بمناسبة الاحتفال بمولد أمير المؤمنين
سيدنا على بن أبى طالب
كرم الله وجهه
( ولد ) كرم الله وجهه بمكة المكرمة يوم الجمعة الثالث عشر من رجب بعد ثلاثين عاما من عام الفيل ( 17 مارس 599 أو 600 م ) ولم يولد قبله ولا بعده مولودا فى بيت الله تعالى سواه(1) . روى عن فاطمة بنت أسد أنها :
قالت : كان محمد صلى الله عليه وسلم يأكل معى ومع عمه أبى طالب ، وإذ نظر إلى أبو طالب
فقال لى : مالى أراكى حائلة اللون ؟
فكنت وقتها وصل لى الحمل إلى أربعة اشهر ،
قال لى أبو طالب : موجها حديثه لمحمد صلى الله عليه وسلم :
إن كان ما فى بطن زوجة عمك ذكرا فهو لك عبدا ،
وإن كانت أنثى فهى لك جارية وزوجة .
فلما أكتمل الحمل وجاءت ساعة الوضع ، ولدته فى الكعبة وجعلته فى كسوة .
فقال أبو طالب : لا تفتحوا الكسوة حتى يأتى محمد صلى الله عليه وسلم ،
أمير المؤمنين على بن أبى طالب، أبو الحسن والحسين، ويكنى: بأبى تراب، وأبى القسم الهاشمي، ابن عم رسول الله ﷺ، وختنه على ابنته فاطمة الزهراء.-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) أخبار الزينبيات ( حسن محمد قاسم ) ط : 1935
فجأ محمد صلى الله عليه وسلم ففتح الكسوة فأخرج منها غلاما حسنا ، فرفعه بيدة إلى أعلى وسماه عليا ، ثم أحتضنه ثم لقمه لسانه ، فماذال الطفل يمصه حتى نام
وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبر عمه أبو طالب وزوجته وأبنها عليا ، وقد أخذ النبى صلى الله عليه وسلم – عليا – كما هو مشهور ، فعوضه إيثار النبى صلى الله عليه وسلم بالحب عن إيثار أبيه (1) ، ولكنه عرف هذا الإيثار فى طفولته الأولى ، فكان سابقة باقية الأثر فى نفسه على ما يبدو من أطوار حياته التالية ، وجائت لهذه السابقة لواحقها الكثيرة على توقع واستعداد ،
وربما صح من أوصاف على فى طفولته أنه كان طفلا مبكرا النماء ، سابقا لأنداده فى الفهم والقدرة ؛ لأنه أدرك فى السادسة أو السابعة من عمره شيئا من الدعوة النبوية ، فنشأ رضى الله عنه رجلا مكين البنيان فى البنيان فى الشبابا والكهولة ، حافظا لتكوينه المكين حتى ناهز الستين
=========================================================
وفى البداية والنهاية لا بن كثير
وأمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
ويقال: إنها أول هاشمية ولدت هاشميا، وكان له من الأخوة طالب، وعقيل، وجعفر، وكانوا أكبر منه، بين كل واحد منهم وبين الآخر عشر سنين، وله أختان: أم هانئ، وجمانة، وكلهم من فاطمة بنت أسد، وقد أسلمت وهاجرت.
كان على أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، وكان ممن توفى ورسول الله ﷺ راضٍ عنهم، وكان رابع الخلفاء الراشدين.
وكان رجلا آدم شديدا الأدمة أشكل العينين عظيمهما، ذو بطن، أصلع، وهو إلى القصر أقرب، وكان عظيم اللحية، قد ملأت صدره ومنكبيه، أبيضها، وكان كثير شعر الصدر والكتفين، حسن الوجه، ضحوك السن، خفيف المشى على الأرض.
أسلم على قديما، وهو ابن سبع، وقيل: ابن ثمان، وقيل: تسع، وقيل: عشر، وقيل: أحد عشر، وقيل: اثنى عشر، وقيل: ثلاثة عشر، وقيل: أربع عشرة، وقيل: ابن خمس عشرة، أو ست عشرة سنة، قاله عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن.
ويقال: إنه أول من أسلم.
والصحيح: أنه أول من أسلم من الغلمان، كما أن خديجة أول من أسلمت من النساء، وزيد بن حارثة أول من أسلم من الموالي، وأبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال الأحرار.
وكان سبب إسلام على صغيرا: أنه كان فى كفالة رسول الله ﷺ لأنه كان قد أصابتهم سنة مجاعة، فأخذه من أبيه، فكان عنده، فلما بعثه الله بالحق آمنت خديجة وأهل البيت ومن جملتهم علي، وكان الإيمان النافع المتعدى نفعه إلى الناس إيمان الصديق رضى الله عنه.
وقد ورد عن على أنه قال: أنا أول من أسلم. ولا يصح إسناده إليه.
وقد روى الإمام أحمد: من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، سمعت أبا حمزة - رجلا من موالى الأنصار - قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: أول من أسلم مع رسول الله ﷺ علي.
وفى رواية: أول من صلى.
قال عمرو: فذكرت ذلك للنخعى فأنكره.
وقال: أبو بكر أول من أسلم.
وقال محمد بن كعب القرظي: أول من آمن من النساء خديجة، وأول رجلين آمنا أبو بكر وعلي، ولكن كان أبو بكر يظهر إيمانه وعلى يكتم إيمانه قلت: يعنى خوفا من أبيه، ثم أمره أبوه بمتابعة ابن عمه ونصرته، وهاجر على بعد خروج رسول الله ﷺ من مكة، وكان قد أمره بقضاء ديونه ورد ودائعه، ثم يلحق به، فامتثل ما أمره به، ثم هاجر، وآخى النبى ﷺ بينه وبين سهل بن حنيف.
وقد شهد على بدرا، وكانت له اليد البيضاء فيها، بارز يومئذٍ فغلب وظهر، وفيه وفى عمه حمزة وابن عمه عبيدة بن الحارث وخصومهم الثلاثة - عتبة وشيبة والوليد بن عتبة - نزل قوله تعالى: { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ } الآية [الحج: 19] .
وقال الحكم وغيره: عن مقسم، عن ابن عباس قال: « دفع النبى ﷺ الراية يوم بدر إلى علي، وهو ابن عشرين سنة ».
وقال الحسن بن عرفة: حدثنى عمار بن محمد، عن سعيد بن محمد الحنظلي، عن أبى جعفر محمد بن على قال: « نادى مناد فى السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا على ».
قال ابن عساكر: وهذا مرسل وإنما تنفل رسول الله ﷺ سيفه ذا الفقار يوم بدر، ثم وهبه من على بعد ذلك.
وقال يونس بن بكير: عن مسعر، عن أبى عوف، عن أبى صالح، عن على قال: قيل لى يوم بدر ولأبى بكر قيل لأحدنا معك جبريل ومع الآخر ميكائيل، قال: وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ولا يقاتل ويكون فى الصف.
وشهد على أحدا وكان على الميمنة ومعه الراية بعده مصعب بن عمير، وعلى الميسرة المنذر بن عمرو الأنصاري، وحمزة بن عبد المطلب، على القلب وعلى الرجالة الزبير بن العوام، وقيل:
المقداد بن الأسود، وقد قاتل على يوم أحد قتالا شديدا، وقتل خلقا كثيرا من المشركين، وغسل عن وجه النبى ﷺ الدم الذى كان أصابه من الجراح حين شج فى وجهه وكسرت رباعتيه وشهد يوم الخندق فقتل يومئذ فارس العرب، وأحد شجعانهم المشاهير، عمرو بن عبدود العامري، كما قدمنا ذلك فى غزوة الخندق.
وشهد الحديبية وبيعة الرضوان، وشهد خيبر، وكانت له بها مواقف هائلة، ومشاهد طائلة، منها: أن رسول الله ﷺ قال: « لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله » فبات الناس يذكرون أيهم يعطاها، فدعا عليا - وكان أرمد - فدعا له، وبصق فى عينه فلم يرمد بعدها، فبرأ وأعطاه الراية، ففتح الله على يديه، وقتل مرحبا اليهودي.
وذكر محمد بن إسحاق: عن عبد الله بن حسن، عن بعض أهله، عن أبى رافع: أن يهوديا ضرب عليا فطرح ترسه، فتناول بابا عند الحصن فتترس به، فلم يزل فى يده حتى فتح الله على يديه ثم ألقاه من يده.
قال أبو رافع: فلقد رأيتنى أنا وسبعة معى نجتهد أن نقلب ذلك الباب على ظهره يوم خيبر فلم نستطع.
وقال ليث: عن أبى جعفر، عن جابر: أن عليا حمل الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففت
حوها، فلم يحملوه إلا أربعون رجلا.
ومنها: أنه قتل مرحبا فارس يهود وشجعانهم.
وشهد على عمرة القضاء، وفيها قال له النبى ﷺ: « أنت مني، وأنا منك ".
وشهد الفتح وحنينا والطائف، وقاتل فى هذه المشاهد قتالا كثيرا، واعتمر من الجعرانة مع رسول الله ﷺ، ولما خرج رسول الله ﷺ إلى تبوك واستخلفه على المدينة، قال له: « يا رسول الله أتخلفنى مع النساء والصبيان؟
فقال: ألا ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبى بعدى ".
ثم لما مات رسول الله ﷺ كان على من جملة من غسله وكفنه وولى دفنه كما تقدم ذلك مفصلا ولله الحمد والمنة.
--------------------------------------