اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6127
|
#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية (475)
كان في أول الخلق دون حجب, فلما ظهرت المخلوقات جعلها الله حجاباً عنه, لا تحجبه هو, ولكن تحجبك أنت, فمِنْ حُجُبه النور والظلمة والناس والخلق .. إلى آخر ما قلناه في الحجب, فلما كانت ليلة الإسراء كان لا بد للبشرية الشريفة والجسد الشريف, واللحم والدم والعروق والشعر وكل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كذات متكاملة وليس كحقيقة فقط أو نورانية فقط, أن تتعرض لهذا القرب, من غير واسطة ملك أو وحي من وراء حجاب, فلا حجاب حينئذ, كان ولا بد أن يرى الخلق كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ببشريته وخصوصيته, فلا ينظرون إلى واحدة دون الأخرى, فالناس عندها البشرية نوع حجاب ( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا)
(الإسراء 94), ولكل إنسان نصيب من هذه الآية إلا من شاء ربي, فها هي هذه البشرية تصل إلى قاب قوسين أو أدنى بما لم يكن لملك مقرب ولا لنبي مرسل, فالنور المحمدي، والعقل المحمدي, والروح المحمدي, والجسد المحمدي, وكل الكيان المحمدي كان له حظ ونصيب من الوقوف بين يدي الله عز وجل, فأما من ربط الله على قلبه فسيرى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم طهر الطهر, وقدس الأقداس, وكل ما فيه طاهر, وأما من لا يعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ولم يصبه نوره صلى الله عليه وآله وسلّم في داخل كيانه, واستقر فيه فسيتكلم عن بشرية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأنه بشر ولا داعي للغلو .... و .... إلى آخر هذا الكلام الذي لا يخرج إلا من محروم محجوب, ولو أقسم ألف مرة أنه يحب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم معظم له, ولو كتب ألف كتاب في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أو خصائصه, ولو أخذ من كلام أهل الله وردده فما له إلا الحرمان والحجب, بل يستخدمه إبليس والدجال في خطته لحجب الأمة عن نبيها صلى الله عليه وآله وسلّم بقدر المستطاع.
فكان القوس الأول قوس الأزل بلا حجب, والقوس الثاني قوس الأبد مع بقاء البشرية, فعما قريب .. يا أهل الجنة خلود لا موت فيه ... وساعتها لن يستنكف الإنسان ما يُقال في العطاء الإلهي لعبده وحبيبه صلى الله عليه وآله وسلّم , فقد عاين بعضه كل من دخل الجنة, فلما عرفوه ورأوا ربهم أقروا بما كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم من عطاء ربه.
(فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (النجم 9-10) .
(فَأَوْحَى) ممثلاً للقوس الأول و ( أَوْحَى) ممثلاً للقوس الثاني, وإن شئت قلت هي هي, وإن شئت قلت أوحى الأولى مثل أوحى الثانية, أي بنفس ما أوحى في الأولى بجعله أول المخلوقات, وإن شئت قلت: أوحى بما لا يعلمه إلا هو, فقد أبهم ما كان وما قيل, وأبهم طبيعة الوحي, وهذا من أدب السالك, رزقنا الله حسن الأدب. يتبع بمشيئة الله تعالى
|
|