موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 10 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14299
مكان: مصـــــر المحروسة

لم يترك الشيطان البشر في حالهم منذ لحظة الخلق ونفخ الروح الأولى .. فمن آدم وولديه ، مرورا بقصص الأنبياء والوحي والشر والشؤم والتعذيب ،ونشر الفوضى والدمار ، كان إبليس دائما هناك .. تنوعت طرق الشيطان في الإيقاع بالبشر ، لكن الغواية كانت هي طريقه الوحيد ..

حينما بدأ العصر المسيحي ، ووفقا للعقيدة الإنجيلية ، بدأت فورة الشيطان الكبرى في محاولة جر أكبر عدد ممكن من الرؤوس البشرية إلى الجحيم .. لكن حيله تغيرت قليلا ، ويبدو أن بعض البشر حاول أن يبيع الماء في حارة السقائيين ، وأن يخدع ملك الخداع نفسه ، لذلك كان الحل هو : التعاقد الرسمي !

وللتعاقد بين الشيطان وبين الإنسان قصة طويلة .. طويلة جدا بدأت منذ القدم تنتهي حتى اليوم !

الشيطان : العدو الأكبر !

يٌقدم الشيطان عادة بصفته العدو الأكبر في الأديان ، خاصة الأديان الإبراهيمية أو التوحيدية الثلاث .. ولكن ليس معنى هذا أن الشيطان ( أو عدو الإله ) لم يظهر بشكل أو بآخر فيما سبق الأديان السماوية ،أو ما تلاها ، من نحل وعقائد غير إلهية المصدر .. تُعرف الموسوعة البريطانية الشيطان بأنه ( روح أو قوة الشر ، وبالرغم من أن المصطلح يستخدم أحيانا لوصف عديد من الأرواح الملعونة ، فإن كلمة الشيطان تشير عموما إلى أمير الأرواح الشريرة .. الذي يأخذ أشكالا متنوعة في العقائد المنتشرة في العالم ).

وهذا التعريف ، برغم كونه مقتضب ، إلا أنه يغطي معظم المعاني التي تشير إليها الكلمة المرعبة ( شيطان ) .. في الحضارات القديمة والأديان الأولية ظهر إبليس بصيغ مغايرة لما يبدو عليها في اليهودية والمسيحية والإسلام ..

فلدي المصريين القدماء : كان " ست " هو المعادل القديم للشيطان ، الإله الشرير الذي غدر بأخيه " أوزوريس " وقتله غيلة، ثم حاول أيضا الإيقاع بابنه " حورس " ، الذي صار يمثل العدو التقليدي لعمه الشرير الحقود .. انتصار " حورس " النهائي أصبح يمثل صورة لانتصار الخير على الشر في النهاية ، ولقبح صورة " ست " في أعين المصريين القدماء ، كروح شر غاضبة لا تهدأ ، فقد جعلوه إلها لكل شيء مكروه لديهم ، الصحراء بقيظها وجدبها ، والظلام برعبه ومخاطره ، والعواصف المعربدة المخربة ، والفوضى ، وزاد الطين بلة حينما أحتل الهسكوس ( حقاو خاسوت ) مصر ، ويبدو أنهم وجدوا تشابها بين " ست " المصري وإلههم ، ذو الأصل السامي ، " بعل " ، فوحدوهما معا في عبادة واحدة حمل معبودها اسم " سوتخ " ، وطبقا للنظريات التاريخية ، ومع مراعاة الحسابات التي تعتمد على النص التاريخي المسمي ( لوحة الأربعمائة عام ) ، فإن " ست " أعلن إلها على مصر كلها ، من قبل الغزاة ، حوالي عام 1730 ق.م ..

ولكن ليس معنى هذا أن " ست " كان غير معترف به ضمن زمرة الإلهة المصرية ، بل دأب الملوك على تقديم القرابين إليه ، يوجد تأكيدات على تقديم ملوك مصريين القرابين لـ "ست" أشهرها هو زيارة الملك " سيتي الأول " إلى مدينة ( تانيس ) ، التي كانت مقرا لعبادة الإله " ست " وتبجيله .

وأيضا ظلت عبادة ( ست ) قائمة ، برفقة عبادات بقية الآلهة المصرية القديمة ، حتى دخول المسيحية ، في منتصف القرن الأول الميلادي ، إلي مصر .. بل وظلت موجودة لفترة لا يستهان بها بعد ذلك !


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14299
مكان: مصـــــر المحروسة

في البوذية : ظهر " مارا روح الشر محاولا إضلال " جوتاما بوذا " ،مستخدما وسيلة من أكثر وسائل الشيطان تفضيلا وفاعلية ، وهي النساء الجميلات ..

" مارا " لم يهدأ بعد أن أنقضى زمن " بوذا " بل ظل نشطا محاولا تحقيق أهدافه مستخدما جيشا من النسوة الفاتنات ، اللائي يشاركنه نفس الهدف ،وهو إضلال البشر وصرفهم عن الحياة الروحية السامية .. وقد سميت أولئك النسوة بـ ( ببنات مارا ) !

في اليونان القديمة ( بلاد الإغريق ) : ظهر الشيطان بأكثر من صورة ، أصلا لم يكن هناك فارق كبير بين آلهة الأوليمب العابثة العربيدة ، التي تصفي خلافاتها بطرق بشرية ( وضيعة ) صرفة ، وبين الشيطان كما تصوره الأديان التوحيدية .. لكن صورة الشر المطلقة ظهرت في عدة أشكال ، كلها لآلهة أو أرواح مؤلهة ، ربما يكون أشهرها هو الإله " بان " pan ، إله الغابات السكير العربيد ، ومرافقيه من الساتير ، الذين لهم شكل شبيه بالماعز ، وكانوا يشاركونه مرحه ولهوه ، الذي لم يكن بريئا في معظمه !

الذي يسترعي الانتباه أن " بان " بشكله نصف البشري / نصف الماعز ، قد ترك بصمة كبيرة في صورة الشيطان في العصور اللاحقة .. حتى أصبح من لوازم صورة إبليس ، في الرسوم التي تحاول تصويره وتجسيده ، لا يستغني عن أظلاف وذيل وأطراف الماعز .. وحتى في الصور المسيحية الطابع ظهر الشيطان بصورة مقاربة جدا لصورة " بان " القديمة الغابرة !


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14299
مكان: مصـــــر المحروسة

في الأديان التوحيدية : تلازم بدء الخليقة مع ظهور شخصية ( الشيطان ) الرهيب ، عدو " آدم " وذريته ، الغيور الحقود ، الجني المتشيطن ، الملاك الساقط ، حامل النور الذي أهلكه كبره وغروره ، فحاول أن يواجه الإله ويتعدي على اختصاصاته ، مدعيا أنه أحق من " آدم " بالسمو والاستخلاف .. سلطان الشر ، وملك الريح الذي ضيع ما كان له من مكانة عليا من أجل غروره وصلفه ، يجسد الشيطان في الأديان الثلاث تلخيصا للفوضى ، إنه الخروج على النظام ، الغرور المهلك ، الخروج عن أوامر الله ، محاولة نشر الفوضى في الأرض التي خلقها الله ..

بتلك الصورة ظهر " إبليس " ، الحية التي تتسلل إلي الجنة لتوعز إلى " آدم " وشريكته بالإقدام على الأكل من شجرة المعرفة ( شجرة الخلد في القرآن ) مخالفين لأمر الله الذي نهاهما عن ذلك .. وحتى بعد سقوط " آدم " و" حواء " من الجنة ، وسكناهم في الأرض ، لم يتركهم عدوهما اللدود ، بل سعي ورائهما ووراء ذريتهما ، وحقق انتصارات لا تنكر عليهم ( إغواء قايين بقتل أخيه / نشر عبادة الأوثان والمنحوتات / القتل والخراب / الفوضى / تحريف رسائل الله وكتبه / إغراء البشر بالمال والنساء والملك والقوة وسائر أنواع الشهوات ) ..

لكن الله لم يترك الشيطان يعيث فسادا في الأرض دون رادع ، بل أرسل الأنبياء لدحر الشيطان وأعوانه ، وإبطال تأثيرهم على البشر.

ذُكر الشيطان في الكتاب المقدس ، بعهديه ، في 70 موضع ، وكانت أكثر القصص التي ظهر فيها بشكل واضح وجلي :

1- قصة إغواء آدم وحواء ، ثم تحريض " قايين " على قتل أخيه
2- صراعه ضد " أيوب " وإصابته له بمرض منفر رديء
3- إغواءه لـ" داود " لكي يُحصي عدد بني إسرائيل
4- تجربته للمسيح ومحاولة إغراءه بملك العالم وبسلطانه

في المسيحية : لعب الشيطان دورا مهما كعدو مناظر ومحرض ضد الكنيسة .. وأعتبر السبب الأول في كافة المحن التي تصيب المرء ، ما لم يتحصن بدرع المسيحية وبالصليب والصلوات ، والمواظبة على زيارة الكنيسة ..

أما في الإسلام : فقد وُضع الشيطان في صورة لا ترفعه فوق حجمه الطبيعي ، إنه مجرد متمرد ، غيور ، حقود ، أودي به صلفه وغروره وغطرسته ، لا سلطان له على أحد ولا يملك من أمر البشر إلا شيئا واحدا : أن يغويهم فيستجيبوا له .. ونستطيع أن نقول أن الشيطان فقد جزء كبير من مكانته بظهور الإسلام ، ورغم أن الشيطان يظهر باسمه في أربعة وثمانين ( 84 ) موضع بالقرآن ، ذكر باسم الشيطان 73 مرة وباسم إبليس 11 مرة , إلا أنه لم يظهر أبدا بشخصية الند القوي لله ، بل هو مجرد عاصي ملعون ولا يجيد سوي جرجرة البشر الذين يتبعونه إلي أتون النار .


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14299
مكان: مصـــــر المحروسة

سيمون الساحر : الرجل الذي حاول شراء المعجزات بالمال !

في سفر أعمال الرسل تظهر شخصية غريبة ، تحمل اسم " سيمون الساحر " ، أو " سيمون الماجوسي " ، وهو رجل كان يمارس أعمالا سحرية وتسري على يديه خوارق شتى في السامرة ، ثم ألتقى بمبشر مسيحي شهير ، من الرعيل الأول للمبشرين بالإنجيل ، وهو التلميذ " فيليبس " ، وشاهد ما يقوم به الأخير من معجزات وخوارق بالإيمان الذي يحمله ، ويبدو أن " سيمون " ، الذي يجري اسمه على " سمعان " أيضا ، قد تأثر بمعجزات المبشر فقرر أن يؤمن بالدين الذي يدعوا الناس إليه ونال التعميد ، ومن ثم جاء رسولين آخرين ، وهما " بطرس " و" يوحنا " ، وجرت على أيديهما المزيد من المعجزات .. وهنا فقد " سيمون " صوابه ، فحاول رشوة الرسولين من أجل أن يكشفا له سر المعجزات التي تحدث على أيديهما ، ويبدو أن الساحر القديم أعتقد أن في الأمر لعبة سحرية ، أفضل وأكثر جدوى من ألعابه القديمة ، فحاول أن يتعلم ( سر الصنعة ) لكي يجاري المبشرين في معجزاتهم .. ومن هنا أصبح " سيمون " أول موصوم بالهرطقة في تاريخ المسيحية ، ومن هنا أيضا جاء مصطلح ( السيمونية ) ، الذي يشير إلي دفع الرشاوى للوصول إلي المراتب والوظائف الكنسية أو بيعها بالمال !

وبهذه الطريقة يعتبر هذا الرجل هو أول من حاول بيع أو شراء القدرات والمعجزات بالمال ..ولذلك يوضع غالبا كرأس للهراطقة ومحرفي الدين عند المسيحيين !

ظلت الأمور في حدها الأدنى من القبول والمعقولية حتى أنفجر (الرعب الشيطاني ) إبان سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية ،وبداية العصور الوسطي المظلمة في أوربا ..

فقد تحول الشيطان من مجرد عدو شرير يحاول إخراج الناس عن طريق الرب ، إلي مصدر هائل للذعر والفزع ..

فترة العصور المظلمة وبدء جائحة محاكم التفتيش ، التي تلازمت مع انحلال الإمبراطورية وسيادة البابوية الدنيوية والسياسية ، حددت بداية ( عصر الرعب الشيطاني ) الذي شهد ظهور تلك الفكرة الشاذة : لم يعد الشيطان عدوا خفيا موسوسا فحسب .. بل أصبح شريك أساسي في حياة البشر ، شريك متدخل وفاعل وقاسي وشرير .. لكنه أيضا شريك لا يحب أن تضيع حقوقه ، ويعرف كيف يحفظها جيدا .. بتوثيقها بشكل قانوني !

الجنون : حينما يحاول الشيطان حفظ حقوقه !

ما الذي يدفع الشيطان لتوقيع عقد مع أفراد من البشر ؟!

هل يخشي أن يتملصوا من عهودهم معه ،أم أنه ينوي المطالبة بحقوقه القانونية ، والدفع بأحقيته في الروح المعذبة التي تورطت بالتعاقد معه ، في حالة النزاع بينه وبين طرف آخر على أسبقية الفوز بها ؟!

ومن قد يكون هذا الطرف الآخر .. الله .. أم البابا .. أم محاكم التفتيش ؟!

فكرة تعاقد الشيطان وتحالفه المكتوب مع إنسان ، أي يكن ، قد تبدو لنا سخيفة مضحكة اليوم ، لكنها ، في تلك العصور المظلمة ، لم تكن قابلة للتصديق وحسب .. بل كانت مجلبة للهلع والرعب والجنون .. وربما الموت أيضا !

أنتشر رعب ( الساحرات ) في أوربا في فترة العصور الوسطي ، وكان الاتهام بالسحر ،الذي كان غالبا ما يطال الإناث ، كان يعني أحد أمرين : إما أن تتمكن المتهمة من إثبات براءتها .. وإما أن تدان فيتم عقابها بالإعدام حرقا !

المشكلة أنه في الحالتين فلم يكن خيار النجاة متاحا أمام الضحية ، لأن أشهر اختبار لإثبات براءة الساحرة من عدمها كان رميها في الماء ( اختبار الغرق ) .. فإن طفت وتمكنت من العوم دل ذلك على جرمها ، فتدان ، وتؤخذ لتُعدم حرقا على السارية .. أو تثبت براءتها فتغرق في الماء ، وتعلن نزاهتها من الجرم الذي اتهمت به.. وليرحمها الله ويطيب ثراها !

ميتة في الحالتين .. لكن الأمر لم يعني أن الرجال كانوا ينفذون من تحت قبضة محاكم التفتيش بدورهم .. فقد كان إبليس يهوي مطارحة الساحرات الغرام في الغابات المظلمة ليلة السبت المقدسة .. بينما كان يوزع عقود تحالف وشراء للأرواح على الرجال في المقابل .. إبليس كان الوحيد الذي لم يعرف التفرقة العنصرية أو الجنسية في ذلك العصر !


