لماذا نثبت السمع والبصر.... على حقيقتها مع أنها فينا أعراض؟
ونصرف العين واليد والوجه عن حقيقتها بحجة أنها أبعاض؟
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين، سيدنا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا السؤال سؤال متكرر، وجوابه بسيط وواضح ..
لماذا نثبت لله تعالى السمع والبصر والقدرة والعلم على حقيقتها، ولا نثبت اليد والوجه والعين على حقيقتها...
الجواب :
أولًا :نسبة السمع والبصر والعلم والقدرة إلى الله تعالىِ ، جاءت في الشريعة على جهة الإسناد التام ، وجاءت هذه النسبة مقصودة لذاتها، فجاءت في الكتاب والسنة لا لإثبات أمر آخر، بل لإثباتها هي لله تعالى.
إذا أخذنا صفة السمع مثلًا ، قال الله تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
نلاحظ في هذه الآية نسبة السمع إلى الله تعالى جاءت على وجه الإسناد التام، فعندنا "قد" حرف تحقيق، جاء مع الفعل "سمع" وهذا الفعل أُسنِدَ إلى الله تعالى : "قد سمع الله" فهذا إسناد تام.
ثم أسندت الآية السمع إلى الله تعالى مرة أخرى بقوله تعالى: "والله يسمع تحاوركما" فالمبتدأ هنا لفظ الجلالة "الله" وخبره هو جملة "يسمع تحاوركما" فعندنا إسناد تام أيضًا، إسناد الخبر إلى المبتدأ.
والفعل "يسمع" فاعله ضمير مستتر يعود على الله تعالى، وإسناد الفعل إلى فاعله إسنادٌ تامُ أيضًا.
ثم أكدت الآية نسبة السمع إلى الله تعالى بقوله سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ". فـ "إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ" : "إن" حرف توكيد ، ولفظ الجلالة "الله" اسمها ، و"سميع" خبرها ، فنسبة السمع إلى الله تعالى جاءت نسبة تامة ومؤكدة بحرف "إنّ".
إذًا تلاحظ أن نسبة السمع إلى الله تعالى جاءت على وجه الإسناد التام الذي يكون بين المبتدأ وخبره، وبين الفعل والفاعل، جاءت نسبة السمع إلى الله تعالى مقصودة لذاتها.. المقصود منها إثبات السمع لله تعالى.
يتبع إن شاء الله.