موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 25, 2024 4:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (2/ 304-306)


أثر متصل الإسناد في أمر النيل:

أخبرني أبو الطيب الأنصاري إجازة، عن الحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي، عن أبي الفتح محمد بن محمد الميدومي، أخبرتنا أمة الحق شامية بنت الحافظ صدر الدين الحسن بن محمد بن محمد سماعا، أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد سماعًا، أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي، وغيره سماعا، قالوا: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن القنور سماعا، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحيم المخلص سماعًا، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن عيسى السكري، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، وأبو بكر محمد بن صالح بن عبد الرحمن الحافظ الأنماطي، قالا: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح بن محمد، كاتب الليث، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: بلغني أنه كان رجل من بني العيص يقال له: حائد بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، خرج هاربًا من ملك من ملوكهم؛ حتى دخل أرض مصر، فأقام بها سنين، فلما رأى أعاجيب نيلها وما يأتي به، جعل الله تعالى عليه ألَّا يفارق ساحلها حتى يبلغ منتهاه؛ من حيث يخرج أو يموت قبل ذلك، فسار عليه -قال بعضهم: سار ثلاثين سنة في الناس وثلاثين في غير الناس. وقال بعضهم: خمسة عشر كذا، وخمسة عشر كذا- حتى انتهى إلى بحر أخضر، فنظر إلى النيل ينشق مقبلًا، فصعد على البحر، فإذا رجل قائم يصلي تحت شجرة من تفاح، فلما رآه استأنس به، وسلم عليه، فسأله الرجل صاحب الشجرة، فقال له: من أنت؟ قال: أنا حامد بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، فمن أنت؟ قال: أنا عمران بن فلان بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم، قال: فما الذي جاء بك إلى هنا يا عمران؟ قال: جاء بي الذي جاء بك، حتى انتهيت إلى هذا الموضع؛ فأوحى الله إلي أن أقف في هذا الموضع، حتى يأتيني أمره، قال له حامد: أخبرني يا عمران، ما انتهى إليك من أمر هذا النيل؟ وهل بلغك في الكتب أن أحدًا من بني آدم يبلغه؟ قال له عمران: نعم، بلغني أن رجلا من بني العيص يبلغه، ولا أظنه غيرك يا حامد، قال له حائد: يا عمران، أخبرني كيف الطريق إليه؟ قال له عمران: لست أخبرك بشيء إلا أن تجعل لي ما أسألك! قال: وما ذاك يا عمران؟ قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحي الله تعالى إلي بأمره، أو يتوفاني فتدفنني؛ فإن وجدتني ميتًا دفنتني وذهبت، قال: ذلك لك علي، قال له: سر كما أنت على هذا البحر؛ فإنك تأتي دابة ترى آخرها ولا ترى أولها، فلا يهولنك أمرها، اركبها؛ فإنها دابة معادية للشمس، إذا طلعت أهوت إليها لتلتقمها حتى يحول بينها وبينها حجبتها، وإذا غربت أهوت إليها لتلتقمها؛ فتذهب بك إلى جانب البحر، فسر عليها راجعًا حتى تنتهي إلى النيل، فسر عليه، فإنك ستبلغ أرضًا من حديد، جبالها وأشجارها وسهولها من نحاس، فإن أنت جزتها وقعت في أرض من فضة؛ جبالها وأشجارها وسهولها من فضة، فإن أنت جزتها وقعت في أرض من ذهب جبالها وأشجارها وسهولها من ذهب، فيها ينتهي إليك علم النيل.