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14299
مكان: مصـــــر المحروسة

وبعيدا عن ثلة الساحرات وأساطير الخوف والرعب فقد شهدت تلك العصور حوادث تعاقد بين الشيطان وبين بعض الطموحين من بني الإنسان ، هؤلاء المتطلعين إلي الخلود ،أو الحالمين بالمجد الدنيوي ، لم يكن أمامهم وسيلة لتحقيق أهدافهم الوضيعة إلا بتبني نفس الوسيلة التي رفضها المسيح أثناء اختباره على الجبل .. السجود لإبليس !

أشهر حالات التعاقد مع الشيطان ، أو الإضرار بالبشر عمدا لتنفيذ مآرب شيطانية مما يعتبر حالة تحالف غير مكتوبة معها ،كانت صفقة فاوست ، وحالة الرسام كريستوف هايزمان ، قسيس لودون ، وقبطان الهولندي الطائر الملعون ، وساحرات سالم المؤذيات !

فاوست : الرجل الذي أودي به علمه !

لم تحظي شخصية خيالية بمثل الشهرة والزخم الذي حظيت به شخصية " فاوست " الرهيبة .. دكتور " يوهان جورج فاوست " ، العالم المتعدد المواهب ، الفقير ، الذي كرس حياته للعلم ، وجاوز سن الشباب ، ولم يجرب من لذائذ العيش شيئا .. فجأة تتمرد روحه على العلم وعلى البحث ، وعلى السيمياء أو الخيمياء ( الكيمياء القديمة ) وتطالب بحقها في الحياة والتمتع .. لكن كيف يمكن للعالم الفقير تحقيق مطالب روحه وجسده .. وحينئذ يأتيه الشيطان ليظفر بروحه الغالية النفيسة !

ويوقع الاثنان عقدا يقضي أن يهب الشيطان لفاوست المتعطش للحياة كل ما يشتهيه ، مقابل أن تكون روح العالم المضطربة غنيمة للشيطان وجنوده بعد موت صاحبها .. وفي رحلة عجيبة يصطحب الشيطان ، الذي تسميه القصة بـ" مفستوفليس " ، صيده الثمين عبر الأزمان والأسرار ويكشف له سر الحياة والموت وأسرار الوجود ، يقع " فاوست " في الخطايا ويجرب كل شيء ، لكنه وقبل انقضاء حياته وانتهاء مدة العقد ، يحاول التنصل من الوعد ، ويقرر التوبة والتراجع عن عهده مع الشيطان، لكن إبليس لا يتركه .. وفي النسخة الشعبية من القصة نري نهاية فاوست المروعة : يأتيه الشيطان الغاضب ذات ليلة ، كان فاوست يعيش وحيدا ، وبمجرد وصول أمير الظلام تغضب الطبيعة ويدمدم الرعد ، ثم تتعالي صرخات فاوست المستنجدة ،لكن أحدا من أهل البلدة لا يجرؤ على الذهاب إليه .. في الصباح يدخل الناس إلي بيته ، فيجدونه في حالة لا توصف من البشاعة والموت القبيح .. جثته مطروحة بجوار أكوام من الروث في الفناء ، وقد تحطمت رقبته والتوت تحت قسوة قوة عاتية ، أما حجرة نومه فكانت مليئة بالدماء .. ومن أحد الجدران كان ثمة تذكار تركه الشيطان لمن يفكرون في الحذو مثل " فاوست " تعيس الحظ .. إنها خيوط تتدلي منها أشياء مرعبة .. مخ فاوست وأسنانه ومقلتا عينيه !


قصة مروعة لا تبعد كثيرا عن طابع قصص العصور المظلمة بما فيها من سادية وتلذذ بتوريث الرعب والهلع للناس ( تبعا لدكتور جمال عبد الناصر فقد كانت كتب المدارس في أوربا في تلك القرون تحفل بصور الجحيم والتعذيب والشياطين لتخويف التلاميذ من التكاسل عن استذكار دروسهم ! ) .. هذا الـ"فاوست " حظي بكتيبة من أشهر كتاب ومبدعي العالم الذين جعلوه مدارا لقصصهم وأعمالهم الخالدة : كريستوفر مارلو ، كلاوس مان ، توماس مان ، هيكتور بيرليوز ، ميخائيل بولغاكوف ،تيري برانشيت ، فرنادو بيسوا ، كلايف باركر ، ثم السيد الأعظم للألمانية " جوته " الذي أعاد إحياء " فاوست " عبر عمل ملحمي يعد من أهم وأكمل أعمال العالم الأدبية ودرة من درر الأدب العالمي ..

لكن السؤال المهم هو : هل فاوست ، الذي حظي بكل ذلك الاهتمام ، شخصية حقيقية فعلا ؟!

البحث عن فاوست :هل عاش فاوست فعلا أم أنه ابن خيال محموم؟

كأمر مؤكد فقد كان هناك شخص يدعي " يوهان جورج فاوست " عاش بين عامي 1480 و1540 في ألمانيا ، وقد كان دجالا ، ومدعيا للسحر ، وخيميائيا ، وممارسا للطب الشعبي ، وكانت مهنته هي ممارسة التطبيب والدجل كمتجول بين المدن والقرى الألمانية ، وقد كان على أغلب الآراء مكروها ومنبوذا ، لكن القصص التي دارت حول موته هي التي صنعت من اسمه علامة لامعة في التاريخ .. تتبع بعض المهتمين الخيط وحاولوا العثور على " فاوست " التاريخي الحقيقي ، لكن الذي حدث أنهم اكتشفوا عددا من الشخصيات كلها صالحة لتكون " فاوست " الشيطاني الرهيب !

