موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 55 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 11, 2024 3:06 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

*وخُص صلى الله عليه وآله وسلم بإتيانه الكتاب أي القرآن، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتبموضوع أمية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعنى النبي الأمي تناوله فضيلة مولانا الدكتور محمود صبيح حفظه الله في كتاب حضرته على أعتاب الحضرة المحمدية فبرجاء مراجعته-: ففي حديث ابن أبي حاتم عن قتادة: "وأتاني كتابه وأنا أمي"، وذلك لتكون الحجة أثبت، والشبهة أدحض، وهذا أعلى درجات الفضل له حيث كان لا يقرأ ولا يكتب وأتى بالعلوم الجمة، والحكم المتوافرة، وأخبار القرون الماضية بلا تعلم خط ولا سابقة من كتاب بخلاف غيره من الأنبياء.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 21, 2024 2:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

وخُص صلى الله عليه وآله وسلم بأن كتابه القرآن معجز: لا يستطيع أحد من الإنس ولا من الجن الإتيان بمثل شئ منه على نظمه البديع، وتأليفه المنيع، وعذوبة منطقه، وما فيه من الأمثال، وأخبار المغيبات، ودلائل البعث والنشور، والأخلاق الفاضلة: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِه} [الإسراء: 88]، ومن تأمل إعجاز أقصر سورة منه وهي سورة الكوثر رأى العجب ورقص رأسه من مثله من شدة الطرب.

وللعلامة جار الله الزمخشري عليها كلام لا بأس بإيراد بعضه قال: قال الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } فيه فوائد:

الأولى: أنه يدل على عطية كثيرة مستندة إلى معط كبير، ومتى كان كذلك كانت النعمة عظيمة، وأراد بالكوثر أولاده إلى يوم القيامة من أمته، جاء في قراءة عبدالله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، وهو أبوهم وأزواجه أمهاتهم، وأيضاً ما أعطاه الله من مزايا الأثرة والتقدم والثواب الذي لا يعرفه إلا الله كهبة، ومن جملة الكوثر ما اخُتص به من النهر الذي طيبه المسك، ورضراضه السدم، وعلى حافاته آنية الذهب والفضة.

الثانية: أن بنى الفعل على المبتدأ، فدل على الخصوصية، وتحقيقه أن تقدم المحدث عنه أكد لإثبات الخبر.

الثالثة: أنه جمع ضمير المتكلم وهو يُشعر بعظمة الربوبية.

الرابعة: أنه صدر الجملة بحرف التوكيد جاري مجرى القسم.

الخامسة: أنه أورد الفعل بلفظ الماضي دلالة على أن الكوثر لم يتناول عطاء العاجلة دون عطاء الآجلة دلالة على أن المتوقع من سبب الكريم في حكم الواقع.

السادسة: جاء بالكوثر محذوف الموصوف؛ لأن المثبت ليس فيه ما في المحذوف من فرط الاهتمام والأشياع والتناوع على طريق الإنشاء.

السابعة: اختصار الصفة المؤذنة بالكثرة ثم جاء بها مصروفة صيغتها.

الثامنة: أتى بهذه الصفة مُصدرة باللام المُعرّفة لتكون لما توصف به شاملة في إعطاء معنى الكثرة كاملة، ولما لم يكن للمعهود واجب أن يكون للحقيقة وليس بعض أفرادها أولى من بعض فتكون كاملة، وقد دخل في الجواب عن كونه غير معقب ابناً؛ لأن بقاء الابن بعده لا يخلوا عن أمرين: إما أن يُجعل نبياً وذلك محال لكونه صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء، أو لا، وذلك يوهم بأمر سئ فصين عن تلك الوصمة بما أُعطي من الخير الكثير وهو حصول الغرض المتعلق بهم مع انتقال الوصمة اللازمة لو كانوا ولم يكونوا أنبياء.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أغسطس 22, 2024 2:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

وفي قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر} فوائد:

الأولى: فاء التعقيب هنا مستعارة من معنى التسبب لمعنيين، أحدهما: جعل الإنعام الكثير سبباً للقيام بشكر المُنعم وعبادته، ثانيهما: جعله سبباً لترك المبالاة بقول العدو، فإن سبب نزول السورة: أن العاص بن وائل قال: إن محمداً مبتور فشق ذلك عليه فنزلت.

الثانية: قصد بالأمرين التعريض بدين الكافر وشبهه كمن كانت عبادته وفخره لغير الله، وتثبت قدمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصراط المستقيم وإخلاص العبادة لوجهه الكريم.

