ثالثاً : الأفكار الثورية الروسية الشيوعية تنتشر بحد السيف وتحصد الملايين.
الثورة الروسية هو مصطلح يعبر عن سلسلة من الاضطرابات الشعبية حدثت في روسيا عام 1917، والتي كان لها الدور الأبرز في تغيير مجرى التاريخ، وقد قامت بها أساسًا الجماهير الروسية الجائعة, منهيةً بذلك الحكم القيصري، ومقيمة مكانه حكومة مؤقتة، أفضت إلى إنشاء الاتحاد السوفياتي. اندلعت الثورة الأولى في فبراير 1917 (مارس في التقويم الغريغوري)، أما الثورة الثانية التي اندلعت في أكتوبر، أزال على إثرها البلاشفة الحكومة المؤقتة واستبدلوها بحكومة اشتراكية، تلا ذلك الفصل الأخير من الثورة وهو الحرب الأهلية الروسية.
أحداث الثورة
في 10 أكتوبر 1917، صوتت اللجنة المركزية لحزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي بموافقة 10 ضد 2 للقرار الداعي إلى أن " انتفاضة مسلحة أمر لا مفر منه، وبأن الوقت قد حان لذلك تماما".
يوم 23 أكتوبر 1917، قام الثوار اليساريين تحت قيادة جيان بانتفاضة في تالين، عاصمة إستونيا.
في 25 أكتوبر عام 1917، قاد البلاشفة قواتهم إلى الانتفاضة في سانت بطرسبرغ عاصمة روسيا، وفي مقاومة غير فعالة من قبل ألكسندر كيرينسكي والحكومة المؤقتة.، تمكن البلاشفة من الاستيلاء على المرافق الحكومية الرئيسية
في ليلة 26/25 أكتوبر، تم إطلاق الهجوم على القصر الشتوي للقيصر الذي كان يحرسه القوزاق وكتيبة من النساء الذي تمت السيطرة عليه بدون مقاومة تذكر. أعلنت الحكومة الجديدة التي شكلها البلاشفة خروج روسيا من الحرب العالمية ورغبتها في توقيع اتفاقية منفردة مع ألمانيا. كما أصدر البلاشفة الذين اغتصبوا السلطة في البلاد مراسيم تقضي بمصادرة أراضي كبار الإقطاعيين ومعامل الرأسماليين بالإضافة إلى إعلان حق شعوب الإمبراطورية الروسية بالانفصال عنها.
في وقت لاحق للثورة تم من قبل حكومة الاتحاد السوفياتي تصوير الأحداث في أكتوبر باعتبار وقوع أضرارا أكبر بكثير مما كانت في الواقع كان.
في 12 نوفمبر عام 1917، أجريت في روسيا الانتخابات في الجمعية التأسيسية (البرلمان). لكن الحزب البلشفي لم يحصل فيها على أغلبية الأصوات، كما عول على ذلك. وبعد رفض نواب البرلمان إقرار المراسيم الصادرة عن الحكومة البلشفية، وتم حل الجمعية التأسيسية بقوة في يناير عام 1918، الأمر الذي أثار احتجاج القوى الديمقراطية في البلاد. لكن البلاشفة أمروا بإطلاق النيران على المظاهرة السلمية مما أدى إلى مقتل 21 شخصا.
المرحلة الثالثة (الحرب الاهلية الروسية)
تعتبر الفصل الأخير من الثورة الروسية، استمرت الحرب الأهلية تقليديا ثلاث سنوات في الفترة (1918-1921 م.)، غير أن هناك من يجعل هذه الفترة تمتد لست سنوات بين من عام 1917 م حتي عام 1923 م.).
لم تكن بين البلاشفة والروس البيض فقط بل كانت فرصة لتدخل العديد من القوى الداخلية والخارجية مثل اليابان، بريطانيا، كندا، فرنسا، إيطاليا، الولايات المتحدة، ألمانيا، أستراليا، اليونان، وتشيكوسلوفاكيا.
الأسباب.
طرح زعيم البلاشفة فلاديمير لينين عام 1914 فكرة تحويل الحرب الامبريالية إلى حرب أهلية. وبعد صعود البلاشفة إلى السلطة في روسيا في أكتوبر عام 1917 كانت لا تزال هذه الفكرة ملحة وبشدة، إذ أن غالبية المسؤولين البلاشفة ظلوا يعولون على أن الثورة في روسيا سوف تتحول فيما بعد إلى ثورة عالمية ورأوا في إشعال الحرب الاهلية وسيلة فعالة لذلك
وأشار مؤرخون إلى أسباب أخرى لاندلاع الحرب الاهلية في روسيا وبينها:
المراحل
ينقسم تاريخ الحرب الأهلية في روسيا إلى 3 مراحل رئيسية وهي:
آ - المرحلة الأولى (أكتوبر عام 1917 – نوفمبر عام 1918) التي تتصف بقيام الجيشين لدى القوتين المتعارضتين وتدخل دول التحالف الرباعي في شؤون روسيا والانتقال التدريجي من اشتباكات محدودة إلى معارك واسعة النطاق.
ب – المرحلة الثانية (نوفمبر عام 1918 – مارس عام 1920) التي وقعت فيها المعارك الرئيسية بين الحرسين الأبيض والأحمر وتقلص التدخل الأجنبي الناتج عن انتهاء الحرب العالمية الأولى وفرضت قوات الجيش الأحمر سيطرتها على الجزء الأكبر لأراضي البلاد.ج – المرحلة الثالثة (مارس 1920 عام – أكتوبر عام 1922) التي دار الصراع المسلح الأساسي بين المعسكرين الأبيض والأحمر فيها بالمناطق البعيدة عن العاصمتين ووسط البلاد.
النتائج :
كانت نتائج الحرب الأهلية خطيرة. حيث كانت روسيا في حالة حرب لمدة سبع سنوات، وخلال ذلك فقد حوالي 2,000,000 من شعبها حياتهم. وكانت الحرب الأهلية التي قتل بها حوالي 1,500,000 قتيل، بما في ذلك ما لا يقل عن 1,000,000 من جنود الجيش الأحمر الروسي وأكثر من 500,000 من جنود الروس البيض الذين لقوا حتفهم في المعركة. وحده سيميونوف قتل حوالي 100000 من الرجال والنساء والأطفال في المناطق التي كان له فيها السلطة. وتم خلال الإرهاب الأحمر ،حيث قامت قوات الشيكا وحدها بتنفيذ حوالي 250,000 حكم إعدام بلا محاكمة ل " أعداء الشعب ".حوالي 300,000 إلى 500,000 من أصل ثلاثة ملايين قوزاقي قتلوا أو رحلوا من موطنهم. ما يقدر بحوالي 100,000 يهودي قتلوا في أوكرانيا، ومعظمها من قبل الجيش الأبيض. الأجهزة الأمنية في حكومة كلوتشاك قتلت 25,000 شخص في مقاطعة إيكاترينبرغ وحدها.
في نهاية الحرب الأهلية، كانت كل قوى روسيا السوفيتية قد استنفدت وظهرت سحب الخراب القريب. كان الجفاف منتشرا عام 1920 و1921، فضلا عن المجاعة 1921 جعلت الأمور أكثر كارثية.
قتل الملايين من المجاعة، والمذابح التي وقعت بالجملة من كلا الجانبين، والمذابح ضد اليهود في أوكرانيا وجنوب روسيا. قبل 1922 كان هناك ما لا يقل عن 7,000,000 أطفال الشوارع في روسيا نتيجة لعقد من الزمن تقريبا من الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الأولى والحرب الأهلية بالإضافة الي ذلك المرض الذي وصل إلى أبعاد الوباء، حيث كان حوالي 3,000,000 شخص يموتون من التيفود وحده في عام 1920.
كان حوالي 2,000,000 من الروس البيض مهاجرين، حيث فر من روسيا مع فارغنل من خلال بعض دول الشرق الأقصى، والبعض الآخر فر إلى الغرب حيث دول البلطيق المستقلة حديثا. وشملت هذه الهجرة جزءا كبيرا من السكان المتعلمين والمهرة من روسيا.
دمر الاقتصاد الروسي تماما خلال الحرب، حيث دمرت المصانع والجسور، ونهبت الماشية والمواد الخام، والمناجم اجتاحتها الفيضانات، وتلفت الآلات. ووصلت قيمة الإنتاج الصناعي إلى 7/ 1 من قيمة 1913، والزراعة، إلى الثلث. ووفقا ل برافدا "ان العاملين في المدن وبعض القرى المكتظة بالسكان يعانون من الجوع، والسكك الحديدية بالكاد تزحف، والبيوت متداعية. والبلدات منهكة بالكامل نتيجة الموت والصناعة الميتة والأوبئة المدمرة انتشار".
تشير التقديرات إلى أن مجموع الناتج من المناجم والمصانع في عام 1921 قد انخفضت إلى 20 % من مستوى ما قبل الحرب العالمية، والعديد من العناصر الأساسية، قد شهدت انخفاضا بشكل جذري. على سبيل المثال، انخفض إنتاج القطن إلى 5 %، والحديد إلى 2% من مستويات ما قبل الحرب.
سياسة الشيوعية الحربية أنقذت الحكومة السوفياتية خلال الحرب الأهلية، ولكن جزءا كبيرا من الاقتصاد الروسي قد وصل إلى طريق مسدود. الفلاحين وردت على طلبات الشراء بالرفض. قبل عام 1921، تقلصت مساحة الأراضي المزروعة إلى 62 % من مساحة ما قبل الحرب، وكان حصاد المحصول فقط حوالي 37 %، وانخفض عدد الخيول من 35 مليون في 1916الي 24000000 في عام 1920، والماشية من 58 إلى 37 مليون. انخفض سعر الصرف للعملة مقابل الدولار من 2 روبل == 1 دولار أمريكي في عام 1914 إلى 1,200 روبل == دولار أمريكي في عام 1920.
مع نهاية الحرب، لم يعد يواجه الحزب الشيوعي تهديدا حادا، ومع ذلك فإن التهديد من تدخل آخر من القوي الأجنبية، بالإضافة إلى فشل الثورات الاشتراكية في البلدان الأخرى، وأبرزها الثورة الألمانية، ساهمت في استمرار عسكرة المجتمع السوفياتي مما اعتبر كقوة دافعة لتقدم البلاد التي شهدت طفرة اقتصادية كبيرة خلال ثلاثنيات القرن العشربن.
من محتوى الرابط التالي :
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9 ... 9%8A%D8%A9