(( القول الصائب في اسلام ابي طالب ))
المقدمة
الحمد لله المعروف من غير رؤية, والخالق من غير منصبة, خلق الخلائق بقدرته, واستعبد الارباب بعزته, وساد العظماء بجوده.
احمده الي نفسه كما استحمد الي خلقه, جعل لكل شئ قدرا, ولكل قدر اجلا , ولكل اجل كتابا.
والصلاة والسلام علي سيدنا ومولانا محمد عبده ورسوله الصفي, وامينه الرضي صلي الله عليه واله وسلم, اعلام الاهتداء, ومنار الضياء.
وبعد
ان النظرة الملية الي التيارات السياسية خلال سنين طويلة, عبر قرون زاخرة بالتعصب المذهبي الذى فرض نفسه علي الافكار والاراء علي صعيد العالم الاسلامى كله, طولا وعرضا... كل ذلك ينبغي ان يكون في الاعتبار عند النظرة الي هذا الشعر او ذاك, والي هذه الرواية او تلك, عن اسلام او عدم اسلام ابي طالب, الذى شاء له القدر – بلا نزاع من اى من الفريقين – ان يكون كافل النبي صلي الله عليه واله وسلم طفلا, وراعيه يافعا, وحاميه عند مبعثه, حيث لم يكن له بين الناس حام سواه.
اذا كان مما لا خلاف فيه, ايضا, ان ما جرى لاهل البيت خلال القرون المتوالية علي الامة الاسلامية من جحود وقطيعة – عقب انتقال النبي صلي الله عليه واله وسلم – كان كفيلا بأن يحول صفحات التاريخ وبين ان تخط فيها كلمة انصاف يكتبها قلم, او تنطقها الشفتان, تثنى عليهم او تعترف بفضلهم.
فقد كانت الحرب – ولاتزال بصورة او بأخرى – معلنة عليهم في كل زمان ومكان ... ولقد تعقبوا في النفس والولد والمال والسمعة, ولا حقتهم الاحقاد باللعن والسب والاساءة... وحل بهم التنكيل والتقتيل في كل مكان.
ولم يكن عجبا – والحال هذه – ان يتناولهم كثير من الكتاب, ورواة الانباء والاخبار بما يستجيب ويتمشي مع النزعات السياسية والمذهبية المخالفة, بما يسلبهم ويقدح فيهم, ويحرف الحقيقة في شأنهم, وان يكون موقف ذوى الضمير من هؤلاء, وهؤلاء متمثلا في اهمال امرهم, وعدم التعرض لذكرهم بسلب او ايجاب, خشية من ان ينالهم من الاذى والنكال والعقاب, مما كان يحل بكل من اتخذ الموقف الحق منهم, وفي احداث تاريخنا المعاصر ما يمدنا بالامثلة الصارخة, والمتعددة, مما يحدث للمعارضين من الحكام.
ومن ثم فاذا تسرب الينا – خلال هذا الحصار والاعسار – شئ من سيرتهم المضيئة, او قبس من اقوالهم ومواقفهم المعبرة عن حقيقة الاسلام, او شعلة من معالم سلوكهم الرشيد, فلا شك انه حدث في غفلة من الطغاة واعوانهم, وعلامة صحية علي ان العقيدة – حين تملك علي الانسان وجدانه وسلوكه – تدعوه لأن يتحدى الاوضاع, ليتغلب عليها بقدر الامكان... وهذا هو الذى ظهر, فيما بعد, وانه كان, حتى اصبح مادة لما نقوله الان.
لقد وصل الينا – رغما عن كل الموانع والعوائق – شعر يحدثنا عن اسلام ابي طالب, منسوبا اليه, وروايات تاريخية تؤكد ذلك منه,ألا يكون هذا مرجحا لما روى من هذا او ذاك, علي ما روى في الجانب الاخر النافي لاسلامه.
ان الامر – حينئذ, والحالة هذه – ان لم يرق الي رتبة الدليل, فانه بلا شك, لا ينزل عن مرتبة القرينة القوية التى تصل بانضمام غيرها من القرائن الي مرتبة الدليل القوى, والبرهان الجلي, دون ان يعنى هذا تهوينا من نسبة هذا الشعر الي ابي طالب, او صحة تلك الروايات, بما فيها من دلالة صريحة علي اسلامه, فقد ورد ذكرهما في كثير من الكتب والمراجع التاريخية المعترف بوثاقتها, وصحة نقلها مثل: تاريخ ابن كثير, وسيرة ابن هشام, وشرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد, ومستدرك الحاكم وغيرها.
ومن خلال هذا البحث سوف نعقد مقابلة بين حجج المعارضين والمؤيدين لاسلامه من الكتاب والسنة, ثم سوف نعرض ادلة اسلامه نثرا ونظما, ليتبين للمسلم حقيقة هذه القضية الهامة. ولعل ما توصلنا اليه من ادلة اسلامه لم يكن متوافرا لمن سبق, نظرا لسهولة نقل وتداول المعلومات في عصرنا.
والله نسأل ان يهيئ لنا من امرنا رشدا, ويجعلنا ممن لهم قلب, فان فاتنا ذلك فممن القي السمع وهو شهيد.
_________________ [saa]طهرهم ربي تطهيرا ليقوم العدل المتسق بعلي قامت حجتهم صنوان علـــي والحق ان تبغي للحق سبيلا وقويم صراط فالحق فاطمة الزهرا وبنوها وسواهم افك مختلق[/saa]
|