الثالثة: أشار بهاتين العبارتين إلى نوعي العبادات، أعني الأعمال البدنية التي الصلاة إمامها، والمالية التي نحر البدن سنامها.

الرابعة: التنبيه على ما للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من الاختصاص بالصلاة حيث جعلت قرة عينه فيها، نحر البدن التي كانت همته فيه قوية، روي أنه أهدى مائة بدنة فيها جمل في أنفه برة من ذهب لأبي جهل.

الخامسة: حُذفت اللام الأخرى لدلالته عليها بالأولى.

السادسة: مراعاة حق التشجيع الذي هو من صيغة البديع إذا شاقه قائله ما جاء مطبوعاً ولم يكن متكلفاً ولا مصنوعاً.

السابعة: قال: لربك، وفيه حسنان وردوه على طريق الالتفات التي هي أم من الأمهات، وصرف الكلام عن لفظ المطهر إلى الضمير وفيه إظهار لكبرياء شأنه، وإبانة لعزة سلطانه، ومنه لأحد الخلفاء قولهم: يأمرك أمير المؤمنين بكذا، وعن عمر أنه حين خطب الأرذية إلى أهلها فقال: خطب إليكم سيد شباب قريش مروان بن الحكم، وسيد أهل المشرق جرير البجلي ويخطب إليكم أمير المؤمنين.

الثامنه: علم بهذا أن حق العبادة أن يخص العباد بها ربهم وعرض بخطأ من عبد مربوط وترك عبادة ربه.


يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أغسطس 24, 2024 1:08 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

وفي قوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر} فوائد:

الأولى: علل الأمر بالإقبال على شأنه وترك الاحتقار بشأنيه على سبيل الاستئناف الذي هو جنس حسن الوقع وقد كثرت في التنزيل مواقعه.

الثانية: يتجه أن يجعلها جملة للاعتراض مرسلة إرسال الحكمة لخاتمة الاعتراض لقوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين}، وعني بالثاني العاص بن وائل.

الثالثة: إنما ذكره بصفته لا باسمه؛ ليتناول كل من في مثل حاله وكيده لدين الحق.

الرابعة: صدّر الجملة بحرف التوكيد الجاري مجرى القسم، وفيه بأنه لم يتوجه بقيله إلى الصدق ولم يقصد به الافصاح عن الحق، ولم ينطق إلا عن الشأن الذي هو قرين البغي والحسد وعن البغضاء الذي هو نتيجة الغيظ والجور، ولذلك وسمه بما ينبني عن أنفه الأسد.

الخامسة: جعل الخبر معرفة؛ ليتم البتر للعدو الشاني حتى كأنه المجهور الذي يقال له السور، ثم هذه السورة مع تمام مطلعها وتمام تقطعها واتصافها بما هو طراز الأمر كله من مجيئها مشحونة بالنكت الحلائل، مُكثرة بالمحاسن عن القلائد فهي خالية تصنع من يتطول التنكيت وتعمل من يتعامل بحاجة التبكيت. انتهى.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أغسطس 25, 2024 1:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

تنبيه:

في تذكرة العالم البلقيني: أن سبب موت أبي العباس الناسي أنه كان في جماعة على شراب فجرى ذكر القرآن وعجيب نظمه، فقال: كم تقولون لو شئت وتكلم بكلام عظيم فأنكروا عليه، فقال: ائتوني بقرطاس ومجرة فأخذه ودخل بيتاً فانتظروا طويلاً فلم يخرج فدخلوا فإذا هو ميت، والقرآن محفوظ من التبديل والتحريف على ممر الدهور بخلاف غيره من الكتب فإن البعض منها قد حرفه وبدله أهل الكتاب، وأما هو فإنه وإن عبر نظمه أو زيد فيه أو نقص منه ظهر ذلك لكل عاقل، وعلم أنه ليس كذلك، ومشتمل على ما اشتملت عليه جميع الكتب الإلهية، وزيادة روى البيهقي عن الحسن: "أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع فيها علومها، أربعة كتب التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان.وأودع علوم التوراة والإنجيل والزبور في الفرقان". انتهى.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 27, 2024 9:53 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

