موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 50 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:48 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس يونيو 14, 2007 2:19 pm
مشاركات: 5873
حتى لا أحرم كتب:
الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 45)

ما جاء في ذم من رغب عنها

خرج مسلم في ((الصحيح)) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء!، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده، لا يخرج منهم أحدٌ رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه، ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد)) .

يا سيدنا النبي

_________________
ومن دخل حصن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يضام


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218
مدد

_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 16, 2024 9:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 45 -47)

ما جاء في ذم من أخاف المدينة وأهلها

أنبأنا أبو الفرج بن علي، قال أنبأنا عبد الوهاب الحافظ، أنبأنا أبو الحسين العاصمي، حدثنا أبو عمر بن مهدي، حدثنا عثمان بن أحمد السماك، حدثنا أحمد بن الخليل، والحسن بن موسى، قالا: حدثنا سعيد ابن زيد، حدثنا عمرو بن دينار، قال: حدثنا سالم بن عبد الله، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: اشتد الجهد بالمدينة وغلا السعر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اصبروا يا أهل المدينة وأبشروا، فإني قد باركت على صاعكم ومدكم، كلوا جميعاً ولا تفرقوا، فإن طعام الرجل يكفي الاثنين، فمن صبر على لأوائها وشدتها كنت له شفيعاً وكنت له شهيداً يوم القيامة. ومن خرج عنها رغبة عما فيها أبدل الله عز وجل فيها من هو خيرٌ منه، ومن بغاها أو كادها بسوءٍ أذابه الله تعالى كما يذوب الملح في الماء))

أنبأنا أبو طاهر لاحق بن علي (قندرة) الصوفي، أنبأنا أبو القاسم الكاتب، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني أنس بن عياض، حدثني يزيد بن خصيفة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن عطاء ابن يسار، عن السائب بن خلاد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً)) .

أنبأنا أبو محمد بن الشافعي، عن أبي محمد بن طاووس، حدثنا سليمان ابن إبراهيم، حدثنا أبو عبد الله اليزدي، حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا محمد بن محمود، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن نسطاس، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أخاف أهل المدينة؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، ومن أخاف أهلها فقد أخاف ما بين هذين ووضع يديه على جنبيه تحت ثدييه)) .

وخرج البخاري في ((صحيحه)) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يكيد أهل المدينة أحدٌ إلا انماع كما ينماع الملح في الماء)) .

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الحسن في كتابه قال: أنبأنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا عبد الواحد بن محمد، حدثنا ابن السماك، حدثنا إسحاق بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبادة، حدثنا أبو ضمرة، عن عبد السلام بن أبي الجنوب، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن معقل بن يسار رضي الله عنه.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المدينة مهاجري، فيها مضجعي وفيها مبعثي، حقيقٌ على أمتي حفظ جيراني ما اجتنبوا الكبائر، من حفظهم كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة، ومن لم يحفظهم سقي من طينة الخبال)) .

قيل للمزني: ما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين نوفمبر 18, 2024 5:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 47)

ما جاء في منع الطاعون والدجال من دخولها

وفي ((الصحيحين)) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال)) .

وفيهما من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس من بلدٍ إلى سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، ليس له نقبٌ من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، فينزل السبخة ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافرٍ ومنافقٍ)) .

وأخرج البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لها يومئذٍ سبعة أبوابٍ على كل بابٍ ملكان)) .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 47 -48)

ذكر ما يؤول إليه أمرها
أنبأنا القاسم بن علي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الحسن، أنبأنا سهل بن بشر، أنبأنا محمد بن الحسين، أنبأنا أبو طاهر الذهلي قال: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا هشام بن عمار، أنبأنا يحيى بن حمزة، حدثنا الزبيدي، حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لتتركن المدينة على خير ما كانت مدلاة ثمارها لا يغشاها إلا العوافي -يريد عوافي السباع والطير- وآخر من يحشر منها راعيان من مزينة يردان المدينة ينعقان بغنمها فيجدانها وحشاً، حتى إذا بلغا ثنية الوداع، خرا على وجوههما)) ، أخرجه البخاري في ((صحيحه)) .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 20, 2024 5:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 48)

تضعيف الأعمال بها

أخبرنا عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي، قال: أخبرنا محمد بن عبد العزيز الفارسي، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، حدثنا ابن صاعد، حدثنا هارون بن موسى، حدثنا عمر بن أبي بكر الموصلي، عن القاسم بن عبد الله، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الجمعة بالمدينة كألف صلاةٍ فيما سواها)) .

وبالإسناد عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صيام شهر رمضان في المدينة كصيام ألف شهرٍ فيما سواها)) .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 21, 2024 9:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 48 - 49)

فضيلة الموت بها

أنبأنا عبد الرحمن بن علي قال: أنبأنا يحيى بن علي بن الطراح، قال: أنبأنا محمد بن أحمد المعدل، حدثنا محمد بن عبد الله الدقاق، حدثنا الصلت بن مسعود، حدثنا سفيان بن موسى، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت، فإنه من مات بالمدينة شفعت له يوم القيامة)) .


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 23, 2024 1:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 51 - 53)

الباب الخامس في ذكر تحريم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة وذكر حدود حرمها

في ((الصحيحين)) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة)) .

وذكر أبو داود السجستاني في ((السنن)) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المدينة حرامٌ ما بين عائر إلى ثور، فمن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، لا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أنشد بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال، ولا يصلح أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجلٌ بعيره)) .

وفي ((الصحيحين)) من حديث علي رضي الله عنه أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المدينة حرمٌ ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً)) .

قال أبو عبيد القاسم بن سلام: عيرٌ وثورٌ جبلان، وأهل المدينة لا يعرفون بها جبلاً يقال له: ثور، إنما ثور بمكة، فنرى أن الحديث أصله ما بين عير إلى أحد.

