العقيدة الصحيحة
ينقسم الدين إلى ثلاثة محاور أساسية. هي العقائد ،والعبادات،والمعاملات، فالعقائد هي الأساس الذي تقوم عليه العبادات والمعاملات ، لأنها المحور الأساسي الذي يحدد المسار إلى الثواب أو العقاب . ونسبة لأهمية العقائد نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجه جلَّ اهتمامه إليها في دعوته .وكان عمر الدعوة المحمدية 32 عاما ؛ الإثنا عشر عاما الأولى منها في مكة. كانت دعوة للناس بأن يؤمنوا بأنه لا إله إلا الله هو الرازق والباسط والرافع والخافض… وأن سيدنا محمد حقا رسول الله الفترة كانت كل الأوامر في تلك الفترة أوامر عقائدية، حتى أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم· وبعد ذلك تنزلت الأوامر وشعائر العبادات ونزولها بعد العقائد دليل علي أهميتها.
أما العقائد في حد ذاتها فهي شقان؛ الشق الأول منها لا إله إلا الله،والشق الثاني محمد رسول الله ولا تصلح عبادات ولا معاملات إلا بالشهادة والإيمان التام بأنه حقا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله من أجل هذا أصبحت العقيدة هي الأساس في الدين ،ومن الملاحظ أن الناس لم يختلفوا حول أمر من أمور الدين المتعلقة بالعبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج ، وكذلك لم يختلفوا حول شعائر المعاملات من زواج وطلاق أو بيع وشراء و ميراث وغيرها من المعاملات الشرعية وإنما جاء اختلافهم في ركن العقيدة ، لأنَّ إبليس يعلم تمام العلم أهمية العقيدة (بحكم أنه كان طاووس الملائكة). فكانت العقيدة هي المنفذ الذي دخل به للناس ، وجعل الناس يزيغون ويخطئون في عقيدتهم فتفسد ويظنون بأنهم على حق ، فالعبادات إذا أخطأ الإنسان يعرف أنه قد وقع في مخالفة شرعية ويتوب بقلب صافٍ ويستغفر ربه فيغفر الله له ما تقدم من ذنبه ، أما في العقائد فالإنسان يخطئ وهو يعتقد بأنه على صواب، مثلا الاختلاف ما بين الصوفية والوهابية والشيعة في ركن العقيدة مع أنهم يشتركون في ركن العبادات من صلاة وصيام وغيرها مع اختلافات يسيرة في فروعها. ولكن في العقيدة اختلف أدعياء السلفية والشيعة مع الصوفية . لأن إبليس جاء بكل الآيات التي تتحدث عن العقيدة وجعلهم يفهمونها على غير مراد الله فهم يقولون إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشفع لأحد ، ويستندون للآية التي تقول: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}. وهذا خلاف في العقيدة،أما الصوفية فيقولون إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته يشفعون ويستندون للآية التي تقول: {ولسوف يعطيك ربك فترضى}. هو لا يرضى وأحد من أمته في النار وهذه عقيدة جمهور المسلمين.
أما قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى}. فإن فالوهابية ومن شايعهم يفسرها بأن الرحمن جالس على العرش وهذا خطأ فادح في العقيدة بالله. أو الآية التي تقول: { يد الله فوق أيديهم }. يقول أهل العقائد الفاسدة في تفسيرها بأن الله له يدان كأيدينا ، وهذا خطأ في العقيدة لأن أدعياء السلفية عموما يأخذون الآيات من غير معرفة الأمر الذي نزلت فيه وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، ويضعونها في غير مكانها الصحيح ، والخلاف والخطأ في العقيدة يخرج الإنسان من الدين ، مثلا إذا قلنا إن الله جالس على كرسي حسب تفسيرهم نكون قد حددنا وجود الله تبارك وتعالى بمكان محدد كيف ذلك والله أكبر،لو قلنا أنه أكبر من كل شي - في المعنى البسيط للآية - العرش شيء وعندما يسع العرش الله كيف يكون الله أكبر وأقوى منه ؟ وقد قال الإمام علي رضي الله عنه في صفته عزَّ وجلّ ( لو كان فوق شيء لكان محمولا ولو كان في شيء لكان محصورا ولو كان تحت شيء لكان مقهورا ).
كذلك إنكار شفاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة يعتبر إنكارا لأمر معلوم بالضرورة وهو فساد في العقيدة لأن ربنا أعطى سيدنا النبي الشفاعة وفي هذا الموطن قال سيدنا الرسول : ( أوتيت الشفاعة العظمى )· لذا لابد من وضع كل آية في موضعها الصحيح لأنه إذا أخطأ الإنسان في العقيدة يظن بأنه على صواب وبالتالي يصر على ما هو عليه . كانت هذه لعبة إبليس مع الآدميين، والمنفذ الذي قادهم به إلى فساد العقيدة قال تعالى: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون .ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} (البقرة 11ـ 12). ومن هذا المنطلق بدأ أدعياء السلفية ينشرون هذه الأفكار بين الناس ويقومون بإفساد عقائدهم، وذلك بإنكارهم لأحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع الآيات في غير موضعها الصحيح · لذا كان لابد من إزالة هذا اللبس وتصحيح العقائد. وعلى هذا الأساس قام الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني بتأليف كتابيه'' إنتصار أولياء الرحمن على أولياء الشيطان ''، و ''تبرئة الذمة في نصح الأمة'' · وتحدث في الكتابين عما اختلف فيه الناس من عقائد وذلك لأن المذاهب كان جلُّ اهتمامها البحث في العبادات والمعاملات فقد كانت العقائد في تلك الفترة صحيحة وسليمة. ولكن اليوم أصبح الناس بحاجة ماسة لتوضيح العقائد وأهميتها.. من هذا المنطلق قام الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني بالتحدث الوافي عن العقائد وأتى بالآيات والأحاديث والأسانيد في كلامه عن العقائد.
وفي كتاب الانتصار تحدث عن فضل آل البيت، ومناقب سيدنا الحسين، والسيدة فاطمة الزهراء، وأقطاب التصوف، ليبين للناس أن هؤلاء هم أهل الله ولا ينبغي أن نخطئ في حقهم، وكذلك عرَّف الناس بالأولياء والصالحين ، كما أثبت التوسل والسبحة وأحاديث الحضرة. ولكي يكمل المسيرة قام بتأليف كتاب ''التبرئة'' وتحدث فيه عن خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمع الكلام القديم لأماجد العلماء أمثال سيدي جلال الدين السيوطي وابن العربي وابي يزيد البسطامي وغيرهم. وأتى بكل الأسانيد حتى يتسنَّى لنا معرفة قدر نبينا عليه الصلاة والسلام ووجوب محبته واحترامه. كما بدأ يفسر بعض الأشياء الهامة الغائبة عن أذهان الكثيرين مثل السير إلى الله والسير في الله.
_________________ فأي نجاة في الحياة بدونهم إليهم يسير الركب حجاً وعمرة
|