فالتوراة كتاب أحاطه الأمر الظاهر الذي يحيط بالأعمال وإصلاح الدنيا وحصول الفوز من عاقبة يوم الآخرى، فهو جامع أحاطه الظواهر، والإنجيل استخلص خلاصته نور التوراة فأظهر باطن ما شرع في التوراة ظاهره، فإنه كتاب إحاطة الأمر البواطن محيط بالأحوال النفسانية التي يقع بها لمح موجود الآخرة مع الإعراض عن إصلاح أمر الدنيا بل مع هدمها، والفرقان كتاب جامع محيط بأمري الظاهر والباطن، قال الجراني: في التوراة أحكام الله على عباده في الدنيا بالحدود والمصائب والضراء والسراء، وفي القرآن منها ما شاء الله وما يظهر الفقه من الحدود ومعارف الصوفية، وفي الإنجيل أصول تلك الأحكام والأعلام بأن المقصود بأنها ليست هي بل ما وراءها من أمر الملكوت وفي القرآن منها ما شاء الله مما يظهره العلم والحكمة الملكوتية، وهي الزبور نظيرين الخلق وحداؤهم من أنفسهم إلى ربهم، وفي القرآن منه ما شاء الله مما تظهره الموعظة الحسنة، ثم انتهى الأمر والخلق من جميع وجوهه فصار قرآناً جامعاً للكل، متمماً للنعمة، مكملاً للدين: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}.. انتهى.

وظاهر قول البقاعي: تأخير الإنجيل في الذكر يفيد تعظيمه بأن ما قبله مقدمات لتلقيه. انتهى.. إنه أفضل من التوراة وفي كلام جمع ما يخالفه وبأنه جامع لكل شئ قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون}، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}، وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن مسعود: "من أراد العلم فعليه بالقرآن فإنه فيه خير الأولين والآخرين"، وأنزل فيه كل علم، وبين لنا فيه كل شيء، لكن علمنا يقصر عما بين فيه، وقال بعضهم: القرآن جامع لنبأ الأولين والآخرين فعلم الأمة الماضية علم خاص، وعلم هذه الأمة علم عام وعلم أهل الكتاب قليل، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً}، وقرأ الخبر وما أوتوا، وعلم هذه الأمة كثير، {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}، {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، الكتاب: القرآن، والحكمة: فهمه، وبأنه مُستغن عن غيره وغيره من الكتب المتقدمة قد يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه كما قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُون}، فهو الكتاب المبين وغيره المستبين، وبأنه مُتيسر للحفظ قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر}، وغيره من الكتب ليس كذلك، قال العراقي: ونسيان القرآن كبيرة، فإن قلت: كيف النسيان ذنباً وهو مرفوع عن هذه الأمة؟ قلنا: المعدود ذنباً التفريط في محفوظه بحق تعاهده ودرسه. قال القرطبي: من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته، فإذا أخل بهاتيك الرتبة حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب، فإن ترك تعاهد القرآن يفضي إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد، وحفظ القرآن من أعظم النعم لما أخرجه البخاري في تاريخه والبيهقي عن رجاء الغنوي مرسلاً: " من أعطاه الله حفظ كتابه فظن أن أحداً أعطي مما أعطي فقد غمط" وفي رواية: "صغر أعظم"؛ لأنه قد أوتي النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي بالنسبة إليها حقيرة ضئيلة، فإذا رأى أن غيره ممن لم يعط ذلك أوتي أفضل مما أوتي فقد حقر عظيماً وعظم حقيراً، قال العراقي: كل من أوتي القرآن حق له ألا ينظر إلى الدنيا الحقيرة نظرة بالاستجلاء فضلاً عن أن يكون له فيها رغبة، وليلزم الشكر على ذلك فإنها الكرامة العظمى، وفي خبر رواه الستة عن عائشة: " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة"، أي:الحاذق به الذي لا يتوقف ولا يشق عليه قرآته لجودة حفظه وإتقانه ورعاية مخارجه بسهولة مع السفرة الذين هم حملة اللوح المحفوظ، سُموا بذلك؛ لأنهم ينقلون الكتب الإلهية المُنزلة إلى الأنبياء منه كأنهم يستنسخونها ومعنى كونه معهم أنه أحل مقامهم، وأنزل منازلهم الرفيعة، وأسكن مقاماتهم العالية المنيعة من جوار الحق تعالى، وقيل معناه: كونه رفيقاً لهم أو عاملاً بعلمهم بل أفضل، فقد جاء في خبر: " إن الملائكة لم يعطوا فضيلة حفظ القرآن، وإنهم حريصون على استماعه من بني آدم فأعظم بها من منقبة شريفة"، وأي شئ أعظم من حفظ كلام رب العالمين الذي منه بدأ وإليه يعود، وبأنه نزل منجماً أي مفرقاً في ثلاثة وعشرين سنة بحسب أجوبة العباد وأعمالهم يتبع بعضه بعضاً كمواقع النجوم بعدما نزل جملة واحدة إلى بيت العزة، فجمع بين نزوله جملة واحدة كالكتب المتقدمة وبين نزوله متفرقاً ليتقوى به قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الوحي إذا تجدد كل حين كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، والإنزال: النقل من أعلا إلى أسفل، وهو في المعاني بتوسط الذوات الحاملة لها، ونزول القرآن بحفظ الملك إياه من اللوح إلى السماء الدنيا، ثم أمره السفرة بانتساخه، ثم تنزيله بحسب المصالح، كذا ذكره الأكثرون.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أغسطس 28, 2024 1:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

