(ذ)أقوال العلماء على تنزيه الله تعالى عن الجسمية أكثر من أن تحصر ، منها على سبيل المثال :
جاء في عقيدة الإمام أحمد بن حنبل : " بسم الله الرحمن الرحيم ، نص اعتقاد الإمام أحمد بن حنبل : أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو محمد المبارك بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد المعروف بابن الطباخ البغدادي رحمه الله في الدنيا والآخرة إجازة قال حدثنا شيخنا الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن الناصر بن محمد بن محمد بن علي البغدادي بها قال أخبرنا الإمام جمال الإسلام أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال أخبرنا عمي أبو الفضل عبدالواحد بن عبد العزيز التميمي بجميع هذا الاعتقاد وقال جملة اعتقاد أحمد بن حنبل رضي الله عنه والذي كان يذهب إليه مجمل الاعتقاد.. ،لايجوز أن يسمى جسما ، وأنكر على من يقول بالجسم وقال إن الأسماء مأخوذة بالشريعة واللغة وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على كل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل."اهـ [العقيدة ج : 1 ص : 111].
وقال الإمام البيهقي في كتابه مناقب الإمام أحمد : " عن رئيس الحنابلة وابن رئيسها أبي الفضل أبي الفضل التميمي أنه قال : أنكر أحمد على من قال بالجسم وقال إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة ,وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف,والله تعالى خارج عن ذلك كله ,فلم يجز أن يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية, ولم يجئ في الشريعة ذاك فبطل."اهـ [مناقب الإمام أحمد للبيهقي ص42].
وقال عبد الباقي بن عبد القادر الحنبلي في كتابه العين والأثر في عقائد أهل الأثر : " (فصل) : ويجب الجزم بأن الله تعالى ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا تحله الحوادث ولا يحل في حادث ولا ينحصر فيه فمن اعتقد أو قال إن الله بذاته في مكان فكافر ، بل يجب الجزم بأنه سبحانه وتعالى بائن من خلقه فكان ولا مكان ثم خلق المكان وهو كما كان قبل خلق المكان ولا يعرف بالحواس ولا يقاس بالناس فهو الغني عن كل شيء ولا يستغني عنه شيء ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء ، وعلى كل حال مهما خطر بالبال أو توهمه الخيال فهو بخلاف ذي الإكرام والجلال."اهـ[العين والأثر في عقائد أهل الأثر ج : 1 ص :34- 36].
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه لحديث الرؤية : " اعلم أن لأهل العلم في أحاديث الصفات وآيات الصفات قولين : أحدهما وهو مذهب معظم السلف أو كلهم أنه لا يتكلم في معناه بل يقولون يجب علينا أن نؤمن بها ونعقتد لها معنى يليق بجلال الله تعالى وعظمته مع اعتقادنا الجازم أن الله تعالى ليس كمثله شيء وأنه منزه عن التجسيم والانتقال والتحيز في جهة وعن سائر صفات المخلوق".اهـ [شرح صحيح مسلم للنووى ج 3ص 19-20].
قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :"قد قال الله عز وجل وجاء ربك والملك صفا صفا وليس مجيئه حركة ولا زوالا ولا انتقالا لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسما أو جوهرا فلما ثبت أنه ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه حركة ولا نقلة ولو اعتبرت ذلك بقولهم جاءت فلانا قيامته وجاءه الموت وجاءه المرض وشبه ذلك مما هو موجود نازل به ولا مجيء لبان لك وبالله العصمة والتوفيق."اهـ [التمهيد لابن عبد البر ج : 7 ص : 137].
وقال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في زاد المسير :"ليس كما يخطر بالبال من قرب الأجسام وقطع المسافة لأن ذلك يختص بالأجسام والله منزه عن ذلك."اهـ [زاد المسير ج : 8 ص : 65].
وقال الإمام القرطبي رحمه الله :"اعتقاد ظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما ظاهره الجسمية حتى أعتقدوا أن الباريء تعالى جسم مجسم وصورة مصورة ذات وجه وعين ويد وجنب ورجل وأصبع تعالى الله عن ذلك."اهـ[تفسير القرطبي ج :4 ص :14].
وقال القاضي الإمام ابن جماعة في إيضاح الدليل:"واتفق السلف وأهل التأويل على أن ما لا يليق من ذلك بجلال الرب تعالى غير مراد كالقعود والاعتدال واختلفوا في تعيين ما يليق بجلاله من المعاني المحتملة كالقصد والاستيلاء فسكت السلف عنه وأوله المؤولون على الاستيلاء والقهر لتعالي الرب عن سمات الأجسام من الحاجة إلى الحيز والمكان وكذلك لا يوصف بحركة أو سكون أو اجتماع وافتراق لأن ذلك كله من سمات المحدثات وعروض الأعراض والرب تعالى مقدس عنه."اهـ [إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل ج : 1 ص : 103].
وقال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله :"قال البيهقي صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول وعروج الملائكة هو الى منازلهم في السماء وأما ما وقع من التعبير في ذلك بقوله الى الله فهو على ما تقدم عن السلف في التفويض وعن الأئمة بعدهم في التأويل وقال بن بطال غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية المجسمة في تعلقها بهذه الظواهر وقد تقرر ان الله ليس بجسم فلا يحتاج الى مكان يستقر فيه فقد كان ولا مكان وانما أضاف المعارج اليه إضافة تشريف ومعنى الارتفاع اليه اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان انتهى."اهـ [فتح الباري ج : 13 ص : 416].
وقال الزرقاني في مناهل العرفان :"فالعمدة عندنا في أمور العقائد هي الأدلة القطعية التي توافرت على أنه تعالى ليس جسما ولا متحيزا ولا متجزئا ولا متركبا ولا محتاجا لأحد ولا إلى مكان ولا إلى زمان ولا نحو ذلك اهــ [مناهل العرفان ج : 2 ص : 210].