ابن تيمية كثيراً ما يثبت أمر في مكان ثم ينفيه في مكان آخر .... من هذه الأمور مسألة كلام الله تعالى وأن الله متكلم بصوت وحرف.. فابن تيمية يثبت في مواضع أن الله تعالى يتكلم بصوت وحرف ثم ينفي ذلك في مواضع أخرى كما يلي:
(ابن تيمية يزعم بأن كلام الله تعالى بصوت وحرف)
إثبات أن ابن تيمية قد زعم بأن كلام الله بصوت وحرف:
لا نعجب من أن ابن تيمية قد زعم بأن كلام الله تعالى بصوت وحرف، فإنه فيما تقدم قد زعم قيام الحوادث بذات الله تعالى. فعلى هذا فإن زعمه أن كلام الله تعالى بصوت وحرف مبني على زعمه: قيام الحوادث بذات الله تعالى، وكلا الزعمين باطل.
قال الأستاذ الشيخ هراس المعجب بابن تيمية في كتابه (ابن تيمية السلفي): "... وبعد فإن ابن تيمية يرى أن الله يتكلم بصوت وحرف تكلم بالقرآن العربي بألفاظه ومعانيه بصوت نفسه كما تكلم بالتواراة العبرية كذلك، ونادى موسى بصوت سمعه وينادي عباده يوم القيامة بصوت كذلك.
فهلا يرى ابن تيمية أن ذلك يستلزم حركة في ذات الباري وأن الحركة عرض لا يقوم إلا بجسم فيلزم على ذلك كون الباري جسماً، ولكن ابن تيمية وهو يصف الله تعالى بالإستواء والنزول والإتيان والمجئ، وغير ذلك مع دعوى عدم مماثلتها لصفات الخلق لا يصعب عليه أن يصفه بالنداء والتكلم بحروف وأصوات مع دعوى أنها غير مماثلة لحروف ولأصوات المخلوقين، وهكذا كانت مسألة كلام الله تعالى صعبة شائكة لا يطمأن فيها الإنسان إلى رأي.
فإن ابن تيمية بعد أن أورد المذاهب المختلفة فيها ونقدها أخذ في تقرير مذهبه الذي يدعي أنه مذهب السلف ولكن عليه من المآخذ ما سبق أن أشرنا إليه من تجويز قيام الحوادث بذاته تعالى وابتنائه على تلك القاعدة الفلسفية التي تقول بقدم الجنس مع حدوث أفراده وهي قاعدة يصعب تصورها كما قلنا..."الخ أهـ.
ويروي ابن تيمية في كتابه (شرح العقيدة الأصفهانية ص:28)، يروي الآتي تأكيداً لمذهبه، فقال ابن تيمية: "... قال الخلال: وأن محمد بن علي بن بحر أن يعقوب بن بحتان حدثهم أن أبا عبد الله سُئل عمن زعم أن الله لم يتكلم بصوت قال: بلى تكلم بصوت، وهذه الأحاديث كما جاءت نرويها لكل حديث وجه يريدون أن يموهوا على الناس بأن من زعم أن الله لم يكلم موسى فهو كافر.
وأخبرنا المروزي سمعت أبا عبد الله وقيل له إن عبد الوهاب قد تكلم وقال أن من زعم أن الله كلم موسى بلا صوت فهو جهمي عدو الله وعدو الإسلام فتبسم أبو عبد الله وقال ما أحسن ما قال عافاه الله..."أهـ
وكعادة ابن تيمية في فهمه الظاهري تكلم ابن تيمية في فتاويه ج5 ص114 فقال: "... ويذكر عن جابر بن عبد الله عن عبد الله بن أنيس سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان".
وفي ص125 من فتاوي ابن تيمية ج5 قال: "... عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى الناس..."الخ.
ومما قاله ابن تيمية في فتاويه ج5 ص121: "... وأن الله تعالى متكلم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحاح وليس ذلك كأصوات العباد، لا صوت القارئ ولا غيره، وأن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته فكذلك لا يشبه كلامه كلام المخلوق ولا معانيه تشبه معانيه ولا حروفه تشبه حروفه ولا صوت الرب يشبه صوت العبد..."أهـ
يتبع بمشيئة الله...