الله سبحانه وتعالى لا كيف لذاته العلية ، ولا كيف لصفاته العُلى.
ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (13/406):[وَأَخْرَجَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِقْرَارُ بِهِ إِيمَانٌ وَالْجُحُودُ بِهِ كُفْرٌ.]اهـ
روى الإمام الترمذي في سننه (2/ 43 ، 44) : [وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي هَذَا الحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الرِّوَايَاتِ مِنَ الصِّفَاتِ: وَنُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالُوا: قَدْ تَثْبُتُ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا وَيُؤْمَنُ بِهَا وَلاَ يُتَوَهَّمُ وَلاَ يُقَالُ: كَيْفَ؟ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ: أَمِرُّوهَا بِلاَ كَيْفٍ،.]اهـ
وروى الإمام البيهقي في السنن الكبرى (3 / 2) : [أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ فِي التَّشْبِيهِ، فَقَالُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفِيَّةٍ. وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْمِهْرِقَانِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، وَهُوَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَشَرِيكٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، لَا يُحِدُّونَ، وَلَا يُشَبِّهُونَ، وَلَا يُمَثِّلُونَ، يَرْوُونَ الْحَدِيثَ وَلَا يَقُولُونَ كَيْفَ، وَإِذَا سُئِلُوا أَجَابُوا بِالْأَثَرِ]اهـ
أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء (6/90) : عن ربيعة بن عبد الرحمن شيخ الإمام مالك : [وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ رَبِيْعَةُ ، وَسُئِلَ: كَيْفَ اسْتوَى؟ فَقَالَ: الكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ، وَعَلَى الرَّسُوْلِ البَلاَغُ، وَعَلَيْنَا التَّصْدِيْقُ.]اهـ
قال السمعاني في الأنساب (12/ 228) : [قال البصيري: سمعت أبا الحسين أحمد بن الحسين الخفاف يقول سمعت الشيخ الجليل أبا محمد المزني يقول:
حديث النزول قد صح، والإيمان به واجب، ولكن ينبغي أن يعرف أنه:كما لا كيف لذاته لا كيف لصفاته.]اهـ
فهذه نصوص السلف الصالح التي تنفي الكيف عن ذات الله تعالى وصفاته ، وأصرحها قول أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها : "الكيف غير معقول" وغير المعقول هو المستحيل في ذاته.
ولا شك أن هذه الأمور الاعتقادية مما لا مجال لاجتهاد الصحابة فيه ، فيكون مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن قال : إن السلف علموا هذه المعاني وفوضوا كيفها لله تعالى فقد غلط على السلف الصالح وحكى مذهبهم حكاية تخالف نصوص التفويض التام والإمرار والسكوت وعدم الخوض أو التفسير من جهة ، ومن جهة أخرى فقد خالف السلف والخلف في مسألة الكيف التي نفاها السلف نفياً قاطعاً لا يحتمل التأويل.