أحد هؤلاء ( الفاوستيين ) كان مسجلا كعامل طباعة في مدينة " ماينز " ، كما وُجد " فاوست " آخر مسجل كساحر يمارس مهنته في مدينة تسمي جلينهاوزن Gelnhausen ، وفي عدة مدن ألمانية أخري ظهرت عدة تسجيلات قديمة تؤرخ ظهور شخص يحمل اسم " فاوست " ، ظهر في معظم تلك السجلات بصورة المشعوذ والساحر ، والمتهم بالهرطقة والملعون من الكنيسة !

إذن كان هناك " فاوست " فعلا ، أو بالأحرى عدة " فاوستيين " .. لكن أيهم هو بطل القصة المخيفة الملحدة المروعة ؟!

أحد أقرب الشخصيات لفاوست الأسطوري هو " فاوست " الخيميائي الذي ولد في عام 1480 بمقاطعة ( فورتمبرج ) ، وقد ظهر اسمه كمنجم وساحر ( 1506 ) وكرئيس لمدرسة ببلدة ( باد كرويتسناخ Bad Kreuznach) ) ( 1507 ) ، كما ظهر اسمه بسجلات مدينة ( إيرفورت Erfurt ) عام 1513 ، ثم بمدن أخري على فترات زمنية متقاربة .. الظاهر في الأمر أن السيد " فاوست " كان يتنقل سريعا بين المدن والبلدات الألمانية، وهذا لا يحدث إلا في حالتين ، مع مراعاة ظروف التنقل الصعبة والخطرة في تلك الأزمنة البائسة ، وهما إما انه كان دجالا جوابا فعلا كما تشير بعض القصص .. أو أنه كان يتعرض للطرد لأسباب غامضة !

لكن كيف لدجال أن يصبح مديرا لمدرسة .. وإذا كان يُطُرد فما هي الأسباب التي جعلت مدن ألمانيا تنفيه واحدة بعد أخري ؟!

عموما فقد لاقي أقوي المرشحين ليكون " فاوست " الأسطوري حتفه في عام 1540/ 1541 بمدينة " ستاوفين " في انفجار ناجم عن تجربة خيميائية يبدو أنه كان يقوم بها ، وقد خرجت جثته من الانفجار مشوهة .. فهل أعتبر جهلاء هذه القرون المظلمة أن تشوه العالم القتيل هو من قبيل الأعمال الشيطانية ، أو عقوبة له على محاولته الإخلال بعقده مع الشيطان .. إذا وضعنا تلك الفرضية بجانب الحقيقة المعروفة جيدا وهو أن المشتغلين بالعلم الدنيوي ، خاصة الخيمياء ، في العصور المظلمة وبدايات عصر النهضة ، كانوا يُتهمون تلقائيا بالسحر والشعوذة والكفر ومخالفة تعاليم الكنيسة ، فيبدو أننا عثرنا على " فاوست " المرشح الأقرب ليكون أصل الأسطورة ذائعة الصيت !

أول ظهور رسمي لعمل يتناول حياة " فاوست " كان في عام 1578بعنوان ( الكتاب الشعبي عن الدكتور فاوست ) على يد ي. شبيس J.Spiess .. وأنتشر الكتاب وحظي بجماهيرية دفعت بعدة كتاب ألمان آخرين إلي استعارة شخصية " دكتور فاوست " ووضعها كشخصية محورية في أعمال لاحقة .. ثم وصل " فاوست " ، منهكا ، إلي يد واحد من أعظم شعراء وكتاب الدراما الإنجليز ، وأعني به " كريستوفر مارلو " ، الذي أخرج إلي النور عمله الكبير "دكتور فاوست " عام 1604 .

لكن أعظم من تناول الشخصية الأسطورية وخلدها وأعطاها ما تميزت به بعد ذلك من صفات الحزن والنهم المعرفي والطهر النفسي المختلط بدنس وحشي بدائي ، كان هو بلا شك العظيم الخالد " يوهان فولفجانج فون جوته " .. وقد خلد " جوته " " فاوست " ، فرد إليه الأخير الجميل وخلده بدوره .. ولعل السبب في ذلك يعود إلي أن " جوته " أحب " فاوست " فعلا .. وقد أعتكف على تسجيل قصة حياة الدجال الألماني الميت / الخالد زهاء ستة وعشرين عاما ( هي المدة الزمنية بين ظهور الجزء الأول ثم الثاني من المسرحية ) مضفيا عليه الصبغة الأسطورية التي جعلت " فاوست " خالدا في تراث كل الشعوب .. وحتى وصل إلي العربية التي تباري عدد من كتابها في تسجيل وتناول القصة العجيبة للدكتور فاوست ، كان أشهرهم " علي أحمد باكثير " الكاتب الإسلامي ذائع الصيت !


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14299
مكان: مصـــــر المحروسة

كيف تعقد حلفا مع الشيطان ؟!

هناك آخرين أتهمتهم الكنيسة ، قبل وبعد عصر " فاوست " ، بالتحالف والتعاقد مع الشيطان ، وكانت الفكرة الشائعة عن كيفية هذا التحالف أن الشخص المرشح لبيع روحه لإبليس وزمرته ، بما يملكه من مواهب شريرة وفاسقة ، يأتيه الشيطان وبرفقته الركنين المكلمين للثالوث الشيطاني ، ثالوث الظلام المناظر للثالوث الإلهي المسيحي ، وهما " بعل زبول " وشيطان، أو حية ، البحر " لوياثان " ، ويقوم المرشح بكتابة العقد بينه وبين ضيوفه الأعزاء ثم التوقيع عليه بدمه ، وفي حالات غامضة حدثت إبان عصر سطوة ورعب محاكم التفتيش وجدت بالفعل عقود مثل هذه ، أشهر حالة عُثر فيها ، كما تؤكد الروايات القرأوسطية ، على مثل هذا العقد كانت حالة ( قسيس لودون ) ، المتهم بالهرطقة والشعوذة وتسليط قوي السحر الشيطانية على راهبات في أديرة عديدة ، عام 1634 ، وتمت إدانة القس وإعدامه حرقا على السارية بناء على نسخة العقد المذيلة بتوقيع ثلاثي الشر ، باستخدام دم القسيس ذاته .. وبعيدا عن صيغة العقد ، فإن كل تلك القصص مشكوك بأمرها .. لكن " فاوست " ، في المقابل شخصية حقيقية تماما .. كما أن حالة " هايزمان " الغريبة أكثر موثوقية وغرابة !

الحالة الغريبة للسيد هايزمان : الفنان الذي أشتري العبقرية بروحه !

ولد " يوهان كريستوف هايزمان " بين عامي 1651/1652 في ( تراونشتاين ) ببافاريا ، أشتهر كرسام يعيش على الكفاف ، وقد كان تاريخ حياته غامضا ، ولا تتوفر كثير من المعلومات عنه ، فقد خسر أحد والديه ( الأب ) في سن صغير ، ويبدو أنه تأثر نفسيا وعصبيا بتلك التجربة الأليمة ، فخرج على العالم ، في عام 1668،مدعيا أنه باع روحه للشيطان بموجب عقد ينص على أن يكون ابن لروح وجسد إبليس بعد انقضاء تسعة أعوام ، وأن يهب روحه للشيطان في حالة إذا ما مات داخل الكنيسة أو خارجها !

وأكمل " هايزمان " قصته بأنه قد كتب نسختين من العقد مع الشيطان ، إحداهما بالحبر والآخر بدمه الخاص ، لكن عندما حل عام 1677 ، حيث يكون موعد الوفاء بالتزامات العقد قد حل ، أصيب " هايزمان " بحالة رعب شديد وصرع وطلب الذهاب إلي مزار السيدة العذراء في ( ماريازيل ) ، التي لا تزيد على كونها مدينة صغيرة ، تتبع النمسا حاليا ، وهناك أعترف بعقده المشئوم ،وطلب الحصول على المساعدة الكهنوتية .

وبالفعل خضع " هايزمان " لعملية طرد للأرواح الشريرة تمت في كنيسة ( بوتينبرون ) ، ثم قال أنه ، وفي ليلة 8 سبتمبر ، حيث يوم مولد العذراء ، تجلي له الشيطان بشكل تنين مجنح ، ورد إليه النسخة المكتوبة بالدم من اتفاقهما المشترك ..

.. لكن الشيطان كان لا يزال يمتلك النسخة المكتوبة بالحبر !

وهكذا طلب الرجل المرتعب المساعدة مرة أخرى ، خاصة بعد أن أنتقل إلي فيينا ليقيم مع شقيقته المتزوجة ، لكنه أخذ يعاني مرة أخرى من رؤى مفزعة وتشنجات ، وهلاوس ، ثم تطورت الحالة إلي شلل مؤقت في ساقيه ، فأجريت له طقوس طرد الأرواح الشريرة للمرة الثانية ، ونجحت في إرغام إبليس على إعادة النسخة الثانية من العقد .. ليتحرر " هايزمان " من عقده الملعون تماما في عام 1678م !

سجل الفنان تجربته العسيرة في عدة رسوم ولوحات ، تصور ظهورات الشيطان له ، أشهرها هو اللوحة المعروفة ب( النذرية ) ، والتي أتمها في عام 1678 ، عقب حصوله على النسخة الحبرية من عقده الملعون ، ويصور العمل في ثلاث مناظر منفصلة ثلاث مشاهد رئيسية في حياة مبدعه ، فعلي اليسار نري الشيطان يبدو كمواطن مثالي وطيب المظهر ، ويظهر معه " هايزمان " وهو يوقع عقده بالحبر ، وعلى اليمين يظهر الشيطان ، بعد مرور عام على توقيع عقدهما الأول ، ليرغم ضحيته على أن يوقع نسخة أخري منه، بدمه هذه المرة ، أما في المنتصف فتظهر مراسم طرد الأرواح الشريرة للمرة الثانية ، وتتجلي العذراء ، التي أدعى " هايزمان " أنه شاهدها وهي ترغم إبليس على التنازل عن عقده بعد لجوئه إلى المزار المقدس بثلاثة أيام !

