[align=center]البردة[/align]
قال الدعوة السلفية:
"ففي هذه الموالد يترنمون بالمدائح النبوية وعلى رأسها بردة البوصيري الذي يقول:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم
ويقول أحمد بن محمد ابن الحاج السلمي:
نور الهدى قد بدا في العرب والعجم *** سعد السعود علا في الحل والحرم
بمولد المصطفى أصل الوجود ومن *** لولاه لم تخرج الأكوان من عدم
فماذا بقي لرب العباد؟! إن هذا ليس شركا في الألوهية بل هو شرك في الربوبية. وهو أعظم من شرك كفار قريش والعياذ بالله؛ لأن كفار قريش كانوا يعتقدون أن المتصرف في الكون هو الله عز وجل لا أصنامهم وهؤلاء يزعمون أن المتصرف في الكون الذي بيده الدنيا والآخرة هو النبي صلى الله عليه وسلم .
وانظر إلى قوله ( يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ) فهو يعتبر رسول الله هو الملاذ وهو الذي يستغاث به ويدعوه عند الملمات وهذا هو عين شرك كفار قريش الذي يعبدون الأوثان بل هم أحسن حالا منه فهم عند الشدائد يخلصون الدعاء والعبادة. والبوصيري عند الشدائد والملمات يدعو غير الله .
والموالد لا يمكن أن تقوم بغير أبيات البردة والله المستعان فهي الشعيرة والركيزة الأساسية في هذه الموالد البدعية.
ولو لم يكن فيها إلا هذه المفسدة لكفى بها مبرراً لتحريمها والتحذير منها . "
فأحب ان أوضح الجزء الخاص بأبيات البردة أما أبيات أحمد بن محمد ابن الحاج السلمي فهي تتعلق بأولية الخلق المحمدي و على القارئ أن يرجع
لهذا الرابط
إن أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر
أو
بيان ابتداء الخلق للشيخ عبد القادر الجيلاني
[poet font="Simplified Arabic,6,green,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
بسم الله الرحمن الرحيم
[/poet]
والصلاة والسلام على إمامنا وشفيعنا وملاذنا يوم الدين , سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين وعلى آلهِ وصحبهِ الغرِ الميامين
اما بعد :-
إن قصيدة البردة أو المسماة أيضاً بـ( البُرأة ) للإمام محمد ابن سعيد البوصيري المولود سنة 608هـ و المتوفى سنة 696 هـ ( رحمه الله تعالى رحمةً واسعة) لم تكن وليدة هذا العصر.
فإن الإمام البوصيري رحمه الله تعالى ألف هذه القصيدة في اوائل القرن السابع الهجري أي إن لها ما يقارب الثمانمائة سنة هجرية .
فكم من عالمٍٍ من علماء الأمة الذين لهم ثقل مروا بهذه الحقبة الزمنية ومرت على آذانهم هذه القصيدة العصماء وهم مابين مفسر وفقيهٍ ومحدث ومؤرخ وحافظ وغيرهم من علماء العلوم الشرعية .
من هم الذين شرحو هذه القصيدة وما هي مكانتهم بين علماء المسلمين؟
فأولهم: الإمام النحوي ابن هشام الحنبلي المتوفى سنة761هـ فقد شرح قصيدة البردة شرحاً لغوياً سماهُ بـ ( الكواكب الدرية )
والثاني: ــ شيخ الإسلام القاضي زكريا بن محمد الأنصاري المتوفى سنة 926هـ وسماهُ ( الزبدة الرائقة في شرح البردة الفائقة ) .
والثالث: ــ ابن الصائغ المتوفى سنة 776 هـ .
الرابع : - ابن العماد المتوفى سنة 808 هـ
.
الخامس : - جلال الدين المحلي المتوفى سنة 864 هـ . السادس : - علاء الدين البسطامي المتوفى سنة 875 هـ.
السابع :- المحدث الكبير الإمام شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني المتوفى سنة 923، صاحب كتاب إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري وكتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية وسمى شرحه على البردة الأنوار المضية في شرح الكواكب الدرية،
الثامن :- محمد بن عبد الله بن مرزوق المالكي المغربي المتوفى سنة 781 هـ
التاسع :- العلامة الكبير الزركشي محمد ابن بهادر المتوفى سنة 794 هـ .
العاشر : _الشيخ القاضي بحر بن رئيس الهاروني المالكي .
الحادي عشر:- علي القصاني المتوفى سنة 891 هـ .
الثاني عشر : خالد الأزهري المتوفى سنة 905هـ .
الثالث عشر : الإمام الحافظ المحدث الفقيه نور الدين مُلا علي قاري الحنفي المتوفى سنة 1014 هـ .
الرابع عشر : محمد بن أحمد أبن مرزوق التلمساني المتوفى سنة 842 هـ .
الخامس عشر : - الشيخ الباجوري المتوفى سنة 1276هـ
وشرح الابيات المذكورة سوف يبين أن سبب الفهم الخاطئ للبردة هو الجهل بمبادئ اللغة العربية ،
فأقول و بالله التوفيق: ــ
قال البوصيري رحمهُ الله :- يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به :: سواك عند حلول الحادث العمم
وقال ايضاً :- فإن من جودك الدنيا وضرتها :: ومن علومك علـم اللوح والقلم
قال ابن عثيمين:
[ مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله – عز وجل – وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقول مخاطباً النبي – عليه الصلاة والسلام - فإن من جودك الدنيا وضرتها. (ومن) للتبعيض، والدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام – وليس كل جوده فما الذي بقي لله عز وجل ؟ ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة وكذلك قولهُ : ومن علومك علم اللوح والقلم . (ومن) هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب؟. ] اهـ كلام ابن عُثيمين
توضيح الأبيات كما فهمها العلماء الثقات
والآن ماذا يعني البوصيري رحمه الله تعالى بهذه الأبيات:
كما يعتقد ذلك بأنه من الغلو بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم المؤدي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه يحارب الناس عليه، ويستبيح دماءهم وأموالهم و دراريهم فإننا نسمع من يقول أنهُ يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري يا أكرم الخلق…" ثم ذكر الأبيات المتقدمة!!!
وفي حقيقة الأمر فالكثير من الأعلام والعلماء الراسخين في العلم شرحوا هذه القصيدة وتفننوا في شرحها فهل كلهم دعاة إلى الشرك الأكبر؟
أما قوله : يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به :: سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي :: إذا الكريم تجلـى بـاسم منتقـم
قال الشيخ العلامة النحوي خالد الأزهري صاحب كتاب تهذيب اللغة شارحاً هذا البيت حيثُ يقول:
"يا أكرم كل مخلوق مالي غيرك ألتجئ إليه يوم القيامة من هوله العميم، والخلق متطلعون إلى جاهك الرفيع، وجنابك المنيع، ولن يضيق بي جاهك يا رسول الله إذا اشتد الأمر وعيل الصبر وانتقم الله تعالى ممن عصاه …."
والناظم هنا يتحدث عن موقف المقام المحمود الذي يقفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما تدنو الشمس من الخلائق، ويطول الأمر بالناس وهم في خوف وضجر وقلق شديد، حتى يتمنى الكفار أن يُذهب بهم ولو إلى النار، فيلجأون إلى الأنبياء بدءاً من آدم ثم نوح فإبراهيم فموسى فعيسى عليهم الصلاة والسلام، وكلهم يعتذر، ويأبى الشفاعة ، ولا تهمه إلا نفسه في ذلك الموقف ثم يلجأون إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيقول : أنا لها.
والشاعر يذكر رسول الله بهذه الخصوصية الجليلة العظيمة التي دلت عليها الأحاديث الصحيحة وفي الحديث:"فيلهمني الله محامد لا أقدر عليها الآن فأحمده بتلك المحامد، ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك، وسل تعطى واشفع تشفع…" الحديث.
والشاعر البوصيري رحمه الله يذكر الشفاعة الكبرى التي دلت عليها الأحاديث الصحيحة وهي خاصة بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والإيمان بالشفاعة من الأمور التي يتميز بها أهل السنة والجماعة بخلاف بعض المبتدعة الذين أنكروا شفاعته صلوات الله وسلامه عليه.
ولاندري إن كان بعض الناس يثيره أن يوصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه أكرم الخلق …؟؟!
علماً بأن هذه الخصوصية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسَلَّمات عند المسلمين، والأحاديث التي تؤكد هذا المعنى كثيرة جداً مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا أكرم ولد آدم على ربي" أخرجه الترمذي و الدارمي ومثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم :"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة".
واما قول البوصيري رحمهُ الله
فإن من جودك الدنيا وضرتها :: ومن علومك علم اللوح والقلم
شرح البيت : قال الشيخ خالد الأزهري:"وإِنّ خيري الدنيا والآخرة من جودك، وعلمي اللوح والقلم من علمك، وأنت الحقيق بذلك، والمعول في الشفاعة عليك".
وقال الشيخ إبراهيم الباجوري أحد شراح البردة وهو ممن ولي مشيخة الأزهر في القرن الثالث عشر من الهجرة: والمراد من الدنيا ما قابل الأخرى، ولذلك جعلها الناظم ضرتها، وفي كلامه تقدير مضاف إلي خيري الدنيا هدايته صلى الله عليه وآله وسلم للناس، ومن خير الآخرة شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم فيهم".
بل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفض الدنيا بما فيها زاهداً فيها فضلاً عن تملكها ثم الجود بها، والأحاديث في هذا متوافرة.
أخرج أبو يعلى بإسناد حسَّنه الهيثمي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: [ أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ] …
ثم إقدامه عليه الصلاة والسلام على الشفاعة يوم القيامة عندما يحجمَ الأنبياء كلهم لا تهمهم إلا أنفسهم، فيتصدى أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم - بأبي هو وأمي – للشفاعة حتى يرضى الله سبحانه بعد غضبه وتزول الأهوال والشدائد عن الناس، فأي جود يريده الناس بعد ذلك؟! بل إن رتبة الجود لتنزل عن هذه الرتبة العظيمة.
ولابد من الإشارة في شرح بيت البوصيري أيضاً: فإن من جودك الدنيا وضرتها… إلى أن العرب استعملوا المجاز، وهو أسلوب من أساليب العربية المتفق عليه، ومن نفاه فقد نفى عن العربية بعضاً من الفصاحة.
وفي كلام الشاعر البوصيري رحمه الله تعالى في هذا البيت نجد استعماله للقرينة السببية في علاقة المجاز المرسل، فكأنه أراد: إن من جودك هداية الناس في الدنيا، وهذه الهداية موصولة لرب العالمين وهي سبب الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، ومن جودك أيضاً الشفاعة في الآخرة، وهي علاقة مجاز على القرينة السببية .
وأما قوله : ومن علومك علم اللوح والقلم" فإنني لا أريد من القارئ المنصف إلا التمعن في هذه الأحاديث:
1) )
جاء في الصحيحين واللفظ لمسلم عن أنس رضي الله عنه أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أحفوه بالمسألة فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال: [ سلوني، لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم، فلما سمع القوم أرموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر، قال أنس: فجعلت ألتفت يميناً وشمالاً فإذا كل رجل لافٌّ رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل من المسجد، كان يلاحى فيُدعى لغير أبيه، فقال: يا نبي الله من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم أنشأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، عائذاً بالله من سوء الفتن ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم:" لم أر كاليوم قط في الخير والشر، إني صورت لي الجنة والنار فرأيتهما دون هذا الحائط.]"
(2)
روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه.)
وروى أبو داود عن حذيفة رضي الله عنه قال:[ والله ما أدري أنسيَ أصحابي أم تناسوا، والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعداً إلا قد سماه لنا بإسمه واسم أبيه واسم قبيلته]
وفي حديث اختصام الملأ الأعلى الذي خرجه الإمام أحمد في مسنده والدارمي والترمذي والطبراني – وكذلك نُري إبراهيمَ ملكوتَومما جاء فيه … فعلمت ما في السموات والأرض وتلا : وفي رواية : فتجلى لي كل شيء وعرفت، وفي روايةالسموات والأرض وليكون من الموقنين الطبراني: فعلمني كل شيء … إِلخ.
ومن الواضح أن الله سبحانه وتعالى أفاض على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من العلوم والمعارف مالا يعلمه إلا الله تعالى القائل له في كتابه العزيز:[ وأنزل الله عليك الكتب والحكمة ، وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً ]( النساء113)
و المنكرون اطلاع سيدنا محمد (صلى الله عليه و على آله و سلم) على اللوح المحفوظ
فلماذا لم يعترضوا على ابن تيمية الذي حظى بمثل هذا المقام من النظر الى اللوح المحفوظ كما يرويهُ عنهُ تلميذهُ ابن القيم في مدارج السالكين ج2 ص 489 حيثُ قال : [ لقد شاهدتُ من فراسة شيخ السلام ابن تيمية رحمهُ الله امور عجيبة ومالم اشاهدهُ منها اعظم واعظم ووقائع فراستهُ تستدعي سفراً ضخماً أخبر اصحابهُ بدخول التتار الشام سنة تسع وتسعين وستمائة وأن جيوش المسلمين تُكسر وأن دمشق لايكون بها قتل عام ولا سبي عام وأن كلب الجيش وجدتهُ في الأموال وهذا قبل ان يهم التتار بالحركة ثم اخبر الناس والأمراء سنة اثنتين وسبعمائة لما تحرك التتار وقصدوا الشام أن الدائرة والهزيمة عليهم وأن الظفر والنصر للمسلمين وأقسم على ذلك اكثر من سبعين يميناً فيقال لهُ قل إن شاء الله فيقول إن شاء الله تحقيقاً لاتعليقاً وسمعتهُ يقول ذلك فلما اكثروا علي قُلت لاتُكثروا كتب الله في اللوح المحفوظ انهم سيهزمون في هذهِ الكرة وان النصر لجيوش الإسلام قال واُطعمتُ بعض الأسراء والعسكر حلاوة النصر قبل خروجهم الى لقاء العدو وكانت فراستهُ الجزئية في خلال هاتين الواقعتين مثل المطر ]. اهـ
منقول بتصرف
فاللهم اهدنا و اهد بنا يا أرحم الراحمين
وصلي اللهم على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق و الهادي إلى صراطك المستقيم و على آله حق قدره و مقداره العظيم