قلت: بل يعرف أهل المدينة جبل ثور، وهو جبلٌ صغيرٌ وراء أحد ولا ينكرونه.

وفي ((السنن)) لأبي داود من حديث عدي بن زيد قال: حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريداً بريداً، لا يخبط شجرها ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل.

وفيها: أن سعد بن أبي وقاص أخذ رجلاً يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلبه ثيابه، فجاءوا إليه فكلموه فيه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم، وقال: ((من أخذ الصيد فيه فليسلبه ثيابه)) ، فلا أرد عليكم طعمةً أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه.

وفيها: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يخبط شجرها ولا بعضد ولكن يهش هشاً رفيقاً)) .

أخبرنا يحيى بن أبي الفضل الفقيه، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أنبأنا علي بن الحسن الشافعي، أخبرنا شعيب بن عبد الله، حدثنا أحمد بن الحسن الرازي، حدثنا أبو الزنباع، حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا بكر بن مضر، عن ابن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عبد الله بن عمر، عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وذكر مكة، فقال: ((إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها -يريد المدينة-)) .

وفي ((صحيح البخاري)) في حديث الهجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسلمين: ((إني رأيت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان)) .

أنبأنا القاسم بن علي، قال: أنبأنا محمد بن إبراهيم، أنبأنا سهل بن بشر، أنبأنا علي بن منير، أنبأنا الذهلي، أنبأنا موسى بن هارون، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، حدثني أبو بكر بن النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن كعب بن مالك رضي الله عنه، قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريداً في بريد، وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش، وعلى مشيرب، وعلى أشراف المجتهر، وعلى تيم.

قلت: واختلف العلماء في صيد حرم المدينة وشجره؟ فقال مالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم: إنه محرم. وقال أبو حنفية رضي الله عنه: ليس بمحرم.

واختلفت الرواية عن أحمد رضي الله عنه، هل يضمن صيدها وشجرها بالجزاء؟ فروي عنه أنه لا جزاء فيه، وبه قال مالك رضي الله عنه. وروي أنه يضمن، وللشافعي رضي الله عنه قولان كالروايتين.

وإذا قلنا بضمانه؛ فجزاؤه سلب القاتل يتملكه الذي يسلبه. ومن أدخل إليها صيداً لم يجب عليه رفع يديه عنه، ويجوز له ذبحه وأكله، ويجوز أن يؤخذ من شجرها ما تدعو الحاجة إليه للرحل والوسائد، ومن حشيشها ما يحتاج إليه للعلف، بخلاف مكة!


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 23, 2024 6:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 55 - 56)

الباب السادس في ذكر وادي العقيق وفضله

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: ((أتاني الليلة آتٍ من ربي عز وجل، فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرةٌ في حجة)) .

وكان عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ينيخ بالوادي يتحرى معرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: هو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي، بينه وبين الطريق، وسط من ذلك.

أنبأنا يحيى بن أسعد الخباز قال: كتب إلي أبو علي المقري، عن أحمد ابن عبد الله الأصبهاني قال: أنبأنا جعفر بن محمد الزاهد إجازة، قال: أنبأنا أبو يزيد المخزومي، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، عن عمر بن عثمان بن عمر، حدثنا موسى، عن أيوب بن سلمة، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العقيق، ثم رجع فقال: ((يا عائشة، جئنا من هذا العقيق فما ألين موطئه وأعذب ماءه)) . قالت: يا رسول الله أفلا ننقل إليه؟ فقال: ((كيف وقد ابتنى الناس؟!)) .

قالت: ووجد على قبر آدمي عند جماء أم خالد بالعقيق حجر مكتوب: أنا عبد الله ورسول الله سليمان بن داود إلى أهل يثرب.

ووجد حجر آخر على قبر أيضاً عليه مكتوب: أنا أسود بن سوادة رسول رسول الله عيسى بن مريم إلى أهل هذه القرية.

قلت: وابتنى بعض الصحابة بالعقيق ونزلوه، وكذلك جماعة من التابعين ومن بعدهم، وكانت فيه القصور المشيدة والآبار العذبة.

ولأهلها أخبار مستحسنة في الكتب، وأشعار رائقة.

ولما بنى عروة بن الزبير رضي الله عنه قصره بالعقيق ونزله قيل له: جفوت عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم!! فقال: إني رأيت مساجدهم لاهية، وأسواقهم لاغية، والفاحشة في فجاجهم عالية، فكان بعدي مما هنالك عما هم فيه عافية.

قال أهل السير: كانت بنو أمية تجري في الديوان رزقاً على من يقوم على حوض مروان بن الحكم بالعقيق في مصلحته، وفيما يصلح بئر المغيرة من علقها ودلائها.

قالوا: ومر هشام بن عبد الملك وهو يريد المدينة بجرر هشام بن إسماعيل بالرابغ، فقيل له: يا أمير المؤمنين هذه جرر جدك هشام، فأمر بإصلاحها وما يقيمها من بيت المال، فكانت توضع هناك جرار أربع يسقى منهن الناس.

قالوا: وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيق لرجل اسمه هيصم المزني، ولم تزل الولاة على المدينة يولون والياً من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كان زمان داود ابن عيسى، فتركه في سنة ثمان وتسعين ومائة.

قالوا: ومات سعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، وهما من العشرة بالعقيق، وحملا إلى المدينة فدفنا بها.