وفي ابتداء الوحي هل هو بنقل آخر إلى جبريل أنه مأمور بالإنزال أو بخلق علم ضروري في جبريل فيه خلاف وبأنه نزل على سبعة أحرف؛ لما أخرجه أحمد والشيخان عن ابن عباس رفعه: "أقرأني جبريل القرآن على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف"، أي اقرأنيه جبريل على حرف واحد، فقلت له: ذلك تضييق، فأقرأنيه على حرفين فلم أزل أطلب منه أن يطلب لي من الله الزيادة توسعة وتخفيفاً، ويسأل جبريل ربه ويزيده حرفاً واحداً حتى انتهى إلى سبعة أحرف، والمراد بالسبعة أحرف في هذا الحديث وما أشبهه من نحو أربعين قولاً كما قاله بعضهم: أقر بها أن المراد بها سبع لغات أو سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة، وقال الطيبي: المراد بذلك كيفية النطق بكلماته من إخفاء وإظهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة ومد، وهز وتليين؛ لأن العرب مختلفة اللغات فيسر عليهم ليقرأ كل بموافقة لغته.انتهى.

وأخرج الشيخان وغيرهما عن عمر بن الخطاب: "إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه"، أي من الأحرف المنزل بها بألسنة لما يستحضره القارئ من القرآن، ولا فرق في ذلك بين القراءة في الصلاة وغيرها، وبأنه نزل من سبعة أبواب لما أخرجه الحاكم عن ابن مسعود: "كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال"، وهذا تفسير للإنزال للأحرف، أي هي سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه أي أنزله على هذه الأنواع لم يقتصر بها على نوع واحد كغيره، فسقط قول ابن عطيه: التوسعة لم يقع في تحليل حرام ولا عكسه ولا في تغيير شئ، وبأنه نزل بكل لغة من لغات العرب ولم يقع فيه شئ بغير لغة العرب على الأصح لقوله تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا}، وما فيه من نحو الفارسية، فمن توافق اللغات أخرج ابن المنذر عن وهب بن منبه: " ما من اللغة شئ إلا منها في القرآن شئ"، لكن أكثره لغة أهل الحجاز، ففيه خمسون لغة ذكرها الواسطي في الإرشاد، عد هذه ابن النقيب وبأن قراءته -أي القرآن- بكل حرف من حروفه عشر حسنات. أخرجه البخاري في تاريخه: " من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول {آلم} حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف"، وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رفعه: "إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوّم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد، اتلوه فإنه يؤجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: {آلم} حرف ولكن ألف ولام وميم"، عد هذه الزركشي وقال: إن ذلك من خصائصه على سائر الكتب، وروى أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً: "من استمع إلى آية من كتاب الله كتب الله له حسنة مضاعفة، ومن تلى آية من كتاب الله كانت له نوراً يوم القيامة"، أي من أصغى إلى قراءة آية من كتاب الله كتب الله له حسنة مضاعفة إلى عشرة، قال بعضهم: وفي هذا الحديث إشارة إلى أن الجهر بالقراءة أفضل؛ لأن النفع المتعدي أفضل من اللازم ومحله إن لم يخف نحوريا كما يفيده إخبار آخر.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 09, 2024 5:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

وقال صاحب التحرير: فَضّل القرآن على الكتب المنزلة من عند الله تعالى على أنبيائه بثلاثين خصلة في فضيلة، وذكر نحوه الإمام الرازي وقوله: لم تكن في غيره جملة موضحة، قال شيخنا الشعراوي تلقفاً –أي أخذها- من ابن عربي: جميع الكتب الإلهية منزلة من اللوح المجود والإثبات وهي التي سمع المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم صريف أقلامها ليلة الإسراء، وهي تجري بما يحدث في العالم، وهي ثلاثمائة وستون، وهي دون اللوح المحفوظ.

قال ابن جماعة: ولم يكتف الله بإرسال الرسل حتى أنزل معهم الكتب هدى للناس، وفائدة ذلك نفي التهمة عنهم بالزيادة والنقص فيما يتلقونه، ومراجعته الكتاب عند عروض شك فيه بعض مقاصده لنحو سهو، ومن فوائده أيضاً تعظيم الرسول والمرسل إليه، وهذا نص في مشروعية المراسلة بالكتب. انتهى.

وفي الحديث: "آل القرآن آل الله" أي أولياؤه أضيفوا إلى القرآن لشدة اعتنائهم به، وأضيفوا إلى الله تشريفاً، قال ابن عربي: والمراد بآل القرآن الذين يقرءون حروفه من عرب وعجم، ويعلمون معانيه، وليست الخصوصية من حيث القرآن بل من حيث العلم بمعانيه، فإن أُضيف إلى حفظه العلم بمعانيه فنور على نور. أخرج الحاكم وغيره عن النعمان بن بشير رفعه: "أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن" انتهى.

وظاهره أنه من أفضل العبادات وإن كانت قراءته بغير فهم، وأيد بأن الإمام أحمد رأى ربه في نومه فقال: يا رب ما أفضل ما يتقرب به المتقربون إليك؟ قال: بكلامي يا أحمد، قال: يا رب بفهم أو بغير فهم، قال: بفهم وبغير فهم.

ورده بعضهم بأن المراد بتلاوته بغير فهم تلاوة العارفين فإن معاني القرآن تنزل عليهم حال التلاوة بغير فهم ولا فكر، فتكون عين تلاوته عين تلك المعاني، وإلا فشرط من يتقرب إلى الله بشئ فهم معناه، ولو كان المراد بعدم الفهم ما يتبادر للذهن صح أن يُتقرب إلى الله تعالى بالجهل ولا قائل به.انتهى


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 10, 2024 5:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

ومن خصائص القرآن: نزل مع بعضه ثمانون ملكاً، أخرج أحمد وأبو داود وغيرهما عن معقل بن يسار رفعه: " أقرؤا على موتاكم يس فإنه نزل مع كل آية ثمانون ملكاً، وإنه نزل مع بعضه سبعون ألف ملك".

أخرج الطبراني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "نزلت عليّ سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد"، ولم يقف عليه النووي فأنكره.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: فيما اُختص به المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذاته في الدن
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 13, 2024 7:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

*وأن ملكاً يضع فاه على فم قارئه: فلا يظهر منه شيء إلا دخل فم الملك. أخرج البيهقي وتمام وغيرهما عن جابر رفعه: "إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه فلا يخرج من فيه شيء إلا دخل في الملك" ؛ لأن الملائكة لم يعطوا فضيلة التلاوة كما أفصح به في خبر آخر؛ ولأن الملائكة حريصون على استماع القرآن من الآدميين وتلقفه، والمراد بالملك كاتب الحسنات أو غيره، وفي إطلاقه القراءة في الصلاة شامل لأي صلاة كانت ولو نفلاً، وتقييده بالليل إنما قولان: التهجد لا يكون إلا ليلاً وإلا فالنهار كذلك بدليل رواية محمد بن نصر عن الزهري مرسلاً: "إذا قام الرجل يتوضأ ليلاً أو نهاراً فأحسن الوضوء واستن، ثم قام يصلي أطاف به الملك ودنى منه حتى يضع فاه على فيه، فما يقرأ إلا في فيه، وإذا لم يستن أطاف به ولم يضع فاه على فيه" ، وقصة الحديث أن تلقف الملك للقراءة يكون فيما وقع في الصلاة بخلاف القراءة خارجها، وقد يوجه بأن الصلاة مظنة الفيوض الرحمانية فاجتماع شرف القراءة وشرف الصلاة تزيد دنو الأرواح القدسية، ومنها أن قارئه يُكتب له ثواب قراءته وإن أخطأ أو لحن ما لم يتعمده أو يقصر، فإن تعمد أو قصر في التعلم فليس بمأجور.

وأخرج الديلمي عن ابن عباس رفعه: "إذا قرأ القاريء فأخطأ أو لحن أو كان أعجمياً كتبه الملك كما أنزل" ، وفي رواية: "قومه الملك ورفعه أي إلى الملأ الأعلى قويماً إلى قرآناً عربياً غير ذي عوج" ، وظاهره أن الملك واحد لجميع القراء من الخلق ، - ويحتمل التعدد على بعد أن لكل قاريء ملكاً-.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 55 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 24 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط