- قد ورد في سفر أشعيا – أحد أسفار العهد القديم – ( 11 /1 : 11) في معرض الحديث عن وقائع وأخبار آخر الزمان:[ 1وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ، 2وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. 3وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ، 4بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ. 5وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَهَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. 7وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا. 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ. 9لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ. 10وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا.11]اهـ
هذه النبوءة تحدثنا عن خروج مُخَلِص من نسل [يسى]، وأعتقد – والله أعلى وأعلم – أن كلمة [يسى] هذه يراد بها ما يلي:
- أولاً: إما أن تكون تحريفاً لكلمة [يس] – وهو اسم من أسماء مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وذلك للآتي:
- فهذه الأوصاف الواردة في النبوءة تنطبق على ماورد في الأحاديث الشريفة من وصف لزمن الإمام المهدي وخصوصاً بعد نزول روح الله عيسى عليه السلام.
- من المعلوم أن التحريف قد طال كتب الأمم السابقة فلا يبعد أن يكون قد وقع هذا التحريف الذي أشير إليه في الإسم ، وبقية النبوءة مما لم يطله التحريف.
- ومما يعضد هذا الرأي أنني قد وجدت على بعض مواقع النصارى ترجمة لسفر أشعيا ولكن قد ذكرت كلمة [يس] صراحة بدلاً من [يسى] كما على الرابط التالي :
http://noral3alm.yoo7.com/t955-topic
وعلى هذا تكون النبوءة واضحة وهي تشير إلى ظهور منقذ أو مُخَلِص في آخر الزمان من نسل [يس] – وهو سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – ، وهذا يتوافق مع الأحاديث الشريفة الصحيحة التي دلت على ذلك.
ثانياً : أن يكون المقصود بـ"يسى" ما يلي : [قوله "جذع يسَّى" أصلُ الاسم بالعبرانية هو יִשָׁי (يِشَي)، وحَمَلَه أهلُ الكتاب على أنه اسمُ والدِ داود عليه السلام، فاعتَبروا ذلك بشارةً بأن النبي المنتظر يأتي مِن نسله. إلاَّ أنَّ أَصْلَ هذا الاسمِ يكشف عن النسل المقصود، فليس هو نسل والد داود ولا داود نفسه. فاسمُ يسَّى في هذه البشارة ما هو إلاَّ إشارةٌ لاسم إسماعيل! تقول الموسوعة الكتابيةEncyclopedia Biblica تحت مادة (Jesse) ما ترجمته:יִשָׁי يِشَي : صيغة مختصرة مِن יִשְׁמָעֵאל يِشْمَعِيل.
وهو ما كَرَّرَتْهُ تحت مادة (Names) حين ذكرت أمثلة على الصيغ المختصرة للأسماء، فقالت(יִשָׁי مِن إسماعيل).
فأصلُ هذا النبي مِن نسل سيدنا إسماعيل، وهو ما تدلُّ عليه كلمة "جذع". فقد سَلَفَ أنها في الترجوم: "بني"، وقد ترجمها الحبر سعديا الفيومي فقال :" عنصر"، وهي دالةٌ على أصل النَّسَب.[1].
ثالثاً : إما أن يكون المقصود من كلمة [يسى] - على افتراض أنه لم تطلها يد التحريف وأن نسلم بأن المقصود به أبو نبي الله داود عليه السلام وفق تفسير أهل الكتاب - فاسمه عندهم داود بن يسى– وفي هذه الحالة يكون المقصود بالمنقذ أو المخلص نبي الله عيسى عليه السلام – وفق تفسير النصارى لهذه النبوءة.
وأرى – والله أعلى وأعلم – بأن هذا أيضاً يشير للإمام المهدي.
ذلك أن الوصف الوارد في هذه النبوءة متوافق مع ما صح من الأحاديث الشريفة في وصف زمن الإمام المهدي وقت نزول روح الله عيسى عليه السلام واجتماعهما معاً، فهنا يكون ذكر الإمام المهدي قد ورد ضمناً.
ولكن – ووفقاً لوجهة نظري وما تميل إليه النفس – أميل لمسألة تحريف كلمة [يس] إلى [يسى]، وذلك وفقاً لما تقدم ، ولأن النبوءة تتحدث عن خروج وبداية إنبات [1وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ، 2وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ.].
ومما لا خلاف فيه – حتى بيننا معشر المسلمين وبين النصارى – أن نبي الله عيسى عليه السلام قد خرج ونبت وأيده الله بروح القدس .كما يلاحظ أنه لم يحدث أي من هذه الأمور التي تشير لها النبوءة في ذلك الوقت – وقت الظهور الأول للمسيح عليه السلام . -
وأن ظهوره في آخر الزمان سيكون مجيئاً وليس بخروج ، فهو عليه السلام قد خرج وظهر ، والنبوءة تتحدث عن الموضوع في سياق المستقبل بصيغة المضارع.
وأكرر بأن ظهور نبي الله عيسى في آخر الزمان سيكون مجيئاً وليس بخروج.
لذا – والله أعلى وأعلم – أميل إلى مسألة وقوع التحريف لما سبق وتقدم ، وأن كلمة[يسى] هي تحريف لكلمة [يس] وهو اسم من أسماء سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والله أعلى وأعلم*.
هامش :
[1] منقول.
* هذا الموضوع جزء من أحد موضوعات العبد لله على الموقع المبارك منذ بضع سنين أحببت أن أفرده في موضوع مستقل مع بعض الزيادات والتعديل.