فسار حتى انتهى إلى أرض الذهب، فسار فيها حتى انتهى إلى سور من ذهب شرفة من ذهب، وقبة من ذهب، لها أربعة أبواب؛ فنظر إلى ما ينحدر من فوق ذلك السور حتى يستقر في القبة ثم ينصرف في الأبواب الأربعة؛ فأما ثلاثة فتغيض في الأرض، وأما واحد فيسير على وجه الأرض؛ وهو النيل. فشرب منه واستراح، وأهوى إلى السور ليصعد، فأتاه ملك فقال له: يا حامد قف مكانك، فقد انتهى إليك علم هذا النيل؛ وهذه الجنة؛ وإنما ينزل من الجنة، فقال: أريد أن أنظر إلى الجنة، فقال: إنك لن تستطيع دخولها اليوم يا حامد، قال: فأي شيء هذا الذي أرى؟ قال: هذا الفلك الذي تدور فيه الشمس والقمر، وهو شبه الرحا، قال: إني أريد ان اركبه فأدور فيه- فقال بعض العلماء: إنه قد ركبته؛ حتى دار الدنيا وقال بعضهم: لم يركبه- فقال له يا حامد: إنه سيأتيك من الجنة رزق، فلا تؤثر عليه شيئًا من الدنيا، فإنه لا ينبغي لشيء من الجنة أن يؤثر عليه شيء من الدنيا عن لم تؤثر عليه شيئًا من الدنيا بقي ما بقيت.

قال: فبينا هو كذلك واقف، إذ نزل عليه عنقود من عنب فيه ثلاثة أصناف لون كالزبرجد الأخضر، ولون كالياقوت الأحمر، ولون كاللؤلؤ الأبيض، ثم قال له: يا حامد، أما إن هذا من حصرم الجنة، وليس من طيب عنبها، فارجع يا حامد، فقد انتهى إليك علم النيل، فقال: هذه الثلاثة التي تغيض في الأرض، ما هي؟ قال: أحدهما الفرات، والآخر دجلة، والآخر جيحان، فارجع.

فرجع حتى انتهى إلى الدابة التي ركبها، فركبها، فلما أهوت الشمس لتغرب قذفت به من جانب البحر، فأقبل حتى انتهى إلى عمران، فوجده ميتًا فدفنه، وأقام على قبره ثلاثا، فأقبل شيخ متشبه بالناس أغر من السجود، ثم أقبل إلى حامد، فسلم عليه، ثم قال له: يا حامد، ما انتهى إليك من علم هذا النيل؟ فأخبره، فلما أخبره، قال له: هكذا نجده في الكتب، ثم أطرى (1) ذلك التفاح في عينيه، وقال: ألا تأكل منه؟ قال: معي رزقي، قد أعطيته من الجنة ونهيت أن أوثر شيئًا من الدنيا، قال: صدقت يا حامد، هل ينبغي لشيء من الجنة أن يؤثر بشيء من الدنيا، وهل رأيت في الدنيا مثل هذا التفاح؟ إنما أنبتت له في الأرض ليس من الدنيا، وإنما هذه الشجرة من الجنة، أخرجها الله لعمران يأكل منها، وما تركها إلا لك، ولو قد وليت عنها رفعت، فلم يزل يطريها في عينيه، حتى أخذ منها تفاحة، فعضها، فلما عضها عض يده، ثم قال: أتعرفه؟ هو الذي أخرج أباك من الجنة؛ أما إنك لو سلمت بهذا الذي كان معك لأكل منه أهل الدنيا قبل أن ينفد، وهو مجهودك إن تبلغه فكان مجهوده أن بلغه.
وأقبل حامد حتى دخل أرض مصر، فأخبرهم بهذا؛ فمات حامد بأرض مصر.

الهامش:

(1): اطرى التفاح: أحسن الثناء عليه.

يتبع بمشيئة الله


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 26, 2024 2:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (2/ 306- 307)

وبهذا الإسناد إلى عبد الله بن صالح، حدثني ابن لهيعة عن وهب بن عبد الله المعافري، عن عبد الله بن عمرو في قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} قال: كانت الجنان بحافتي هذا النيل، من أوله إلى آخره في الشقين جميعا من أسوان إلى رشيد، وكان له سبعة خلج: خليج
الإسكندرية، وخليج دمياط، وخليج سردوس، وخليج منف، وخليج الفيوم، وخليج المنهى وخليج سخا، متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء، ويزرع ما بين الجبلين كله من أول مصر إلى آخر ما يبلغه الماء، وكانت جميع مصر كلها يومئذ تروى من ستة عشر ذراعا.

وبهذا الإسناد إلى ابن لهيعة، وعن يزيد بن أبي حبيب؛ أنه كان على نيل مصر فُرضة(1) لحفر خليجها، وإقامة جسورها وبناء قناطرها، وقطع جزائرها مائة ألف وعشرون ألف فاعل، معهم الطور والمساحي والأداة، يعتقبون ذلك، لا يدعون ذلك شتاء ولا صيفا.

وذكر بعض الإخباريين أن حامدًا هذا لم يتنبأ، وأنه أوتي الحكمة، وأنه سأل الله أن يريه منتهى النيل، فأعطي قوة على ذلك، فوصل إلى جبل القمر، وقصد أن يطلع إلى أعلاه، فلم يقدر؛ فسأل الله فيسره عليه، فصعد فرأى خلفه البحر الزفتي، وهو بحر أسود منتن الريح مظلم، فرأى النيل يجري في وسطه؛ كأنه السبيكة الفضة.

وقال صاحب مباهج الفكر: ذكر أبو الفرج قدامة أن مجموع ما في المعمور من الأنهار مائتان وثمانية وعشرون نهرا؛ منها ما يجري من المشرق إلى المغرب، ومنها ما يجري من الشمال إلى الجنوب، ومنها ما جريانه كنهر النيل من الجنوب إلى الشمال، ومنها هو مركب من هذه الجهات كالفرات وجيحون؛ فأما النيل فذكر قدامة أن انبعاثه من جبل القمر وراء خط الاستواء من عين تجري منها عشرة أنهار؛ كل خمسة منها يصب إلى بطيحة (2) كبيرة في الإقليم الأول، ومن هذه البطيحة يخرج نهر النيل.

الهامش:

(1): الفرضة - محط السفن.
(2)البطيحة: مسيل واسع فيه رمل ودقاق الحصى.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 27, 2024 4:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (2_ 307-309)


وذكر صاحب كتاب "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" أن هذه البحيرة تسمى بحيرة كورى منسوبة لطائفة من السودان، يسكنون حولها متوحشين يأكلون من وقع إليهم من الناس، فإذا خرج النيل منها يشق بلاد كورى ثم بلاد ننه "طائفة من السودان"، بين كانم والنوبة، فإذا بلغ دنقلة مدينة النوبة عطف من غربيها إلى المغرب، وانحدر إلى الإقليم الثاني، فيكون على شطئه عمارة النوبة، وفيه هناك جزائر متسعة عامرة بالمدن والقرى، ثم يشرق إلى الجنادل، وإليها تنتهي مراكب النوبة انحدارًا، ومراكب الصعيد الأعلى صعودًا وهناك أحجار مضرسة لا مرور للمراكب عليها إلا في أيام زيادة النيل، ثم يأخذ إلى الشمال، فيكون على شرقيه مدينة أسوان من الصعيد الأعلى، ثم يمر بين جبلين مكتنفين لأعمال مصر شرقي وغربي إلى الفسطاط ، فإذا تجاوزها مسافة يوم انقسم إلى قسمين أحدهما يمر حتى يصب في بحر الروم "عند دمياط، ويسمى بحر الشرق والآخر وهو عمود النيل، ومعظمه يمر إلى أن يصب" عند رشيد، ويسمى بحر الغرب، ومسافة النيل من منبعه إلى أن يصب في رشيد سبعمائة فرسخ وثمانية وأربعون فرسخا.
وقيل: إنه يجري في الخراب أربعة أشهر، وفي بلاد السودان شهرين، وفي بلاد الإسلام شهرا، وليس في الأرض نهر يزيد حين تنقص الأنهار غيره؛ وذلك أن زيادته تكون في القيظ الشديد في شمس السرطان والأسد والسنبلة. وروي أن الأنهار تمده بمائها.

وقال قوم: إن زيادته من ثلوج يذيبها الصيف وعلى حسب مدها تكون كثرته وقلته.

وذهب آخرون إلى أن زيادته بسبب أمطار كثيرة تكون ببلاد الحبشة.

وذهب آخرون إلى أن زيادته عن اختلاف الريح، وذلك أن الشمال إذا هبت عاصفة يهيج البحر الرومي، فيدفع إليه ما فيه منه، فيفيض على وجه الأرض، فإذا هبت الجنوب سكن هيجان البحر، فيستريح منه ما دب إليه، فينقص.

وزعم آخرون أن زيادته من عيون على شاطئه، يراها من سافر ولحق أعاليه.

وقال آخرون: إن مجراه من جبال الثلج، وهي بجبل قاف، وأنه يخرق البحر الأخضر، ويمر على معادن الذهب والياقوت والزمرد والمرجان، فيسير ما شاء الله إلى أن يأتي إلى بحيرة الزنج. قالوا: ولولا دخوله في البحر الملح، وما يختلط به منه لم يستطع شربه لشدة حلاوته وزيادته بتدريج وترتيب في زمان مخصوص مدة معلومة، وكذا نقصه ومنتهى زيادته التي يحصل بها الري الأرض مصر ستة ذراعا، والذراع أربعة وعشرون إصبعًا، فإن زاد على الستة عشر ذراعا إصبعا واحدًا ازداد في الخراج مائة ألف دينار لما يروى من الأراضي العالية.
والغاية القصوى في الزيادة ثمانية عشر ذراعًا؛ هذا في مقياس مصر، فإذا انتهى فيه إلى ذلك كان في الصعيد الأعلى واثنين وعشرين ذراعا، لارتفاع البقاع التي يمر عليها، ويسوق الري إليها، فإذا انتهت زيادته فتحت خلجانات وترع، فيخرج الماء يمينًا وشمالا إلى الأرض البعيدة عن مجرى النيل؛ حكمة دُبرت بالعقول السليمة وقدرت، ومنافع مُهدت في الزمن القديم وقُرّرت.



يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت سبتمبر 28, 2024 3:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (2/ 309-310)

وللنيل ثماني خلجانات: خليج الإسكندرية، وخليج دمياط، وخليج منف، وخليج المنهى -حفره يوسف عليه السلام- وخليج أشموم طناح، وخليج سردوس -حفره هامان لفرعون- وخليج سخا، وخليج حفره عمرو بن العاصي زمن عمر بن الخطاب. ويحصل لأهل مصر يوم وفائه الستة عشر ذراعا التي هي قانون الري سرور شديد بحيث يركب الملك في خواص دولته الحراريق المزينة إلى المقياس، ويمد فيه سماطا ويخلق العمود الذي يقاس فيه، ويخلع على القياس، ويعطيه صلة مقررة له.

وقد ذكر بعض المفسرين أنه يوم الزينة، الذي وعد فرعون موسى بالاجتماع فيه.
هذا كله كلام مباهج الفكر.

وقد اختلف في ضبط جبل القمر، فقيل: إنه بفتح القاف والميم بلفظ أحد النيرين.

قال التيفاشي: وإنما سمي بذلك؛ لأن العين تقمر منه، إذا نظرت إليه لشدة بياضه. قال: ولذلك أيضا سمى القمر قمرا. قال: وهذا الجبل مستطيل من المشرق إلى المغرب، نهايته في ناحية المغرب إلى حد الخراب، ونهايته في المشرق إلى مثل ذلك، وهو نفسه بجملته في الخراب من ناحية الجنوب، وله أعراق في الهواء، منها طوال ومنها دونها.
قال في مختصر المسالك: وذكر بعضهم أن أناسًا انتهوا إلى هذا الجبل وصعدوه، فرأوا وراءه بحرًا ماؤه أسود كالليل، يشقه نهر أبيض كالنهار، يدخل الجبل من جنوبه، ويخرج من شماله، ويتشعب على قبة هرمس المبنية هناك.

وزعموا أن هرمس الهرامسة -وهو إدريس عليه السلام فيما يقال- بلغ ذلك الموضع، وبنى فيه قبة.

وذكر بعضهم أن أناسًا صعدوا الجبل، فصار الواحد منهم يضحك، ويصفق بيديه، وألقى نفسه إلى ما وراء الجبل، فخاف البقية أن يصيبهم مثل ذلك، فرجعوا.

وقيل: إن أولئك إنما رأوا حجر الباهت، وهي أحجار براقة كالفضة البيضاء تتلألأ، كل من نظرها ضحك والتصق بها حتى يموت، ويسمى مغناطيس الناس.

وذكر بعضهم ان ملكا من ملوك مصر الأول، جهز أناسا للوقوف على أول النيل، فانتهوا إلى جبال من نحاس، فلما طلعت عليها الشمس انعكست عليها، فأحرقتهم.

وقيل: إنهم انتهوا إلى جبال براقة لماعة كالبلور، فلما انعكست عليهم أشعة الشمس الواقعة عليهم أحرقتهم.

وقال صاحب مرآة الزمان: ذكر أحمد بن بختيار أن العين التي هي أصل النيل، هي أول العيون من جبل القمر، ثم نبعث منها عشرة أنهار، نيل مصر أحدهما، قال: والنيل يقطع الإقليم الأول، ثم يجاوزه إلى الثاني، ومن ابتدائه، من جبل القمر إلى انتهائه إلى البحر الرومي، ثلاثة آلاف فرسخ، ويبتدي بالزيادة في نصف حزيران، وينتهي إلى أيلول.

قال: واختلفوا في سبب زيادته، فقال قوم: لا يعلم ذلك إلا الله.

وقال آخرون: سببه زيادة عيونه.

وقال آخرون، وهو الظاهر: سببه كثرة المطر والسيول ببلاد الحبش والنوبة، وإنما يتأخر وصوله إلى الصيف لبعد المسافة. ورد ذلك قوم بأن عيونه التي تحت جبل القمر تتكدر في أيام زيادته، فدل على أنه فعل الله من غير زيادة بالمطر. قال: وجميع الأنهار تجري إلى القبلة سواه، فإنه يجري إلى ناحية الشمال. وكان القاضي بحماه قال: ومتى بلغ ستة عشر ذراعا استحق السلطان الخراج، وإذا بلغ ثمانية عشر ذراعا قالوا: يحدث بمصر وباء عظيم، وإذا بلغ عشرين ذراعا مات ملك مصر.


يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 29, 2024 2:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (2/ 310- 312)


وقال ابن المتوج: من عجائب مصر النيل الذي يأتي من غامض علم الله في زمن القيظ، فيعم البلاد سهلًا ووعرًا، ويبعث الله في أيام مدده الريح الشمال فيصد له البحر المالح، ويصير له كالجسر، ويزيد. وإذا بلغ الحد الذي هو تمام الري وأوان الزراعة، بعث الله بالريح الجنوب فكنسته، وأخرجته إلى البحر الملح، وانتفع الناس بالزراعة.
ومن عجائب هذا النيل سمكة تسمى الرعاد من مسها بيده، أو بعود متصل بيده أو جذب شبكة هي فيها، أو قصبة أو سنارة وقعت فيها رعدت يده ما دامت فيها، وبمصر بقلة من مسها بيده، ثم مس الرعاد لم ترعد.

وفي النيل خيل تظهر في بلد النوبة، ويصيدونها، وفي سنة من أسنانها شفاء من وجع المعدة.

وقال التيفاشي: سبب زيادة النيل هبوب ريح يسمى الملثن، وذلك لسببين أحدهما أنها تحمل السحاب الماطر خلف خط الاستواء، فتمطر ببلاد السودان والحبشة والنوبة، والآخر أنها تأتي في وجه البحر الملح، فيقف ماؤه في وجه النيل، فيتراجع حتى يروي البلاد. وفي ذلك يقول الشاعر:
اشفع فللشافع أعلى يد ... عندي وأسنى من يد المحسن
والنيل ذو فضل ولكنه ... الشكر في ذلك للملثن

وقال صاحب سجع الهديل: ذكر جماعة من المنجمين وأرباب الهيئة أن النيل يجيء من خلف خلف الاستواء بإحدى عشرة درجة ونصف، ويأخذ نحو الجنوب إلى أن ينتهي إلى دمياط والإسكندرية وغيرهما عند عرض ثلاثين في الشمال، قالوا: فمن بدايته إلى نهايته اثنتان وأربعون ومائة درجة؛ كل درجة ستون ميلا وثلث بالتقريب، فيكون طوله من الموضع الذي يبتدئ منه إلى الموضع الذي منه إلى البحر الملح ثمانية ألف ميل، وستمائة وأربعة عشر ميلا وثلثا ميل على القصد والاستواء، وله تعريجات شرقًا وغربًا، يطول بها ويزيد على ما ذكرناه.

ونقلت من خط الشيخ عز الدين بن جماعة من كتاب له في الطب، قال: منبع النيل من جبل القمر وراء خط الاستواء بإحدى عشرة درجة ونصف، وامتداد هذا الجبل خمس عشرة درجة وعشرون دقيقة، يخرج منه عشرة أنهار من أعين فيه ترمي كل خمسة إلى بحيرة عظيمة مدورة بعد مركزها عن أول العمارة بالمغرب سبع وخمسون درجة، والبعد عن خط الاستواء في الجنوب سبع درج وإحدى وثلاثون دقيقة، وهاتان البحيرتان متساويتان، وقطر كل واحدة خمس درج، ويخرج من كل واحدة أربعة أنهار ترمي إلى بحيرة صغير مدورة في الإقليم الأول بعد مركزها عن أول العمارة بالمغرب ثلاث وخمسون درجة وثلاثون دقيقة، وعن خط الاستواء من الشمال درجتان من الإقليم الأول، وقطرها درجتان، ومصب كل واحد من الأنهار الثمانية في هذه البحيرة غير مصب الآخر، ثم يخرج من البحيرة نهر واحد؛ وهو نيل مصر، ويمر ببلاد النوبة، ويصب إليه نهر آخر ابتداؤه من غير مركزها على خط الاستواء، في بحيرة كبيرة مستديرة قطرها ثلاثة درج، وبعد مركزها عن أول العمارة بالمغرب إحدى وسبعون درجة، فإذا تعدى النيل مدينة مصر إلى مدينة يقال لها: شطنوف، تفرق هناك إلى نهرين يرميان إلى البحر المالح أحدهما يعرف ببحر رشيد، والآخر بحر دمياط، وهذا البحر إذا وصل إلى المنصورة تفرع منه نهر يعرف ببحر أشمون، يرمي إلى بحيرة هناك وباقيه إلى البحر المالح عند دمياط.

يتبع بمشيئة الله...


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 29, 2024 9:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 46270
تسجيل متابعه بارك الله فيكم

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 30, 2024 9:30 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218
وبارك الله فيكم دكتورنا الفاضل.. ويسعدنا ويشرفنا مروركم الكريم

_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أثر متصل الإسناد في أمر النيل.
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 30, 2024 9:39 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 9218

حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (2/ 314)

وذكر الجاحظ في كتاب الأمصار، أن مخرج نهر السند والنيل من موضع واحد، واستدل على ذلك اتفاق زيادتهما، وكون التمساح فيهما، وأن سبيل زراعتهم في البلدين واحد.
وقال المسبحي في تاريخ مصر: في بلاد تكنة أمة من السودان أرضهم تنبت الذهب، يفترق النيل فيصير نهرين أحدهما أبيض وهو نيل مصر، والآخر أخضر يأخذ إلى المشرق فيقطع البحر الملح إلى بلاد السند، وهو نهر ميران.

قال ابن عبد الحكم: حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عمن حدثه، قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر، أتى أهلها إليه حين دخل بؤونة من أشهر العجم، فقالوا له: أيها الأمير، إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها، فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إذا كان لثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر، عَمَدنا إلى جارية بكر بين أبويها، فأرضينا أبويها، وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل. فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله، فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجري قليلا ولا كثيرا، حتى هموا بالجلاء، فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه عمر: قد أصبت، إن الإسلام يهدم ما كان قبله، وقد بعثت إليك بطاقة فألقها في داخل النيل إذا أتاك كتابي. فلما قدم الكتاب على عمرو، فتح البطاقة فإذا فيها:
من عبد الله أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد فإن كنت تجري من قبلك، فلا تجر، وإن كان الواحد القهار يجريك، فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك.
فألقى عمرو البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيوم، وقد تهيا أهل مصر للجلاء والخروج منها؛ لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ستة عشر ذراعا، وقد زالت تلك السنة السوء عن أهل مصر.

حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن موسى عليه السلام دعا على آل فرعون، فحبس الله عنهم النيل حتى أرادوا الجلاء حتى طلبوا إلى موسى أن يدعو الله رجاء أن يؤمنوا، فدعا الله، فأصبحوا وقد أجراه الله في تلك الليلة ستة عشر ذراعا. فاستجاب الله بتطوله لعمر بن الخطاب كما استجاب لنبيه موسى عليه السلام .أهـ


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 45 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط