الدرس الثالث عشر: (الرد)
كما نعلم عند تقسيم أي تركة ياخذ اصحاب الفروض أنصبتهم اولاً, والباقي للعصبات , ولكن السؤال إذا لم يكن هناك عصبة فمن يأخذ الباقي إذا بقى من التركة شيء؟ فمثلاً توفي عن بنت, فالبنت ستاخذ النصف فرضاً, فماذا عن الباقي؟ هذا هو ما نسميه باب الرد.
-دليل الرد: من السنة حديث سيدنا سعد بن أبي وقاص قال: "قلت يا رسول الله أنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنه لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا, قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: لا, قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث والثلث كثير". ووجه الاستدلال أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم ينكر على سيدنا سعد قوله (ولا يرثني إلا ابنه لي واحدة) ولو كان الحكم غير ذلك لصححه حضرة النبي صلي الله عليه وآله وسلم فدل ذلك على أن البنت وهي منفردة ترث النصف ويُرد عليها النصف الآخر.
-تعريف الرد:هو نقص في السهام عن أصل المسألة, يستتبعه زيادة في أنصبة الورثة.
فأسهم المسألة أقل من أصلها، لذلك سنقوم بإعادة تقسيم الباقي على أصحاب الفروض بنسب فروضهم, في حالة عدم وجود عاصب.
-إذن في حالة وجود عاصب لا مجال للرد لأنه سيأخذ الباقي تعصيباً
-إذن الرد له شرطان:
1-عدم استهلاك اصحاب الفروض للتركة كلها
2-عدم وجود عاصب
-إذن الرد عكس العول, فأثر العول يكون إنقاص في أنصبة الورثة لأنه زيادة في أسهم الوارثين عن أصل التركة, أما الرد فأثره زيادة في أنصبة الورثة لأن أنصبتهم لم تستهلك التركة كلها.
-سؤال: هل الرد يكون للجميع؟ أم هناك آراء؟
هناك أربعة آراء:
1-المذهب الأول: وهو أن الرد يكون علي أصحاب الفروض غير أحد الزوجين.
وإلي ذلك ذهب سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا علي بن أبي طالب وجمهور الصحابة والتابعين رضي الله عنهم, وهذا هو مذهب الأحناف والحنابلة, ودليلهم هو: قوله تعالي {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّه} [الأنفال: 75]، وأولوا الأرحام في الآيه هم الأقارب وأصحاب الفروض النسبيون هم الأقارب أما الزوجان فهما أصحاب فروض سببيون وليسا من الأرحام.
2-المذهب الثاني:وإليه ذهب سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما, وهو نفس الرأي الأول أن الرد يكون علي أصحاب الفروض غير الزوجين وزاد عليهما الجدة, وجعلها ممنوعة من الرد مثل الزوجين, ودليله أن ميراث الجدة ثبت بالسنة فقط وليس بالقرآن.
3-المذهب الثالث: مذهب سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه, وهو أن الرد يكون علي أصحاب الفروض جميعاً دون استثناء ويشمل الزوجين .
واستدل بأن الزوجين يتحملان النقص في حالة العول فيجب أن يستفيدا أيضاً في حالة الرد.
4-المذهب الرابع:مذهب سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه, وهو عدم الأخذ بالرد مطلقاً, فالباقي يذهب إلي بيت المال فهو وارث من لا وارث له, وبه أخذ المالكية والشافعية.
ودليله أن الفروض ثبتت بالنص في الكتاب والسنة, والقول بالرد يترتب عليه زيادة في الفروض والزيادة لا تكون إلا بنص, ولا يوجد نص علي الزيادة.
-موقف القانون: القانون أخذ في الأساس بالمذهب الأول, مذهب سيدنا عمر وسيدنا علي وجمهور الصحابة رضي الله عنهم, وهو الرد علي أصحاب الفروض غير أحد الزوجين, ولكنه أضاف استثناءً أخذه من مذهب سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه, حيث أجاز الرد علي أحد الزوجين في المرتبة الثالثة, إذا لم يوجد أحد من ذوي الأرحام . إذن هناك ترتيب في الرد.
-مراتب الرد:
أولا: أصحاب الفروض غير الزوجين.
ثانيا: ذو الأرحام (سنتناولهم لاحقاً).
ثالثا: أحد الزوجين.
-كيفية تقسيم التركة في الرد: الرد له ثلاث حالات:
1-أن يكون الورثة من أصحاب الفروض وليس بينهم أحد الزوجين.
2-أن يكون الورثة من أصحاب الفروض وبينهم أحد الزوجين.
3-أن يكون أحد الزوجين هو الوارث الوحيد ولا يوجد أصحاب فروض ولا عصبة ولا ذوو أرحام.
-الحالة الأولي: أن يكون الورثة من أصحاب الفروض وليس بينهم أحد الزوجين، بمعنى أن يكون الورثة من أصحاب الفروض النسبيين فقط.
هذه الحالة لها ثلاث صور:
1-الصورة الأولي: أن يكون صاحب فرض منفرد. فيأخذ التركة فرضاً ورداً.
مثال: توفي عن بنت, أو توفي عن أخت, فتأخذ النصف فرضاً والباقي ورداً.
2-الصورة الثانية: أن يكون الورثة متعددين ولكنهم من صنف واحد. مثل بنات فقط, أو أخوات فقط, وفي هذه الحالة نقسم التركة عليهم بالتساوي.
مثال: توفي عن ثلاث بنات, أو ثلاث أخوات شقيقات, فيأخذن الثلثين فرضاً والباقي رداً.
الصورة الثالثة: أن يكونوا متعددين ومن أصناف مختلفة. وفي هذه الحالة نتبع الآتي, حسب طريقتنا, طريقة الست خطوات, بنفس طريقة العول, ولكن نقصان عدد الأسهم بدل الزيادة في عدد الأسهم كالتالي:
1-نقوم بالتمهيد وهو تحديد المحجوبين والوارثين والفروض.
2-تحديد أصل المسألة, وعدد أسهم كل وارث.
3-حساب عدد أسهم الوارثين, فنجده أقل فنعتمد عدد الأسهم كأصل جديد للمسألة.
ملحوظة هامة: لا تنسوا أن هذه الصورة بالطبع ليس فيها أحد الزوجين.
4-النظر هل نحتاج إلي التصحيح أم لا.
5-تحديد قيمة السهم عن طريق قسمة التركة علي الأصل الجديد.
6-النتيجة : تحديد نصيب كل وارث بضرب عدد أسهم الوارث في قيمة السهم.
مثال: توفي عن بنت- وبنت ابن. والتركة 8 أفدنة:
1-التمهيد: تحديد المحجوبين وأنصبة الوارثين.
لا يوجد محجوبين بتلك المسـألة.
البنت النصف لإنفرادها, بنت الابن السدس تكملة للثلثين.
2- الخطوة الثانية: تحديد أصل المسألة وأسهم أصحاب الفروض:
أصل المسألة: 6
أسهم البنت : 6 × النصف =3 أسهم , أسهم بنت الابن 6 × السدس=1 سهم.
3- الخطوة الثالثة: حساب عدد الأسهم ومقارنته بأصل المسألة
عدد الأسهم: 3+1=4 أسهم, وهو أقل من أصل المسألة 6
نعتبر أصل المسألة الجديد:4
ملحوظة: كما تلاحظون أن هذا كما اعتبرناه في العول تماماً.
4-الخطوة الرابعة: لا نحتاج إلى تصحيح.
5-الخطوة الخامسة: تحديد قيمة كل سهم
قيمة السهم= 8 ÷ 4= 2
6-الخطوة الأخيرة: النتيجة: تحديد نصيب كل وارث
نصيب البنت=3 ×2= 6 أفدنة
نصيب بنت الابن= 1× 2= 2 فدان
فائدة: كما تلاحظون أن نصيب البنت المفترض أن يكون النصف والذي يقدر ب (4) أفدنة, ولكن نصيبها في النهاية أصبح (6) أفدنة من (8) لأنة فرضاً ورداً.
-الحالة الثانية: أن يكون الورثة من أصحاب الفروض وبينهم أحد الزوجين:
بمعني آخر أن يكون الورثة من أصحاب الفروض النسبيين والسببيين:
فمثلاً مات الرجل وترك بنتاً وأماً وزوجة, وفي هذه الحالة عندنا عدة طرق للحساب, منها أن يأخذ أحد الزوجين نصيبه ويرحل لأنه لا نصيب له من الرد, ويعتبر الباقي تركه مستقلة نوزعها من جديد علي حسب الأنصبة بشكل طبيعي.
أي نقوم بخطوتين لأحد الزوجين: الأولى إعطاءه نصيبه, والثانية نطرح نصيبه من التركة, فيتبقى رقم التركة الجديد, ونعتبرها مسألة جديدة ونبدأها من البداية, وعند خطوة حساب عدد الأسهم نجعل العدد هو الأصل الجديد كما فعلنا في العول.
مثال: توفي عن: زوجة- وأم- وأخ لأم. والتركة 12 فدان
في البداية نقوم بحل المسألة بشكل عادي لأننا لا نعرف المسألة عادلة؟ أم عائلة (بها عول)؟
أم قاصرة (لها رد) متي نعرف؟ نعرف عند حساب عدد الأسهم ( الخطوة الثالثة في طريقتنا)
الحل:
الزوجة: الربع فرضاً لعدم وجود الفرع الوارث, الأم: الثلث فرضاً لعدم وجود الفرع الوارث وعدم تعدد الإخوة وعدم العمرية, الأخ لأم: السدس فرضاً لإنفراده.
أصل المسألة: 12
أسهم الزوجة: 12 × الربع= 3 أسهم, أسهم الأم: 12 × الثلث = 4 سهام, أسهم الأخ لأم: 12 × السدس = 2 سهم.
عدد الأسهم: 3+4+2=9 وهذا أقل من أصل المسألة, إذن المسألة قاصرة.
إذن المسألة ردية ويوجد بها أحد الزوجين, فنعطي الزوجة نصيبها أولاً.
نصيب الزوجة: 12 فدان ÷ 4 = 3 أفدنة
باقي التركة: 12 – 3 = 9 أفدنة
إذن التركة الآن 9 أفدنة والورثة أم وأخ لأم, ومسألة جديدة.
الأم : الثلث فرضاً لعدم وجود الفرع الوارث وعدم تعدد الإخوة وعدم العمرية.
الأخ لأم: السدس فرضاً لانفراده
أصل المسألة :6
أسهم الأم: 6 × الثلث = 2 سهم, أسهم الأخ لأم: 6× السدس= 1 سهم
حساب عدد الأسهم: 2+1= 3 يعتمد هذا الرقم كأصل للمسألة
قيمة السهم: 9(باقي التركة) ÷ 3 (الأصل الجديد)= 3 أفدنة
نصيب الأم: 3 × 2= 6 أفدنة
نصيب الأخ لأم: 3 × 1= 3 أفدنة
-الشرح مرة أخرى: في حالة وجود أصحاب فروض فيهم أحد الزوجين نقوم بحل المسألة بشكل طبيعي وعند خطوة حساب عدد الأسهم ومقارنتة بأصل المسألة ( الخطوة الثالثة في طريقتنا) نكتشف أن المسـألة لها رد ويوجد بها أحد الزوجين,فنعطي أحد الزوجين نصيبه ونخرجه من المسألة، ونطرح نصيبه من التركة, ليكون الباقي هو تركة جديدة, فنقوم بتقسيمها علي باقي الورثة بشكل عادي مستقل تماماً, وعند خطوة حساب عدد الأسهم نعتمد الرقم الجديد كأصل للمسألة مثلما فعلنا في العول , ومثلما فعلنا في الحالة الأولي.
-طرق أخري: هناك العديد من الطرق لحل مسائل الرد:
2-الطريقة الثانية:
1-عند اكتشاف الرد في خطوة حساب عدد الأسهم لا نعتمد الرقم الجديد.
2-نستكمل المسألة علي أساس الأصل القديم لاستخراج نصيب الزوجة.
3- بعد استخراج نصيب الزوجة نبدأ مسألة جديدة بباقي الورثة وباقي التركة, كالتالي:
أصل المسألة: 12
أسهم الزوجة: 12 × الربع= 3 أسهم, أسهم الأم: 12 × الثلث = 4 أسهم, أسهم الأخ لأم: 12 × السدس= 2 سهم
عدد الأسهم: 3+4+2= 9 وهذا أقل من أصل المسألة, إذن المسألة قاصرة.
إذن التركة لها رد ويوجد أحد الزوجين, نستكمل لاستخراج نصيب الزوجة.
قيمة السهم: 12 فدان( التركة) ÷ 12 (الأصل القديم) = 1 فدان
نصيب الزوجة: 3 × 1 = 3 أفدنة
باقي التركة: 12 -3 = 9 أفدنة
ثم نستكمل المسألة كما سبق, فالتركة 9 أفدنة والورثة أم, وأخ لأم.
الأم: الثلث فرضاً لعدم وجود فرع وارث وعدم تعدد الإخوة, الأخ لأم: السدس فرضاً لانفراده
أصل المسألة : 6
أسهم الأم: 6 × الثلث =سهمان, أسهم الأخ لأم: 6 × السدس= 1 سهم
حساب عدد الأسهم : 2+ 1= 3 يعتمد هذا الرقم كأصل للمسألة.
قيمة السهم: 9(باقي التركة) ÷ 3 (الأصل الجديد)= 3 أفدنة
نصيب الأم: 3 × 2= 6 أفدنة
نصيب الأخ لأم: 3×1= 3 أفدنة
3-(الطريقة الثالثة):
1-في هذه الطريقة لابد أن نعرف النسبة بين النصف والسدس, والثلث والسدس, فالنسبة بين النصف والسدس هي: 1:3 , والنسبة بين الثلث والسدس هي: 1:2 , أي أن السدسين يعدلان ثلث والثلاثة أسداس يعدلون نصف. وذلك لتحديد النسبة بين الورثة, وذلك كالتالي:
1-يكون أصل المسألة هو مقام أحد الزوجين
2-يأخذ باقي الورثة باقي الأسهم
3-يتم عمل النسبة بين الورثة
4-قد نحتاج إلي تصحيح
أصل المسألة: 4
أسهم الزوجة:4 × الربع=1
باقي الورثة: الباقي: 3 أسهم, النسبة بين الأم والأخ لأم:1:2
الأم: سهمان، والأخ: سهم
قيمة السهم:12 فدان (التركة)÷ 4 (الأصل) = 3 أفدنة
نصيب الزوجة: 1× 3= 3 افدنة
نصيب الأم: 2 × 3= 6 افدنة
نصيب الأخ لأم: 1 × 3 = 3 أفدنة
نكتفي بهذه الطرق الثلاثة.
-الحالة الثالثة: أن يكون الوارث أحد الزوجين فقط ولا يوجد عاصب ولا ذو رحم.
وفي هذه الحالة يأخذ أحد الزوجين التركة فرضاً ورداً.
مسألة: توفي عن: زوجة- وأم – وأختين لأم. والتركة 40 فدان.
الزوجة: الربع فرضاً لعدم وجود الفرع الوارث, الأم: السدس فرضاً لتعدد الإخوة, الأختان لأم: الثلث فرضاً للتعدد.
أصل المسألة: 12
أسهم الزوجة=12 × الربع= 3 أسهم, أسهم الأم= 12× السدس=2 سهم, أسهم الأختين لأم= 12 × الثلث = 4 أسهم.
عدد الأسهم= 3 + 2+4=9 ، والأصل 12، إذن المسالة لها رد
المسألة لها رد ويوجد بها أحد الزوجين, إذن نعطي الزوجة نصيبها ثم نطرح نصيبها من التركة لتحديد رقم التركة الجديد
نصيب الزوجة: 40 فدان ÷ 4 = 10أفدنة
الباقي من التركة: 40 – 10= 30 فدان
إذن أصبحت المسألة الجديدة: أم – وأختين لأم. والتركة 30 فدان
الأم: السدس فرضاً لتعدد الإخوة, الأختان لأم: الثلث فرضاً للتعدد.
أصل المسألة الجديد: 6
أسهم الأم= 6 × السدس= 1 سهم, أسهم الأختين= 6 × الثلث= 2 سهم.
عدد الأسهم: 1+2= 3 أسهم, نعتمده أصلاً جديداً للمسألة
قيمة السهم= 30 ÷ 3= 10 أفدنة
نصيب الأم= 10 × 1 سهم= 10 أفدنة
نصيب الأختين= 10 × 2 سهم= 20 فدان لكل أخت 10 أفدنة
سؤال: وأين الرد؟
الإجابة: النصيب في النهاية يشمل الفرض والرد
فبدلاً من تحديد نصيب كل وارث بالفرض, ثم نقسم الرد مرة أخرى علي نفس الورثة أدخلنا الرد في التوزيع الجديد للسهم بناء علي تعديل أصل المسألة.
علي سبيل المثال نصيب الأم 10 أفدنة فلو حسبنا نصيبها من الأصل نجد سدس 40 فدان
أقل من 7 أفدنة ولكن نصيبها الآن 10 أفدنة فرضاً ورداً.