حتى لا تحرم من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
درة من درر مولانا الدكتور محمود صبيح حفظه الله و زاده نورا و بركة و علما و قربا من سيدنا النبى صلى الله على حضرته و آله الكرام الطيبين و سلم تسليما كثيرا
عدة أهل بدر
قال تعالى: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (آل عمران 123) ، كان عدد أهل بدر ثلاثمائة وبضعة عشر ، يقول بعض أهل الله أنهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر (313) ، كانوا فى أعلى درجات الرجولة ، مع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم ، ثم مع أنفسهم . اجتمع لهم أمران : 1- الرجولة . 2- والخصائص التى فى كل واحد فيهم منفرداً. فكان مع النبى صلى الله عليه وآله وسلّم عمه حمزة أسد الله ، والصديق ، والفاروق ، وذو النورين، ومدينة العلم حامل باب خيبر ، والحوارى ، وصاحب الدعوة المستجابة ، و... و... وكان كل واحد منهم فيه صفة ليست فى الآخر . عندما تكتمل هذه الصفات وتجتمع وتتحرك الرجولة يحدث للأمة نصر مبين . يصير هؤلاء الـ (313) كأنهم صف مرصوص ، فيحدث النصر ، عندما تجدهم الأمة يكونوا حينئذٍ بمثابة الجدار الذى تحته (كَنْزٌ لَهُمَا) . الـ 313 هم الفئة القليلة التى هزمت الفئة الكثيرة ، وهو نفس عدد أصحاب سيدنا داود ، قال تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَاطَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةًبِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة 249) وهم نفس عدة أصحاب الإمام المهدى . فعن محمد بن الحنفية قال : كنا عند على عليه السلام ، فسأله رجل عن المهدى فقال على كرم الله وجهه : هيهات ، ثم عقد بيده سبعاً فقال : ذاك يخرج فى آخر الزمان إذا قال الرجل : الله الله قُتِلْ ، ويجمع الله تعالى له قوما قَزَعا - بفتح المعجمتين - كقزع السحاب ، يؤلف الله بين قلوبهم لا يستوحشون إلى أحد ، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم ، على عدة أهل بدر ، لم يسبقهم الأولون ، ولا يدركهم الآخرون ، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر. قال أبو الطفيل : قال ابن الحنفية : أتريده ؟ قلت : نعم ، قال : إنه يخرج من بين هذين الأخشبين قلت : لا جرم ، والله لا أدعها حتى أموت ، فمات بها يعنى مكة حرسها الله تعالى. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم " فى ذى القعدة تجاذب القبائل وتَغَادُرُ ، فينهب الحاج فتكون ملحمة بمنى ، يكثر فيها القتلى ويسيل فيها الدماء ، حتى تسيل دماؤهم على عقبة الجمرة ، وحتى يهرب صاحبهم فيأتى بين الركن والمقام فيبايع وهو كاره، يقال له إن أبيت ضربنا عنقك ، يبايعه مثل عدة أهل بدر ، يرضى عنهم ساكن السماء وساكن الأرض ". الـ (313) كانوا واجتمعوا وظهر أمرهم فى بدر، فى معية الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم . إذا اكتمل فى أى زمان (313) رجلاً من أهل الله انتصر الإسلام نصرا عزيزا مؤزرا ، كما سيحدث فى زمن الإمام المهدى . مع مرور الأيام وغربة السنين ، وبموت الـ (313) من أصحاب النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ، وقلة من يصلح أن يكون مثلهم لغلبة الأقدار ، ولحدوث المشيئة بضعف المسلمين.. وصل عددهم فى زماننا هذا - كما يقول بعض أهل الله - إلى عدد أقل من أصابع اليد الواحدة . مع تناحر التيارات والمذاهب ، ووجود دعاة أبعد ما يكونون عن الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم ،دعاة من أنواع إما محجوبة أو متشددة ، وإما أكبر ما يهمهم وينشرونه فتوى رضاع الكبير ، حتى وصلت الأهمية القصوى لبعضهم تجويز أن يرضع رجل أجنبى من ثدى امرأة مباشرة ، وقال : الرضاع من الحلمة لا تثير الشهوة لأنها سوداء (الألبانى) !!! ومنهم من اكتشف فجأة بعد مئات السنين أن أسماء الله الحسنى وهى تسع وتسعون ، غير معروفة ، ويقـول أنه لم يثبت إلا بضع وستـون ، عند هذا الجهبذ " ذو الجلال والإكرام ، النافع ، الضار ، المعز والمذل " ليسوا من هذه الأسماء !! وقد قدمنا فى أسباب الحجب جملة من هذه المضحكات المبكيات يوما ما يأذن الله بعودة هذا الدين ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : " بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء ". أى كما بدأ من غربة وضعف وانتصر , ستحدث غربة وضعف شديد ، ويبدأ من هذا الضعف ويعود قويا " وسيعود كما بدأ " ، سيعود للانتصار بغربته وضعفه بعد فترات يأس شديدة ، ويزيد عدد المخلصين الممكنين ، بعد صهرهم كما يصهر الذهب ، حتى يصبح عددهم (313) رجلا من أهل الله ، ثم يخرج فيهم الإمام المهدى ، فبأهل البيت يختم الأمر. الفرق بين من لا يرى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى المنام من المحبوبين وبين من لا يراه من المحجوبين حاجة الأمة للرؤيا قال النبى صلى الله عليه وآله وسلّم : " مِـنْ أشد أمتى لى حباً ناس يكونون بعدى ، يود أحدهم لو رآنى بأهله وماله " وقال صلى الله عليه وآله وسلّم فى البداية : " إن أحدكم سيوشك أن يحب أن ينظر إلىَّ نظرة بما له من أهل ومال " رؤيا النبى صلى الله عليه وآله وسلّم - كما قلنا من قبل - محض فضل . حديث النبى صلى الله عليه وآله وسلّم السابق فيه إشارات تفتت الأكباد ، ففيه الإشارة إلى شدة ما يلاقيه الإنسان من فتن وملاحم بحيث يتمنى أن يرى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ، ويسأله وإن فقد أهله وماله ، يدرك أن النجاة والملاذ لا تكون إلا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، وهذا هو الفيصل بين من لا يرى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى المنام من الأحباب ، وبين من لا يراه صلى الله عليه وآله وسلّم بسبب أنه محجوب. فالمحب يريد أن يبيع كل شىء فى سبيل نظرة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم " أن ينظر إلىَّ نظرة " ، والكاره المحجوب يرى أن ذلك من الغلو والشرك. وفيه الإشارة إلى أمر أشد ، وهو أن هناك أناسا بالرغم من وصـولها لدرجة أن النبى صلى الله عليه وآله وسلّم يشهد لهم بشدة المحـبة ، ويهون عليهم كل شىء ، إلا أنهم لا يرونه، " يــودوا " ، " يــود " إذا كانت الرؤية سهلة أو ممكنة ، ما قال النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ذلك ، فالرؤيا ستكون عسيرة ، فى بعض الآثار أن يوما ما سترفع رؤيا النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ، أو تكون عزيزة جدا ، هذا الأمر فيه من الأسرار الكثير. ففى الزمن القادم ستزيد الفتن جدا ، " يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا " ... كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : " بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ، أو يمسى مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ". ، فى هذا الحديث إشارات وإشارات . لن يرى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى الأزمنة القادمة إلا المتمكنون والمحبون بعمق- وذلك بعد بداية الفتن والملاحم وليس الآن ، وإن كنا قد أشرفنا على هذا الزمن وقَلَّتْ أعداد من يرى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم بنسبة مخيفة - . أقول : لن يراه صلى الله عليه وآله وسلّم إلا المتمكنون من أهل الله ، أصحاب البصائر والحكمة . وسيكون هذا نوع من التأييد لهم ، فحتى المحبون فلن يروه إلا نادرا ، ولابد لهم من مصاحبة العارف الربانى الذى قل عدده كما أشرنا من قبل . فإذا ما صاحبوه رأوا النبى صلى الله عليه وآله وسلّم أما العوام فستصبح الرؤيا نادرة وعزيزة لشدة تلوثهم بما ذكرناه فى أسباب الحجب. فإن العوام فى العصور السابقة كانوا على الفطرة وعلى خلق عالٍ رفيع وكان عندهم توكل وتسليم وعقيدة بسيطة سهلة ليس فيها الشاب الأمرد ولا أن الله له ضروس وأسنان وعندهم النبى صلى الله عليه وآله وسلّم حى يرزق فى حضرة إلهية ، وكانوا يتحملون المشاق للحج والزيارة على أقدامهم ، وكانوا يقيمون الاحتفالات العظيمة لمن زار قبر النبى صلى الله عليه وآله وسلّم وحتى الآن تجد على جدر البيوت القديمة أحاديث " من حج ولم يزرنى فقد جافانى " فقد أفلح الدجال فى أن يجعل معظم التيارات فى حالة جفاء مع النبى صلى الله عليه وآله وسلّم . لن يرى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى المنام الكثير حتى تسقط الأقنعة والزيف ، وحتى لا يدعى الولاية أحد ، وحتى يفيق المشايخ الذين يبشرون بأنفسهم وبمشايخهم ونسوا التبشير برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم . وسيسقط كل من يرفع رأسه بغير إذن من المولى عز وجل ، حتى المحبون ستحدث لهم فتن ظلماء وتعرض عليهم الفتن كعرض الحصير عودا عودا ، المحبون سوف يكون عندهم آفات ولابد من صهرهم . لابد للمسلمين أن يتخلصوا من أدران الشيعة ولابد للمسلمين أن يتخلصوا من بنى أمية ومن يتولاهم ، فتحت شعار الرافضة يضرب أهل البيت وتحت شعار النصب تضرب الصحابة. لابد من الصهر حتى يرجع الإسلام غضا ، ولكن الثمن غالٍ . والمتطلع إلى الساحة يجد الأمور كلها تهيأ إلى تربيتين ، حتى تحدث التربيتان لابد من التشتت والتشتيت . التربية الأولى : هى تربية الدجال . التربية الثانية : هى تربية أهل الله . تربية الدجال يتبع
_________________
مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم
|