موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 6 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: حکايات معبّرةبين ثنايا المثنوي لجلال الدين الرومى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 2:53 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 36034
١-من بين القصص والحکايات المعبّرة التي تطالعنا بين ثنايا المثنوي قصة تحمل العنوان ((الببغاء والبقال)) وهي حکاية أوردها مولانا جلال الدين الرومى للتأکيد علی أن هنالك الکثير من الناس ممّن هم سذّج وسطحيو التفکير يتوصلون إلی النتائج من خلال الاستناد إلی‌ المقدمات المغلوطة الخاطئة أو يستندون إلی القياسات والمقارنات الخاطئة التي تؤدی بهم إلی نتائج وهمية بعيدة‌ عن الواقع وهذا ما نلاحظه في‌ الحکاية الطريفة التالية: ((کان لأحد الباعة ببغاء خضراء اللون جميلة، وکانت تتکلم کالبشر، وتعرف لغتهم، وکانت تحرس الدکان وتتمازح مع الزبائن، وتضحکهم، وتجلب الزبائن للبائع. وفي‌ ذات يوم طارت من ذلك الدکان إلی دکان آخر، فاصطدمت بقاروة الزيت، فسقطت القارورة دون أن تنکسر،‌ وانسکب الزيت، وعندما جاء البائع،‌ رأی الزيت وقد انسکب علی أرضية الدکان ولوّثها، فأدرك أن الببغاء هي السبب في ذلك، فتناول عصا وهوی بها علی رأس الببغاء، فجرح رأسها،‌ وتساقط شعرها حتی صارت صلعاء، ومنذ ذلك الحين لم تعد الببغاء تتکلم، ولا تتمازح مع الآخرين، فأصاب البائع وزبائنه الغّم من ذلك، وندم البائع علی ما بدر منه، وکان يقول: ليت أن يدي قطعت ولم أضرب الببغاء،‌ وکان يّدعی أن الببغاء‌ سوف تعود إلی سابق عهدها من الکلام والمزاح. وفي ذات يوم کان صاحب الدکان جالساً وقد أصابه حزن عظيم، وإذا برجل أصلع يمر من جانبه وکان رأسه خالياً تماماً من الشعر وکأنه إناء من النحاس،‌ وفجأة خرجت البغاء من صمتها لتنادی علی الرجل قائلة: أيها الرجل الأصلع! لماذا حطّمت قاروة الزيت، فأصبت بالصلع؟! لقد دخلت بعملك هذا في جماعة الصّلع، کان عليك أن لا تسکب الزيت. فضحك الناس من هذه المقارنة، لأن الببغاء کانت تتصور أن کل من سکب زيتاً لابد وأن يصبح أصلع!)). اخوتنا المستمعين الأفاضل! هنالك الکثير من الناس المحيطين بنا يظنون أنهم يحسنون صنعاً،‌ وأنهم يسلکون الطريق الصحيح، دون أن يشعروا بذلك، ودون أن يفطنوا إلی انحراف سلوکياتهم، وخطأ تصرفاتهم، ومثل هذه الظاهرة تشکل خطراً کبيراً يهدد المجتعات، وهي من نوع الجهل المرّکب حيث لا يعلم الإنسان أنه لا يعلم، فلايستجيب لنصائح الآخرين ومواعظهم، ولا تجدي معه محاولات إعادته إلی الطريق القديم، وهوما أکده مولانا من خلال إيراد الحکاية الطريقة التالية التي جمعت بين اشتمالها علی الحکمة والموعظة وبين الجانب الفکاهي الساخر

٢- ولنقرأ هذه الحکاية الطريفة المعبرة التالية: ((کان هنالك رجل أصم يريد عيادة جاره المريض، فقال في نفسه: أنّی لي أن اسمع کلام المريض واتحدث معه؟ فهومريض، وصوته ضعيف، فعندما أراه يحرك شفتيه أدرك أنه يسألني عن أحوالي کما أنا أسأله. فأعد الأصم حواراً في ذهنه کالتالي: سأقول له کيف حالك؟ فيجيبني (مثلاً): الحمدالله، أفضل. أقول له: نشکر الله، ماذا أکملت؟ سيقول لي (مثلاً): أکلت شوربة أو حساء أو تناولت دواء. أقول له: هذيئاً مريئاً، فمن هوطبيبك؟ سيقول لي: الحکيم فلان، فأقول له: إن مقدمه مبارك، فهويعالج کل المرضی، ونحن نعرفه، فهوطبيب قدير. وبعد أن أعد الأصم هذا الحوار في ذهنه، خرج لعيادة المريض، وجلس إلی جوار سريره، فسأل: کيف حالک؟ فقال المريض: الألم يقتلني، فقال الأصم: الحمدلله، فساءت حالة المريض کثيراً وقال إن هذا الرجل لهو عدوي، فقال الأصم: ماذا تأکل؟ فأجاب المريض: السم القاتل، فقال الأصم: هذيئاً مريئاً، فغضب المريض. فسأله الأصم: من هوطبيبك؟ فأجاب المريض: عزرائيل! فقال الأصم: إن قدومه مبارك. فساءت حال المريض أکثر، وخرج الأصم من داره، وکان يشعر بالسرور لأنه قام بعيادة جاره المريض کما ينبغی. وکان المريض يتأوه ويشکو قائلاً إن هذا الجار عدوی، وانتهت بذلك صداقتهما)) وهکذا فإن هنالك الکثير من الناس يظنون أنهم يحمدون الله ويعبدونه، وأنهم يسيرون في الطريق الصحيح، إلا أنهم يسلکون الطريق الخاطیء والمغلوط کذلك الرجل الأصم! ومن القصص والحکايات العرفانية الصوفية التي نظمها المولوي في ديوانه شعراً، ونقل من خلالها إلی ذهن القارئ أحد المفاهيم الصوفية وهو ضرورة الاتحاد بين العاشق والمعشوق، أوبين السالك السائر في طريق التصوف وبين الخالق- سبحانه وتعالی-، الحکاية التالية التي يقول فيها إن أحد العشاق وقف علی باب دار معشوقه ودق بابه، فسأل المعشوق: من؟ فقال العاشق: أنا فقال المعشوق: ارحل،‌ فلم يحل بعد أوان دخول السذّج والبسطاء وغير الناضجين في الحب، فأنت ساذج بسيط، ويجب أن تحترق بنار الفراق لفترة حتی تنضبح، لأنك ما تزال غير مستعد للحب. فعاد العاشق المسکين وعانی آلام الفراق وعذابه سنة بأکملها، وبعد مرور سنة، جاء مرة أخری إلی باب بيت معشوقه، فقال المعشوق: من يطرق الباب؟ فقال العاشق: يا حبيبي، وخاطف قلبي، أنت نفسك، أنت، ففتح المعشوق الباب، وقال: الآن اصبحت أنت وأنا واحداً، فادخل البيت الآن للحظات لا أکثر، فبيت الحب لا يستوعب أکثر من اثنين، کرأس الخيط فإن کان له فرعان فإنه لا يدخل ثقب الابرة)). -

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: حکايات معبّرةبين ثنايا المثنوي لجلال الدين الرومى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 8:04 am 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 06, 2010 8:26 pm
مشاركات: 14476
مكان: مصر
فقال المعشوق: ارحل،‌ فلم يحل بعد أوان دخول السذّج والبسطاء وغير الناضجين في الحب، فأنت ساذج بسيط، ويجب أن تحترق بنار الفراق لفترة حتی تنضبح، لأنك ما تزال غير مستعد للحب.

_________________
"يس" يا روح الفؤاد


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: حکايات معبّرةبين ثنايا المثنوي لجلال الدين الرومى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 10:11 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8040
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: حکايات معبّرةبين ثنايا المثنوي لجلال الدين الرومى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 8:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 36034
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

شيخنا الجليل الكريم الشيخ فراج يعقوب

أختى الغالية الكريمة خلف الظلال

جزاكم الله خيرا كثيرا و أكرمكم و أعزكم دنيا و دين و أسعدنى مروركم الكريم العطر

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: حکايات معبّرةبين ثنايا المثنوي لجلال الدين الرومى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 17, 2015 9:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء يناير 02, 2013 5:01 pm
مشاركات: 11127
جميلة اوى اختى الحبيبة ملهمة ،
انا كدة حروح اشترى المثنوى لابن الرومى فورا :D :D
جزاكى الله خيرا :

_________________
أيا ساقيا على غرة أتى
يُحدثني وبالري يملؤني ،
فهلا ترفقت بى ،
فمازلت في دهشة الوصف
ابحث عن وصف لما ذُقته ....

                         
                 
              


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: حکايات معبّرةبين ثنايا المثنوي لجلال الدين الرومى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مارس 18, 2015 9:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 36034
النيل الخالد كتب:
[size=200]جميلة اوى اختى الحبيبة ملهمة ،
انا كدة حروح اشترى المثنوى لابن الرومى فورا :D :D
جزاكى الله خيرا :


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

جزاك الله خيرا أختى الغالية الكريمة النيل الخالد ربنا يكرمك حبيبتى دنيا و دين

من قصص المثنوى لسيدي جلال الدين الرومي

(قصة ولد الفيل 1 )

قال سيدي جلال الدين الرومي رضي الله عنه: هيِّءْ صحائفك يا حسام الدين واملأها حكمةً وعلما، إن الحكمة أغلى من الجوهر، أروِ عني هذا النظم بما فيه من قصص يحمل في طياته العبرة الشافية والفكرة الهادية. إن الحكمة شعلة مضيئة لا تستمد وقودها من إحتراق الزيت، إن مصدرها الإلهام وحده والمؤمن كذلك لا يستمد قوة روحه من طعام وشراب، بل مما تفيضه نعم الكريم الوهاب. إن الذين صفت قلوبهم حتى أصبحوا ملائكة من البشر من يد المنِعم عزَّ وجل، ومن كان في قوة إيمان الخليل إبراهيم عليه السلام يجعل الله له نار النمرود برداً وسلاما.

إن الله يسخر العناصر لمن أراد ولو شاء لوهب الأحجار مَلَكةً تقبل الحكمة وتدركها. انظر إلى الطور عند التجلي كيف تجاوب مع رهبة الجلال {فلما تجلَّى ربه للجبل جعله دكاً وخرَّ موسى صعقا}. تستطيع أن تهب الحكمة ولكنك لا تستطيع أن تخلق الأذن التي تسمعها والقلب الذي يعيها والله هو الذي يمنح القلوب وعيها وإدراكها فاعمل على أن يتفق ظاهرك مع باطنك حتى تشبع الغذاء الروحي والقوت المعنوي، فإن كل ما في الكون آكل مأكول، فالتراب يأكل رزقه من السحاب والهواء فينبت الزرع، والنبات يأكل رزقه من الأرض فإذا نما وترعرع كان رزق الحيوان ثم يصبح الحيوان طعام الإنسان ثم يأكل التراب بعد ذلك هيكل الإنسان {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى} أما ما تأكله الذرَّة فإن تفصيله يقصر عنه البيان.

إن السحاب تربي الأشجار وتنميها لتخرج الثمرات من أكمامها إلى حين، أما مزرعة الباقيات الصالحات فلا تفنى ولا تصيبها الآفات. إن هذا العالم وسكانه متفرق منتشر والعالم الثاني باقٍ مستقر هذا مخلد مجتمع وذاك زائل منقطع {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.

إن عصا النبوة راحت تلقف ما يأفكون فالتقمت حبال السحرة وعصيهم وبقيت كما هي لم تتغير ولم تتبدل. إذا فطمت الطفل من الرضاع وجد مئات الفواكه في مئات البساتين في مكان اللبن الذي حرم منه. أذكر عهداً كنت فيه جنينا، لقد كان غذاؤك قاصراً على ما يتحول من الدم في ظلمات ثلاث ولو قلت للجنين قبل أن يخرج إلى الدنيا أن هناك أرضاً فيها بحار وجبال وعليها أشجار كالعرائس حليها الأزهار وعقودها الثمار، تنيرها شمس وقمر ونجوم أكان يصدق ؟

هكذا حال كثير من الأمم فكم نبههم المرسلون إلى أن وراء هذا العالم المحدود عالماً غير محدود وداراً أخرى فيها من الثواب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وفيها عقاب للمنحرفين وعذاب للمفسدين فأعرضوا وقالوا: {من يُحي العظام وهي رميم، قل يُحيها الذي أنشأها أول مرة}. إن الاستسلام إلى غرور الدنيا يربط الأذن عن الاستماع ويحجب العين عن الشهود والاطلاع.

إن أمام الإنسان بعد طور الأجنة مراحل الكسب والبرزخ والبعث، وكل مرحلة منها أكثر اتساعاً من سابقتها. إن الله أمر النبيين بما أمر به المرسلين وجعل الأرض مائدة عامة للرزق وقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} ثم قال {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيبا}.

فاحرص على طيب مطعمك فإنك واجد في الدنيا آثاره وفي الآخرة ثماره. وقد أخـرج أهل الحـديث أن مثل المؤمن في الدنيا كمثل الجنين في بطن أمه إذا خرج منها بكى حتى إذا رأى الصور ورضـع اللبن لم يحبَّ أن يرجع إليها.

بعد أن يبين الشيخ جلال الدين رضي الله عنه ذلك ساق قصة جعلها أساساً لموعظته وقد اقتبس موجزها من الحلية لأبي نعيم الأصبهاني على نحو ما أشار إليه (ملاجاي) في نفحات الأنس. يقول أبو نعيم (في حلية الأولياء) ما ملخصه: أن أبا عبد الله القابس ركب البحر فعصفت الريح بسفينته واضطربت بمن معه فابتهلوا إلى الله بدعائهم ونذورهم وألحوا على أبي عبد الله أن يدعو لهم فنطق بما أجراه الله على لسانه وقال: إن خلصنا الله ونجانا لا نأكل لحم الفيل. فنجاهم الله ووصلوا إلى الساحل سالمين وأقاموا أياماً بغير زاد وإذا هم بفيل صغير سمين فأزمعوا ذبحه فحذرهم أبو عبد الله وقال لهم: اصبروا {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} فأبوا وذبحوه وأكلوا جميعاً سوى أبي عبد الله، فلما ناموا جاءت الأمُّ تتلمس رائحة ولدها وكل من وجدت منه ريحه قتلته ثم شمت أبا عبد الله فلم تجد فيه شيئاً فوقفت إلى جانبه وامتطى ظهرها وسارت به الأيام والليالي حتى وصلت إلى أرض خصبة انتهى إليها سفره وأمن المكاره وقص على من لقيه من القوم قصته.

أملى الشيخ على تلميذه حسام الدين هذه القصة قال: هل أتاك حديث الموجه الناصح الأمين حين اتجه إلى أصحابه يعظهم وكانوا على سفر شاق طويل قال لهم: حسبكم ما أحل الله لكم فاقنعوا بالطيبات من الرزق ولا تقربوا الحرام ولو بقيتم جياعاً بلا زاد. أحذروا فتنة أكل الحرام بكل ألوانه، إنها كربلاء، الشدة العظمى والمحنة الكبرى.

فإذا أنقذكم الله مما أنتم فيه وغدوتم سالمين كرموا أنفسكم عن الإسفاف في الدنيا واذكروا قوله سبحانه {ولقد كرمنا بني آدم}. إني أخاف عليكم أن تهوي بكم مرارة الجوع فتذبحوا ولد الفيل وتأكلوه وهو مما لا يحل لكم أكله. لقد تعودتم صيد الفيلة في الهند ولكم في صيده متعة ورياضة وقد نذرنا ألا نذبحه ولا نقرب لحمه، إن وراءه أما جسوراً مفترسة تكمن وتختبئ متربصة حارسة لولدها على بعد تعدو من أجله مئات الأميال. وهي عند فراقه تغضب وينتابها الفزع وفي غضبها ترسل من خرطومها النار والدخان وتزلزل الأرض بجسمها الضخم كالجبل الأعصم، كونوا كالذين {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا} إنكم حين تستمرئون شِلواً من لحم ولدها سينبعث من شفقتها الغيظ ويتقدُّ من رحمتها الغضب وكذلك من يأكل لحوم أولياء الله باغتيابهم ويؤذي المُصلحين وهم عيال الله وهو الذي يغار عليهم وينتقم لهم وهو في رحمته أبر بهم من الأم بوحيدها، وهم لا يلجأون إلى غيره ولا يتوكلون إلا عليه ولا يطمئنون إلا بذكره {ألا إن أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}.

تجنبوا الحرام ولا يستهن أحدكم بغضب الله الذي {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا}. إن حرص الإنسان وطمعه يحجبان عن عينيه وجه الحقيقة ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب فتراه يشح على الخير ويمسك عن المعروف.

ولو كان قرص الشمس فوق خوانه رغيفاً لما لاح النهار إلى الأبد وصدق الله {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي اذن لأمستكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا}. إن المستعبد للمادة يقضي أيام حياته راقصاً كالدببة بلا مقصد ويتحرك بلا إرادة ولا هدف {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون}.

داو جراح الرغبات بمَرهم الرياضات والطاعات لتجد العافية المعنوية وقد يرقص المؤمن ويختال ولكن في صفوف القتال والمخاطرة في مواجهة الأبطال لإعلاء كلمة الحق الكبير المتعال. أولئك الذين سعدوا ببيع أنفسهم لله دون تراجع ولا تردد ولا مساومة وقالوا في ثقتهم بوعد الله حين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة (ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل)، إن هؤلاء المحبين قد أجروا البحار في دموع أشواقهم وأهتزت أوراق الشجر متجاوبة مع تسبيحاتهم.

وكما أن أم الفيل تشم رائحة ولدها فإن الملائكة الكرام الكاتبين يشمون رائحة العمل الصالح ولا ينجو من العذاب إلا الصادقون سراً وعلانية. ولو كان ثمة ما يحجب رائحة الطعام فلا شيء يحجب رائحة العمل وما أشد حساب من استهان بأكل الحرام. يتبع.
[/size]

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 6 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 31 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط