بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله أجمعين ... وبعد
أخى الحبيب الفاضل / أسد المقام الحسينى .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لى معك فى هذه المشاركة – إن أذنت – مسألتان :
الأولى : تخريج الرواية الواردة عن الإمام الجليل أحمد . والثانية : فوائد حول معانى الرواية .
أما المسألة الأولى .. فقد اعتمد الإمام الجليل أحمد فى مقولته ( يا عباد الله دلونا على الطريق ) على حديث عتبة بن غزوان .. الذى رواه الطبرانى عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا ضل أحدكم شيئاً أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل : يا عباد الله أعينوني , فإن لله عباداً لا نراهم ) وقد جرب ذلك . قال الهيثمى فى مجمع الزوائد (4/401) : رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم , إلا أن يزيد بن علي لم يدرك عتبة .
يقول العبد الفقير مريد الحق : فهذا إسناد فيه ضعف , للانقطاع بين يزيد بن علي وعتبة بن غزوان .
وله شاهد .. من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضِ فَلاةٍ فَلْيُنَاد ِ: يَا عِبَادَ اللَّهِ ، احْبِسُوا عَلَيَّ ، يَا عِبَادَ اللَّهِ احْبِسُوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي الأَرْضِ حَاضِرًا سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُمْ ) أخرجه الطبرانى فى الكبير(9/67) وأبو يعلى فى مسنده (11/32) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد (4/401) : فيه معروف بن حسان وهو ضعيف .
وله شاهد آخر ... من حديث ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر, فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله ) . رواه الطبراني ورجاله ثقات . كذا قال الهيثمى فى مجمع الزوائد (4/401) , وبوب له : ما يقول إذا انفلتت دابته أو أراد غوثاً أو أضل شيئاً .
وأما المسألة الثانية ... ففيها فائدتان :
الأولى ... أن فى استدلال الإمام أحمد بحديث عتبة بن غزوان .. الذى رواه الطبرانى , وفيه انقطاع .. درسا تطبيقيا عمليا لقاعدة عمل الإمام أحمد بالحديث الضعيف .. خلافا للخوارج الذين يعاملون الحديث الضعيف معاملة الموضوع ... ومع ذلك يزعمون – زورا وبهتانا – أنهم ينتسبون للإمام الجليل أحمد ..
ويطنطن كبيرهم ابن تيمية فى هذا الموضوع ... بأن العمل بالضعيف عند الإمام أحمد .. المقصود به .. الحديث الحسن - طبعا تأليف منه وتزوير على عادته - ثم يتجرأ .. ويصف علماء الأمة أنهم لم يكونوا يعرفون تقسيم الأحاديث .. تلك التقسيمة الثلاثية .. وهى : الصحيح والحسن والضعيف .. وإنما كان قصدهم بالضعيف ... أى الحديث الحسن .
طبعا كلام فارغ .. وفرض عضلات ... وقد رد عليه أبلغ رد .. العلامة اللكنوى .. فى كتاب " الرفع والتكميل " وللشيخ عبد الفتاح أبو غدة عليه تعليقات جيدة .
وأما الفائدة الثانية ... فهى خاصة بسؤال .. والاستغاثة .. بالمخلوقين فى الملمات .. والشدائد .. وذلك واضح جلى من كلام الصادق المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم .. انظر وتمعن فى اللفظ النبوى
( إذا ضل أحدكم شيئاً أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل : يا عباد الله أعينوني , فإن لله عباداً لا نراهم ) .
( إِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضِ فَلاةٍ فَلْيُنَاد ِ: يَا عِبَادَ اللَّهِ احْبِسُوا عَلَيَّ ، يَا عِبَادَ اللَّهِ احْبِسُوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي الأَرْضِ حَاضِرًا سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُمْ ) .
( إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر, فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله ) .
إذن ... فليس كل نداء أو طلب من غائب .. يعتبر شركا .. كما يدعى الخوارج المتمسلفة .
وأيضا ... فلم يدل الصادق المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم من هذا حاله .. ومن فى هذا المأزق .. أن يسأل الله !!!!!! أليس غريبا !!!
والحقيقة .. أنه لا غرابة ... ولكن الناس لايعلمون ... أن الله شاءت حكمته أن يجعل صنفا من خلقه يستطيع التصريف – بإذن الله – فى أمور كثيرة ... وذلك لرفيع شأنهم .. وعلو قدرهم عند مولانا العظيم جل وعلا ... وحتى يعلم الناس أن لله تعالى خلقا مخصوصين .
فانظر .. ماذا قال السيد جبريل عليه السلام عندما أرسله الله تعالى للسيدة مريم العذراء ببشارة مولد السيد المسيح ... ماذا قال السيد جبريل عليه السلام ..
( إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ) .. فصدر الكلام وبدأه .. بأنه رسول من عند الله ... وأن ماسيحدث لها من خارق للعادة ليس من حوله ولا قوته .. ثم قال بعد ذلك (لأهب لك غلاما زكيا) ..
سبحان الله .. مامعنى (لأهب لك غلاما زكيا) ... أليس الله تعالى هو الذى يهب الخلق .. الأولاد والذرية .. كما قال تعالى (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) )!!!
هذا – والله أعلم – تصريف بإذن الله فى كون الله .. ويظهر للبشر .. إما فى شكل معجزة .. أو فى شكل كرامة .. والخالق الوهاب على الحقيقة .. هو العلى الأعلى ربنا تبارك وتعالى .
وإنما ظهرت القدرة الإلهية .. والتصريف على يد أحد الخلق .. من باب إظهار علو درجتهم .. وعظم شأنهم ... وهم مظهر القدرة .. كما قال تعالى ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) .. أمر عجيب .. لذلك قال بعدها : (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ )
انا آسف يا أحباب .. الظاهر إنى سرحت .. وطولت .. استغفر الله لى ولكم .
وصل اللهم على سيدنا ومولانا رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين وسلم , وعظم وشرف وكرم .
|