاقة واضطرار لا بانبساط
وإدلال , فإن ذلك مقام الرجل أهل المكانة والكمال
ومن ذلك قول الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه في حزنه الكبير :
وليس من الكرم إلا تحسن إلا لمن أحسن إليك الخ .
وذكر في قوت القلوب أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين فخرج
سيدنا موسى عليه السلام بسبعين ألفاً من بني إسرائيل
ليستسقي لهم , فأوحى الله إليه كيف استجيب لهم وقد أظلمت
عليهم ذنوبهم , وسرائرهم خبيثة , فدعونى على غير يقين
ويأمنون مكرى ؟ ارحع إليهم فإن عبداً من عبادى يقال له برخ
قل له يخرج حتى استجيب له , فسألهم عنه موسى فلا يعرفه أحد
فبينما موسى عليه السلام يمشى في طريق , فإذا بعبد أسود
قد استقبله بين عينيه تراب من السجود , وقد عقد شملة على
عاتقه , فعرفه موسى عليه السلام بنور الله , فسلم عليه وقال :
ما اسمك ؟ قال : برزخ
فقال له : منذ حين وأنا أطلبك , أخرج فاستسق لنا , فخرج فكان
من خطابه لربه في دعائه ومناجاته : ما هذا من فعالك , وما هو
من حكمك , وما بذلك عرفت , أنقصت عليك مائك ؟ أم عاندت الرياح
عن طاعتك , أم نفذ ما عندك , أم اشتد غضبك على المذنبين ؟
ألست كنت غفاراً قبل خطأ الخاطئين ؟ خلقت الرحمة وأمرت
بالعطية فتكون لما تأمر من المخالفين , أم ترينا أنك ممتنع
أم تخشى الفوت فتعجل بالعقوبة ؟ قال :
فما زال حتى اخضلت بنو إسرائيل بالقطر
وأنبت الله العشب في نصف يوم حتى بلغ الراكب , قال :
فخرج برخ فاستقبله موسى عليه السلام وقال له :
ما هذا الخطاب الذي خاطبت به الحق ؟ فأوحى الله إليه دعه
فإن دعائه يضحكني .

فانظر هذه الحكاية كيف وقعت هذه على بساط المباسطة
التي لا يفهمها إلا أهل المكانة والتمكين , وحسب من
لم يبلغ مقامات الرجال الأدب والهيبة مع رب العالمين .


وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 08, 2011 6:06 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة التاسعة والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( كيف يكون طلبك اللاحق سبباً في عطائه السابق
جل حكم الأزل أن يضاف إلى العلل )

العطاء السابق هو ما تعلق به علمه القديم قبل أن تظهر
تجليات الأكوان , ولا شك أن الله سبحانه قدر في الأزل ما كان
وما يكون إلى أبد الأبد , فقد قسم الأزراق الحسية والمعنوية
وقدر الآجال , قال تعالى : { إنا كل شئ خلقناه بقدر }
وقال تعالى : { وكل شئ عنده بمقدار }
وقال تعالى : { وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله كتاباً مؤجلاً }

فإذا علمت أيها الإنسان أن القضاء والقدر قد سبق برزقك وأجلك
وأنه قد سبقت قسمتك وجودك , فماذا تطلب ؟ وإذا طلبت فكيف
يكون طلبك اللاحق سبباً في عطائه السابق ؟ إذ قد سبق منه
العطاء قبل أن يكون منك الطلب
جل , أي عظيم وتعالى حكم الأزل القديم أن يضاف إلى العلل
والأسباب الحادثة , إذ محال أن يتقدم الحادث على التقديم
لا وجوداً ولا حكماً

قال ذو النون المصري رضي الله عنه : التوحيد أن يعلم أن
قدرة الله في الأشياء بلا علاج , وصنعه لها بلا مزاج , وعلة
كل شئ صنعه , ولا علة لصنعه , وليس في السموات العلى
ولا في الأرضين السفلي مدبر غير الله , وكل ما يخطر ببالك فالله
مخالف لذلك . اهـ

قوله : وعلة كل شئ , الضمير في صنعه يعود على الحق تعالى
أي علة كل شئ صنع الحق له يعني أن سبب وجود الأشياء
وظهورها هو صنع الحق لها , وصنع الحق لا علة له .

وقال بعضهم : ليس في الإمكان أبدع مما كان أي باعتبار العلم
والمشيئة لا باعتبار القدرة , فالمراد بما كان القدر والقضاء
السابق , فما كونته القدرة وأظهرته لا يمكن أن يكون أبدع
منه من حيث تعلق العلم القديم , فلا يمكن تخلفه , وأن كان
العقل يجوز أن يخلق الله تعالى أبدع منه , والقدرة صالحة
ولكن لما سبق بع العلم ونفذ به القضاء لم يكن أبدع منه .

أو تقول : ليس في عالم الإمكان أبدع مما كان , فما ظهر في
عالم الإمكان وهو عالم الشهادة إلا ما كان في عالم الغيب من
المعاني القديمة , ولم يظهر أبدع منه , ولن يظهر أبداً
فافهم فالكلام صحيح على هذا الوجه , والله تعالى أعلم


وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 17, 2011 10:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثمانون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( عنايته فيك لا لشئ منك , وأين كنت حين واجهتك
عنايته , وقابلتك رعايته ؟ لم يكن في أزله إخلاص
أعمال ولا وجود أحوال , بل لم يكن هناك
إلا محض الإفضال , ووجود النوال )

مما تواترت به الأخبار والنقول ووافق المنقول المعقول
أن ما شاء الله يكون وما لم يشاء ربما لم يكن
ومشيئة تعالى قديمة لأنها عين إرادته على وفق علمه
وعلمه قديم , فكل ما يبرز في عالم الشهادة فإنما هو ما قدره
الحق في عالم الغيب :
" جفت الأقلام وطويت الصحف "
قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم
إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }
أي نظهرها , فلا سعادة ولا شقاء إلا وقد سبق بهما القدر
والقضاء السعيد من سعد في بطن أمه والشقي في بطن أمه
وقد تقدم قوله :
ما من نفس تبديه إلا وله قدر فيك يمضيه .
فإذا علمت ذلك أيها الإنسان اكتفيت بعلمه السابق
عن طلبك اللاحق , وبقي طلبك عبودية , وأدباً مع الربوبية
وإلا فعنايتك فيك سابقة على وجودك لا لشيء منك تستحق
به عنايته ومنته , وأين كنت حين واجهتك عنايته في أزله
حين سبقت لك منه العناية وكتبك في جملة أهل الرعاية والهداية ؟
ثم لما استنطقك يوم الميثاق أقررت بربوبيته , وأين كنت حين
قابلتك رعايته وحفظه , وأنت في ظلمة الأحشاء حين أجرى
عليك رزقه من عرق الدم , وحفظك في ذلك المستودع حتى
اشتدت أعضاؤك وقويت أركانك ؟ فأخرجك إلى رفقه
وما يسر لك من رزقه , لم يكن في أزله حين واجهتك عنايته
ولا في مستودعك فى الرحم حين قابلتك رعاينه , إخلاص أعمال
ولا وجود أحوال , تستحق بهما وجود النوال , بل لم يكن فى ذلك
الوقت إلا محض الإفضال وعظيم النوال .

قال الواسطي رضي الله عنه :
أقسام قسمت , ونعوت أجريت , كيف تستجلب بحركات أو تنال
بمعاملات . وقال الشاعر:

فلا عمل مني إليه اكتسبتـــــــــــه
سوى محض فضل لا بشيء يعلل

وقال آخر:
وكنت قديماً أطلب الوصل منهم
فلما أتاني العلم وارتقع الجهل

عملت بأن العبد لا طلب له
فإن قربوا فضل وان بعدوا عدل

وأن اظهروا لم يظهروا وغير وصفهم
وإن ستروا فالستر من أجلهم يحلو

وقال آخر:

قد كنت أحسب أن وصلك يشترى
بنفائس الأموال والأرباح

وظننت جهلاً أن حبك هين
تفنى عليه كرائم الأرواح

حتى رأيتك تجتبي وتخص من
تختاره بلطائف الإمناح

فعلمت أنك لا تنال بحلية
فلويت رأسي تحت طي جناحي

وجعلت في عش الغرام إقامتي
فيه غدوي دائماً ورواحي

ولهذا لم يلتفت قلب العارف لخوف ولا رجاء , ولم يبق له في
نفس غير وجه الله حاجة .

فتحصل أن الولاية وهي سر العناية لا تنال بحيلة ولا تدرك بطلب
لكن من سبقت له العناية يسر لما أريد منه .
قيل لذي النون : بم عرفت ربك ؟ قال : عرفت ربي بربي , ولولا
ربي ما عرفت ربي اهـ .

وقيل لعلى كرم الله وجهه : هل عرفت الله بمحمد أوعرفت محمداً
بالله ؟ قال : لو عرفت الله بمحمد ما عبدته ولكان محمد أوثق
فىّ من الله , ولكن الله عرفنى بنفسه فعرفت محمداً صلى الله
عليه وسلم بالله .
وهنا انتهت معرفة العارفين , أعني حين تحققوا بسابق القدر
غابوا عن أنفسهم في وجود معروفهم , فاستراحوا واستظلوا
في ظل الرضى والتسليم , وهبّ عليهم من جناب المعارف نسيم
لكن اختلفت أحوالهم في حال نهايتهم :

* الماء واحد والزهر ألوان *

فمنهم من يغلب عليه الهيبة والحياء . قال بعضهم :
من ازدادت معرفته بالله ازدادت هبيته له , ومن كان بالله أعرف
كان له أخوف , وفيهم قال الله تعالى :
{ إنما يخشى الله من عباده العلماء }

ومنهم من يغلب عليه الشوق والاشتياق . قال بعضهم :
من عرف الله اتسم بالبقاء واشتاق إلى اللقاء وضاقت عليه
الدنيا بحذافيرها .

وقال السرى : أجل مقام العارف الشوق
يقول الله تبارك وتعالى : " إن لي عباداً من عبادي
أحبهم ويحبوني وأشتاق إليهم ويشتاقون إليّ
وأذكرهم ويذكروني , وأنظر إليهم وينظرون إلىّ
من سلك طريقهم أحببته , ومن عدل عنهم مقته
قيل يا ربنا وما علامتهم ؟ قال : يراعون الظلال بالنهار
كما يراعى الراعي الشفيق غنمه , ويحنون إلى غروب الشمس
كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب , فإذا جنهم الليل
واختلط الظلام وفرشت الفرش ونصبت الأسرة , وخلا كل حبيب
بحبيبه نصبوا إلىّ أقدامهم وافترشوا إلىّ وجوههم , وناجوني
بكلامي , وتملقوا إلىّ بانعامى , فمن صارخ وباك، ومن متأوه
وشاك ومن قائم وقاعد، ومن راكع وساجد ، بعيني ما يتحملون
من أجلي وبسمعي ما يشكون من حبي , أول ما أعطيهم ثلاثاً :
أقذف في قلوبهم من نوري , فيخبرون عني كما أخبر عنهم
والثانية : لو كانت السموات والأرض وما فيهن من موازينهم
لا ستقللتها لهم
والثالثة : أقبل عليهم بوجهي أترى من أقبلت عليه بوجهي
يعلم أحد ما أريد أن أعطيه " اهـ

وقال إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه :
غيبني الشوق يوما فقلت : يا رب إن أعطيت أحداً من المحبين
ما تسكن به قلوبهم قبل لقائك فاعطني ذلك فقد أضرني القلق
فرأيت في النوم كأنه أوقفني بين يديه وقال :
يا إبراهيم أما استحييت مني أن تسألني أن أعطيك ما يسكن قلبك
قبل لقائي , وهل يسكن المشتاق قبل لقاء حبيبه ؟ فقلت :
يا رب تهت فلم أدر ما أقول فاغفر لي وعلمني ما أقول فقال :
قل اللهم رضي بقضائك , وصبرني على بلائك
وأوزعني شكر نعمائك .

ومنهم من تغلب عليه السكينة في القلب , لأن العلم واليقين
يوجبان السكون والطمأنينة فمن ازدادت معرفته ازدادت سكينته
قال تعالى : { ألا بذكر الله تطمئن القلوب }

ومنهم من يغلب عليه الدهش والحيرة . قال بعضهم :
أعرف الناس بالله أشدهم تحيراً فيه .وفي الحديث :
" اللهم زدني فيك تحيراً "

ومنهم من يغلب عليه التواضع والخضوع والذل والانكسار
قال الجنيد : العارف كالارض يطأها البارّ والفاجر , وكالسحاب
يظل الأحمر والابيض , وكالمطر يسقى الماشي والراشي .

ومنهم من تتسع معرفته ويخوض بحار التوحيد , فلا يكدره شىء
ولا يسلط عليه شيء , بل يأخذ النصيب من كل شيء
ولا يؤخذ من نصيبه , يأنس بكل شىء , ولا يستوحش
من شىء اهـ

قال أبو تراب : العارف به يصفو كدر كل شىء ولا يكدره شىء اهـ

وقال أبو سليمان الداراني : إن الله يفتح للعارف على فراشه
مالا يفتح له وهو قائم يصلي .

وقال بعضهم : العارف ن أنس بذكر الله حتى استوحش من خلقه
وافتقر إلى الله تبارك وتعالى , فأغناه عن خلقه ,وذل الى الله
تبارك وتعالى فأعزه الله فى خلقه .

وفي زبور داوود عليه السلام :
" يا داود بلغ أهل رضائي أني حبيب لمن أحبني وجليس لمن
جالسني , وأنيس لمن أنس بذكرى , وصاحب لمن صاحبنى
ومختار لمن اختارني , ومطيع لمن أطاعتي , بعزتي حلفت
ما أحبني عبد أعلم ذلك يقيناً من قلبه إلا قبلته لنفسي وأحببته
أشد مما أحبني , ومن طلبني وجدني , ومن طلب غيري
لم يجدني فارفضوا يا أهل الأرض ما أنتم عليه من غرورها
وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي , وأنسوا بذكري
أؤنسكم بى أسرعوا إلى محبتي أسرع إلى محبتكم
فإني خلقت طينة أحبتى من طينة إبراهيم خليلى
وموسى كليمي وعيسى روحى ومحمد صفيى
وخلقت قلوب المشتاقين من نورى ونعمتها
بجلالي وجمالي " اهـ

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة أغسطس 26, 2011 3:10 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الواحد والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( علم أن العباد يتشوفون إلى ظهور سر العناية فقال :
يختص برحمته من يشاء , وعلم أنه لو خلاهم وذلك
لتركوا العمل اعتماداً على الأزل , فقال :
إن رحمة الله قريب من المحسنين )

لما أخبر الله سبحانه في كتبه على ألسنة رسله أن المدار
إنما هو على السابقة فمن سبقت له العناية لا تضره الجناية
تشوق الخلق كلهم إلى ظهور هذه العناية فكل واحد يظن أنه
من أهلها , فأخبرهم الحق تعالى أن ذلك السر إنما هو للبعض
دون البعض فقال :
{ يختص برحمته من يشاء }

فأسندها إلى مشيئته دون مشيئتهم فعلموا أن ذلك إنما هو
للبعض دون الكل , لأن كل واحد يطمع أنه من ذلك البعض
فربما يتركون العمل ويعتمدون على سابق الأزل فأخبرهم
الحق تعالى أن ذلك السر له علامات تدل على من هو من أهله
ومختص به فقال :
{ إن رحمة الله قريب من المحسنين }

فالرحمة هنا هي العناية السابقة وهي قريبة من المحسنين
الذين أحسنوا عبادة ربهم وأحسنوا إلى عباد ربهم .

فتحصل أن سر العناية إنما يظهر على المحسنين المتقين
لأعمالهم المخلصين في عبودية ربهم , فمن استند إلى الحكم
السابق وترك العمل فهو مغرور أو مطرود لإبطاله الحكمة
ومن استند إلى العمل دون النظر للقدرة والمشيئة السابقة فهو
جاهل بعيد الحضرة غافل , ومن جمع بينهما فهو محقق كامل
وسر العناية إليه إن شاء الله واصل .

قال أبو عثمان المغربي رضي الله عنه :
قلوب العارفين فارغة لمفاجأة المقدور .

وقال بعضهم ليس كل من طلب نال , ولا كل من نال وصل
ولا كل من وصل أدرك , ولا كل من أدرك وجد , ولا كل من وجد
سعد , وكم من واحد حرم من المنى بمنى , وكم من واحد أدرك
من القربات غرفات , ومن أيد بالتوفيق وصل في لحظة العين
إلى عين القبول
كما حكى عن بعض الصالحين أنه رأى في منامه إبليس اللعين
ضج بالصياح والعويل , فاجتمع عليه جنوده وقالوا : مالك ؟
فقال لهم : كنت أطمع في فلان منذ سنين , فإذا به قد استوى
ظاهره وباطنه وسره وعلانيته فلم أجد إليه سبيلا , تحلى
بالصدق فامتنع مني في مقعد صدق عند مليك مقتدر اهـ


وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 01, 2011 12:30 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثانية والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( إلى المشيئة يستند كل شيء وليست تستند هي إلى شئ )

المشيئة والإرادة شئ واحد واليهما تستند الأشياء كلها
قال تعالى :
{ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله } , { ولو شاء ربك ما فعلوه }

إلى غير ذلك من الآيات الدالة على سبق المشيئة لكل شيء
وأما هي فلا تستند إلى شيء ولا تتوقف على شيء , فلا تتوقف
على سؤال ولا على طلب , فما شاء الله كان من غير سبب
ولا سؤال , وما لم يشأ ربنا لم يكن , قرب من شاء بلا عمل
وبعد من شاء بلا سبب :
{ لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون }

فقاعدة التحقيق ما هى إلا سابقة التوفيق .

قال أبو بكر الواسطي رضي الله عنه : إن الله لا يقرب فقيراً
لأجل فقره , ولا يبعد غنياً لأجل غناه , وليس للأعراض عنده
خطر حتى بها يوصل وبها يقطع , ولو بذلت الدنيا والآخرة
ما أوصلك إليه بها , ولو أخذتها كلها ما قطعك بها
قرب من شاء بغير علة , وقطع من شاء من غير علة
كما قال تعالى : { ومن لم يجعل الله نوراً فما له نور }

فالنظر إلى المشيئة حقيقة , والنظر إلى السبب شريعة .

أو تقول : النظر إلى المشيئة قدرة , والنظر إلى الأسباب حكمة
ولا بد من الجمع بينهما , فالحقيقة معينة , والشريعة مبينة
الشريعة حكمة , والحقيقة قدرة , والحقيقة حاكمة على الشريعة
في الباطن , والشريعة حاكمة على الحقيقة في الظاهر, وليس
حكم القدرة بأولى من وصف الحكمة في محله ولا بالعكس .

قال الشطيبى : واعلم أن الناس أربعة :
ناظر في السوابق لعلمه بأن الحكم الأزلي لا يتغير باكتساب العبد
وناظر في العواقب لعلمه بأن الأعمال بخواتمها , وناظر للوقت
لا يشتغل السوابق ولا بالعواقب غير أداء ما كلف به من حكم الوقت
عالم بأن العارف ابن وقته , لا يهتم بماض ولا مستقبل ولا يرى غير
الوقت الذي هو فيه وناظر لله وحده لعلمه بأن الماضي والمستقبل
والحال متقلبون في قبضته متصرفون في حكمه , والأوقات كلها
قابلة للتغير وتبديل الحال فلا يراها , وإنما يراقب من كل شيء بيده .

وقد أراد بعضهم الخروج من بين يدي بعض المشايخ , فقال له
الشيخ أين تريد ؟ فقال : يا سيدي لئلا أشغلك عن وقتك , فقال له
ليس عند الله وقت ولا مقت , إنما نرى رب الوقت لا الوقت
ومن تمكنت فيه حالة الشهود غاب بالموجد عن الوجود :
{ وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود } .

حكي أن رجلاً قال لأبي يزيد : أين أبو يزيد ؟ فقال له :
ليس هنا أبو يزيد .

وقال رجل للشبلي : أين الشبلي ؟ قال : مات لا رحمة الله
إنما عني الشبلي لارده الله لإحساسه عن مشاهدته لربه .

ورأى أبو يزيد رجلاً في المسجد يسئل عنه , فقال له :
وأنا أطلبه منذ سنين فظن أنه مجنون فلما أعلم أنه هو قال له
يا سيدي عليك أسأل ولك أطلب , فقال له أبو يزيد :
الذي تطلب قد ذهب في الذاهبين في الله بالله لله فلا رده الله

وحاصلها : آداب السؤال والطلب , وأنه ينبغي أن يكون عبودية
لا سبباً في العطاء , إذ قد سبقت قسمتك في الأزل قبل أن يكون
منك طلب فعنايته سابقة : { يختص برحمته من يشاء }

لكن الحكمة تقتضي وجود العمل , فوجود العمل أمارة على
خصوصية الأزل مع توقف ذلك على المشيئة , لأنها يستند
إليها كل شيء ولا تستند هي لشيء , فلزم السكون
والأدب حتى ترك الطلب

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 07, 2011 1:38 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثالثة والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( ربما دلهم الأدب على ترك الطلب )

الظاهر أن رب هنا للتكثير , لأن الغالب على العارفين وأهل
الفناء السكوت تحت مجاري الأقدار , فصدور الطلب منهم
قليل , لأن العارف فإن عن نفسه غائب عن حسه , ليس له
عن نفسه أخبار , ولا مع غير الله قرار , فلا يتصور منه سؤال
ولا فوات مأمول :

" من شغله ذكرى عن مسئلتي اعطيته أفضل ما أعطى السائلين "

الأشياء تشتاق إليه وهو غنى عنها :

" اشتاقت الجنة إلى عمار وصهيب وبلال " كما في الحديث .

والحاصل أن العبد ما دام غائباً عن نفسه فإن في شهود ربه
منقطعاً عن حسه لا يتصور منه طلب أصلاً
إذ الطلب يقتضي وجود الاثنينية , والغرض أنه غريق في بحر
الوحدة فطلبه حينئذ سوء أدب في حقه , فإن رد إلى الشعور
بنفسه وهو مقام البقاء قد يتصور منه السؤال على وجه العبودية
لا على وجه الاقتضاء والطلب كما تقدم .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 14, 2011 4:00 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الرابعة والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( اعتماداً على قسمته واشتغالاً بذكره عن مسئلته )

أما الاعتماد على القسمة الأزليةفقد تقدم الكلام عليها
في الحكمة قبل هذه , وأما الاشتغال بالذكر عن المسألة
فقد تقدم قريباً في الحديث :
" من شغله ذكرى عن مسئلتي "

وقال الواسطى رضي الله عنه :
ما جرى لك في الأزل خير من معارضة الوقت يعني
بالطلب للحظ .

وقال القشيري : إذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء دعا
كما إذا وجد نشاطاً أو انبساطاً للدعاء فالدعاء أولى
وإذا وجد في قلبه قبضاً فالسكوت أولى .

وقال بعضهم : ما سألت الله تعالى بلسانى شيئاً منذ
خمسين سنة ولا أريد أن أدعو ولا أن يدعي لي اهـ .
وذلك لأن الله سبحانه ليس بغافل حتى يذكر
بل هو عليم بخفيات أمورك فيأتيك منها ما قسم لك .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 3:28 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخامسة والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( إنما يذكر من يجوز عليه الإغفال )

وقد قال تعالى :{ وما الله بغافل عما تعملون }
{ أليس الله بكاف عبده }

ولا يحتاج إلى تنبيه لأنه لا يهملك فيما هو من قسمتك .

كما بينه بقوله :

( وإنما ينبه من يجوز عليه الإهمال )

والحق تعالى لا يجوز عليه الاهمال لكمال قدرته وإحاطة
علمه ولكن حكمته اقتضت ارتباط الأسباب والعلل
وتقديم الأشياء وتأخيرها .
قال تعالى : { وكل شيء عنده بمقدار }

فمن كمل يقينه اكتفى بتدبير الحق عن تدبيره , واستغنى
بعلم الله عن استعجاله , ورضي بتصريف الحق فيما يفعل
فيكون إبراهيمياً حنيفياً , ولا شك أن من كان على ملة
سيدنا إبراهيم عليه السلام اقتدى به , وقد كان بين السماء
والأرض حين رمى به فاستغني بعلم الله عن سؤال , فكانت
حالة سيدنا إبراهيم عليه السلام في ذلك الوقت الاستغراق
في الحقيقة فلما رد للشرائع دعا فقال :
{ رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين }
{ رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين }

وكذلك الأنبياء عليهم السلام أكثروا من الدعاء للتشريع
والتعليم وإظهار الفاقات التي هي مواسم وأعياد .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 28, 2011 11:03 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السادسة والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ورود الفاقات أعياد المريدين )

الأعياد جمع عيد : وهو ما يعود على الناس بالأفراح والمسرة
فالعوام فرحهم ومسرتهم بالحظوظ والعوائد الجسمانية
والخواص فرحهم بإقبال الملك عليهم ووجود قلوبهم , وصفاء
وقتهم من كدرات الأغيار, والغالب أن هذه المعاني إنما توجد
عند الفاقة والحيرة والاضطرار حيث ينقطع حظ النفس فيها , لأن
النفس كما ضيقت عليها رحلت إلى عالم الملكوت , وفي ذلك
العالم راحتها وفرحها ومسرتها , قال تعالى :
{ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى
فإن الجنة هي المأوي }

وهما جنتان معجلة ومؤجلة , فلأجل هذا آثرت الصوفية الفقر
على الغنى , والشدة على الرخاء , والذل على العز, والمرض
على الصحة , لما يحصل لهم بذلك من الرقة والحلاوة
وكلما ازدادوا فاقة زادهم الله قرباً وولاء .

وكان بعضهم يطوف حول الكعبة ويقول :

مؤتزر بشملتي كما تري ... وصبيـــــــــــة باكية كما ترى
وامرأتي عريانة كما تري ... يا من يرى الذي بنا ولا يرى
أما ترى ما حل أما ترى
فسمعه بعضهم فجمع له كسرا ودفعها إليه , فقال له إليك
عني لو كان معي شيء لما أمكنني أن أقول هذا القول .

وقال أبو اسحق الهروي رضي الله عنه :
من أراد أن يبلغ الشرف كل الشرف فليختر سبعاً على سبع
فإن الصالحين اختاروها حتى بلغوا سنام الخير :
اختاروا الفقرعلى الغنى , والجوع على الشبع , والدون على
المرتفع , والذل على العز ,والتواضع على الكبر, والحزن على
الفرح , والموت على الحياة اهـ

وقال بعضهم : إن الفقير الصادق ليتحرز من الغنى حذراً أن يدخله
فيفسد عليه فقره , كما يتحرز الغنى من الفقر حذرا أن يفسد
عليه غناه , وأنشدوا في أعياد العارفين :

قالوا عدا العيد ماذا أنت لابسه
فقلت خلعة ساق حبه جرعا

فقر صبر هما ثوباي تحتهما
قلب يرى إلفه الأعياد والجمعا

أحرى الملابس أن تلقى الحبيب به
يوم التزاور في الثوب الذي خلعا

الدهر لي مأثم أن غبت يا أملي
والعيد ما كنت مرأى لي ومستعماً

وقال آخر:
قالت هنا العيد بالبشرى فقلت لها
العيد والبشر عندي يوم لقياك

الله يعلم أن الناس قد فرحــــــوا
فيه وما فرحتي إلا برؤياك

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 7:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السابعة والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما وجدت من المزيد في الفاقات مالا تجد في الصوم
والصلاة , الفاقات : بسط المواهب , إن أردت بسط
المواهب عليك صحح الفقر, والفاقة لديك
إنما الصدقات للفقراء والمساكين )

إنما كان الإنسان يجد في الفاقة من المزيد ما لا يجده
في الصوم والصلاة , لأن الفاقة من أعمال القلوب والصوم
والصلاة من أعمال الجوارح , والذرة من أعمال القلوب
أفضل من أمثال الجبال من أعمال الجوارح
والفاقات قوت الروح , والصوم والصلاة من أعمال الجوارح
والذرة من أعمال القلوب أفضل من أمثال الجبال من
أعمال الجوارح الفاقات قوت الروح , والصوم والصلاة
قوت القلب والروح محل المشاهدة والقلب محل المراقبة
وما بينهما معلوم .

قال بعضهم : أعلم أن المدد الذي هو الفتح الرباني إنما
يقع في القلوب الفارغة من العوائق والشواغل , وقد
يوجد العبد كثير الصلاة والصيام وباب قلبه مسدود
لاشتغاله بأمور دنياه وهم الأكثر من الناس
وقد يوجد العبد قليل الصوم والصلاة وباب قلبه مفتوح
للعلوم اللدنية والتنزلات الفهمية وهم الأقلون من الناس
وكل العبادات يدخله الرياء إلا الخمول لكونه
لاحظ للنفس فيه اهـ

وفي بعض الأخبار :
" يقول الله تبارك وتعالى لعبده :
سبكتك بالفاقة لتكون ذهباً " الحديث .

قال في التنوير : اعلم أن في البلايا والفاقات من أسرار
الألطاف ما لا يفهمه إلا ألو البصائر , ولم يكن إلا تذلل
النفس وتحقيرها وقطعها عن حظوظها , لكان في ذلك
غاية المطلوب منها .
وقد قيل : حيثما وقعت الذلة وقعت معها النصرة
قال الله العظيم : { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة } اهـ

فإذا أردت أيها الفقير بسط المواهب وورودها عليك
فصحح الفقر والفاقة لديك فإذا صححت الفاقة والفقر عندك
فاستعد لكتب المواهب , فإنها ترد عليك كالسحاب وقد قلت
في هذا قصيدة سيأتي ذكرها قريباً إن شاء الله :

وإن ردن بسط المواهب عاجلاً
ففي الفاقة ريح المواهب ينشر

والمراد بالمواهب : معارف وكشوفات وطمأنينة وحكم
وعلوم وأسرار , ترد على القلوب من خزائن الغيوب
حال صفائها وتصفيتها من الغيرية , واصفى ما يكون
القلب حين تذهب النفس , وذهاب النفس إنما يكون بترك
حظوظها , ولا يتحقق ذلك في الغالب إلا في حال الفاقة
والفقر, ولذلك كانوا يفرحون بالفقر ويحزنون من الغنى .

فتح على بعضهم بشيء من الدنيا فقال :
هذه عقوبة لم أدر ما سببها
وقال الهروي : الفقر صفة مهجور, وهو ألذ ما يناله
العارف لكونها تدخله على الله وتجلسه بين يديه
وهم أعم المقامات حكماً لقطع العوائق , والتجرد من
العلائق , واشتغال القلب بالله .

قيل : الصادق لا يملك ولا يملك .
وقيل لسهل رضي الله عنه : متى يستريح الفقير ؟
قال : إذ لم ير في كل وقت غير ربه .
وقال الشبلي : الفقير لا يستغني بشيء دون الله .

وقال السهروردي في عوارف المعارف :
الفقر أساس التصويف , وبه قوامه , ويلزم من وجود
التصرف وجود الفقر , لأن التصوف اسم جامع لمعاني
الفقر والزهد , مع زيادة أحوال لا بد منها للصوفي
وإن كان فقيراً زاهداً .
وقال بعضهم : نهاية الفقر بداية التصرف , لأن التصرف
اسم جامع لكل خلق سني والخروج عن كل خلق دنى
لكنهم اتفقوا أن لا دخول على الله إلا من باب الفقر
ومن لم يتحقق بالفقر لم يتحقق بشيء مما أشار إليه القوم .

والتحقق بالفقر : هو الاستئناس به , والاعتباط بحصوله
والاستقرار معه حتى يكون عنده أحلى من العسل ويكون
المال عنده أمر من الحنظل فحينئذ تترادف عليه المواهب
وتتسع له المعارف حتى يكون أغنى الأغنياء .

قال بعض الصالحين : كان لي بعض مال فرأيت فقيراً في
الحرم جالساً منذ أيام ولا يأكل ولا يشرب وعليه أطمار
رثة , فقلت : أغنيه بهذا المال , فألقيته في حجره
وقلت : استعن بهذا على دنياك فنفض بها في الحصباء
وقال لي : اشتريت هذه الجلسة مع ربي بما ملكت
وأنت تفسدها على , ثم انصرف وتركني ألقطها
فو الله ما رأيت أعز منه لما بددها , ولا أذل مني
لما كنت التقطها
وهذا هو تصحيح الفقر والفاقة ظاهراً وباطناً .

وكان بعضهم إذا أصبح عنده شيء أصبح حزيناً, وإذا
لم يصبح عنده شئ أصبح فرحاً مسروراً فقيل له :
إنما الناس بعكس هذا
فقال : إني إذا لم يصبح عندي شيء فلى برسول الله
أسوة حسنة وإذا أصبح عندي شيء لم يكن لي برسول
الله أسوة حسنة
قلت : وهذه حالة أشياخنا رضي الله عنهم حسبما
استقريناه من حالهم .

وقد بلغني أن شيخ شيخنا مولاي العربي رضي الله عنه
كان يشعل الفتيلة وينظر في نواحي البيت إذا وجد شيئاً
أخرجه يتصدق به ويبيت على الفاقة هكذا كان حاله في
حال تجريده رضي الله عنه :
هذا واستشهد المؤلف رضي الله عنه بالآية الكريمة :
{ إنما الصدقات للفقراء والمساكين }
إشارة إلى أن ما يهبه الله تعالى من المواهب والمعارف
إنما هي صدقة ومنه لاجزاء على الأعمال والأحوال
لأن الصدقة لا تكون في مقابلة عمل :
{ وإن الله لغني عن العالمين }

ثم التحقق بالفقر مجموعة التحقق بأوصاف العبودية
وهي الذل والعجز والضعف

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أكتوبر 13, 2011 1:53 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثامنة والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه , وتحقق بذلك يمدك بعزته
وتحقق بعجزك يمدك بقدرته , وتحقق بضعفك يمدك
بحوله وقوته )

أوصاف العبودية أربعة يقابلها من أوصاف الربوبية أربعة :

أولها : من العبد الفقر ومن الله الغني
الثاني : من العبد الذل ومن الله العز
الثالث : من العبد العجز ومن الله القدرة
الرابع : من العبد الضعف ومن الله القوة
والتحقق بالوصف هو التحلي والاتصاف به قلباً وقالباً
ويكون ذلك بادياً بين خلقه , فلا يتحقق الذل لله حتى يظهر ذلك
بين عباده , فمن أراد أن يمده الله بالغنى به عما سواه فليتحقق
بالفقر مما سواه كما قال الشيخ أبو الحسن في حزبه الكبير :
نسئلك الفقر مما سواك والغنى بك , حتى لا نشهد إلا إياك .

ومن أراد أن يمده الله بالعز الذي لا يفنى , فليتحققي بالذل لله
والتواضع بين خلقه , فمن تواضع دون قدره رفعه الله فوق قدره
ومن أراد أن يمده الله بالقدرة الخارقة للعوائد فليتحقق بعجزه
ويتبرأ من حوله وقوته , ومن أراد أن يمده الله بالقوة على طاعة
مولاه ومجاهدة نفسه وهواه فليتحقق بضعفه ويسند أمره إلى
سيده فبقدر ما تعطى تأخذ و بقدر نا تتخلق تتحقق
وبقدر ما تتحقق بوصفك يمدك بوصفه , وقد كنت قلت في ذلك
أبياتاً وهي هذه :

تحقق بوصف الفقر في كل لحظة
فما أسرع الغنى إذا صحح الفقر

وإن تردن بسط المواهب عاجلاً
ففي الفاقة ريح المواهب ينشر

وإن تردن عزا منيعاً مؤيداً
ففي الذل يخفي العزّ بل ثمّ يظهر

وإن تردن رفعًا لقدرك عالياً
ففى وضعك النفس الدنية يحضر

وإن ترد العرفان فافن عن الورى
وعن كل مطلوب سوي الحق تظفر

تري الحق في الأشياء حين تلطفت
ففي كل موجود حبيبي ظاهر

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
وتصحيح العبودية , بملازمة الفقر والضعف والذل لله تعالى
وأضدادها أوصاف الربوبية فما لك ولها ؟
فلازم أوصافك وتعلق بأوصافه , وقل من بساط الفقر الحقيقي
يا غنى من للفقير سواك ، ومن بساط الضعف الحقيقي :
يا قوي من للضعيف سواك ، ومن بساط العجز الحقيقي :
يا قادر من للعاجز سواك ، ومن بساط الذل الحقيقي :
يا عزيز من للذليل سواك ، تجد الإجابة كأنها طوع يدك :
{ واستعينوا بالله واصبروا }, { إن الله مع الصابرين }.

ولا يصح التحقق بالوصف حتى يتعلق بأضدادها من مولاه
فلا يلتجيء في فقره ولا عجزه ولا ضعفه إلى أحد سواه .

روى أن بعض الملكوك قال لبعض الفقراء : ما يكون لك من
حاجة فارفعها إلىّ , فقال له الفقير: قد رفعت حوائجي لمن هو
أقدر منك , فما أعطاني منها رضيت به , ومامنعني منها رضيت
عنه , فقال له : ولا لك حاجة عندي ؟ قال : بلى , قال :
وما هي ؟ قال : لا تراني ولا نراك وانشدوا :

ملكت نفسي وكنت عبداً
فزال رقي وطاب عيشى

أصبحت أرضى بحكم ربي
أن لم أكن راضياً فأيشى

فهذا هو التعلق بوصف الربوبية , والتعزز بالله لا يفنى عزه .
قال الله تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } .
ومن تعزز بالله ذل له كل شيء .

وقد حج شيبان الراعي مع سفيان الثوري , فلما كانا في البرية
عرض لهما سبع , فأخذ سفيان خارج الطريق ومضى إليه شيبان
ثم عرك أذنه فلم يزد أن حرك ذنبه وبصبص وانصرف
فقال له : سفيان ما هذا يا شيبان ؟ فقال له :
لو شئت أن أركبه إلي مكة لفعلت .

وكانت عجوز تأتي كل يوم لبيت السرى السقطيي فتكنس
بيته وتسوق له بعض القوت , فسئل من هي ؟ فقال :
الدينا سخرها الله لي لما زهدت فيها , وفي هذا المعنى ورد
الحديث : يقول الله تعالى للدنيا :
" يا دنيا اخدمي من خدمني , واتعبي من خدمك " .

وقال إبراهيم بن أدهم : من طلب الفقر استقبله الغنى
ومن طلب الغنى استقبله الفقر , والغنى هو الغنى بالله .

وقال سهل رضي الله عنه : لم يشم رائحة اليقين من ركن
لغير الله .
وقال أبو تراب : رأيت شاباً في البادية يمشي بلا زاد , فقلت
في هذا الموضع بلا زاد ؟ قال : لست أرى غير الله , فقلت :
اذهب الآن حيث شئت .
وقال إبراهيم الخواص : لقيت فقيراً في البادية فقلت له :
إلى أين ؟ فقال إلى مكة , قلت : بلا زاد ولا راحلة ؟ فقال :
الذي يمسك السموات والأراضين ويحفظها لا يعجزه قوتي
بلا سبب ولا علاقة , فقلت : صدقت , ثم رأيته بعد ذلك
في مكة وهو يطوف ويقول :
يا عين سحي أبداً ... يا نفس موتى كمدا
ولا تحبي أحــداً ... إلا الإله الصمدا

فلما رآني قال لي : ما زلت على ضعف يقينك ؟
فقلت لا , بل اعلم أن الله على كل شىء قدير اهـ

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أكتوبر 24, 2011 10:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19594

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة التاسعة والثمانون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما رزق الكارمة من لم تكمل له الإستقامة )

الكرامة الحسية هي خرق الحس العادى , كالمشى على الماء
والطيران في الهواء وعلى الأرض , ونبع الماء , وجلب الطعام
والإطلاع على المغيبات , وغير ذلك من خوارق العادات .

والكرامة المعنوية : هي استقامة العبد مع ربه في الظاهر والباطن
وكشف الحجاب عن قلبه حتى عرف مولاه , والظفر بنفسه
ومخالفة هواه , وقوة يقينه وسكونه , وطمأنينته بالله
والمعتبر عند المحققين هي هذه الكارمة وأما الكرامة الحسية
فلا يطلبونها ولا يلتفتون إليها , إذ قد تظهر على يد من لم
تكمل استقامته , بل قد تظهر على يد من لا استقامة له أصلاً
كالسحرة والكهان , وقد تظهر على أيدي الرهبان وليست
بكرامة إنما هي استدراج .

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
إنما هما كرامتان جامعتان محيطتان :
كرامة الإيمان بمزيد الإيقان وشهود العيان
وكرامة العمل على الإقتداء والمتابعة , ومجانية الدعاوي
والمخادعة , فمن أعطيهما ثم جعل يشتاق إلى غيرها فهو
عبد مغتر كذاب , أو ذو خطأ في العلم والعمل بالصواب
كمن اكرم بشهود الملك على نعت الرضا , فجعل يشتاق إلى
سياسة الداوب وخلع المرضي .
قال : وكل كرامة لا يصحبها الرضا عن الله ومن الله فصاحبها
مستدرج مغروراً , وناقص أو هالك أو مثبورً اهـ

وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
ليس الشأن من تطوى له الأرض فإذا هو بمكة أو غيرها من
البلدان , إنما الشأن من تطوى له صفات نفسه فإذا هو عند ربه .

والكرامة الحقيقة : هي الاستقامة على الدين وحصول كمال اليقين
وأما خوارق العادات الحسية فإن صحبتها الاستقامة ظاهراً وباطناً
وجب تعظيم صاحبها , لأنها شاهدة له بالكمال مما هو فيه
وإن لم تصحبها استقامة فلا عبرة بها .

والغلب أن أهل الباطن كرامتهم باطنية , ككشف الحجب ومزيد
الإيمان , ومعرفة الشهود والعيان , وكذلك عقوبة من آذاهم جلّها
باطنية لا يتفطنون لها , كقساوة القلب والإنهماك في الذنوب
والغفلة عن الله والبعد عن حضرته , ولكن لا يشعرون
وهي أعظم من العقوبة في الحس .

والحاصل : أن أهل الاستقامة الظاهرية كرامتهم ظاهرية حسية
وأهل الاستقامة الباطنية كرامتهم باطنية معنوية
أهل الظاهر من آذاهم عوقب في الظاهر
وأهل الباطن من آذاهم عوقب في الباطن , وقد لا يعاقب
لأنهم رحمة , كل من قرب منهم شملته الرحمة كان قربه تسليماً
أو إنكاراً , هم قوم لا يشقى جليسهم على قدم النبي صلى الله
عليه وسلم حيث قال :

" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "

وكل ولي أراد الله تعالى أن ينتفع الناس على يده لا يعاجل بالعقوبة
من آذاه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خّيره ملك
الجبال فحلم صلى الله عليه وسلم وعفا , وقال :

" لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يقول : لا إله إلا الله "
والله تعالى أعلم .

وأعظم الكرامة الفهم عن الله , والرضا بقضاء الله وترك التدبير
والاختيار مع الله , وإقامة العبد حيث إقامة الله

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 12, 13, 14, 15, 16, 17, 18 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط