- سيدى محمد الحراق
مصابح الظلام وحجة الاسلام وشيخ الطريقى ، ومعدن السلوك والحقيقة ، شريف النسبتين ، ومفتى المذهبين ، القطب الربانى ، أبو عبد الله سيدنا ومولانا محمد بن محمد الحراق الشاذلى الدرقاوى بن مولانا عبد الواحد بن يحيى بن عمر بن مولانا الحسن بن مولانا الحسين بن على بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن الحسن بن مالك بن عبد الكريم بن مولانا حمدون بن مولانا موسى أخى مولانا عبد السلام بن مولاة مشيش بن أبى بكر بن على بن حرملة بن عيسى بن سلام بن مزوار بن حيدرة بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط رضى الله عنهم أجمعين – كان رضى الله عنه وأرضاه إماما جليل القدر ، متضلعا فىعلم الظاهر انتهت إليه فه الرياسة ، مشاركا فى فنونه من : تفسير ، وحديث ، وفقه ، وفتوى ومعقول ، أما الأدب والشعر فقد كاد أن ينفرد به فى عصره ، وله ديوان تكلم فيه فى أسرار الطريقة ، وإشارات رائقة ، وقد نال رضى الله عنه الحظ الأوفر من علم الظاهر ، وأكمل الله عليه نعمة من علم الباطن ، ليكون قدوة للبشر ، فحرر الطريقة ، وسهلها ، وسلك فيها أوضح المسالك وأقربها ، وأتى بأعجب العجاب من علم الإشارة بألطف بيان ، وأوجز عبارة ،وأسس طريقة على أربع قواعد : ذكر ، ومذاكرة ، وعلم ،ومحبة .
وفائلة لا تحصى ، ومحاسنة لا تستقصى ، وكفاه فخرا أنه تلميذ للقطب الكبير العارف مولانا الدرقاوى رضى الله عنه
وله كلام غريب فى علوم القوم وإشاراتهم ، فهو ف زمانه رئيس العلماء الأعيان ، وفريد أهل العصر والأوان ، شهرته ف بلادنا المغرب تغنى عن وصفه ، أجمعت البلاد على ولايته ،وشهدوا بفضله ومكانته .
وكان رحمه الله يربى المريدين ، ويوصلهم إلى حقائق التمكين ف حياة أستاذه وبعده لأنه هو الوارث الحقيقى ، أخذ عنه جم غفر من قبائل المشرق والمغرب ، واشتهر نفعه وطار ثيته ، مكث فى طريق القوم شيخا مربيا نحو ثلاثين سنة .
توفى رضى الله عنه ونفع به سنة إحدى وستين ومئتين وألف ، وله من العمر خمس وسبعون سنة ودف بزاويته المشهورة بثغر تطون – بباب المقابر ، ومقامه ظاهر يزار ، تقصده الزوار من الأماكن البعيدة والدعاء بساحته مجاب – وله رضى الله عنه رسائل وحكم ، وتقاييد على بعض آيات قرآنية ، وديوانه المشهور ، وتائيته التى سارت بذكرها الركبان وشرحها غير واحد – ومن كلامه رضى الله عنه فى توشيخ له من الرمل مجزوئ العجز :
زال عن قلبى توله الفنــــــــــــــا وصفا أمرى
إذ غدا لى كل ربع وطنـــــــــــــــا وانتقى نكرى
كل ماء قد حوته شربـــــــــــــــتى فأنا ريــــــــان
لست يوما أحتسى من خمرتــــــى وأنا نشــــوان
من رآنى ثابتا فى حيــــــــــــــرتى طننى وسنــان
إلى أن قال متخلصا رضى الله عنه :
فأنا فى البين والعين أرى واحد فى اثنين
ظاهرا منى ما قد بطنـــــا فاعرفوا قدرى
من رآنى يحتنى زهر الجنا مدة العمــــر
ومن قوله فى الثائية عن ذكر خمريته :
أباح لى الخمار منه تفضــــــــــلا جناها فصار الشرب دينى وملتى
فإن شئتها صرفا شربت وإن أشا نشرت جميع الكائنات بنظرتى
وإن شئت أطوى الكون طيا وإن أشا مزجت لأن الكل فى طى قبضتى
شربت صفاء فى صفاء ومن يرد من القوم شربا لم يجد غير فضلتى
ومن قوله فى فضائل الذكر
إذا شئت أن تلقى السعادة والمنى وتبلغ ما عنه الرجال تولت
فطهر بماء الذكر قلبك جاهدا بصدق اللجا واغسله من كل علة
وله رضى الله عنه غير ذلك ومن وقف على تأليفه النفيسة ، وطاله كلامه علم مكانته وتحققه من ربه ،وصفا باطنه ، اللهم حققنا وأحبتنا بالسلوك على صراطهم القويم ،وانفعنا بمحبتهم يارب العالمين .
( على محمود حفيد النسابة حسن قاسم )