النشاط الماسوني منذ عهد محمد على حتى جمال عبد الناصر (صـ:55 - 57).
قوانين يوليو الاشتراكية:
وزاد الطين بلة أن أعلن ((عبد الناصر)) في 19 يوليو 1961 قوانين عمل جديدة عرفت باسم ((قوانين يوليو الاشتراكية)) ولم تكن هذه القوانين قد صدرت عبثاً وإنما بعد دراسة مستفيضه من مستشاري وزارة العدل العلمانين .. كان واضعوها يعرفون تماماً أنها سوف ترسخ جذور الفوضي والفساد في جميع أنحاء الجمهورية المصرية.
وظهرت قوانين يوليو الاشتراكية.. تصاحبها حملة إعلامية ضخمة لتضليل الجماهير وتطمس الحقائق والنتائج التي سوف تترتب علي تطبيق هذه القوانين في مصر وهللت الصحافة وتغنت الإذاعات السمعية والبصرية.
وقوانين العمل في الدول العلمانية الأوربية هي قوانين جادة قوية تجبر العامل علي أن يعطي الدولة حقها فيزداد الانتاج وتتطور الأمم, وذلك عن طريق قانون الثواب والعقاب.. فإذا أخطأ فله عقابه وإذا أحسن فله جزاءه.. ولن يتم ذلك إلا إذا ارتفع مستوي الرقابة وزادت سلطة الرئيس في نظر المرؤوس.
أما قوانين يوليو الاشتراكية فإنها كانت قوانين متسيبة ضعيفة, حطت من سلطة الرئيس في نظر المرؤوس.. وفتحت الثغرات لضعاف النفوس لكي ينفذوا لتحقيق أهداف شخصية بغض النظر عما يتسبب في ضرر للدولة.. وصدر قانون العقوبات الذي يشترط عمل تحقيق للعامل المخطئ قبل توقيع الجزاء, بل سحبت سلطة الجزاءات من جميع الرؤساء.. وبذلك ضعف تأثير الجزاء الذي كان يوقع علي المخطئ فوراً وفي حينه, حتي العامل الذي يسرق فإنه يستحيل تطبيق جزاء الطرد عليه.. لأنه ((طرد تعسفي)).
وتفككت روح الرقابة والترابط بين الرئيس والمرؤوس, وبين الموظف وزميله.. وخفتت روح الإنتماء وماتت رغبة العامل الجيد في حماسه للإنتاج وتأدية الواجب الوطني, وانتشرت اللامبالاة بين العامل ورب العمل وظهرت روح خبيثة من التسيب, وزادت الفجوات بين الرئيس والمرؤوس, وضعفت سلطة الرؤساء علي السيطرة, فسادت روح الفوضي بين العاملين.
ومن هنا بدأت الأمراض الاجتماعية الخطيرة تأخذ مكانها في جميع مصالح الدولة الحكومية وغير الحكومية فكثرت السرقات حتي من كبار المسئولين, وخاصة أعضاء الاتحاد الاشتراكي.. وبدأت ظاهرة الرشاوي وانتهز المختلسون حالة التسيب التي عمت البلاد وبدءوا يتلاعبون بمصالح الشعب وينهبون ثرواته ويهربون أمواله وأموال الدولة للخارج.. واتشر الفساد في البر والبحر.
ونتيجى لحالات اللامبالاة والمحسوبية والتسيب وعم الانتماء, بدأت تظهر من بعيد بوادر الانهيار في جميع مرافق الدولة وظهور الأزمات المفتعلة في الكهرباء والمياة والري ووسائل المواصلات والإسكان والتعليم والاتصالات والزراعة والصناعة.. فمرة تظهر أزمة لحوم, ومرة أزمة أرز, ثم السكر, والبوتاجاز ثم أزمة فراخ يتبعها أزمة صابون.. وكان العلمانيون يخططون لظهور هذه الأزمات بنظام دقيق ومحكم.
وقامت الحكومة المصرية العلمانية بتضليل الشعب وتتويهه في مشاكل اجتماعية أو أقتصادية و رياضية أو سياسية بالإضافة إلي إغراقه في سهرات تليفزيونية أو رياضية أو مسلسلات وأفلام عن طريق وسائل إعلامية ضخمة, أدت إلي تشتيت أفكار المواطنين وللتمويه عن حقيقة ما يدور حولهم.
ولم يخجل العلمانيون من أنفسهم في اختلاق مشاكل وهمية تشغل بال الناس , فمرة تطلع الصحف كلها في وقت واحد بأن عريس وعروسة سقطا في بالوعة أو أن زجاجة مياة غازية بداخلها حشرات أو أن حنفية مياة ينزل منها ميكروبات وديدان, ثم يخرجون علي الناس بحكاية عبدة الشيطان ثم جنون البقر والفراخ والفشل الكلوي أو مرض الإيدز وما يدور حوله من كلمات جارحة وألفاظ جنسية مخجلة, ثم الاستنساخ وثقب الأوزون وغيرها.
وظهر الفساد في مصر بصورة لم يحدث لها مثيل منذ عهد الفراعنة حتي الآن.. وبدأت النكبات والنكسات والهزائم, والتردي والانحطاط والفشل.. الفشل في كل شئ..فشل في الأدب والثقافة, فشل في الرياضة والتعليم, والشعر والفن والري والزراعة والاسكان والتعمير والصناعة؟.. وفشل حتي في السلوكيات والأخلاق.. وبدأ المواطن العادي يحس بالتفكك العائلي والأسري والوطني.. ومات الإحساس بالانتماء وضاع من النفوس حب الوطن, أضف إلي ذلك الإنحلال الخلقي وإفساد الشباب نتيجة لتطبيق القواعد الاشتراكية والشيوعية والماركسية في البلاد.. ولقد لعبت وسائل الاعلام دوراً خطيراً في نشر الانحلال الخلقي عن طريق المسلسلات والأفلام والمسرحيات والصحف والمجلات.. وغيرها وغيرها.
ونتيجة لنظام ((عبد الناصر)) العلماني الاشتراكي,أحس الجميع بروح التفكك وغياب القيادات الشعبية والقيادات الوطنية. وأحس الشعب المصري بأنه أصبح أفراداً مفككين لا رابطة تربطهم ولا قيادات تقودهم, ولا زعامات تتزعمهم, حيث لا جمعيات ولاهيئات ولا أحزاب ولا جماعات,خصوصاً بعد القضاء علي جماعة الإخوان المسلمين (قلت: تكلمنا على نظرة الكاتب لجماعة الإخوان قبل ذلك).
لقد قضي((جمال عبد الناصر)) علي كل الزعامات والقيادات وأسكت أصوات الرجال من ذوي الشجاعة وعزة النفس وأقام حكماً دكتاتورياً فريداً من نوعه في تاريخ مصر..
وأصبح الشعب المصري أفراداً لا جماعات أو هيئات.. وهذه في رأيي من أكبر الجرائم والكبائر التي اقترفها ((عبد الناصر)) ضد الشعب المصري. وإلي يومنا هذا يعيش الشعب المصري أخطر أيام حياته أصبح الآن غير قادر تماماً علي القيام بحرب عصابات ضد أي قوات معادية تحاول احتلال جزء من أراضية.. وظهر ذلك جلياً حينما احتلت اسرائيل سيناء(1).
ظهرت دائرة المعارف الماسونية التي ألفها ((راشد أبي حنا)) وفيها رسمياً أسماء جميع الماسونين الذين ينتمون اليها في العالم العربي ومصر.. ونذكر منهم ((أحمد ماهر باشا)) , الشيخ علي عبد الرازق, فؤاد سراج الدين باشا, حافظ عفيفي باشا, علي ماهر باشا, جمال عبد الناصر))(2).
الهامش:
(1)(لاحظ تعتيم وسائل الاعلام).
(2)(صحوة الرجل المريض).
يتبع بمشيئة الله.................