قلت: ووادي العقيق اليوم ليس به ساكن، وفيه بقايا بنيان خراب، وآثار تجد النفس برؤيتها أنساً كما قال أبو تمام:

ما ربع مية معموراً يطيف به ... غيلان أبهى رباً من ربعها الخرب
ولا الخدود وإن أدمين من خجل ... أشهى إلى ناظري من خدها الترب


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 24, 2024 6:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 57 - 64)

الباب السابع في ذكر آبار المدينة وفضلها

اعلم أنه قد نقل أهل السير أسماء آبار بالمدينة شرب منها النبي صلى الله عليه وسلم وبصق فيها، إلا أن أكثرها لا يعرف اليوم فلا حاجة إلى ذكرها، ونحن نذكر الآبار التي هي اليوم موجودة معروفة على ما يذكر أهل المدينة والعهدة عليهم في ذلك، ونذكر ما جاء في فضلها:

يقول العبد الفقير: وهذه الجملة التي ذكرها المؤلف رحمه الله وهي: إلا أن أكثرها لا يعرف اليوم فلا حاجة إلى ذكرها، لا أتفق معه فيها وفي القلب منها شئ، فمجرد ذكر أسماء الآبار التي شرب منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه من البركة والمدد ما لا يعلمه إلا الله.



بئر حاء

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كان أبو طلحة أكثر أنصار المدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بئر حاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الله عز وجل يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} ، وإن أحب أموالي إلي بئر حاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ ذلك مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ، وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)) ، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
قلت: وهذه البئر اليوم وسط حديقة صغيرة جداً وعندها نخلات ويزرع حولها، وعندها بيت مبني على علو من الأرض، وهي قريبة من سور المدينة، وهي ملكٌ لبعض أهل المدينة من النويريين وماؤها عذب حلو، وذرعتها فكان طولها عشرة أذرع ونصف ماء، والباقي بنيان، وعرضها ثلاثة أذرع وشبر، وهي مقابلة المسجد كما ذكرت في الحديث.

بئر أريس

روى مسلم في ((صحيحه)) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ أنه توضأ في بيته ثم خرج، فقال: لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه يومي هذا. قال: فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: خرج وجه هاهنا، قال: فخرجت على أثره أسال عنه، حتى دخل بئر أريس، قال: فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفهان وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، قال: فسلمت عليه، ثم انصرفت فجلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر. فقلت: على رسلك، قال: ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله! هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ((ائذن له وبشره بالجنة)) ، قال: فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، قال: فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه، ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان خيراً -يريد أخاه- يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب، فقلت: على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت: هذا عمر بن الخطاب يستأذن فقال: ((ائذن له وبشره بالجنة)) ، فجئت عمر فقلت: ادخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، قال: فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست، فقلت: إن يرد الله بفلان خيراً -يعني أخاه- يأت به، فجاء إنسان فحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان، فقلت: على رسلك، قال: وجئت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه)) ، قال: فجئت وقلت: ادخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع بلوى تصيبك، قال: فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس وجاههم من الشق الآخر.

وقد أخرج البخاري في ((صحيحه)) هذا الحديث، فزاد فيه ألفاظاً ونقص، وقال: فدخل عثمان فلم يجد معهم مجلساً فتحول حتى جاء مقابلهم عن شقة البئر، فكشف عن ساقيه ثم دلاهما في البئر.

وقال مسلم: قال سعيد بن المسيب: فتأولت ذلك قبورهم اجتمعت هاهنا وانفرد عثمان.

وروى البخاري ومسلم في ((الصحيحين)) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله عليه السلام اتخذ خاتماً من ورق -أي فضة- وكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر رضي الله عنه، ثم كان بعد في يد عمر رضي الله عنه، ثم كان في يد عثمان رضي الله عنه حتى وقع منه في بئر أريسٍ.

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أنس رضي الله عنه قال: ((كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر. فلما كان عثمان جلس على بئر أريس فأخرج الخاتم، فجعل يعبث به فسقط، قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان ننزح البئر، فلم نجده)) .

قلت: وهذه البئر مقابلة مسجد قباء، وعندها مزارع ويستقى منها، وماؤه عذب، وذرعتها فكان طولها: أربعة عشر ذراعاً وشبراً، منها ذراعان ونصف ماء، وعرضها خمسة أذرع، وطول قفها الذي جلس عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه ثلاثة أذرع تشف كفاً، والبئر تحت أطمٍ عالٍ خراب من حجارة.

بئر بضاعة

روى أبو داود في ((السنن)) من حديث أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له: إنه يستقى لك من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها لحوم الكلام والمحايض وعذر الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) .

أنبأنا أبو القاسم الصموت، عن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، قال: أنبأنا أبو يزيد المخزومي، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، عن حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه، قالت: دخلنا على سهل بن سعد في نسوة، فقال: لو أني سقيتكن من بئر بضاعة لكرهتن ذلك، وقد والله سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي منها.

وحدثنا محمد بن الحسن، عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق في بئر بضاعة.

وحدثنا محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن مالك ابن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لبئر بضاعة.
قال أبو داود السجستاني في ((السنن)) . سمعت -والله- قتيبة بن سعيد يقول: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها، فقلت: أكثر ما يكون فيها الماء؟ قال: إلى العانة، قلت: فإذا نقص قال: دون العورة.

قال أبو داود: قدرت بئر بضاعة بردائي مددته عليها، ثم ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع. وسألت الذي فتح باب البستان فأدخلني إليه، هل غير بناؤه عما كان عليه؟ فقال: لا، ورأيت فيها ماءً متغير اللون.

قلت: وهذه البئر اليوم في بستانٍ وماؤها عذب طيب ولونه صاف أبيض، وريحه كذلك، ويستقى منها كثيراً، وذرعتها فكان طولها أحد عشرة ذراعاً وشبراً، منها: ذراعان راجحة ماء، والباقي بناء، وعرضها ستة أذرع، كما ذكر أبو داود في ((السنن)) .

بئر غرس

أخبرنا يحيى بن أسعد بخطه قال: أنبأنا أبو علي الحداد، عن أبي نعيم الأصبهاني، قال: كتب إلي أبو محمد الخواص، أن محمد بن عبد الرحمن أخبره، قال: أخبرنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، عن عبد العزيز بن محمد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن قيس، قال جاءنا أنس بن مالك رضي الله عنه فقال: أين بئركم هذه -يعني بئر غرس-؟ فدللناه عليها، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جاءها وإنها لتسنى على حمار بسحر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من مائها فتوضأ منه، ثم سكبه فيها فما نزفت بعد.

وحدثنا محمد بن الحسن، عن القاسم بن محمد، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت الليلة أني أصبحت على بئر من الجنة، فأصبح على بئر غرس، فتوضأ منها وبصق فيها، وغسل منها حين توفي صلى الله عليه وسلم)) .

وحدثنا محمد بن الحسن، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر يقال لها: غرس، وكان يشرب منها.
قلت: وهذه البئر بينها وبين مسجد قباء نحو نصف ميل، وهي في وسط الشجر، وقد خربها السيل وطمها، وفيها ماء أخضر إلا أنه عذب طيب، وريحه الغالب عليه الأجون، وذرعتها فكان طولها سبعة أذرع شاقة، منها ذراعان ماء، وعرضها عشرة أذرع.

بئر البصة

أنبأنا ذاكر الحذاء، عن الحسن بن أحمد الأصبهاني، عن أحمد بن عبد الله الحافظ، عن جعفر بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن موسى، عن سعيد ابن أبي زيد، عن ابن عبد الرحمن، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الشهداء وأبناءهم ويتعاهد عيالهم، قال؛ فجاء يوماً أبا سعيد الخدري، فقال: هل عندك من سدرٍ أغسل به رأسي فإن اليوم الجمعة؟ قال: نعم، فأخرج له سدراً وخرج معه إلى البصة، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وصب غسالة رأسه وراقة شعره في البصة.

قلت: وهذه البئر قريبة من البقيع، على طريق المار إلى قباء وهي بين نخل، وقد هدمها السيل وطمها، وفيها ماء أخضر، ووقفت على قفها وذرعت طولها، فكان أحد عشر ذراعاً منها ذراعان ماء، وعرضها تسعة أذرع، وهي مبنية بالحجارة، ولون مائها إذا انفصل منها أبيض، وطعمه حلو إلا أن الأجون غلب عليه، وذكر لي الثقة: أن أهل المدينة كانوا يستقون منها قبل أن يطمها السيل.

بئر رومة

روى أهل السير، أن تبعاً لما قدم المدينة نزل بقباء واحتفر البئر الذي يقال لها: بئر الملك، وبه سميت، فاستوبأ ماءها، فدخلت عليه امرأة من بني زريق من اليهود اسمها فكيهة، فشكا إليها وباء بئره، فانطلقت فأخذت حمارين واستقت له من ماء رومة، ثم جاءته فشربه، فقال: زيدينا من هذا الماء.

وكتبت إلي عفيفة الأصبهانية، أن أبا علي الحداد أخبرها بخطه، عن أبي نعيم، قال: كتب إلي جعفر الخلدي أن أبا يزيد المخزومي أخبره، عن الزبير بن بكار، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن طلحة، عن إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نعم الحفيرة حفيرة المزني)) ؛ يعني رومة.
فلما سمع بذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه ابتاع نصفها بمائة بكرة وتصدق بها، فجعل الناس يسقون منها. فلما رأى صاحبها أن قد امتنع منه ما كان يصيب عليها، باع من عثمان رضي الله عنه النصف الثاني بشيء يسير فتصدق بها كلها.

وروى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أبي عبد الرحمن السلمي، أن عثمان حيث حوصر أشرف عليهم وقال: أنشدكم الله ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حفر رومة فله الجنة؟ فحفرتها، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة؟ فجهزتهم، قال: فصدقوه.

قلت: وهذه البئر اليوم بعيدة عن المدينة جداً في براحٍ واسعٍ من الأرض وطيء، وعندها بناء من حجارة خرابٌ، قيل: إنه كان ديراً ليهود، والله أعلم.
وحولها مزارع وآبار، وأرضها رملة وقد انتقضت خرزتها وأعلامها، إلا أنها بئر مليحة جداً مبنية بالحجارة الموجهة، وذرعتها فكان طولها ثمانية عشر ذراعاً، منها ذراعان ماء وباقيها مطموم بالرمل الذي تسفيه الرياح فيها، وعرضها ثمانية أذرع وماؤها صاف وطعمه حلو إلا أن الأجون غلب عليه.

قلت: واعلم أن هذه الآبار قد يزيد ماؤها في بعض الأزمان عما ذكرنا وقد ينقص، وربما بقي منها ما كان مطموماً.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 26, 2024 11:10 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 64)

ذكر عين النبي صلى الله عليه وسلم

أنبأنا يحيى بن أسعد، عن الحسن بن أحمد، عن أبي نعيم، عن جعفر ابن محمد، حدثنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الزبير، حدثنا محمد بن الحسن، عن موسى بن إبراهيم بن بشير، عن طلحة بن خراش، قال: كانوا أيام الخندق يخرجون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويخافون البيات، فيدخلون به كهف بني حرام فيبيت فيه، حتى إذا أصبح هبط.
قال: ونقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في العينية التي عند الكهف، فلم تزل تجري حتى اليوم.

قلت: وهذه العين في ظاهر المدينة وعليها بناء وهي مقابلة المصلى.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 28, 2024 9:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 65 - 73)

الباب الثامن في ذكر جبل أحد وفضله وفضل الشهداء رضي الله عنهم

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدا له أحد فقال: ((هذا جبل يحبنا ونحبه)) .

قال أبو عمر ابن عبد البر في معنى هذا الحديث: يحتمل أن الله خلق فيه الروح فأحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: يحمل على المجاز.

أخبرنا أبو غالب محمد بن المبارك الكاتب، وعبد العزيز بن أحمد الناقد قالا: أنبأنا محمد بن عمر الفقيه، أنبأنا جابر بن ياسين، أنبأنا عمر بن أحمد المقري، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا إسحاق، حدثنا عبد الله ابن جعفر، حدثني أبو حازم، عن سهل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحد ركن من أركان الجنة)) .

وكتب إلي أبو محمد بن أبي القاسم الحافظ، أن عبد الرحمن بن أبي الحسن، أخبره قال: أنبأنا سهل بن بشر، قال: أنبأنا أبو الحسن بن منير، قال: أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الله الذهلي، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن طلحة ابن خراش بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عتيك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خرج موسى وهارون عليهما السلام حاجين أو معتمرين، فلما كانا بالمدينة مرض هارون فثقل، فخاف عليه موسى اليهود فدخل به أحداً، فمات فدفنه فيه)) .

وروي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لما تجلى الله تعالى لجبل طور سيناء، تشظى منه ست شظايا، فنزلت مكة، فكان حراء وثبير وثور، وبالمدينة: أحد وورقان وعير)) .

قلت: فأحد معروف، وعير مقابله والمدينة بينهما، وورقان عند شعب علي رضي الله عنه.

قلت: وكانت قريش قد جاءت من مكة لحرب النبي صلى الله عليه وسلم، ولقوه في يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة عند جبل أحد، وكان بينهم من القتال ما أكرم الله به من أكرم من المسلمين بالشهادة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذب بالحجارة حتى وقع لشقه، فانكسرت رباعيته، وشج في وجهه وكلمت شفته، وكان ذلك كرامة له صلى الله عليه وسلم، ولأصحابه الذين استشهدوا بين يديه، وكانوا سبعين رجلاً: حمزة بن عبد المطلب، وعبد الله بن جحش، ومصعب بن عمير، وشماس بن عثمان، فهؤلاء الأربعة من المهاجرين.

ومن الأنصار: عمرو بن معاذ بن النعمان، والحارث بن أنس بن رافع، وعمارة بن زياد بن السكن، وسلمة بن ثابت بن وقش، وعمرو بن ثابت ابن وقش، وأبو قيس ثابت، ورفاعة بن وقش، وحسيل بن ثابت - وهو اليمان أبو حذيفة-، وصيفي بن قيظي، وعباد بن سهل، وحباب بن قيظي، والحارث بن أوس بن معاذ، وإياس بن أوس بن عتيك، وعبيد بن التيهان، ويقال: عتيك، وحبيب بن زيد بن تيم، ويزيد بن حاطب بن أمية ابن رافع، وأبو سفيان بن الحارث بن قيس بن زيد، وأنيس بن قتادة، وحنظلة بن أبي عامر بن صيفي، وأبو حبة بن عمرو بن ثابت أخو سعيد ابن خيثمة لأمه، وعبيد الله بن جبير بن النعمان، وخيثمة أبو سعد بن خيثمة، وعبد الله بن سلمة، وسبيع بن حاطب بن الحارث، وعمرو بن قيس بن زيد، وابنه قيس، وثابت بن عمرو بن زيد، وعامر بن مخلد، وأبو هبيرة بن الحارث بن علقمة، وعمرو بن مطرف بن علقمة، وأوس بن ثابت بن المنذر أخو حسان بن ثابت، وأنس بن النضر، وقيس بن مخلد، وكيسان عبد لبني النجار، وسليم بن الحارث، ونعمان بن عبد عمرو، وخارجة بن زيد، وسعد بن الربيع، وأنس بن الأرقم بن زيد، ومالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري، وسعيد بن سويد بن قيس، وعتبة بن ربيع ابن رافع، وثعلبة بن سعد بن مالك، وثقب بن فروة، وعبد الله بن عمرو ابن وهب، وضمرة حليف لبني طريف من جهينة، ونوفل بن عبد الله، وعباس بن عبادة، ونعمان بن مالك بن ثعلبة، والمجذر بن زياد، وعبادة بن الحسحاس، ورفاعة بن عمرو، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح، وابنه خلاد، وأبو أيمن مولاه، وعنترة بن عمرو بن حديدة، ومولاه عنترة، وسهل بن قيس بن أبي كعب، وذكوان بن عبد قيس، وعبيد بن المعلى ابن لوذان، ومالك بن نميلة، والحارث بن عدي بن خرشة، ومالك بن إياس، وإياس بن عدي، وعمرو بن إياس.

فهؤلاء الذين استشهدوا بين يديه صلى الله عليه وسلم، وقاتلوا وقتلوا، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.

فأما حمزة رضي الله عنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عليه، وقد مثل به؛ جدع أنفه وأذناه، وبقر بطنه عن كبده، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن تحزن صفية وتكون سنةً من بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير! لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت موقفاً قط أغيظ لي من هذا)) ، ثم قال: ((جاءني جبريل وأخبرني أن حمزة مكتوبة في السموات السبع: حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله)) ، فأقبلت صفية بنت عبد المطلب أخت حمزة لأبيه ولأمه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام: ((القها فأرجعها لا ترى ما بأخيها؛ فقال: يا أمه؛ رسول الله يأمرك أن ترجعي، قالت: ولم؟ وقد بلغني أنه مثل بأخي وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله، فجاء الزبير فأخبره بذلك، فقال: خل سبيلها، فأتته فنظرت إليه وصلت عليه، واسترجعت واستغفرت له، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فسجي ببردة، ثم صلي عليه فكبر عليه سبعين ودفنه)) ، ولما رجع إلى المدينة سمع البكاء والنواح على القتلى، فذرفت عيناه صلى الله عليه وسلم وبكى.
ثم قال: ((لكن حمزة لا بواكي له)) !! فجاء نساء بني عبد الأشهل، لما سمعوا ذلك فبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على باب المسجد، فلما سمعهن خرج إليهن فقال: ((ارجعن يرحمكن الله فقد آيستن بأنفسكن)) .

