بيان المكتب الصحفي في الفاتيكان. [1]
وزع المكتب الصحفي في الفاتيكان صباح الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 بياناً على أعضاء المجمع المسكوني للكنيسة الكاثوليكية الرومانية في اجتماعه الثاني.
بشأن موقف الكاثوليك من غير المسيحيين وعلى وجه الخصوص من اليهود .
ويشير المشروع إلى اعتقاد المسيحيين بأن جذور الكنيسة تمتد إلى العهد الذي أقامه الله مع إبراهيم ونسله طبقاً لمقاصد الله الرحيمة.
وأنه بمجيء السيد المسيح وهو من نسل إبراهيم حسب الجسد فقد امتدت مراحم الله التي كانت للشعب المختار إلى العالم بأسره.
وتناول المشروع نقطة أخرى وهي أن مسئولية موت المسيح تقع على النوع الإنساني الواقع تحت الخطيئة.
وهذا هو التعليم الواضح الثابت في العهد الجديد.
والذي ردده جميع آباء الكنيسة وعلمائها الأعاظم ، وهو أن يسوع المسيح قد مات ليكفر عن خطايا كل إنسان.
فالمسئولية التي دمغت قادة اليهود بصلبهم المسيح لا يبرأ من تبعتها النوع الإنساني كله.
كما أن جريمة هؤلاء القادة هي جريمة شخصية لا يؤخذ بجريرتها الشعب اليهودي كله في ذلك الزمان أو في أي زمان لاحق.
وألقى الكاردينال أغسطين بيا (من ألمانيا) رئيس سكرتارية الوحدة المسيحية ومقدم مشروع الوثيقة كلمة في اجتماع المجمع المسكوني الثاني دافع فيها عن مشروعه فقال :
إن البابا الراحل "يوحنا الثالث والعشرين" هو الذي اقترح وضع هذا المشروع.
ولم تتمكن اللجنة التحضيرية من بحثه في يونيو (حزيران) 1962 ، بسبب بعض الظروف الغير مواتية في ذلك الحين.
وقال إن المشروع قد وضع على أساس أنه مشكلة دينية بحتة لا علاقة لها بأية مسألبة وطنية أو سياسية ، ولا تتعلق بصفة خاصة بموضوع اعتراف الكرسي البابوي بإسرائيل.
وإنما بين هذا المشروع النواحي المشتركة بين الكنيسة الكاثوليكية والشعب اليهودي.
فالكنيسة ما هي إلا استطراد لشعب إسرائيل المختار.
والمسألة لا تتعلق بإثارة الشك في ما ذكرته الكتب المقدسة عن الظاهرة الروحية للمسيح والوعي برسالته ، والحكم الظالم على المسيح البريء ، وإنما تتعلق بأنه لا ينبغي أن ينسب إلى جميع الشعب اليهودي ما ارتكبه بعض أفراده.
وأضاف الكاردينال بيا : إن ما يدعو إلى وجوب بحث هذه المسألة هو سيطرة العداء لليهودية ، منذ عشرات السنين ، في بعض المناطق ، واتخاذه صورة إجرامية كما حدث في ألمانيا إبان حكم النازي حيث قتل ملايين اليهود.
وبيت القصيد من بحث هذه المسألة هو أن يتخذ الشعب المسيحي إزاء اليهود نفس الموقف الذي اتخذه المسيح وتلاميذه.
ففي أورشليم لم يوافق بعض أعضاء المعبد ، مثل "يوسف الذي من الرامة" ، على هذا الحكم الظالم ، وحتى الذين كانوا يصيحون أمام بيلاطس مطالبين بصلب المسيح كانوا يؤلفون جزءاً ضئيلاً للغاية من سكان أورشليم.
ومما يثير الريبة أن البيان الذي أذاعه القسم الصحفي في الفاتيكان لم يكن موحد النص في مختلف اللغات.
ففي النص العربي نفى البيان أن يكون مشروع الوثيقة مقدمة لاعتراف الفاتيكان بإسرائيل.
على حين خلا النص الإنجليزي من هذا التحفظ.
أما النص الإيطالي فقد جاء فيه على لسان مذيع التليفزيون الإيطالي قوله :
إن المسيحية واليهودية قد تصالحتا وأن الإنسانية جمعاء مسئولة عن دم السيد المسيح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]الصهيونية في الستينيات الفاتيكان واليهود صـ 15 ، 16 . تأليف محمد نعناعة. الدار القومية للطباعة والنشر - سلسة من الشرق والغرب - العدد 121.