وجاء بجريدة المقطم الصادرة فى 21 يوليو 1934 ما خلاصته
نجاح مصرى فى تاريخ الفن الجميل
تلقت وزارة المعارف العمومية من جانب مدير البعثة العلمية لفرنسا أن حضرة أحمد أفندى فكرى عضو بعثة الفن الجميل نال دكتوراه الحكومة الفرنسية بدرجة جيد جدا بالرغم من معارضة أحد أعضاء لجنة الامتحان له ( وهو جناب المسيو هوتكور أستاذ الفن الاسلامى بجامعة اللوفر الآن ، ومراقب الفنون الجميلة بوزارة المعارف العمومية المصرية سابقا ) ويلاحظ أن نيل هذه الدكتوراه أمر نادر للأجانب وهو يدل على براعة كبيرة * ونحن لا يسعنا إزاء ذلك إلا أن نشكر الدكتور أحمد فكرى على ما قام به من الدفاع عن الفن الاسلامى الذى يعتبر بحق دفاعا عاما عن الاسلام ونهنيه على هذا النجاح الباهر وانتصاره على المعارضين له ونرجوا له مستقبلا سعيدا . وقد أهدنا جنابه الكتاب المشار إليه ، فألفيناه آية فى الأبداع والاتقان اشتمل على 78 لوحة لمناظر المسجد من الداخل والخارج وفى بعضها مناظر لجامع تونس المسى بجامع الزيتونة وملحق به عدة فهارس للاعلام والصور والمراجع العربية وعددها 19 والأفرنجية وعددها 73 ومطبوع على ورق ( مصقول ناعم ) ولا يسعنا أن نوفيه حقه من المديح والاطراء وحسبنا أنه أثبت للناس كافة أنالمسلمين وحدهم هم ذو الفضل فى فن العمارة الأسلامية من كل مناحيها وأن العالم أجمع قد استقى منهم كل ما وصل إليه من تعاليم سامية ويسظهر ذلك واضحا جليا إذا استعرضنا فى الأعداد التالية ما تخيرنا نشره فى المجلة من هذا الأثر الحالد للدلالة على ما نقول ، وسنحصر ذلك فى ثلاث مقالات
الأول - الأصل فى وضع نظام المساجد ، وفيه يناقش الدكتور آراء المستشرقين الذين يتقولون على المسلمين بأن وضع نظام المساجد عندهم يمت بصلة للمعابد المسيحية .
الثانى - مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وفيه يناقش جناب الأستاذ كربسول أستاذ فن العمارة الاسلامية بالجامعات المصرية ويخطىء نظرية قوله أن النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه لم يكن لهم مساجد جامعة ، وإنما هى منازلهم التى كانوا يسكنون بها .
الثالث - فى نشأة المحراب فى المساجد ، وفيه ينقضى بالأدلة المحسوسة مزاعم المستشرقين الذين يزعمون أن المحراب متخذ من فكرة مسيحية ويناقش فى هذا البحث كتاب السيوطى ( أعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب ) ويعرض ما أورده فيه من أحاديث بعضها موضوع وبعضها ضعيف ومنقطع وليس فيها ما يمت بصلة إلى المنطق النبوى على الشواهد الحسية والأدلة العقلية فيردها بلطف ، وبذلك قد أظهر لنا تزييف جل ما فى هذا الكتاب المنسوب للسيوطى ، وقد كان بعض المستشرقين وبعض ضعاف العقول من المسلمين يروجون به سلعتهم
وربما نستعرض لحضرته بحثا آخر من الأهمية بمكان عن مئذنة جامع القيروان وفى هذا البحث تتجل مواهبه لحد أن قرر لنا حقيقة كنا عنها بمعزل ، تلك هى فكرة بناء المآذن الاسلامية التى كان يظن أنها تدين لمنارة الأسكندرية أو للأبراج المسيحية ، فإذا بالدكتور ينقض لنا هذه الفكرة رأسا على عقب عن اساس ثابت ودليل محسوس ملموس ويقر أن المسلمين هو المبتكرون فهذا الفن وحدهم ويقدم لذلك دليل وجود مئذنة الجامع المذكور التى هى أقدم المآذن (1) الاسلامية فى العالم اليوم ومئذنة جامع مدينة صفاقص ، فأن كانت هذه بعض نواحى الكتاب فأنعم به من مؤلف وأكرم به من مؤلف حاز رضا الله والناس ورفع منار الاسلام عاليا ----------------------------------------------------------------------------------------------
(1) لا نشك فى أن هذه المئذنة بنيت على أساس مآذن المسجد النبوى التى أمر ببنائها عثمان بن عفان ولو أبقى الزمان من تلك المآذن شيئا لكانت هى أولى المآذن فى الاسلام وقد يتبين لنا من هذا أن أول مئذنة بنيت فى الاسلام إنما هى مئذنة عثمان بن عفان وقد كانت هى الحجر الأول لمسلمة بن مخلد فى مصر حينما بنى مئذنة الجامع العتيق ولغيره وقد أودعت فى كتابنا ( تاريخ المآذن فى الاسلام صورا عديدة من هذا التراث )
-------------------------------------------------------------------------------------------------
بعده