اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6308
|
مستقر الرأس:
اختلف المؤرخون في موضع رأس الإمام الحسين، فذكر الحافظ أبو العلاء الهمذاني أن يزيد حين قدم عليه رأس الحسين بعث به إلى عمرو بن سعيد وهو إذ ذاك عامله على المدينة، وأمره بدفنها من أرض البقيع عند قبر أمه السيدة فاطمة رضي الله عنها.
ومن وجه آخر يجمع المؤرخون وكتاب السيرة على أن رأس الإمام الحسين رضي الله عنه دفن في المكان الذي قبر به الجثمان من أرض كربلاء بالعراق.
وهناك رأي ثالث مفاده أن الرأس الشريف قد استقر به المطاف - بعد خزانة السلاح من الجامع الأموي بسورية - في عسقلان من أرض فلسطين على ساحل البحر المتوسط .
أما الرأي الرابع فهو ما ذهب إليه السايح الهروى وسبط ابن الجوزى وغيرهم وهو أن الرأس الشريف قد انتقل بعد كل ذلك إلى المشهد الحسيني بالقاهرة.
ويؤكد هذا المؤرخ الشهير عثمان مدوخ حيث يقول: إن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار:
الأول: مشهد بـ(دمشق) وتحديدا بالجامع الأموي من أرض سورية، دُفن بها الرأس لعدة عقود أو قرون.
الثاني: مشهد بـ(عسقلان) وهي بلد على البحر الأبيض، دُفن بها الرأس لعدة عقود أو قرون.
الثالث: مشهد القاهرة بـ(مسجد الإمام الحسين) من أرض مصر، حيث نقل إليه الرأس في مثواه الأخير.
وكان الانتهاء من بناء هذا المشهد خلال عام واحد (548هـ - 549هـ)، حيث وصلت الرأس في مثواها الحالي يوم الثلاثاء الموافق(10 من جماد الآخر عــــام 548 هـ) عند قبة باب الديلم حيث الضريح المعروف الآن بمسجده الشريف، فأعد لها الصالح طلائع مستقرا مؤقتا بمسجده، حتى بنى لها المشهد اللائق بالجناب الحسيني بعد عام من وصول الرأس إلى القاهرة.
ويؤكد الإمام السخاوي - رحمه الله- وكذلك وثائق هيئة الآثار نقل رأس الحسين رضي الله عنه من عسقلان إلى القاهرة في التاريخ المشار إليه آنفا.
ويقول المقريزي كان هذا يوم الأحد ( 8 من جماد الآخر سنة 548هـ الموافق 31 / 8 / 1153 م)، وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملــكة تميم واليها والقاضي المؤتمن ابن مسكين.
ويضيف المقريزي فيقول: ثم حُمل الرأس في سرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفن عند قبة الديلم بباب دهليز الخدمة، وكان كل من يدخل الخدمة يقبل الأرض أمام القبر.
وقال ابن عبد الظاهر: إن طلائع بن رُزيك المنعوت بالصالح طلائع كان قد قصد نقل الرأس الشريف من عسقلان لما خاف عليها من الفرنج وبنى جامعه خارج باب زويلة ليدفنه به ويفوز بهذا الفخار، فغلبه أهل القصر على ذلك وقالوا: لا يكون ذلك إلا عندنا، فعمدوا إلى هذا المكان وبنوه له، ونقلوا الرخام إليه، وذلك في خلافة الفائز على يد طلائع في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
ونقل العلامة الشبراوي إجماع علماء عصره من شيوخ الأزهر وأئمة الإسلام على أن رأس الإمام الحسين عليه السلام مدفونة بمصر بالمسجد الحسيني والذي اشتهر بالحرم المصري بجوار خان الخليلي فقال: وممن أثبتوا ذلك السادة الأعلام التالي ذكرهم : الإمام المحدث الحافظ ابن دحية، والإمام المحدث الحافظ نجم الدين الغيطي، والإمام مجد الدين بن عثمان، والإمام محمد بن بشير، والقاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، والقاضي عبد الرحيم.
(كتاب الأتحاف بحب الأشراف تأليف الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبرواى الشافعى - دار الكتاب الإسلامى ط : اولى سنة 2002م .
كما أكد هذا الشيخ عبد الله الرفاعي المخزومي في مؤلفه، والشيخ ابن النحوي في مؤلفه، والشيخ القرشي في مؤلفه، والشيخ حسن العدوي في مؤلفه، والشيخ الشعراني في أكثر من مؤلف له، والشيخ الصبان في مؤلفه، والأجهوري في مؤلفه. كما أكده الشيخ أبو المواهب التونسي، والشيخ أبو الحسن التمار، والشيخ شمس الدين البكري، والشيخ كريم الدين الخلوتي.
وجاء في كتاب [الشعراوي يبوح بأسراره الروحية, لسعيد أبو العينين, ص57] : "جاءت هذه الحكاية في كتاب "العدل الشاهد في تحقيق المشاهد" لمؤلفه عثمان مدوخ، يقول: عندما شرع الأمير عبد الرحمن كتخدا في تجديد المشهد الحسيني وتوسيع المسجد سنة{1175هـ} جرت حكاية غريبة, مفادها : أن الأمير كتخدا لما أراد توسيع المسجد الحسيني وتجديد بناء المشهد, قال البعض: إن المشهد لم يثبت فيه دفن لأحد, فأراد الأمير أن يتحقق من ذلك, فجاء بالشيخ الجوهري الشافعي والشيخ الملوي المالكي، وكانا من كبار العلماء ، وفي حضور جمع غفير من الناس, فكشفوا المشهد - أي الضريح , ونزل الشيخان إلى البرزخ وتحققا من كل شيء، ثم خرجا وأخبرا الناس بكل ما شاهداه، ووصفاه فكان عبارة عن كرسي من الخشب الساج {الأبنوس} فوقه طشت من الذهب, وفوقه ستارة من الحرير الأخضر, تحتها كيس من الحرير الأخضر الرقيق, داخله الرأس الشريف, وحولها نصف إردب من الطيب الذي لا يفقد رائحته مع الزمن, وكبر الناس وهللوا ثم شرع الأمير كتخدا في بناء المسجد وأثبت تاريخ عمارته على عتب رخامي, نقش عليه هذان البيتان:
مسجد الحسين أصل المعانـــي ** لا يضاهيه في البقاع علاء فيه فضل الرحمن للعبد نــــــادي ** زر وأرخ لك الهناء والرضاء
وقام السيد علي أبو الأنوار بعمارة المسجد بعد ذلك, وأثبت تاريخ البناء بالباب البحري للقبة , ونقش :
أنشأ علي أبوالأنوار سيدنــــا ** بابا لسبط رسول الله ذي الرشد وحسن إشراق نور الله أرخـــه ** باب حماه عظيم الجاه والمـــدد
ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني: زرت مرة رأس الحسين بالمشهد، أنا والشيخ شهاب الدين بن الحلبي الحنفي وكان عنده توقف في أن رأس الإمام الحسين في ذلك المكان، فثقلت رأسه فنام فرأى شخصا كهيئة النقيب طلع من عند الرأس وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما زال بصره يتبعه حتى دخل الحجرة النبوية فقال: يا رسول الله، أحمد بن الحلبي وعبد الوهاب زارا قبر رأس ولدك الحسين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم تقبل منهما واغفر لهما.
(يقول الشيخ عبد الوهاب الشعرانى : ( ص 270 من كتاب نور الأبصار فى مناقب آل بيت النبى المختار تأليف الشيخ مؤمن بنحسن مؤمن الشبلنجى من علماء القرن الثالث عشر الهجرى ) ثم يستطرد قائلا: ومن ذلك اليوم ما ترك الشيخ شهاب الدين زيارة الرأس الشريف إلى أن مات، وكان يقول : آمنت بأن رأس الحسين هنا.
وكان أستاذنا العارف بالله الشيخ عبد المقصود محمد سالم رضي الله عنه يحرص يوميا على زيارة الإمام الحسين، وفى أواخر أيامه كان يزوره كل يوم ثلاثاء في صلاة الظهر، وكان يحتفل بمولده كل عام في دار جماعة تلاوة القرآن الكريم.
وفي كتابه عن الإمام الحسين قال : وكذلك يرى الشيوخ العارفون من أهل الكشف والتجلي أن الرأس الشريف موجود بمشهده المعروف بالقاهرة، وهؤلاء يدركون هذه الحقيقة إلهاما وكشفا، حيث يشهدون بأرواحهم، ويلتقون مع سيدنا الحسين بأشباحهم، ذلك أن العبد إذا وصل إلى مقام الشهود انكشفت له الحجب وأزيحت الأستار، فشاهد ما لم يشهد، وأبصر ما لم يبصر، وصار يسمع بقلبه ويرى ببصيرته ويشهد بروحه.
(الشيخ عبد المقصود محمد سالم مؤسس جماعة تلاوة القرآن الكريم فى كتابه عن الإمام الحسين ص 147 )
وقد أكد هذا أستاذنا الشيخ صالح الجعفري قدس الله سره ورضي الله عنه وهو يلقى دروسه في الجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة أسبوعيا فقال: إنه رأى سيدنا الحسين عليه السلام أكثر من مرة في برزخه.
ويروى في كتابه ( فضل لا إله إلا الله ) أنه في إحدى زياراته، وكان قد أكل سمكا مملحا وبصلا، وجلس بجوار مقام سيدنا الحسين عليه السلام فأخذته سنة من النوم، فرأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول له : أتأكل مثل هذا وتحضر عند ابني الحسين ؟
وقد تحدث عن ذلك في ( روضة القلوب والأرواح) وأنشد:
رأيت المصطفى كالبدر يأتي *** يزور حسيـنه حيـنا فحيـنا فزوروا مثله سبطـــا سميــا *** وكونوا مثل خير المرسلينا وقل يارب صل على محمد *** وآل محمد والمؤمنيــنــا سلام الود من قلبي إليكم *** ورحمة ربنا للصادقينا
(( يتبع ))
|
|