ومثال ذلك عندما يقول الخوارج نحن نثبث لله الآتي :
يد حقيقية
وجه حقيقي
عين حقيقية
قدم حقيقية
ساق حقيقية
أصابع حقيقية
هرولة حقيقية
نزول حقيقي
نفس حقيقية
رداء حقيقي
إزار حقيقي
ظل حقيقي
وغير ذلك من أبعاض وأجزاء حقيقية وألفاظ دالة على التجسيم بل وصل الأمر ببعضهم إلى نسبة الأذية والملل لله.
ثم بعد ذلك يزعمون أنه لا يلزم من إثبات ذلك التجسيم كونهم يقولون يدا ليست كأيدينا وهكذا.
وهنا نقول لهم أنتم نفيتم المماثلة لكنكم أثبتم التبعيض بنسبة اليد لله حقيقة مثلا
فاليد غير العين غير الساق وهكذا
وبالتالي أنتم تثبتون ذاتا مبعضة لها أجزاء ولا مهرب هنا بأن تقولوا لا يلزم من ذلك التبعيض كما أنه لا يلزم من وصف الله بالعلم والبصر والسمع التعدد والتبعيض.
فنقول إن السمع والبصر مثلا هي صفات دالة على ذات واحدة ولا تدل على تبعيض الذات.
في حين نسبة اليد والعين والساق للذات يلزم منه التبعيض والتحيز لا محالة.
فاليد غير العين وهكذا وهذا تقسيم للذات يلزم منه التركيب من أجزاء وما كان مركبا كان حادثا.
وعليه كان القول بإثبات اليد وغيرها تجسيما محضا كون الإثبات هنا لأبعاض حقيقية وليس صفات للذات.
والعرب بحسب ظاهر لغتهم لم يطلقوا على الأعضاء والأبعاض وصف صفة.
وإن كانت الخوارج تصر على فهم الآيات بحسب الظاهر فإن الظاهر في لغة العرب عدم إطلاق كلمة صفة على العضو.
إذا قول الوهابية بإثبات الأبعاض حقيقة يلزم منه أن يكون الله مبعضا مركبا مقسما إلى يد وعين وساق وغير ذلك وهذا من لوازم الأجسام.
كما يلزم أن يكون حيز اليد غير حيز الساق وهكذا والعياذ بالله.
فكان قولهم هو التجسيم المحض ولا ينفعهم نفي المماثلة أو الشبهة فهم أثبتوا التبعيض والتحيز والتركيب.
لكنهم يزعمون أنهم جهلوا كيفية هذه الصفات تأكيدا بأنهم يرون هذه الأبعاض حقيقية لها هيئة وصورة وشكل وتصور لكن خفيت عنهم
بعدها سيقولون إن نفي الصفات تعطيل وأنتم جهمية.
فنقول لهؤلاء :
ما عرفتم الجهمية حتى تحكموا على غيركم بذلك ولا عرفتم مذهب السلف.
فالسلف قالوا : إن الله مثلا قال يد فنثبت اليد لأنها حق ورد في القرآن ولا سبيل لإنكار ذلك فنثبت أن لله يدا.
لكن ماذا ؟!
ليست يدا حقيقية لأن اليد الحقيقية في لغة العرب هي الجارحة والله منزه عن ذلك.
وبهذا انتفى المعنى الظاهر في لغة العرب عن الله كونه يدل على الجارحة وهو منفي عن الله.
وهنا كان مذهب السلف نؤمن باليد ونفوض معناها إلى الله فنؤمن بها على مراد الله.
وهنا كان التصريح الذي لا لبس فيه من كلام الشافعي بالإيمان بهذه الصفات على مراد الله.
ولماذا مراد الله ؟
لأن المعنى الظاهر في لغة العرب وهو الجارجة منفي عن الله.
ولأن لكلمة اليد في اللغة العربية 24 معنى مجازي وليس هناك مرجح لإحداها.
لذا كان الاسلم الإيمان بها على مراد الله.
لكن بدعة التجسيم بوجود أناس من العجم حملوا الآيات على الجارحة ووافقهم بعض الجهال من العرب أضطر العلماء إلى تأويل الصفات باختيار معنى مجازي محتمل حماية للناس من التجسيم وهذا جائز للضرورة الداعية إليه وليس بدعة كما تزعم الوهابية كون التأويل ورد عن السلف.
فالتأويل له ما يوجبه دفعا للتجسيم ولتنزيه الله وهو لا يختلف عن مذهب السلف بترك الخوض في الصفات لأن كلاهما فيه تنزيه بخلاف مذهب المجسمة القائل بحمل الصفات على المعنى الظاهر في لغة العرب وهو الجارحة.
وبهذا يتبين أننا قلنا وأثبتنا ما جاء في القرآن ولم نكن مثل الجهمية التي قالت ليس لله يد مثلا.
بل نحن نقول لله يد لكن ليست يدا حقيقية جارحة.
فنؤمن باليد على مراد الله وفق مذهب السلف وهذا إثبات وليس تعطيل فالإثبات ليس كما يتوهم الوهابية لا يكون إلا بأن أقول أنها حقيقية فهذا إثبات للتجسيم لأن اليد الحقيقية هي الجارحة وهذا كما تقدم منفي عن الله.
لذا نحن نثبت ونؤمن بها على مراد الله وهذا الفرق بين إثبات أهل السنة التنزيهي وإثبات الوهابية التجسيمي.
أما المؤولة فهم أثبتوا اليد كصفة معنى وقالوا إن معناها القدرة.
وبهذا يظهر كذب الوهابية بقولهم إننا نعطل الصفة بل نثبتها لكن ليس على المعنى الحقيقي الذي ذهبت إليه الوهابية كونه مؤدي للتجسيم لا محالة وهذا دال على بطلان الإثبات على المعنى الظاهر الحقيقي الذي تقول به الوهابية.
هذا والله أعلى وأعلم.