الأخت الفاضلة (خولة) :
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
اسمحي اختي الفاضلة بالمساهمة في موضوعكِ هذا.
فهذه مشاركة أحاول فيها ذكر أقوال أهل السنة والجماعة في الرد على ما ورد في المشاركة الأولى من هذا الموضوع.
فأقول وبالله التوفيق :
سؤال :
يقول بعض العلماء: يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن في رمضان وغيره، فهل هذا صحيح، وما دليل الجواز وعدمه؟
الجواب :
العلماء ليسوا على درجة واحدة من العلم، والذي يُعتبر قوله منهم هم الأئمَّة الكبار الذين شهد لهم أهل العلم بالعلم كالأئمَّة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعيِّ وأحمد، وكبار تلاميذهم، وعلماء مذاهبهم، ومع ذلك فالعلماء ينظرون في أقوال بعضهم، ويعتمدون ما وافق أصول الاجتهاد، ولذا قالوا:
وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافٌ له حظ من النظر
والأئمّة الأربعة يتّفقون على أن الحائض والنفساء لا يجوز لهما أن يمسّا المصحف ولا أن يقرآ القرآن، سواء في رمضان أو غيره، واستثنى المالكيّة من هذا المعلِّمة والمتعلِّمة.
أما الذين قالوا بجواز قراءة القرآن للحائض والنفساء فحجَّتهم أن الأصل الإباحة، والأدلّة التي استدلّ بها الجمهور ليست قاطعة، وفاتهم أن الأدلّة الفقهيّة لا يجب أن تكون قاطعة بل تكفي غلبة الظن، وأن الاحتياط لأمر الدين واجب، فالحائض والنفساء لا تُسأل يوم القيامة: لماذا لم تقرئي ولم تمسي المصحف؟ لكن قد تُسأل لماذا قرأتِ ولمستِ؟ واتِّفاق المذاهب الأربعة على حكم لا يأتي من فراغ، بل هو فقه نقلوه عن الصحابة الكرام، فالعمل بقولهم أولى.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الطهارة/ فتوى رقم/28)
المصدر :
http://aliftaa.jo/Question.aspx?Questio ... CDW1MlaZ_E
نتابع :
السؤال :
هل يجوز للحائض قراءة القرآن غيباً، وما حكم مسها للمصحف الشريف؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ذهب جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الأربعة إلى حرمة مس الحائض والجنب المصحف، وحرمة قراءتهما القرآن الكريم أيضاً ولو من غير مس.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "مذهبنا أنه يَحْرُمُ على الجنب والحائض قراءة القرآن، قليلها وكثيرها، حتى بعض آية، وبهذا قال أكثر العلماء" "المجموع" (2/ 182).
واستدلوا على ذلك بأدلة، منها:
الدليل الأول: قوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) الواقعة/79. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله -بعد أن نقل عن الصحابة أن المراد بالآية هم الملائكة-: "وقال آخرون: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) أي: من الجنابة والحدث. قالوا: ولفظ الآية خبر، ومعناها الطلب -أي لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون-. قالوا: والمراد بالقرآن هاهنا المصحف، كما روى مسلم، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو؛ مخافة أن يناله العدو" "تفسير القرآن العظيم" (7/ 545).
وإذا كان المقصود (الملائكة)؛ فإن ذِكْرَ طهارتهم هنا إشارة إلى وجوب طهارة غيرهم عند مسه من باب أولى.
الدليل الثاني: ما رواه عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: (ألا يمس القرآن إلا طاهر) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (2/ 278) وصححه الإمام أحمد، وقال ابن عبد البر: "تلقّاه العلماءُ بالقبول والعمل" "الاستذكار" (2/ 458).
الدليل الثالث: اشتهار هذا الحكم بين الصحابة والتابعين، حتى كاد يقع الإجماع على ذلك، واشتهرت أقوال الصحابة في نهي الحائض والجنب عن قراءة القرآن ومس المصحف، وأقوالهم في ذلك لها حكم الرفع. فمن أحب أن يُطالعها فليرجع إلى "مصنف ابن أبي شيبة" (باب: الرجل على غير وضوء والحائض يمسان المصحف) (2/ 256)، و"مصنف عبد الرزاق" (باب: هل تذكر الله الحائض والجنب) (1/ 335).
أما قراءة الجنب والحائض لأذكار القرآن الكريم مثل: آداب الركوب: (سُبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنّا له مُقْرِنين...) الزخرف/31، وعند المصيبة: (إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون) البقرة/156، ونحوها؛ فهذا ذِكْرٌ جائز إذا كان بِنِيّة الذِّكْر، وليس بنية القرآن. يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "يحلُّ ما لم يقصد به تلاوة القرآن الكريم؛ لأنه لا يكون قرآناً إلا بالقصد وعقد النية" "الإقناع في حلِّ ألفاظ أبي شجاع" (1/ 236-237). والله أعلم.
المصدر :
http://aliftaa.jo/Question.aspx?Questio ... CDW4claZ_E
نتابع :
الإفتاء توضح كيف تقرأ الحائض القرآن الكريم
قالت أمانة الفتوى بدار الإفتاء، إنه مِن المقرر شرعًا أنه يحرم على المُحدِث حدثًا أكبرَ مسُّ المصحف؛ لقول الله تعالى: «لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» [الواقعة: 79].
وأضافت أنه يحرم على المُحدِث حدثًا أكبر تلاوة القرآن؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يحجزه شيءٌ عن قراءة القرآن إلَّا الجنابة".
وأخرج الترمذي في "سننه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ».وهذا ما عليه جماهير الفقهاء.
وأوضحت: وأما الحائض والنفساء؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة قراءتهما القرآنَ، وذهب المالكية إلى أنه يجوز لأيٍّ منهما قراءة القرآن في حال استرسال الدم مُطلَقًا؛ خافت النسيان أم لا، فإذا انقطع الدم لَمْ يَجُزْ لها القراءة حتى تغتسل؛ إلَّا أن تخاف النسيان.
وتابعت: وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/174، ط. دار الفكر): [(قوله: وكذا بعد انقطاعه) أي وكذا لا تمنع القراءة بعد انقطاعه (قوله: إلا أن تكون متلبسة بجنابة قبله فلا يجوز) حاصل كلامه أن المرأة إذا انقطع حيضها جاز لها القراءة إن لم تكن جنبا قبل الحيض، فإن كانت جنبا قبله فلا يجوز لها القراءة، وقد تبع الشارح في ذلك عبق –أي: عبد الباقي الزرقاني-، وجعله المذهب، وهو ضعيف.
واستطردت: والمعتمد ما قاله عبد الحق، وهو أن الحائض إذا انقطع حيضها لا تقرأ حتى تغتسل؛ جُنُبًا كانت أو لا؛ إلَّا أن تخاف النسيان، كما أن المعتمد أنه يجوز لها القراءة حال استرسال الدم عليها؛ كانت جُنُبًا أم لا، خافت النسيان أم لا، كما صَدَّر به ابنُ رشدٍ في "المقدمات" وصَوَّبه، واقتصر عليه في التوضيح، وابن فرحون وغير واحد، قال ح -أي: محمد الحطاب-: وهو الظاهر. وفيه أيضا عن ابن عرفة، قال الباجي: قال أصحابنا: تقرأ الحائض ولو بعد طهرها قبل غسلها، وظاهره؛ كانت متلبسةً بجنابةٍ قبله أم لا]ـ.
واستكملت: وأما مَسُّها المصحفَ فالجمهور على حرمته كذلك، والمالكية على جوازه لِمَن تتعلم القرآن أو تُعلِّمه؛ وذلك حال التعلم أو التعليم، سواء كان كاملًا أو جزءًا منه أو اللوح الذي كتب فيه القرآن؛ قال العلامة الدردير في "الشرح الكبير" (1/125-126، ط. دار الفكر): [(لا) يمنع الحدث مس وحمل (درهم) أو دينار فيه قرآن؛ فيجوز مسه وحمله للمحدث ولو أكبر، (و) لا (تفسير) فيجوز ولو لجنب، (و) لا (لوح لمعلم ومتعلم) حال التعليم والتعلم، وما ألحق بهما مما يضطر إليه كحمله لبيتٍ مثلا فيجوز للمشقة، (وإن) كان كل من المعلم والمتعلم (حائضا) لا جُنُبًا؛ لقدرته على إزالة مانعه بخلاف الحائض، (و) لا يمنع مس أو حمل (جزء) بل ولا كامل على المعتمد (لمتعلم) وكذا معلم على المعتمد (وإن بلغ) أو حائضًا لا جُنُبًا].
وأفادت: فالأَوْلى العملُ بما عليه جمهور الفقهاء من حرمة قراءة القرآن ومس المصحف للحائض والنفساء؛ لِمَا في ذلك من تقديسٍ للقرآن الكريم، وخروجًا من الخلاف. فمن وجدت في ذلك مشقةً وحرجًا، واحتاجت إلى قراءة القرآن أو مَسِّ المصحف للحفظ أو التعليم أو العمل في التدريس، فيجوز لها حينئذٍ تقليد المالكية؛ إذ مِن القواعد المقررة في الشرع "أن من ابتُلِيَ بشيءٍ مِن المُختَلَف فيه فليقلد من أجاز"، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
وقال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الإمام مالك أجاز قراءة القرآن بغير مس المصحف أثناء الدورة الشهرية؛ لكونها معذورة في ذلك، وحتى لا يؤدي تركها القراءة إلى نسيان القرآن.
وأضاف الطيب في فتوى له نشرت على موقع دار الإفتاء، أنه يجوز للحائض أن تقرأ القرآن من أي مصدر غير المصحف رغبة في الثواب حتى ولو كان وِرْدًا من القرآن اعتادت عليه يوميًّا.
بدوره، أفتى الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، بأنه يجوز قراءة القرآن من الموبايل دون وضوء لأنه ليس مصحفًا، ورأى بعض العلماء أنه يفضل الوضوء لأنه كلام الله تعالى.
وأوضح «عاشور» في تصريح له، أن هذه الموبايلات التي وضع فيها القرآن كتابة أو تسجيلاً، لا تأخذ حكم المصحف، فيجوز لمسها من غير طهارة ، ويجوز دخول الخلاء بها، وذلك لأن كتابة القرآن في الجوال ليس ككتابته في المصاحف، فهي ذبذبات تعرض ثم تزول وليست حروفا ثابتة، والجوال مشتمل على القرآن وغيره.
وتابع: أما قراءة القرآن من المصحف فتشترط الطهارة والوضوء، لما جاء في الحديث المشهور: «لا يمس القرآن إلا طاهر» ولما جاء من الآثار عن الصحابة والتابعين، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم، وهو أنه يحرم على المحدث مس المصحف، سواء كان للتلاوة أو غيرها.
من جانبه، شدد الشيخ أحمد ممدوح مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية، على أن الحائض أو النفساء لا يجوز لها مس المصحف إلا بعد طهرهما، لأن الأصل عدم قراءة المرأة الحائض لشيء من القرآن، سواء من المصحف أو غيره لما رواه أحمد فى مسنده أن "النبى كان لا يحجز شيء عن قراءة القرآن سوى الجنابة" والحائض تلحق بالجنب، وكذلك مارواه الترمذى أن النبى قال "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن".
وأشار «ممدوح» إلى أن المرأة لو اضطرت لقراءة القرآن بحيث تكون طالبة عندها اختبار أو ما شابه فيمكنها أن تقرأ القرآن لا بنية القرآن ولكن بنية الذكر، مشيرًا إلى أنه يجوز للحائض أن تنظر بعينيها إلى القرآن عن طريق الموبايل دون أن تحرك لسانها.
وأكد مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء، أنه يجوز للمسلم سماع القرآن الكريم أو الاستماع إليه وهو على غير طهارة، فالطهارة ليست شرطًا لجواز سماع القرآن الكريم.
المصدر :
http://almogaz.com/news/politics/2016/may/16/2248682
قلت وبالله التوفيق :
ولعل فيما سبق من نقول ما يفي بالغرض والله أعلى وأعلم.