وأما عمارة بن زياد بن السكن رضي الله عنه، فإنه قاتل حتى أثبتته الجراحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أدنوه مني)) ، فأدنوه منه، فوسده قدمه، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه، وأما عمرو بن ثابت بن وقش، فإنه كان يأبى الإسلام، فلما كان يوم أحد، بدا له في الإسلام فأسلم، وأخذ بسيفه فغدا حتى دخل في عرض المسلمين، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فرآه المسلمون بين القتلى فقالوا: ما جاء بك يا عمرو!! أحرب على قومك، أم رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلت حتى أصابني ما أصابني. ثم مات في أيديهم فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إنه لمن أهل الجنة)) .
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة ولم يصل قط؟! فإذا لم تعرفه الناس قال: هو عمرو بن ثابت.

وأما أبوه ثابت بن وقش، والحسيل -وهو اليمان أبو حذيفة رضي الله عنهما- فإنهما كانا شيخين كبيرين، ارتفعا في الآطام مع النساء والصبيان لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، فقال أحدهما لصاحبه: لا أبالك ما تنتظر؟ فوالله إن بقي لواحدنا من عمره إلا طمر حمار، إنما نحن هامة اليوم أو غد، أفلا نحمل أسيافنا ونلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا الشهادة معه؟ فأخذا أسيافيهما وخرجا حتى دخلا في الناس، فقاتلا حتى قتلا.
وأما حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه، فإنه لما قتله المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن صاحبكم لتغسله الملائكة، فسألوا أهله ما شأنه)) .
فسئلت صاحبته عنه، فقالت: خرج وهو جنب حين سمع النداء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لذلك غسلته الملائكة)) .

وأما أنس بن النضر رضي الله عنه، فإنه جاء إلى المهاجرين والأنصار وقد ألقوا ما بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟، قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الشيطان قد نادى بذلك، وفقده المسلمون لاختلاطهم فلم يعرفوه، فقال لهم أنس رضي الله عنه: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه.
ثم قال: إني أجد ريح الجنة دون أحد، فمضى فاستقبل المشركين وقاتل حتى قتل، ولما وجدوه في القتلى ما عرفوه حتى عرفته أخته بشامة أبو ببنانة، وفيه بضع وثمانون طعنة وضربة ورمية بسهم.

وأما سعد بن الربيع رضي الله عنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هل من رجل ينظر إلى ما فعل سعد بن الربيع، أفي الأحياء هو أم الأموات؟)) ، فقال رجل من الأنصار: أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل، فنظر فوجده جريحاً في القتلى وبه رمق، قال: فقلت له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم الأموات، قال: أنا في الأموات، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل: إن سعد ابن الربيع يقول لك: جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم: لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف، قال: ثم لم أبرح حتى مات، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته.

وأما عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه، فإنه روى البخاري في ((الصحيح)) أن ابنه جابراً قال: لما قتل أبي، جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه، فجل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهوني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا تبكه، ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه)) .

وأما عمرو بن الجموح، فإنه كان أعرج شديد العرج، وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد، فلما كان يوم أحد، أرادوا حبسه وقالوا: إن الله قد عذرك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما أنت فقد عذرك الله، فلا جهاد عليك، وقال لبنيه: ما عليكم ألا تمنعوه لعل الله يرزقه الشهادة)) . فخرج معه فقتل بأحد.

وروى البخاري في ((الصحيح)) أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: ((أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال: في الجنة، فألقى تمرات في يده ثم قاتل حتى قتل)) .

وروى البخاري أيضاً من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقول: ((أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟)) فإذا أشير له إلى أحد قدمه في اللحد، وقال: ((أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة)) ، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلوا.

وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة وجرحه يدمى، اللون لون دم، والريح ريح مسك)) .

وروى البخاري في ((صحيحه)) من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أريت في رؤياي أني هززت سيفي فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به يوم الفتح واجتماع المؤمنين)) .

قال ابن إسحاق: وأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم من القرآن في يوم أحد ستين آية من آل عمران، فيها صفة ما كان من يومهم ذلك. وهي من قوله تعالى: {وإذ غدوت من أهلك} إلى قوله: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه} إلى آخر الآية.

وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طيور خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأتي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم)) ، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا، لئلا يزهدوا في الجهاد ولا يلتووا عن الحرب؟! فقال الله تبارك وتعالى: فأنا أبلغهم، فأنزل الله على رسوله {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا.. ... } الآيات.
وروى البخاري في ((الصحيح)) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر فقال: ((إني بين أيديكم فرط، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها))، قال: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى أبو داود في ((سننه)) من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نريد قبور الشهداء، حتى إذا أشرفنا على حرة واقم، فلما تدلينا منها فإذا قبور بمنحية، قال: فقلنا: يا رسول الله، أقبور إخواننا هذه؟ قال: ((قبور أصحابنا)) ، فلما جئنا قبور الشهداء قال صلى الله عليه وسلم: ((هذه قبور إخواننا)) .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قتلى أحد: ((هؤلاء شهداء فأتوهم وسلموا عليهم، ولن يسلم عليهم أحدٌ ما قامت السموات والأرض إلا ردوا عليه)) .
وروى جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم: أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد، فتصلي هناك، وتدعو وتبكي حتى ماتت رضي الله عنها.

وروى العطاف بن خالد قال: حدثتني خالة لي وكانت من العوابد، قالت: ركبت يوماً حتى جئت قبر حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه فصليت ما شاء الله، والله ما في الوادي داعٍ ولا مجيب وغلامي آخذ برأس دابتي، فلما فرغت من صلاتي، قمت فقلت: السلام عليكم، وأشرت بيدي، فسمعت رد السلام من تحت الأرض أعرفه كما أعرف أن الله سبحانه خلقني، فاقشعر جلدي وكل شعرة مني، فدعوت الغلام وركبت.

وروى مالك في ((الموطأ)) : أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين رضي الله عنهما، كان السيل قد حفر قبرهما، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد، فحفر عنهما لينقلا من مكانهما، فوجدا كأنهما ماتا بالأمس، فكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك، فأمطيت يده عن جرحه، ثم أرسلت، فرجعت كما كانت، وكان بين أحد وبين يوم الحفر عنهما ست وأربعون سنة!

قلت: وقبور الشهداء اليوم لا يعرف منها إلا قبر حمزة رضي الله عنه، فإنه قد بنت عليه أم الخليفة الناصر لدين الله -رحمها الله- مشهداً كبيراً، وجعلت عليه باباً من ساج منقوش وحوله حصناً، وعلى المشهد باب من حديد يفتح في كل يوم خميس، وقريب منه مسجدٌ يذكر أهل المدينة أنه موضع مقتله، والله أعلم بصحة ذلك.
وأما بقية الشهداء فهناك حجارة موضوعة يذكر أنها قبورهم، وفي جبل أحدٍ غارٌ يذكرون أنه صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وموضع في الجبل أيضاً منقوب في صخرة منه على قدر رأس الإنسان، يذكرون أنه صلى الله عليه وسلم قعد وأدخل رأسه هناك، كل هذا لم يرد به نقل، فلا يعتمد عليه.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة نوفمبر 29, 2024 11:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 75 - 76)

الباب التاسع في ذكر إجلاء النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير من المدينة

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عقد حلفاً بين بني النضير من اليهود وبين بني عامر، فعدا رجل من بني النضير على رجلين من بني عامر فقتلهما، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعين في دية ذينك القتيلين، فقالوا له: نعم يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً إلى جنب جدار من بيوتهم-، فمروا رجلاً يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه، وانتدب لذلك أحدهم، فصعد ليلقي عليه صخرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعاً إلى المدينة وأخبر أصحابه بما كانت اليهود همت به، وأمرهم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم، وسار حتى نزل بهم في ربيع الأول سنة أربع من الهجرة، فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم وتحريقها، وكان رهط من الخزرج من المنافقين قد بعثوا إلى بني إسرائيل: أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك منهم، فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح، ففعل، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل يهدم بيته ويأخذ بابه فيضعه على البعير وينطلق به، واستقلوا بالنساء والأبناء والأموال معهم، والدفوف والمزامير والقيان تعزف خلفهم، وخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار، إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكراً فقراً، فأعطاهما رسول الله.
ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: يامين بن عمير بن كعب، وأبو سعد بن وهب أسلما على أموالهما فأحرزاهما. فأنزل الله في بني النضير سورة الحشر بأسرها، يذكر فيها ما أصابهم الله به من نقمته، وما سلط عليهم به رسوله صلى الله عليه وسلم وما عمل فيهم.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 30, 2024 9:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 77 - 81)

الباب العاشر في ذكر حفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق حول المدينة

كان نفر من بني النضير الذين أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد خرجوا فقدموا مكة على قريش، فدعوهم إلى حرب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فسرهم ذلك واتعدوا له وتجمعوا، ثم جاءوا غطفان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم معهم وأن قريشاً قد تابعوهم على ذلك، وخرجت قريش وغطفان بمن جمعوا معهم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب الخندق على المدينة، فعمل فيه رسول الله والمسلمون معه ودأبوا فيه.

روى البخاري في ((الصحيح)) من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة

فقالوا: مجيبين له:

نحن الذين بايعوا محمداً ... على الجهاد ما بقينا أبداً

وروى أيضاً من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه ويقول:

والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا

ويرفع بها صوته: أبينا أبينا.

قال ابن إسحاق: وحكت ابنة بشير بن سعد قالت: دعتني أمي فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثم قالت: اذهبي إلى أبيك وخالك بغدائهما، قالت: فأخذتهما، فانطلقت بها، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي وخالي، فقال: تعالي يا بنية، ما هذا معك؟ قالت: قلت: يا رسول الله هذا تمر، بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة، يتغديانه، قال: هاتيه؛ قالت: فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له، ثم دحا بالتمر عليه، فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغداء! فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.

وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن صخرة اشتدت عليهم فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بإناء من ماء فتفل فيه، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به، ثم نضح ذلك على تلك الصخرة فانهالت حتى عادت كالكثيب ما ترد فأساً ولا مسحاة، ولم يزل المسلمون يعملون فيه وينقلون التراب على أكتافهم، حتى فرغوا منه وأحكموه، وأقبلت قريش ومن تبعها في عشرة آلاف حتى نزلت بمجتمع السيول من رومة، وأقبلت غطفان ومن تبعها من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمى إلى جانب أحد، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاثة آلاف حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع، وضرب عسكره والخندق بينه وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء فجعلوا في الآطام، وخرج حيي بن أخطب النضري حتى أتى قريظة في دارها، وسألهم أن يكونوا معهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فذكروا أن بينهم وبينه عقداً وحلفاً، فلم يزل بهم حتى نقضوه وأجابوه إلى حرب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فبعث سعد بن معاذ وجماعة معه إليه لينظروا صحة ذلك، فأتوهم فوجدوهم على أخبث مما بلغهم عنهم، فنالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لا عهد بيننا وبين محمدٍ صلى الله عليه وسلم ولا عقد، فشاتمهم سعدٌ وشاتموه، ثم أقبل بمن معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف، وأتاهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظن المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق، حتى قال معتب بن قشير: كان محمد صلى الله عليه وسلم يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.

فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام المشركون عليه بضعاً وعشرين ليلة، لم يكن بينهم حرب إلا النبل والرمي والحصار، إلا فوارس من قريش، فإنهم قاتلوا فقتلوا وقتلوا.
ولما وقفوا على الخندق قالوا: إن هذه المكيدة ما كانت العرب تكيدها؛ ويقال: إن سلمان رضي الله تعالى عنه أشار به على النبي صلى الله عليه وسلم.

ورُمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم، فقطع أكحله، فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه؛ اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.

واستشهد يومئذٍ من المسلمين ستة نفر من الأنصار، هم: أنس بن أوس ابن عتيك، وعبد الله بن سهل، والطفيل بن النعمان، وثعلبة بن غنمة، وكعب بن زيد أصابه سهم فقتله، وسعد بن معاذ عاش حتى قَتل النبيُ صلى الله عليه وسلم بني قريظة بحكمه واستجاب دعاءه ثم قبض شهيداً، وسيأتي ذكر وفاته.

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما وصف الله تعالى من الخوف والشدة، لتظاهر عدوهم عليهم، وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم، حتى هدى الله نعيم بن مسعود أحد غطفان للإسلام لإنفاذ أمره سبحانه في نصر نبيه وإقامة دينه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت فينا رجلٌ واحدٌ، فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة، فخرج حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديماً في الجاهلية، فقال: يا بني قريظة، قد عرفتم ودي وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت، لست عندنا بمتهم، فقال لهم: إن قريشاً وغطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكم، به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون على أن تحولوا عنه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم بغيره، فليسوا كأنتم، فإن رأوا نهزةً أصابوها، وإن كان غير ذلك، لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم، ولا طاقة لكم به إن خلا بكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهناً من أشرافهم، يكونوا بأيديكم ثقةً لكم على أن تقاتلوا معهم محمداً حتى تناجزوه، قالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم خرج حتى أتى قريشاً فقال لهم: قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمداً، وإنه قد بلغني أمرٌ قد رأيت عليَّ حقاً أن أبلغكموه نصحاً لكم، فاكتموه عني؟! قالوا: نفعل، قال: تعلمون أن اليهود قد ندموا على ما صنعوه فيما بينهم وبين محمدٍ، وقد أرسلوا إليه: إنا قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ من القبلتين؛ قريش وعطفان رجالاً من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي حتى نستأصلهم؟ فأرسل إليهم: نعم، فإن بعثت إليكم يهود تطلب منكم رجلاً واحداً فلا تدفعوه، ثم خرج فأتى غطفان، فقال لهم مثل ما قال لقريش، فأرسلت قريش
إلى يهود أن اغدوا للقتال حتى نناجز محمداً، فقالوا: لسنا نقاتل معكم حتى تعطونا رهناً. فقالت قريش وغطفان: إن الذي حدثكم نعيم لحق، ثم أرسلوا إلى قريظة: إنا لن ندفع إليكم أحداً، فإن أردتم أن تقاتلوا فقاتلوا، فقالت قريظة: إن الذي قال لكم نعيم لحق، وخذل الله بينهم، وبعث عليهم الريح في ليالٍ باردةٍ شديدة البرد، فجعلت تكفئ قدورهم وتطرح أبنيتهم، فرجعوا إلى بلادهم. وكان مجيئهم وذهابهم في شوال سنة خمس من الهجرة.

قلت: والخندق اليوم باقٍ، وفيه قناةٌ تأتي من عين بقباء إلى النخل الذي بأسفل المدينة بالسيح حوالي مسجد الفتح، وفي الخندق نخلٌ قد انطم أكثره وتهدمت حيطانه.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: في ذكر أسماء المدينة وذكر أول ساكنيها
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 02, 2024 5:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص: 83 - 84)

الباب الحادي عشر في ذكر قتل بني قريظة بالمدينة

قال ابن إسحاق: ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق راجعاً إلى المدينة والمسلمون، ووضعوا السلاح، أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم معتماً بعمامة من استبرق على بغلة عليها قطيفة من ديباج، فقال: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال جبريل: ما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم. إن الله عز وجل يأمرك بالسير إلى بني قريظة، فإني عامدٌ إليهم فمزلزلٌ بهم. فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس: من كان سامعاً ومطيعاً، فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون فمر بنفرٍ من أصحابه، فقال: هل مر بكم أحدٌ؟ فقالوا: مر بنا دحية الكلبي على بغلة عليها قطيفة من ديباج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك جبريل، بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم، ويقذف الرعب في قلوبهم، وأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، ونزل عليهم وحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار وقذف في قلوبهم الرعب، فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتواثبت الأوس وقالوا: يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج، فهبهم لنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى، قال: فذلك إلى سعد بن معاذ، وكان سعد في خيمة في المسجد يداوي جرحه، فأتاه الأوس فأركبوه وأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري، فقال صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.

ثم استنزلوا بني قريظة من حصونهم فحبسوا بالمدينة في دار امرأة من بني النجار، ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم فجيء بهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق وكانوا سبعمائة، وفيهم حيي بن أخطب النضري الذي حرضهم على نقض العهد وعلى محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة، فإنها كانت طرحت رحى على خلاد بن سويد من الحصن، فقتلته. فقتلها النبي صلى الله عليه وسلم به.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل منهم كل من أنبت، ومن لم ينبت استحياه، ثم قسم الرسول صلى الله عليه وسلم أموالهم ونساءهم وأبناءهم على المسلمين، وأنزل الله في بني قريظة وأمر الخندق الآيات من سورة الأحزاب: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها} إلى قوله: {وأورثكم أرضهم وديارهم.. ... } .

ولما فرغ صلى الله عليه وسلم من شأن بني قريظة، انفجر جرح سعد بن معاذ فمات منه شهيداً.

وروي أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم في جوف الليل، فقال: يا محمد، من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام صلى الله عليه وسلم سريعاً يجر ثوبه إلى سعد، فوجده قد مات، رحمه الله ورضي عنه.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 50 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 43 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط