موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 82 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 19, 2025 10:48 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 09, 2004 7:41 pm
مشاركات: 1752

حبيبي يا سيدي يا رسول الله



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 21, 2025 9:17 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9484
صلى الله عليه وآله وسلم

_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 22, 2025 1:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9484

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 135 - 137)

ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإن رسول الله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى، فإنه غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه قد مات!

قالوا: وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها، فيمم رسول الله وهو مسجى بثوب حبرةٍ، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي وأمي أنت، والله لا يجمع الله عليك موتتين: أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ثم لن يصيبك بعدها موتة أبداً. ثم رد البرد على وجهه، وخرج وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يكلم الناس، فقال: على رسلك يا عمر أنصت، فأبى إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه لا ينصت أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه، أقبلوا عليه وتركوا عمر.

فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت قال: ثم تلا هذه الآية: {وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبية فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين} .

قال: فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ، قال: وأخذها الناس عن أبي بكر رضي الله عنه فهي في أفواههم.

قال عمر: فوالله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض، ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.

ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا والله لا يدفن وما مات، وإنه ليوحى إليه، فأخروه حتى أصبحوا من يوم الثلاثاء، وقال العباس رضي الله عنه: إنه قد مات وإني لأعرف منه موت بني عبد المطلب.

وقال القاسم بن محمد: ما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الموت في أظفاره.

قالت عائشة رضي الله عنها: لما أرادوا غسل رسول الله اختلفوا فقالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا؟ أو نغسله وعليه ثياب؟!

قالت: فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلمٌ من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه.

قالت: فقاموا إلى رسول الله فغسلوه وعليه قميصه، يصبون الماء فوق القميص دون أيديهم، وغسله علي رضي الله عنه، أسنده إلى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه، لا يفضي بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس وابناه الفضل وقثم يقلبونه معه، وأسامة بن زيد وشقران مولى النبي صلى الله عليه وسلم يصبان الماء عليه وعلي يقول: بأبي أنت وأمي ما أطيبك حياً وميتاً، ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت، فلما فرغوا من غسله كفن.

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كفن رسول الله في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسفٍ ليس فيها قميص ولا عمامة)) .
فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته، ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، الرجال ثم النساء ثم الصبيان، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 23, 2025 11:52 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9484

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 137 - 140)

واختلفوا في دفنه صلى الله عليه وآله وسلم؟

فأنبأنا عبد الرحمن بن علي، أخبرنا أبو الحسن الفقيه، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أنبأنا عبيد الله بن محمد العكبري، حدثنا أبو عبد الله بن مخلد، حدثنا علي بن سعد بن المغيرة، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في موضع قبره، فقال قائل: بالبقيع، فإنه كان يكثر الاستغفار لهم، وقال: قائل منهم: عند منبره، وقال قائل منهم: في مصلاه.
فجاء أبو بكر رضي الله عنه فقال: إن عندي من هذا خبراً وعلماً، سمعت رسول الله يقول: ((ما قبض نبي إلا دفن حيث توفي)) .

أخبرنا لاحق بن علي الصوفي، أخبرنا هبة الله بن محمد الكاتب، أخبرنا الحسن بن محمد الواعظ، أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال أبو بكر رضي الله عنه، فأخروا فراشه وحفروا له تحت فراشه.

وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله عليه الصلاة والسلام وكان أبو عبيدة يضرح حفر أهل مكة، وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة، فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة، وللآخر: اذهب إلى أبي طلحة، اللهم خر لرسولك صلى الله عليه وسلم، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة، فجاء به فلحد لرسول الله.

ثم دفن رسول الله من وسط الليل ليلة الأربعاء، وكان الذين نزلوا قبره: علي بن أبي طالب، والفضل وقثم ابنا العباس، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبني على لحده تسع لبنات نصبن نصباً.

وروى جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبره وجعل عليه حصباء حمراء من حصباء العرصة، ورفع قدر شبرين من الأرض.
وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أبي بكر بن عياش عن سفيان التمار: أنه حدثه أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنماً.

وفي ((صحيح البخاري)) من حديث أنس بن مالك أنه قال: ((لما دفن النبي صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة رضي الله عنها: يا أنس! أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟)) .

أنبأنا أبو جعفر الواسطي، عن أبي طالب بن يوسف، أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي، عن عمر بن شاهين، أخبرنا محمد بن موسى، حدثنا أحمد بن محمد الكاتب، حدثني طاهر بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما رمس رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضي الله عنها فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر، فوضعته على عينها وبكت وأنشأت تقول:
ماذا على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها ... صبت على الأيام عدن لياليا

روي عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: ما رأيت فاطمة رضي الله عنها بعد أبيها ضاحكة، ومكثت بعده ستة أشهر.

وروى حجاج بن عثمان عن أبيه قال: رأيتهم اجتمعوا يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم على أكمة، فجعلوا يبكون عليه.

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أبي بردة قال: ((أخرجت إلينا عائشة رضي الله عنها كساء وإزاراً غليظاً فقالت: قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين)) .

وروى أنس من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ، ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً.

أنبأنا يحيى بن أسعد بن بوش، عن أبي علي الحداد، عن أبي نعيم الحافظ، عن جعفر الخلدي، أنبأنا أبو يزيد المخزومي، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثني غير واحد، منهم عبد العزيز بن أبي حازم، ونوفل بن عمارة قالوا: إن عائشة رضي الله عنها كانت تسمع صوت الوتد والمسمار يضرب في بعض الدور المطنبة بمسجد
النبي صلى الله عليه وسلم، فترسل إليهم: أن لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عمل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مصراعي داره إلا بالمناصع توقياً لذلك.

وروي أن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم دعت نجاراً يغلق ضبةً لها، وأن النجار ضرب المسمار في الضبة ضرباً شديداً، فصاحت عائشة رضي الله عنها بالنجار وكلمته كلاماً شديداً، وقالت: ألم تعلم أن حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ميتاً كحرمته إذا كان حياً، قالت الأخرى: وماذا سمع من هذا؟، قالت: عائشة رضي الله عنها: إنه ليؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت هذا الضرب كما لو كان يؤذيه حياً، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.

قلت -العبد الفقير-: وجملة "ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً" تعارضه أدلة كثيرة منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه: " صحيح مسلم (4/ 1796)
31 - (2296) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبٌ يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، فَقَالَ: «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ، إِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا، كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» قَالَ عُقْبَةُ: «فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ"

والمقصود من حديث "لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" أنهم كانوا يسجدون لأنبيائهم والأمة المحمدية معصومة من ذلك بفضل الله


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 23, 2025 8:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9484

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 140 - 142)

ذكر وفاة أبي بكر رضي الله عنه

ذكر محمد بن جرير الطبري بإسناد له: أن اليهود سمت أبا بكر رضي الله عنه في أرزة، ويقال: في خزيرة، وتناول معه الحارث بن كلدة منها، ثم كف وقال لأبي بكر: أكلت طعاماً مسموماً، فسم لسنته، فمات بعد سنة، ومرض خمسة عشر يوماً فقيل له: لو أرسلت إلى الطبيب، فقال: قد رآني، قالوا: فماذا قال لك؟ قال: قال: إني أفعل ما أشاء.

وقالت عائشة رضي الله عنها: كان أول ما بدأ أبو بكر رضي الله عنه أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يوماً بارداً فحم خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة، وكان يأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي بالناس، ويدخل عليه الناس يعودونه وهو يثقل كل يوم، وهو يومئذٍ نازلٌ في داره التي قطعها له رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاه دار عثمان بن عفان رضي الله عنه.

قال أهل السير: كان ينزل أبو بكر بالسنح عند زوجته بنت خارجة بن زيد، وأقام بالسنح بعد ما بويع له بالخلافة ستة أشهر يغدو على رجليه إلى المدينة، وربما ركب على فرس له وعليه إزار ورداء، فيوافي المدينة فيصلي الصلاة بالناس، فإذا صلى العشاء رجع إلى أهله بالسنح، فكان إذا حضر صلى وإن لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب.

وكان تاجراً يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع، وكانت له قطعة غنم تروح عليه، وربما خرج بالغنم لرعيها، وربما كفيها ورعيت له، وكان يحلب للحي أغنامه.
فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا منائح دارنا، فسمعها أبو بكر رضي الله عنه فقال: بل لعمري لأحلبنها لكم، وإني لأرجو ربي أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن خلقٍ كنت عليها، فكان يحلب لهم
.
ثم نزل المدينة فأقام بها ونظر في أمره، فقال: والله ما يصلح أمر الناس والتجارة، وما يصلحهم إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم، ولا بد لعيالي مما يصلحهم، فترك التجارة واستنفق من بيت مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوماً بيوم، ويحج ويعتمر.

وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم، فلما حضرته الوفاة قال: ردوا ما علي من مال المسلمين، فإني لا أصيب من هذا المال شيئاً، وإن أرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم، فدفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه، فقال عمر: لقد أتعب من بعده.

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله؟ قالت: يوم الاثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردعٌ من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما، قلت: إن هذا خلق، قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح)) .

وكان آخر ما تكلم به أبو بكر رضي الله عنه: رب توفني مسلماً وألحقني بالصالحين، وتوفي بين المغرب والعشاء من ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة.

وغسلته زوجته أسماء بنت عميس بوصية منه، وابنه عبد الرحمن يصب عليه الماء، وكفن وحمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله، وصلى عليه عمر رضي الله عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاه المنبر، ودفن ليلة الثلاثاء إلى جنب رسول الله عليه الصلاة والسلام وألصقوا لحده بلحده، ودخل قبره عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن ابنه رضي الله عنهم، وكان أبوه أبو قحافة حياً بمكة، فلما نعي إليه قال: رزء جليل، وعاش بعده ستة أشهر وأياماً، وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة بمكة وهو ابن سبع وتسعين سنة رضي الله عنهما.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يناير 25, 2025 9:52 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9484

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 142 - 145)

ذكر وفاة عمر رضي الله عنه

روى أبو بكر بن أبي شيبة في ((مسنده)) من حديث معدان بن أبي طلحة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام يوم الجمعة خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه.

ثم قال: أيها الناس إني قد رأيت رؤيا كأن ديكاً أحمر نقرني نقرتين ولا أراه ذلك إلا لحضور أجلي، وإن ناساً يأمرون أن أستخلف، وإن الله لم يكن يضيع دينه وخلافته، والذي بعث به نبيه، فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فأيهم بايعوا، فاسمعوا له وأطيعوا.

وذكر كلاماً طويلاً، قال: ((فخطب بها عمر رضي الله عنه يوم الجمعة، وأصيب يوم الأربعاء)) .

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عمرو بن ميمون قال: ((إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس حذاءه غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهم خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف والنحل، أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه أبو لؤلؤة غلام المغيرة، وصار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يميناً وشمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر رضي الله عنه يد عبد الرحمن ابن عوف فقدمه، فمن يلي عمر قد رأى الذي رأيت، وأما أواخر المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله سبحان الله.

فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة، قال الصانع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفاً، وقال: الحمد الله الذي لم يجعل منيتي على يد رجل يدعي الإسلام، واحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل ذلك.

فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه، فعرفوا أنه ميت، فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك في صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدمك في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم الشهادة، قال: وددت أن ذلك كان كفافاً لا علي ولا لي، فلما أدبر رأى رداءه يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: يا ابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه، قال: إن وفى له مال آل عمر، فأده من أموالهم، وإلا فاسأل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم فاسأل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عمر عليك السلام -ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً- وقل: يستأذن عمر ابن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك السلام عمر بن الخطاب ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت، فقال: الحمد لله، ما كان أهم إلي من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلم وقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين.

وجاءت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها والنساء معها، فلما رأينها قمنا، فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من داخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، استخلف، قال: ما أجد أحداً أولى وأحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر -أو الرهط- الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن بن عوف، وقال: أشهد يا عبد الله بن عمر ليس لك من الأمر شيء، وأوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو، ولا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام، أن يأخذ من حواشي أموالهم، ويرد على فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلى طاقتهم.

فلما قبض رضي الله عنه، خرجنا به فانطلقنا نمشي، فسلم عبد الله بن عمر وقال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فأدخل موضعاً هناك مع صاحبيه)) .

قلت: وباع عبد الله بن عمر داراً لعمر بن الخطاب ومالاً له بالغابة، ثم قضى دين أبيه، وكانت وفاته رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وكانت خلافته عشر سنين كوامل وستة أشهر وأربعة أيام، وكان سنه ثلاثاً وستين سنة، وصلى عليه صهيب وجاه المنبر ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 04, 2025 6:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9484
الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 145)

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: وضع عمر رضي الله عنه على سريره، فكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فترحم على عمر وقال: ما خلت أحداً أحب أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كنت أسمع كثيراً رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر)) .

وروي أن عائشة رضي الله عنها لما دفن عمر رضي الله عنه، لبست ثيابها الدرع والخمار والإزار، وقالت: ((إنما كان أبي وزوجي، فلما دخل معهما غيرهما لزمت ثيابي)) .

وأخبرني يحيى بن أبي الفضل السعدي قال: أخبرنا أبو محمد الفقيه، قال أخبرنا أبو الحسن الشافعي، قال أخبرنا أبو عبد الله بن المنهال، أخبرنا أبو العباس الرازي، أخبرنا أبو الزنباع، حدثنا عمر بن خالد، حدثنا أبو بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يخبر عن عائشة رضي الله عنها: ((أنها رأت في المنام أنه سقط في حجرها -أو بحجرتها- ثلاثة أقمار، فذكرت ذلك لأبي بكر فقال: خير)) .

قال يحيى بن سعيد: فسمعت بعد ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي فدفن في بيتها، قال أبو بكر: هذا أحد أقمارك يا بنية، وهو خيرها.

_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 82 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5, 6

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 29 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط