ألزم الكل الحدث؛ لأن القدم له، فالذي بالجسم ظهوره؛ فالعرض يلزمه، والذي بالأداة اجتماعه؛ فقواها تمسكه، والذي يؤلفه وقت؛ يفرقه وقت، والذي يقيمه غيره فالضرورة تمسه، والذي الوهم يظفر به؛ فالتصوير يرتقي إليه، ومن آواه محل؛ أدركه أين، ومن كان له جنس؛ طالبه مكيف. إنه سبحانه لم يسبقه قبل، ولا يقطعه بعد، ولا يصادره من، ولا يوافقه عن، ولا يلاصقه إلى، ولا يحله في، ولا يوقته إذ، ولا يؤامره إن، ولا يظله فوق، ولا يقله تحت، ولا يقابله حُذاء، ولا يزاحمه عند، ولا يأخذه خلف، ولا يحده أمام، ولم يظهره قبل، ولم يفنه بعد، ولم يجمعه كل، ولم يوجده كان، ولم يفقده ليس. وصفه: لا صفة له، وفعله: لا علة له، وكونه: لا أمد له، تنزه عن أحوال خلقه، ليس له من خلقه مزاج، ولا في فعله علاج، باينهم بقدمه؛ كما باينوه بحدوثهم، إن قلت: (متى؟)؛ فقد سبق الوقت كونه، وإن قلت: (هو) فالهاء والواو خلقه، وإن قلت: (أين؟) فقد تقدم المكان وجوده، وإن قلت : (ما هو؟) فقد باين الأشياء هويته، فالحروف آياته، ووجوده إثباته، ومعرفته توحيده، وتوحيده تمييزه عن خلقه، ما تصور في الأوهام فهو بخلافه، كيف يحل به ما منه بدأ؟ أو يعود إليه ما هو أنشأه؟ لا تماقله العيون، ولا تقابله الظنون، قربه كرامته، وبعده إهانته، علوه من غير توقل، ومجيئه من غير تنقل. لا تجمع صفتان لغيره في وقت، ولا يكون بهما على التضاد، فهو باطن في ظهوره، ظاهر في استتاره، هو الظاهر الباطن، القريب البعيد، امتناعًا بذلك عن الخلق أن يشبهوه، فعله من غير مباشرة، وتفهيمه من غير ملاقاة، وهدايته من غير إيماء، لا تنازعه الهمم، ولا تخالطهُ الأفكار، وليس لذاته تكييف، ولا لفعله تكليف، وأجمعوا أنه لا تدركه العيون، ولا تهجم عليه الظنون، لا تتغير صفاته، ولا تتبدل أسماؤه، لم يزل كذلك، ولا يزال كذلك، «هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم»، القريب البعيد الذي «ليس كمثله شيء؛ وهو السميع البصير». - الحسين بن منصور الحلاج رضي الله عنه
_________________ اللهم صل صلاة كاملةً وسلم سلامًا تامًا، على سيدنا محمدٍ الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتقضى به الحوائج، وتُنال به الرغائب وحسن الخواتيم، ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لك يا ألله الحي القيوم العلي العظيم.
|