7 - وصف سيدنا على كرم الله وجهه
ورضى الله عنه
قال واصفو سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى الله تعالى عنه وهو فى تمام الرجولة :
فقد جاء في وصف علي ـ رضي الله عنه ـ ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب قال: وأحسن ما رأيت في صفة علي ـ رضي الله عنه ـ أنه كان ربعة من الرجال إلى القصر ما هو ، أدعج العينين، حسن الوجه كأنه القمر ليلة البدر حسناً، ضخم البطن، عريض المنكبين، شئن الكفين ، عتداً ـ العتد من الرجال: الشديد التام الخلق ـ أغيد كأن عنقه إبريق فضةٍ، أصلع ليس في رأسه شعر إلا من خلفه، كبير اللحية لمنكبه، مشاش كمشاش السبع الضاري، لا يتبين عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجا ً، إذا مشى تكفأ، وإذا أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطع أن يتنفس، وهو إلى السمن ما هو، شديد الساعد واليد، وإذا مشى للحرب هرول، ثبت الجنان قوي شجاع منصور على من لاقاه.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب - عبقرية عمر : عباس محمود العقاد
طبقات ابن سعد 3/25
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
8 - أسلام على بن أبى طالب كرم الله وجهه
( على ) واحد من أفراد أسرة سيدنا النبى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المقيمين معه ، فى ظل رعايته وتربيته ، فكانوا مدعوين إلى الأسلام بالعطرة والتربية فسبقوا إلى الإسلام – والإيمان
فقد أمن على بن أبى طالب رضى الله عنه فى سن الصبا قبل أن يبلغ الحلم ، فشبه معه الإيمان حتى خالط مشاعره ووجدانه ، وملأ قلبه ، وأنعم بالنور روحه ، قال أبن إسحاق (1) } ثم كان أول ذكر من الناس آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة عليها السلام يصليان سرا ، ثم إن على بن أبى طالب رضى الله عنه جاء بعد ذلك بيوم فوجدهما يصليان ، فقال : ما هذا يا محمد ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دين الله الذى اصطفى لنفسه وبعث به رسله ، فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له وغلى عبادته، وكفر باللات والعزى ، فقال على : هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم ، فلست بقاضى أمرا حتى أحدث به أبا طالب ، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشى عليه سره قبل أن يستعلنى أمره ، فقال له ( يا على إذا ما تسلم فأكتم هذا ) --------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) أعلام المسلمين ط : دار القلم ص 41 – سيرة الامام لعلى محمد الصلابى ط: ذ426 ص 32
-------------------------------------------------------------------------------------------------
فمكث على تلك الليلة ، ثم إن الله تبارك وتعالى أوقع فى قلب على الإسلام فأصبح غاديا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاه ، فقال : ماذا عرض عليا يا محمد ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وتكفر باللات والعزى ، وتبرأ من الأنداد )
ففعل على رضى الله عنه وأسلم ، فمكث على يأتيه على خوف من أبى طالب وكتم أسلامه ولم يظهره (1) وأحسن الإسلام علما وفقها كما أحسنه عبادة وعملا ، فكانت فتاواه مراجعا للخلفاء والصحابة فى عهد أبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم (2) يقول ابن إسحاق ( وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة ، خرج إلى شعاب مكة معه على بن أبى طالب كرم الله وجهه مستخفيا من أبيه أبى طالب ، ومن جميع أعمامه وسائر قومه ، فيصليان الصلوات فيها ، فغذا أمسيا رجعا ، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكثا ، ثم أن أبا طالب عثر عليهما يوما وهم يصليان ، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبن أخى ما هذا الدين الذى أراك تدين به ؟ فأخبره صلى الله عليه وسلم ودعاه إليه ،
-------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) أسد الغابة 4/16 – البداية والنهاية :3/42 – أعلام المسلمين – سيرة الإمام للصلابى
(2) عبقرية على ( عباس محمود العقاد )
------------------------------------------------------------------------------------------------
فأعتذر أبو طالب لأنه لا يستطيع مفارقة دين قومه ، وأكد نصرته له وقال لأبنه على : ( أى بنى ) ما هذا الدين الذى انت عليه ؟ فقال : يا أبت : آمنت بالله وبرسول الله ، وصدقته بما جاء به ، وصليت معه لله ، واتبعته ، فقال له : أما إنه لم يدعك إلا خير ، فألزمه (1) ( حدثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق : أن على بن أبى طالب رضى الله عنه أسلم وهو ابن عشر سنين (2) وفىرواية وهو ابن عشر او ابن ستى عشر )
يقول راغب السرجانى فى التاريخ الإسلام :
لقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه منذ نعومة أظافره - ونتيجة هذه التربية النبوية - يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة كبيرة في كل مواقف حياته ؛ ومن ثمَّ فهو يعتقد الصواب في كل كلمة يقولها ؛ ومن ثَمَّ كان اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الإسلام أمرًا متوقَّعًا.-----------------------------------------------
(1) السيرة النبوية لأبن هشام ج1 / 262 ، 263 ط: الحلبى – تاريخ الطبرى – أسد الغابة المجلد 3 /589
سبل الهدى والرشاد ج2
(2) سكته عنه الذهبى فى التلخيص وذكره المستدرك للنيسابورى ج 3
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ثم إنه من الواضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لاحظ نبوغًا مبكرًا ، وعبقرية ظاهرة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فاطمئن إلى أن يُخبره بأمر الرسالة، مع أن هذا الأمر خطير؛ لكون المرحلة سرِّيَّة -كما سنذكر بعد قليل - وبمرور الأيام رأى الجميع ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قبلهم بسنوات، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أكثر الصحابة ذكاءً، وقدرةً على استنباط الأحكام، والقضاء في الأمور، وذلك بجانب فراسته وعلمه وفقهه رضي الله عنه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيٌّ". وَقَالَ مَرَّةً: "أَسْلَمَ" [1] . وعن بريدة رضي الله عنها قال: "وَأُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَصَلَّى عَلِيٌّ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ" [2].
وعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِيَاسِ بْنِ عَفِيفٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "كُنْتُ امْرَأً ----------------------------------------------------------------------------------------------
[1] أحمد (3542)، وأبو داود الطيالسي (2876)، وقال البوصيري: رواه أبو داود الطيالسي ورواته ثقات. انظر: إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة 7/245، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/103، قال الصوياني: سنده حسن. انظر: السيرة النبوية 1/75
[2] الترمذي (3728)، والحاكم (4586) واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وقال الصوياني: رواه الحاكم بسند جيد... ولعل المقصود في هذا الحديث أوحي إليه بالصلاة. انظر: السيرة النبوية، 1/76.
-------------------------------------------------------------------------------------
تَاجِرًا فَقَدِمْتُ الْحَجَّ فَأَتَيْتُ (1) العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه لأَبْتَاعَ مِنْهُ، فَوَاللهِ إِنِّي لَعِنْدَهُ بِمِنًى خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خِبَاءٍ قَرِيبًا مِنْهُ، فَنَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ فَلَمَّا رَآهَا مَالَتْ قَامَ فَصَلَّى، ثمَّ خَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَامَتْ خَلْفَهُ فَصَلَّتْ، ثمَّ خَرَجَ غُلاَمٌ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ مِنْ ذَلِكَ الْخِبَاءِ فَقَامَ فَصَلَّى مَعَهُ، فَقُلْتُ لِلْعَبَّاس رضي الله عنه: مَنْ هَذَا يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ أَخِي صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. قُلْتُ: فَمَنْ هَذَا الْفَتَى؟ قَالَ: هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّهِ رضي الله عنه. قُلْتُ: فَمَا هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُصَلِّي وَيَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَلَمْ يَتَّبِعْهُ عَلَى أَمْرِهِ إِلاَّ امْرَأَتُهُ، وَابْنُ عَمِّهِ الْفَتَى، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَتُفْتَحُ عَلَيْهِ كُنُوزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ. قَالَ: وَكَانَ عَفِيفٌ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الأشعث بن قيس يَقُولُ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ:
وقالوا أول الناس إسلاما -في قول كثير من أهل العلم-، قال مجاهد : أول من صلى علي وهو ابن عشر سنين ، قال ابن عباس : أول من أسلم من الناس بعد خديجة علي.------------------------------------------------------------------------
[1] عفيف الكندي: قيل: هو عفيف بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة. وهو ابن عم الأشعث بن قيس له صحبة، روى عنه ابناه إياس ويحيى بن عفيف الكندي.
------------------------------------------------------------------------------------------------
لَوْ كَانَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَدَانِي يَوْمَئِذٍ فَأَكُونُ ثانيًا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه" [1]. ولعلَّنا نلحظ في هذا الموقف أن العباس عمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم
يُخبر صاحبه ببعض الأمور التي لم يُعلنها الرسول صلى الله عليه وسلم بعدُ للناس، مثل أمر النبوة والرسالة والوحي؛ ومثل فتح كنوز كسرى وقيصر، وهذا قد يُشير إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم من المحتمل أن يكون قد فاتَحَ عمَّه العباس في أمر الإسلام فأبى؛ لأن إسلام العباس - كما هو معروف - متأخر إلى العهد المدني
وعن محمد القرظي، قال: أول من أسلم خديجة، وأول رجلين أسلما أبو بكر وعلي، وإن أبا بكر أول من أظهر الإسلام، وكان علي يكتم الإسلام فرقا من أبيه، حتى لقيه أبو طالب، فقال: أسلمت؟ قال: نعم، قال: وازر ابن عمك وانصره وأسلم علي قبل أبي بكر.---------------------------------
[1] النسائي (8394)، وأحمد (1787) واللفظ له، وأبو يعلى (1547)، وقال حسين سليم أسد: إسناده حسن. والحاكم (4842)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، والطبراني: المعجم الكبير (14891)، (14892)، (18955)، وقال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، والطبراني بأسانيد، ورجال أحمد ثقات. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9/103.
--------------------------------------------