متعاقد مع الشيطان أم مريض ذهان ؟!

بعد تعافيه من تجربته المخيفة دخل " هايزمان " سلك ( أخوية القديس يوحنا الإسبتارية ) ، وظل يقيم في غرفة بناها بحيث تكون لا هي داخل الكنيسة أو خارجها تماما خوفا من أن يستحوذ الشيطان على روحه برغم كل شيء ، وتوفي فيها بسلام عام 1700 وكان ذلك في مدينة ( نيوشتاد ) ، التابعة لبوهيميا ( حاليا تتبع أراضي جمهورية التشيك ) .. وقد خلف " هايزمان " إرثا فنيا تركز معظمه حول وصف تجربته المخيفة مع الشيطان .. والتي تمكن من الإفلات منها بسلام !

لكن هل كل هذا صحيح ؟!

هل " كريستوف هايزمان " رجل كامل العقل خاض تجربة فوق طبيعية فعلا مع كيان غامض ، شيطان أو غيره ، وتورط في عمل شائن طمعا في متاع الدنيا الزائل .. أما أنه مجرد مريض مسكين بحالة متقدمة من حالات الذهان ؟!

السجلات الخاصة بطقوس عمليتي طرد الأرواح الشريرة ، اللتين أجريتا لـ" هايزمان " ، ظلت محفوظة بنسخها المكتوبة باللاتينية في بعض أجزائها ، وبالألمانية في أجزاء أخري ، وبحالة جيدة حتى الفترة بين عامي 1714 و1729م .. ثم اختفت تلك السجلات ، ليجري الكشف عنها مرة أخري في أرشيف ( ماريازيل ) في وقت مبكر من عام 1920م .. وبمجرد ظهورها خضعت هذه السجلات لفحص ودراسة من قبل عالم النفس الأشهر " سيجموند فرويد " ، الذي جعل من " كريستوف هايزمان " مثالا واضحا على العصاب الشيطاني ( العصاب المرتبط بالخوف من الشيطان ) في القرن السابع عشر في مقاله المنشور في عام 1923م ، وقد درس فيه " فرويد " الرسوم المحفوظة لـ" كريستوف هايزمان " وسجلات طقوس طرد الشيطان ، وكذا شهادات الرهبان الذي عايشوا التجربة وتعاملوا مع " هايزمان " عن قرب ، وأعلن أن الرجل قد عاني من مخاوف مركبة ، سببها ما قاساه من وفاة أبيه ، ثم الصعوبات التي واجهها في عمله ، والفقر وافتقاد الأمان والدعم ، مما جعله يبحث عن صورة الأب الحامي التي خلقها عقله في صورة ( الشيطان الذي يبرم عقدا تجعل منه ، من " هايزمان " ، ابنا له بالروح والجسد ) ، كما أشار " فرويد " إلي ما أظهرته لوحات " هايزمان " من مخاوف مبطنة مرتبطة بالخوف من الإخصاء ، وبأمور متعلقة بالمثلية الجنسية ، وبعض الأمور التي تدور كلها في فلك المخاوف ذات الأصل الجنسي ، المختلطة بالفقدان ومخاوف البقاء دون حماية !

كذلك كان لبعض النقاد الفنانين رأي حول موهبة " هايزمان " المحدودة ، قيل أنه كان يعاني من عمي الألوان ، وفشله في تحقيق أي من طموحاته الفنية ، وركزوا على ما تضمنه عقده من شرط أن يمنحه الشيطان ، في مقابل روحه ، الخلود الفني ، ولكن حالة " هايزمان " الغريبة كانت أكثر من مغرية ، بحيث أن دراسات " فرويد " وحدها لم تكن لتكفي ، وأنكب المزيد من علماء النفس ، في مرحلة لاحقة ، على دراستها وتحليلها ، وقد أنتقد بعضهم عمل " فرويد " ، الذي قام بتحليل شخصية " هايزمان " بناء على معطيات خيالية لشخصية لم يعد من الممكن إجراء فحص سريري لها .. وأيضا تركيزه المبالغ فيه على العامل الجنسي .. كالعادة !

المصادر :

- الموسوعة البريطانية ( مادة : Devil )
- موسوعة ويكيبديا ( مادة : الشيطان ، ست )
- ويكيبديا الإنجليزية ( مادة devil، Faust ، urbain grandier ، Flying Dutchman ،Salem witch trials )
- رابط مباشر لقصة Vanderdecken's Message Home
- أرشيف مجلة بلاكوود
- قائمة ضحايا محاكمات سالم
- مقال ( أشباح بلا أرواح ) إياد العطار
-كتاب (أقنعة الرعب عجائب المعتقدات في سينما القرن العشرين ) د/ جمال عبد الناصر
-( موسوعة الألف عام -شخصيات صنعت التاريخ ) أسيمة جانو

مقال لـ " منال عبد الحميد". مع حذف بعض الجمل.

قلت وبالله التوفيق :

هو مقال يصلح كبداية للباحث عن أصل وتأصيل لتلك المسألة مع التحفظ على بعض ما به.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:37 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 18719
موضوع مشوق
ونعوذ بالله من الشيطان الرجيم وشركه
بارك الله فيك الأخ الفاضل سهم النور وحفظك
وجزاك الله كل خير على مجهودك الواضح


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 28, 2020 9:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 45691

تسجيل متابغه

جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع


_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 29, 2020 9:37 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7603
حامد الديب كتب:

تسجيل متابغه

جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع


نعم ..وبالصلاة على سيدنا النبي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم

وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم

في العالمين

إنك حميد مجيد

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الصفقات ما بين الإنسان والشيطان نظرة تاريخية
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 29, 2020 9:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14299
مكان: مصـــــر المحروسة

الأخت الفاضلة (المهاجرة) :

الأخ الفاضل د (حامد الديب) :

شيخنا الفاضل الحبيب (فراج يعقوب) :

أعزكم الله وبارك فيكم وجزاكم الله خيراً كثيراً.

ودائماً مروركم الكريم يسعد القلب.

نتابع :

الحلقة الأولى من الموضوع كانت تعتبر بمثابة نظرة تاريخية سريعة واستقراء عام خاصة لما لدى غير المسلمين.

علشان للأسف في ناس حالياً من جلدتنا وعلى ملتنا لو كلمناهم عن هذه المواضيع من منظور إسلامي بيكون عندهم دا للأسف مجرد تخاريف وأوهام ودعوة للتأخر والتخلف والجمود ، فحسبنا الله ونعم الوكيل ونسأله سبحانه العفو والعافية.

لو كلمناهم عن وجود تعاون حقيقي واتصال بسن عالم الإنس وعوالم الجن والشياطين أو عن السحر مثلاً وتأثيره بما ورد في كتب التراث العربي الإسلامي هاجوا وماجوا ونسمع أسطوانة التخلف والتراث إياها.

ولكن لو جئت له من تراث الغرب المعاصر والسالف كلام عن هذا الباب ومثلاً استخدام أجهزة المخابرات الغربية لعلوم الباراسيكولوجي نلائيه خرس ولا يقدر يفتح بؤه ويذعن ذليلاً.

علشان كده استهللت هذا الموضوع بتلك المقالة.

وآن لنا الأوان أن نرى بتفصيل وتوسع الأدلة على ذلك من تراثنا وموروثنا الإسلامي العزيز الغالي.

وأستهل ذلك بما يلي فليس أدل على الصفقات الشيطانية والتعاون بين البشر والشيطان منها.

ورد في تفسير قوله تعالى "وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ" الأنفال (48) ما يلي :

[وروى الطبراني عن رفاعة بن رافع، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس قال: أمد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة، وجاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته في صورة رجال من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم.

وأقبل جبريل إلى إبليس فلم رآه - وكانت يده في يد رجل من المشركين - انتزع إبليس يده.

ثم ولى مدبرا وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة، ألست تزعم أنك جار لنا، فقال: إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله، والله شديد العقاب، فذلك حين رأى الملائكة، فتشبث به الحارث بن هشام، وأسلم بعد ذلك، وهو يرى أنه سراقة لما سمع كلامه، فضرب الشيطان في صدر الحارث فسقط الحارث، وانطلق إبليس لا يلوي، حتى سقط في البحر، ورفع يديه وقال: يا رب، موعدك الذي وعدتني، اللهم إني أسألك نظرتك إياي.

وخاف أن يخلص إليه القتل، فقال أبو جهل: يا معشر الناس لا يهمنكم خذلان سراقة، فإنه كان على ميعاد من محمد، ولا يهمنكم قتل عتبة وشيبة، فإنهم قد عجلوا.

فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه بالحبال، ولا ألفين رجلا منكم قتل رجلا منهم، ولكن خذوهم أخذا حتى نعرفهم سوء صنعيهم.

ويروى أنهم رأوا سراقة بمكة بعد ذلك فقالوا له: يا سراقة أخرمت الصف، وأوقعت فينا الهزيمة، فقال: والله ما علمت بشئ من أمركم حتى كانت هزيمتكم، وما شهدت وما علمت، فما صدقوه حتى أسلموا وسمعوا ما أنزل الله تعالى فيه. فعلموا أنه كان إبليس تمثل لهم.] اهـ سبل الهدى والرشاد (4 / 42 ، 43).

قلت وبالله التوفيق :

وفيما أعلم وفيما هو حاضر حالاً في ذهن الفقير لا أعلى من ذلك في إثبات وتقرير وقوع الاتصال والتعاون بين عالم الإنس وعوالم الجن والشياطين إلا ما كان من شأن إبليس عليه لعنة الله مع مشركي قريش في الهجرة النبوية الشريفة واجتماعهم المشهور في دار الندوة.

وتلك إن شاء الله أصدر بها بقية الحلقة التالية.

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 10 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 25 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط