رأينا في المناظرة الأخيرة التي كانت بين إسلام البحيري وكلاً من الشيخين أسامة الأزهري والحبيب الجفري هجوم إسلام بحيري على كثير من أحاديث صحيح الإمام البخاري رضي الله عنه وأرضاه وكان من بين هذه الأحاديث حديث الصدقة وتمثل الشيطان لسيدنا أبي هريرة في صورة إنسان والذي نصه: ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ»، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لاَ أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ»، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: «مَا هِيَ»، قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ»))صحيح البخاري 3\101
وقبل أن أوضح أحد الأسباب التي لأجلها يحاول إسلام بحيري وبشتى الطرق إنكار هذا الحديث والقول بأنه موضوع أريد أن أذكر حضراتكم بكلام للسيد الشريف مولانا الدكتور محمود صبيح حفظه الله والذي ذكره حضرته في كتابه الماتع العظيم " حتى لا تحرم من رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام" والكلام – في ما معناه-كان بخصوص الأسباب التي وراء الحرب على مجالس الذكر وإيراد حضرته للأحاديث النبوية والتي توضح أن طعام المؤمنين في زمن الدجال سوف يكون التكبير والتسبيح والتحميد والتهليل ولهذا السبب نجد حرباً شعواء على مجالس الذكر حتى لا يستطيع أن يقف أحد في وجه الدجال إذا ما خرج .
قد يتساءل البعض ما الرابط بين كلام السيد الشريف مولانا الدكتور محمود صبيح حول أسباب محاربة الذكر وبين كلام إسلام بحيري وإنكاره لحديث الصدقة وأن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل في صورة إنسان .
نقول لحضراتكم أن الهدف واحد فهدف من يحاربون الذكر هو التخديم على خطة المسيح الدجال كما وضح ذلك السيد الشريف مولانا الدكتور محمود صبيح حفظه الله وكذلك من ينكر أن الشياطين تتمثل في صورة إنسان وإدعائه بأن ذلك من الدجل والشعوذة.
لتوضيح الأمور أكثر برجاء قراءة الحديث الآتي:
الكبير للطبراني 24\169((حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي، ثنا محمد بن أبي عمر العدني، ثنا يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهراني أصحابه يقول: " أحذركم المسيح وأنذركموه، وكل نبي قد حذر قومه، وهو فيكم أيتها الأمة، وسأحكي لكم من نعته ما لم يحك الأنبياء قبلي لقومهم: يكون قبل خروجه سنون خمس جدب حتى يهلك كل ذي حافر " فناداه رجل فقال: يا رسول الله فبم يعيش المؤمنون؟ قال: " بما يعيش به الملائكة، ثم يخرج وهو أعور وليس الله بأعور، وبين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، أكثر من يتبعه اليهود والنساء والأعراب، يرون السماء تمطر وهي لا تمطر، والأرض تنبت وهي لا تنبت، ويقول للأعراب: ما تبغون مني؟ ألم أرسل السماء عليكم مدرارا؟ وأحيي لكم أنعامكم شاخصة دراها، خارجة خواصرها، دارة ألبانها؟ وتبعث معه الشياطين على صورة من قد مات من الآباء والإخوان والمعارف، فيأتي أحدهم إلى أبيه أو أخيه أو ذوي رحمه فيقول: ألست فلانا؟ ألست تعرفني؟ هو ربك فاتبعه، يعمر أربعين سنة، السنة الأولى كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة والساعة كاحتراق السعفة في النار، يرد كل منهل إلا المسجدين "، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فسمع بكاء الناس وشهيقهم، فرجع إليهم فقام بين أظهرهم فقال: «أبشروا، فإن يخرج وأنا بين أظهركم فالله كافيكم ورسوله، وإن يخرج بعدي فالله خليفتي على كل مسلم»))أهـ
الحديث رواه أيضاً كلا من الإمام أحمد وابن خزيمة وأبو يعلى والحاكم والضياء ولكن بطريق أخر ورواه أيضاً عبدالغني المقدسي في أخبار الدجال.
فالحديث بفضل الله ثابت ثبوت الجبال الرواسي.
في الحديث السابق نجد أن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرنا أن الشياطين سوف تبعث مع الدجال عل صورة من مات من معارفنا وأقربائنا وسوف يأمروننا بأن نتبع الدجال ونعبده بدعوى أن الدجال هو الإله وهو الذي أحياهم من بعد موتهم على حد زعمهم والعياذ بالله .
فإذا كان إعتقادنا في ذلك الوقت هو ما أخبرنا به سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونقله عن حضرته الأئمة الأعلام الثقات بالسند المتصل إلى حضرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أن الشياطين تستطيع أن تتمثل في صورة الإنسان وتتكلم بلسانه نجونا من فتنة المسيح الدجال وعلمنا أن من يكلمنا إنما هو شيطان من شياطين الدجال والعياذ بالله وأنه ليس من أقاربنا الأموات أو أن الدجال أحياه لكونه إلهاً على حد زعم شياطينهُ والعياذ بالله.
أما من كان إعتقاده في ذلك الوقت –نسأل الله العفو والعافية- هو ما يعتقده إسلام بحيري بأن الشياطين لا تتمثل في صورة إنسان وأن ذلك ضرباً من ضروب الدجل والشعوذة فبسهولة جداً سوف يصدق هؤلاء الشياطين ويتعقد بأن هذا الشيطان أو ذاك هو أخيه أو أبيه حقاً وأن الدجال قد أحياه له بصفته إلهاً فيقع في شراك الدجال ويتبعه ويعبده ويكفر بالله والعياذ بالله.
هذا بإختصار هو ما تؤدي إليه إعتقادات وأفكار إسلام بحيري وأمثاله والعياذ بالله وهذا هو أحد الأسباب الباطنة لهجوم إسلام بحيري على حديث الصدقة ولذا أحبابي في الله فكما قلت لحضراتكم في البداية بأن هدف من يحاربون الذكر وأمثال إسلام بحيري واحد ولكن الطرق والأدوات قد تختلف ولكن في النهاية النتيجة والهدف واحد ومحدد ألا وهو التخديم على خطة مسيح الضلالة الأعور الدجال لعنه الله نجانا الله وإياكم من فتنه وشروره .
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً كبيراً.