موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الإمام السيوطي شيخ خانقاه ومشيخة التصوف بتربة برقوق
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 08, 2018 7:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14575
مكان: مصـــــر المحروسة

كثير من القراء يعلم عن الإمام السيوطي رحمه الله بأنه ‏من أئمة التفسير والحديث واللغة والفقه وأصوله.‏

وكثيرون هم من قد قرأوا له فيما سبق أو في غيرها من ‏فنون العلم. ‏

ولكن هل تعلم عزيزي القارئ بأن الإمام الحافظ ‏المفسر الفقيه الأصولي اللغوي العلامة جلال الدين ‏السيوطي كان شيخاً لمشيخة صوفية ، ومتولياً كذلك ‏لمشيخة كبرى خانقاوات الصوفية في القاهرة ؟!‏

بالتأكيد كثيرون قد قرأوا له العديد من المؤلفات التي ‏حقق بها الكثير من المسائل الفقهية التي اشتهر بها ‏الصوفية كالسماع والحركة في الذكر ، وكتابه ‏‏"الحاوي في الفتاوي" خير شاهد على ذلك ، كما أن ‏كتابه "تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية" ‏دليل آخر على ماسبق. ‏

ولكن ماذا عن نشاطه هو كصوفي ؟ ‏

وماذا عن ممارسته وسلوكه في طريق القوم؟

على أن معرفة ذلك سيغضب طوائف الخوارج في ‏عصرنا الحاضر ، إذ أنه سيفضح كذبهم وبهتانهم ‏السادة الصوفية برميهم بالجهل وقلة العلم وحاشا ‏السادة الصوفية من ذلك بل هم منبع العلوم ‏ومصابيح الهدى في كل عصر.‏

وبالتأكيد هذا قد يفسر للبعض أسباب الحملة ‏الشعواء التي يوجهها الخوارج في عصرنا الحاضر نحو ‏الإمام السيوطي عليه رحمة الله.‏

على أن الإمام السيوطي قد صار على نهج جمهور ‏الأئمة الأعلام عبر تاريخ الأمة في سلوكهم لله على ‏طريق خواص عباد أهل السنة والجماعة من السادة ‏الصوفية ، والباحث في سيرهم سيعلم ذلك بيقين.‏

فلا عبرة للخوارج ولا وزن لكلامهم إلا عند السذج ‏أو من طمس الله على بصره وبصيرته.‏

على أن ما للإمام السيوطي رحمه الله من محبة خاصة ‏في قلب الفقير كاتب هذه السطور دفعتني لإبراز هذا ‏الجانب في شخصيته كشفاً لأحد الأسباب الغير ‏مشتهرة لبغض خوارج العصر لهذا الإمام الجليل.‏

قال السخاوي في الضوء اللامع (4/67) :[فَلَزِمَ ‏إينال الْأَشْقَر رَأس نوبَة النوب) حَتَّى قَرَّرَهُ فِي تدريس ‏الحَدِيث بالشيخونية بعد وَفَاة الْفَخر عُثْمَان المقسي مَعَ ‏تَركه ولدا وَكَذَا اسْتَقر فِي الأسماع بهَا وَلَيْسَ بموافق ‏شَرط الْوَاقِف فيهمَاوَفِي مشيخة التصوف بتربة ‏برقوق نَائِب الشَّام الَّتِي بِبَاب القرافةبعناية بلديه أبي ‏الطّيب السُّيُوطِيّ وَغير ذَلِك]اهـ

وقال محمد بن أحمد بن إياس الحنفي في بدائع الزهور ‏في وقائع الدهور (3/228) : [وفيها قُرر شيخنا ‏الجلال الأسيوطي في مشيخة البيبرسية، عوضاً عن ‏الجلال البكري بحكم وفاته.]اهـ ‏

وعن هذه الخانقاه البيبرسية قال المقريزي في المواعظ ‏والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4/285) :[وهي ‏أجلّ خانقاه بالقاهرة بنياناً، وأوسعها مقداراً وأتقنها ‏صنعة، بناها الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير ‏المنصوريّ قبل أن يلي السلطنة، وهو أمير. فبدأ في ‏بنائها في سنة ست وسبعمائة، وبنى بجانبها رباطا كبيرا ‏يتوصل إليه من داخلها، وجعل بجانب الخانقاه قبة بها ‏قبره.]اهـ

قلت وبالله التوفيق : ويدل على عظم شأن هذه ‏الخانقاه أن أوكلت مشيختها لمثل الإمام العلامة جلال ‏الدين السيوطي.‏

وإتماماً للفائدة أحببت أن أذكر ترجمة هذا الإمام ‏الجليل تأكيداً لفضله وبياناً لعلو شأنه وإظهاراً ‏لافتراءات الخوارج وبهاتنهم في حقه.‏

قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب في أخبار ‏من ذهب (10/ 74 : 79) :[وفيها الحافظ جلال ‏الدّين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن ‏سابق الدين أبي بكر بن عثمان بن محمد بن خضر بن ‏أيوب بن محمد بن الشيخ همام الدّين الخضيري ‏السّيوطي الشافعي المسند المحقّق المدقّق، صاحب ‏المؤلفات الفائقة النافعة.‏

ولد بعد مغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع ‏وأربعين وثمانمائة، وعرض محافيظه على العزّ الكناني ‏الحنبلي فقال له: ما كنيتك؟ فقال: لا كنية لي فقال: ‏‏«أبو الفضل» وكتبه بخطّه.‏

وتوفي والده وله من العمر خمس سنوات وسبعة أشهر، ‏وقد وصل في القرآن إذ ذاك إلى سورة التّحريم، ‏وأسند وصايته إلى جماعة، منهم الكمال بن الهمام، ‏فقرّره في وظيفة الشيخونية، ولحظه بنظره، وختم ‏القرآن العظيم، وله من العمر دون ثمان سنين، ثم ‏حفظ «عمدة الأحكام» ، و «منهاج النووي» ، و ‏‏«ألفية ابن مالك» ، و «منهاج البيضاوي» ، وعرض ‏ذلك على علماء عصره وأجازوه، وأخذ عن الجلال ‏المحليّ، والزّين العقبي، وأحضره والده مجلس الحافظ ‏ابن حجر، وشرع في الاشتغال بالعلم من ابتداء ربيع ‏الأول سنة أربع وستين وثمانمائة، فقرأ على الشمس ‏السّيرامي «صحيح مسلم» إلّا قليلا منه، و «الشفا» ‏و «ألفية ابن مالك» ، فما أتمّها إلّا وقد صنّف. ‏وأجازه بالعربية، وقرأ عليه قطعة من «التسهيل» ، ‏وسمع عليه الكثير من ابن المصنّف، و «التوضيح» و ‏‏«شرح الشذور» و «المغني في أصول فقه الحنفية» ، و ‏‏«شرح العقائد» للتفتازاني، وقرأ على الشّمس ‏المرزباني الحنفي «الكافية» وشرحها للمصنّف، و ‏‏«مقدمة إيساغوجي » وشرحها للكاتي، وسمع عليه من ‏‏«المتوسط» و «الشافية» وشرحها للجاربردي، ومن ‏‏«ألفية العراقي» ولزمه حتى مات سنة سبع وستين، ‏وقرأ في الفرائض والحساب على علّامة زمانه الشّهاب ‏الشّارمساحي، ثم دروس العلم البلقيني من شوال سنة ‏خمس وستين، فقرأ عليه ما لا يحصى كثرة، ولزم أيضا ‏الشّرف المناوي إلى أن مات، وقرأ عليه ما لا يحصى، ‏ولزم دروس محقّق الديار المصرية سيف الدّين محمد بن ‏محمد الحنفي، ودروس العلّامة التّقي الشّمنّي، ودروس ‏الكافيجي، وقرأ على العزّ الكناني، وفي الميقات على ‏مجد الدّين ابن السّباع، والعزّ بن محمد الميقاتي، وفي ‏الطّب على محمد بن إبراهيم الدواني لما قدم القاهرة ‏من الرّوم، وقرأ على التّقي الحصكفي، والشّمس البابي ‏وغيرهم وأجيز بالإفتاء والتدريس.‏

وقد ذكر تلميذه الداوودي في ترجمته أسماء شيوخه ‏إجازة وقراءة وسماعا مرتّبين على حروف المعجم، ‏فبلغت عدّتهم أحدا وخمسين نفسا. واستقصى أيضا ‏مؤلفاته الحافلة الكثيرة الكاملة الجامعة النّافعة المتقنة ‏المحرّرة المعتمدة المعتبرة، فنافت عدتها على خمسمائة ‏مؤلّف ، وشهرتها تغني عن ذكرها، وقد اشتهر أكثر ‏مصنفاته في حياته في أقطار الأرض شرقا وغربا وكان ‏آية كبرى في سرعة التأليف حتّى قال تلميذه ‏الداوودي: عاينت الشيخ وقد كتب في يوم واحد ‏ثلاثة كراريس تأليفا وتحريرا، وكان مع ذلك يملي ‏الحديث ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة.‏

وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه رجالا ‏وغريبا ومتنا وسندا واستنباطا للأحكام منه، وأخبر ‏عن نفسه أنه يحفظ مائتي ألف حديث. قال: ولو ‏وجدت أكثر لحفظته. قال: ولعله لا يوجد على وجه ‏الأرض الآن أكثر من ذلك.‏

ولما بلغ أربعين سنة أخذ في التجرد للعبادة والانقطاع ‏إلى الله تعالى والاشتغال به صرفا والإعراض عن الدنيا ‏وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم، وشرع في تحرير ‏مؤلفاته، وترك الإفتاء والتدريس، واعتذر عن ذلك في ‏مؤلّف سمّاه ب «التنفيس». ‏

وأقام في روضة المقياس فلم يتحوّل منها إلى أن مات، ‏ولم يفتح طاقات بيته التي على النّيل من سكناه. ‏

وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته، ويعرضون ‏عليه الأموال النّفيسة فيردّها، وأهدى إليه الغوري ‏خصيا وألف دينار، فردّ الألف، وأخذ الخصي، فأعتقه ‏وجعله خادما في الحجرة النبوية، وقال لقاصد ‏السلطان: لا تعد تأتينا بهدية قط فإنّ الله تعالى أغنانا ‏عن مثل ذلك، وطلبه السلطان مرارا فلم يحضر إليه.‏

ورؤي النبيّ صلّى الله عليه وسلم في المنام، والشيخ ‏السّيوطي يسأله عن بعض الأحاديث والنبيّ صلّى الله ‏عليه وسلم يقول له: «هات يا شيخ الحديث». ‏

ورأى هو بنفسه هذه الرؤيا، والنبيّ صلّى الله عليه ‏وسلم يقول له: «هات يا شيخ الحديث» .‏

وذكر الشيخ عبد القادر الشّاذلي في كتاب ترجمته أنه ‏كان يقول: رأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلم يقظة ‏فقال لي: «يا شيخ الحديث» . فقلت له: يا رسول الله ‏أمن أهل الجنّة أنا؟ ‏
قال: «نعم» ، فقلت: ‏
من غير عذاب يسبق. فقال: «لك ذلك» .‏

وقال الشيخ عبد القادر: قلت له كم: رأيت النبيّ ‏صلّى الله عليه وسلم يقظة؟ فقال: بضعا وسبعين مرة.‏

وذكر خادم الشيخ السيوطي محمد بن علي الحباك: ‏أن الشيخ قال له يوما، وقت القيلولة وهو عند زاوية ‏الشيخ عبد الله الجيوشي بمصر بالقرافة: ‏

أتريد أن تصلي العصر بمكة بشرط أن تكتم ذلك عليّ ‏حتى أموت. قال: فقلت: نعم قال:‏

فأخذ بيدي وقال غمّض عينيك فغمّضتهما فرمى بي ‏نحو سبع وعشرين خطوة.‏

ثم قال لي: افتح عينيك، فإذا نحن بباب المعلاة فزرنا ‏أمّنا خديجة والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة، ‏وغيرهم، ودخلت الحرم فطفنا وشربنا من ماء زمزم، ‏وجلسنا خلف المقام، حتى صلينا العصر، وطفنا ‏وشربنا من زمزم، ثم قال لي:‏

يا فلان ليس العجب من طي الأرض لنا وإنما العجب ‏من كون أحد من أهل مصر المجاورين لم يعرفنا، ثم قال ‏لي: إن شئت تمضي معي وإن شئت تقيم حتى يأتي ‏الحاج قال فقلت: أذهب مع سيدي، فمشينا إلى باب ‏المعلاة وقال لي: غمّض عينيك، فغمضتهما، فهرول ‏بي سبع خطوات. ‏
ثم قال لي: افتح عينيك، فإذا نحن بالقرب من ‏الجيوشي، فنزلنا إلى سيدي عمر بن الفارض.‏

وذكر الشعراوي عن الشيخ أمين الدّين النجار إمام ‏جامع الغمري، أن الشيخ أخبره بدخول ابن عثمان ‏مصر قبل أن يموت، وأنه يدخلها في افتتاح سنة ثلاث ‏وعشرين وتسعمائة، وأخبره أيضا بأمور أخرى، فكان ‏الأمر كما قال.‏

ومناقبه لا تحصر كثرة، ولو لم يكن له من الكرامات ‏إلّا كثرة المؤلفات مع تحريرها وتدقيقها لكفى ذلك ‏شاهدا لمن يؤمن بالقدرة.‏

وله شعر كثير، جيده كثير، ومتوسطه أكثر، وغالبه في ‏الفوائد العلمية والأحكام الشرعية، فمنه وأجاد فيه:‏

فوّض أحاديث الصّفا ... ت ولا تشبّه أو تعطّل
إن رمت إلّا الخوض في ... تحقيق معضله فأوّل
إنّ المفوّض سالم ... مما تكلّفه المؤوّل

وقال :‏

حدّثنا شيخنا الكناني ... عن أبه صاحب الخطابة
أسرع أخا العلم في ثلاث ... الأكل والمشي والكتابة

وقال:‏

أيّها السائل قوما ... ما لهم في الخير مذهب
اترك الناس جميعا ... وإلى ربّك فارغب

وقال :‏

عاب الاملاء للحديث رجال ... قد سعوا في الضّلال ‏سعيا حثيثا
إنّما ينكر الأمالي قوم ... لا يكادون يفقهون حديثا

وقال:‏

لم لا نرجي العفو من ربّنا ... وكيف لا نطمع في ‏حلمه
وفي الصحيحين أتى إنّه ... بعبده أرحم من أمّه

وتوفي في سحر ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى ‏في منزله بروضة المقياس بعد أن تمرّض سبعة أيام بورم ‏شديد في ذراعه الأيسر عن إحدى وستين سنة وعشرة ‏أشهر وثمانية عشر يوما، ودفن في حوش قوصون ‏خارج باب القرافة.]اهـ


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 9 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط