موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: مفكر اسلامى:لايوجد مانع شرعى لزواج المسلمه من غير المسلم !!!
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 14, 2017 10:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 46868

حسبنا الله ونعم الوكيل

تدليس فى الكلام ولوى لثوابت الدين وافتراء وتجرؤ على الله ورسوله

انه زمن .................

=====

كتب :-

د. عماد حسن: طبيب ومفكر إسلامي

طرح علي هذا السؤال كثيرا وألح البعض ان اكتب فيه، إذ ان ظاهرة تداخل المجتمعات الإنسانية والشعوب في تزايد مستمر، ومن الطبيعي ان تستجد الحوجة لمعرفة الحدود التي تفصل بين المسلم وغير المسلم في كافة المعاملات من الطعام إلى الجوار إلى تبادل التجارة والمنافع اليومية.

وبالطبع تنشأ علاقات المودة والحب التي تصطدم بالفتاوى الموروثة التي غالبا ما تجنح للتحريم فيجد المسلمون انفسهم بين نارين إما ان يعصوا الله ورسوله حسب الموروث، أو يتنازلوا عن دينهم ويقعوا فيما سمى “حراما” فيعيشوا عقدة الذنب المدمرة التي غالبا ما تدفعهم في الوقوع في فتنة المزيد عن التنازل في دينهم…

الإشكال الذي يطرحه هذا السؤال بصيغته المتكررة هذه : ” ما هو حكم الشرع في زواج المسلمة من غير المسلم ” يكمن في تركيب السؤال نفسه ، لانه هكذا كتب في كتب السلف، وكأن هناك نص قرءاني لا يمكن تجاوزه يسمح بطرح السؤال نفسه. وقبل ان ادخل في الإستدلال الشرعي والعقلي لا بد من الوقوف قليلا في الألفاظ التي يطرح بها السؤال:


أولا : من هو المسلم والمسلمة ؟
ثانيا: من هو هو غير المسلم؟
ثالثا : ما هو الزواج ؟
رابعا : كيف تناول القرءان – مصدر التشريع الوحيد – العلاقات الإنسانية بكافة أشكالها؟
خامسا: ما طبيعة القوانين التي تحكم زواج المسلمين اليوم؟

من هو المسلم:

ورثنا قسرا ان المسلم هو من يشهد “ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله”… واضاف اليها الغالبية ما يسمى بأركان الإسلام :” بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت من إستطاع إليه سبيلا”…. لكن المتعارف عليه ان ما يسمى بالشهادتين هو الحد الفاصل بين الإسلام والكفر.
لا بد ان نعلم ان رواية “بني الاسلام على خمس” رواية موضوعة مكذوبة على النبي عليه الصلاة وله التسليم، لانها تتعارض مع القرءان في نواحي كثيرة، ولانها رسخت لصناعة “دين محمدى عربي” من رسالة الاسلام وهو الدين الذي قامت عليه “امبراطورية قريش العظمى” بعد انقلاب الامويين ومن بعدهم العباسيون على الاسلام وصناعة دين عربي هو الذي تم نشره بحد السيف في العالم القديم فيما يسمى الفتوحات الاسلامية…. فالإسلام هو الدين الأوحد عند الله منذ بدء الخليقة ولم يبدأ برسالة محمد عليه الصلاة وله التسليم…وسأناقش هذه المغالطات في هذا المقال المختصر.

قبل ان ندخل في الموضوع لا بد لنا ان نميز بين “الإيمان” و “الإسلام”. لو عدنا للقرءان الذي اتخذناه مهجورا لوجدنا الإطار العام لـ “الايمان” متمثلا في هذه الآية:

{آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} البقرة

هذه الآية تحدد لنا ما آمن به الرسول “محمد” نفسه وتبعه في ذلك “المؤمنون” ولا يحق لأي كائن من كان ان يتطاول على الله ورسوله ويصف مكونات الايمان المطلوبة من المؤمنين كحد ادنى اكثر مما حدده الله في وصفه إيمان الرسول ومن معه.

ونلاحظ ان الآية لم تدخل أي من العبادات الطقوسية كركن من اركان الإيمان ناهيك الاسلام كما فعل صناع الحديث لاحقا حينما صنعوا دينا كهنوتيا يقوم على الإيمان بالنبي “محمد” وحده كشرط للإسلام وقاموا عمدا بالتفريق بين محمد و رسل الله تعالى السابقين. أيضا نلاحظ ان الآية وصفت من كان مع محمد بأنهم “المؤمنون” وليس “المسلمون” والفرق بينهما كبير جدا كما سنرى لاحقا.


والمتتبع لخطاب الرسالة المحمدية للناس يجد انها فيما يخص العبادات تخاطب المؤمنين وليس المسلمين.. مثلا:

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) } المؤمنون

هنا نلاحظ ان “الصلاة” و”فعل الزكاة” ورد في خطاب المؤمنين وليس المسلمين…مع التنويه إلى ان مفهوم “إقامة الصلاة وفعل الزكاة” تحتاج لتفصيل أكبر اتجاوزه هنا للاختصار…والآيات التي تعضد هذا الخطاب كثيرة..منها مثلا:

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)} البقرة
{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)} النساء
{لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)} النساء

{قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)} ابراهيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} البقرة
الآيات اعلاه تجمع بين “المؤمنين” وما يسمى اركان الإسلام { الصلاة والزكاة والصيام } ، لكن لم ترد في كل القرءان عبادة طقوسية محددة مرتبطة بالإسلام ناهيك ان تقوم عليها أركانه.

والمقال لا يتسع للتمييز بين “المؤمن” و”المسلم” بالتفصيل لكن انصح بالرجوع لمقالات وكتب محمد شحرور في هذا المجال….. ما يهم هنا هو ان هناك فرق كبير وواضح بينهما وان العبادات التي سميت أركانا للإسلام هي من واجبات المؤمن وليس المسلم….. ويكفينا هنا ان نحسم الفرق بين الإيمان والإسلام بهذه الآية الفاصلة:

{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)} الحجرات ………..

في نهايات عصر النبوة خضعت الجزيرة العربية لغلبة الاسلام بعد ان اصبحت الاوثان وما قامت عليه من اديان واعراف في ذمة التاريخ، فأعلن من كان متأخرا جدا “إيمانه” ليلحق بركب الثورة الفكرية والحضارة الجديدة حينها، لكن الله حسمهم وأسقط عنهم صفة “الإيمان” الذي هو في القلب وخالى من الريب، واطلق عليهم فقط لفظ “الإسلام” وهو يحمل مدلول الاستسلام والتسليم بالواقع الجديد والدخول في حالة سلام مع المؤمنين ، كما يحمل مدلول الخروج عن الشرك والوثنية الرسمية إلى ساحة البحث والتفكر في الكون والخلق والخالق بغض النظر عن رسوخ الإيمان في قلوبهم ام لا.

من هنا نخلص إلى ان صفة “المسلم” في القرءان اكثر عموما من صفة “المؤمن”. ومن هنا ايضا يمكننا ان نصف عموم المسلمين اليوم انهم فقط مسلمين بحكم الميراث والنشأة كونهم ولدوا في بيئة تدين بالإسلام لكن اغلبهم ربما لا يؤمن في قرارة قلبه بمتطلبات الإيمان وربما لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولا يلتزم بمقومات الإيمان سالفة الذكر لكنه فقط وكغيره من عامة الناس “من المسلمين”.
وقبل ان انتقل للحديث عن المفهوم العالمي للإسلام لا بد من الإشارة الى ما يسمى الركن الأخير من أركان الإسلام في الرواية المكذوبة عن النبي “بني الإسلام على خمس..” وهو الحج:

الحج :
الحج أمره مختلف تماما إذ انه خطاب للناس، كل الناس:

{فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} آل عمران
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)} الحج

في هاتين الآيتين نلاحظ ان الحج ورد في خطاب عام لكل “الناس” بغض النظر عن معتقدهم. هو دعوة عالمية للإنسانية وليس ركنا من “أركان الإسلام” كما زعموا وليس فرضا من فرائض الإيمان كما ورد في الآيات السابقة التي خاطبت المؤمنين بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاء وصيام رمضان. وقد شرحنا بإستفاضة في كتاب ” آذان الأنعام” مدلول لفظ الحج وطقوسه وانه يقيم الحجة على كل الناس وان طقوسه تمثل تمثيلا دقيقا لاحداث الأيام الأولى في حياة آباء الإنسانية العاقلة تتم في مسرح الاحداث نفسها بعد ان نقلهم الله من الإنسان القرد إلى الإنسان العاقل بأن نفخ فيهم من روحه وبرمج العقل ليصبح أؤلئك البشر آباء الإنسان العاقل اليوم. لذلك فالخطاب بالحج هو خطاب لإقامة الحجة الدامغة على الناس. وعليه فهوم ليس ركنا لا من اركان الإسلام المزعومة ولا من مقتضيات الإيمان وإنما حجة يدعى للتدبر فيها كل الناس.
الإسلام :

مما سبق نحتاج للتمييز بين متطلبات “الايمان” الذي خاطب الله فيه المؤمنين بالعبادات المعروفة وبين “الإسلام” الذي هو اكثر عموما من لفظ الإيمان. ومن هنا يمكن للقارئ ان يفهم الخلل في السؤال موضوع المقال عن “شرعية زواج المسلمة من غير المسلم” إذ ان الخلط بين “الإيمان” والإسلام” يحدث خلطا في الإجابة على هذا السؤال.

قد وردت آيات محكمات في القرءان تجعل الإسلام دين الله ودين الإنسانية ودين الكون…وهو ملة إيراهيم الذي سبق اليهود والنصارى ناهيك عن رسالة النبي الاخيرة.

{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)} آل عمران
نلاحظ هنا ان الدين عند الله هو “الإسلام” وليس الإيمان. ونلاحظ أيضا ان الإسلام في ادنى صوره يقوم على الإيمان اي التصديق والتدبر في آيات الله ، وآيات الله ليست نصوص القرءان وإنما سنن الكون الحاكمة والتدبر في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار وقوانين الطبيعة والتعامل معها كسنن ثابتة من خلق من خلق الكون….ونلاحظ أيضا الدعوة للذين أوتوا الكتاب بالإسلام بالتدبر في آيات الله الكونية وليس بالضرورة الإيمان بنبوءة محمد نفسه لأن الإسلام مرتبط بالكون والله خالقه، بينما الإيمان يرتبط بإتباع الرسل وتفاصيل رسالاتهم بما فيها رسالة محمد الاخيرة.

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)} ال عمران

نلاحظ في الآيات السابقة خطاب مباشر للذين اوتوا الكتاب من قبل “يؤمنوا” بمحمد مصدق لما معهم وينصرونه ، وليس ان يسلموا له او يسلموا معه.. فمن آمن منهم دخل في ذمرة “المؤمنين” ومن انكره منهم وصف بالفسق وليس الكفر ولم يخرج من الإسلام. ونلاحظ ختام الآيات ان لله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها….وذلك دين الله الفطرى.

وهذا يقودنا في هذا الإختصار الكبير لتأصيل “إسم المسلمين” الذي سبق النبي محمد وسبق اليهود والنصارى وهو ملة إبراهيم.
ملة ابراهيم:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)} الحج


نلاحظ في هذه الآيات ان الله خاطب المؤمنين كمؤمنين بمحمد وكمسلمين أيضا، لأن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن. أيضا نلاحظ ان الله ارجع تسمية الإسلام إلى “ملة إبراهيم” ولا علاقة للإسم بما جاء به محمد ولا برسالة القرءان الخاتمة. وقد شرحنا بإستفاضة في كتاب ” آذان الأنعام” ان “ملة إبراهيم” لا تعني دين إبراهيم كما هو متعارف عليه وإنما هي صفة لسلوك محدد للعقل حين يتدبر آيات الله الكونية ويرفض المروثات المغلوطة ويبحث بحر إرادته عن الحقيقة. واللفظ اصلا من ” مَلَّ يملُّ مِلَّـة فهو يتململ”… أي ان يكون في حالة بحث دؤؤب عن الاسرار والحقائق ولا يستسلم للموروثات المغلوطة ….وكل من سلك سلوك إبراهيم فإنه بطبيعة الحال يسلم وجهه للذي فطر السموات والارض بغض النظر عن إيمانه برسالة محددة….إذن المسلم كما سماه إبراهيم هو من بحث وأسلم وجهه لله في بحثه وحنف دائما للحق الذي يثبت لديه.. والحنف هو الميل نحو شئ او فكرة…وقصة إبراهيم مليئة بالبحث والحنف نحو ما يثبت لديه مصداقيته بعيدا عن الشرك بالله:
{قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)} آل عمران

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) النحل
إن تركيز القرءان على ملة إبراهيم كوعاء فكري شامل لكل من يتدبر في الكون ويسلم وجهه لله – باي اسم حسن سماه به ولله الأسماء الحسنى – يضع الحد الفاصل بين الدين القريشي الذي ابتدعه الاموين وصنعوا له الأقاويل المكذوبة على النبي لتقتصر إسم “الإسلام” فيمن خضع لسطانهم فقط واخرجوا منه من لم يخضع لهم، سواء بالرفض او من لم تناله أيديهم، وهكذا ظهر الدين المحرف المسمى “الإسلام” والذي شرحت خطوات تأسيسه سياسيا في كتاب “امي كاملة عقل ودين” وهو متاح مع كتاب ” آذان الأنعام” الكترونيا للجميع في الانترنت وورقيا من دار الوطن في المغرب.

شاء الناس ام أبو فإسم “الإسلام” إسم شامل يدخل فيه كل من أسلم وجهه لله وتبع ملة إبراهيم في التدبر والبحث في الكون والحنف اي الميل عن الشرك كلما توفر لديهم علم جديد بالكون يقربهم لخالقه:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) البقرة

نلاحظ في الآية اعلاه الدعوة للذين آمنوا بمحمد ان يدخلوا في السلم كافة…وذلك لأن المؤمن لا بد ان يكون مسلما لله مسالما في الأرض مع كل من مد إليه يد السلام…..وفي هذا السياق اختم بهذه الآية:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)} النساء

نلاحظ ان هذه الآية تخاطب المؤمنين الذين يهاجرون من بلدانهم “المسلمة” حسب التعريف الرسمى …والضرب في سبيل الله لا يعنى الخروج للقتال وانما الهجرة في ارض الله للتجارة والرزق والعلم والسياحة والتدبر في الكون وغيرها من اسباب تداخل واختلاط الشعوب. هنا ينهاهم الله ان يصنفوا الناس وفقا لهويتهم التي حملوها معهم…فمن ألقي اليكم السلام فهو مسالم ويدخل في إطار الإسلام الشامل مهما كانت خلفيته الثقافية والدينية والأحرى بالمؤمن ان يحتضن كل من يسالمه وليس ان يعاديه وينفره بحجة انه ليس “مؤمن” … فما بالنا نصد من ألقي الينا السلام وبادرنا المودة ورغب في الزواج من مسلمة بكل طواعية وعلم بدينها؟…… هل نرده بحجة انه غير “مؤمن”؟… أعتقد انه هنا يستطيع القارئ ان يفهم ما اشرت إليه في بداية المقال في ان السؤال عن “شرعية زواج المسلمة من غير مسلم ” يسقط لأن هناك فرق بين “المؤمن” و”المسلم”. وهنا ادخل في صلب الموضوع لمناقشة مفاهيم الزواج في بلدان المسلمين……………

الزواج لدي المسلمين:

الباحث في مفاهيم الزواج لدينا يصاب بالدهشة من الكم الهائل من التعقيدات التي ابتدعت لتحريم ما احله الله، او ما سكت عنه، وفي الغالب لاسباب سياسية وعرقية وقبلية ومذهبيه لا علاقة لها بشرع الله.

فهناك “الزواج على سنة الله”:…. وهذا هو الزواج الطبيعي الفطري الذي يجمع بين ذكر وانثي وفق ما اتفقوا عليه كيف تكون حياتهم…..
وهناك “الزواج على سنة الله ورسوله”: …..وهو صيغة اشرك فيها “الرسول” مع الله حيث ادخلوا كل الأكاذيب الموضوعة المنسوبة للنبي لتقيد ما تركه الله واساعا وفقا لأهواء المدارس الفقهية على مر العصور….وهكذا تطور الإبتداع….

“الزواج على سنة الله ورسوله وفقا لمذهب فلان”: …وهذه هي الصيغة الغالبة لدي مسلمي اليوم حيث تدخل المذهبيه في تضييق الزواج حتى بين المسلمين انفسهم…. واشهرها اليوم هو الحرج من الزواج بين المذهبين الشيعي والسني…. لكن أسوأ ما وصلت إليه بدع المسلمين في الدين هو الزواج وفقا للقانون السياسي:

“زواج المواطنة من الاجنبي”:…. هذه الظاهرة الحديثة جدا ظهرت بعد أن تفتت بلدان المسلمين الى دويلات جغرافية تحكمها نظم سياسية محددة…… ففي السعودية مثلا يمنع القانون زواج المواطنة من مسلم اجنبي إلا بإذن من سلطات عليا بعد ان تثبت انها لظروف سن او تعليم او عمل
لن يتزوجها “مواطن”…والموافقة هنا اصعب من ولوج الجمل في سم الخياط……. هذا القانون الوضعي متواجد في معظم الدول وليس الخليج وحده ، ويطبق بدرجات متفاوتة من التشدد، لكن اشرت للسعودية فقط كمثال لانها مهد الرسالة ولانها اكثر الدول إدعاء انها تطبق شرع الله وأكثرها تضيقا وبدعة في امر زواج “المواطنة” من “اجنبي”.

الملاحظ على هذه القوانين الوضعية سواء كانت مذهبية او سياسية انها غالبا من تطبق على المرأة اكثر مما تطبق على الرجل. وفي هذا مغالطة سأختم بها هذا المقال، لكن قبل ذلك لا بد من تفنيد النصوص التي يطوعونها لخدمة العنصرية التي يقيدون بها شرع الله………………
ففي شأن الزواج من اليهود والنصارى وهو الغالب في واقع اليوم بحكم تداخلهم الجغرافي مع المسلمين وبحكم هجرة المسلمين إلى بلدان مسيحية يرجعون لهذه الآية:

{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)} المائدة….
نلاحظ ان الآية قدمت بالتحليل وليس التحريم.. ونلاحظ انها أيضا وصفت “الطيبات”…. والطيبات هي كل ما طاب للنفس ما لم يكن محرما بنص قراءاني لأن الذي يحرم ويحلل هو الله وحده….. هذه الآية احلت طعام أهل الكتاب من غير تخصيص….. ونلاحظ انها احلت الزواج من الكتابيات، ويفهم منها ان المقصود هو حل زواج الرجل المسلم من كتابية، لكن هل حرمت زواج المسلمة من كتابي؟؟؟…….
لنجيب على هذا السؤال لا بد من العودة لحل طعام أهل الكتاب من غير تخصيص ونسأل انفسنا: هل أكل لحم الخنزير الذي هو شائع في بلدان أهل الكتاب اليوم يدخل ضمن الطيبات المحللة بهذه الآية؟ الإجابة البديهية هي “لا” ، رغم انه من طعام اهل الكتاب، لكنه اصلا محرم لذاته بغض النظر عمن طعمه…… وعليه فإن الآية تحل عموما ما لم يكن اصلا محرم لذاته….. قياسا عليه فإن الآية هنا فيما يخص زواج المسلم من كتابية قد طرحت الغالب والشائع لانه من فطرة الشعوب كلها ان الرجال اكثر هجرة وتداخلا مع الشعوب الأخرى وانهم اكثر رغبة في الاندماج والمصاهرة مع غيرهم، بينما الإناث اكثر إرتباطا بالبيئة والتراث المحيط بهن….


إذن فإن الإفراد الضمني للرجال بحل الزواج من كتابيات هنا لا يعني تحريم زواج المرأة المسلمة من كتابي، وإنما ان السياق تحدث عن الغالب فقط ، وسكت عن النادر، تماما كما سكتت الآية عن تحريم أكل لحم الخنزير لانه أصلا ما كان ليكون من طعام أهل الكتاب انفسهم…
الآية الاخرى التي يرجعون اليها هي آية النهي عن الزواج من المشركين:

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)} البقرة

هذه الآية آية ظرفية أطلقت حكما بالنهي ” لا” وليس التحريم… وهي نهت عن زواج “المؤمنين” و “المؤمنات” وليس “المسلمين” و “المسلمات”…نهتهم معا من الزواج من المشركين والمشركات في زمن النبي الذي كان ظرف فيه حرب بين المؤمنين والمشركين . ومضت توضح سبب “النهي” وليس التحريم، وهو ان المشركين أؤلئك كانوا يدعون إلى النار والله يدعوا للجنة…… واكرر ان الامر هنا نهي بناء على حكمة ومصلحة وضحتها الآية وليس تحريم لأن الزواج هنا ليس ضد الفطرة وانما فيه مخاطرة فقط… وقد ورد في السيرة ان زينب بنت النبي نفسها ظلت على زواجها من زوجها المشرك ابو العاص رغم الإنفصال بينهما مما يدلل على أن حكم النهي هناك لم يكن “أبيض وأسود” وإنما نصح عام يخضع للإستثناءات الفردية. أما حين التحريم المطلق فقد أطلق الله لفظ التحريم وهو سلطة إلهية لا تخضع للنقاش او التأويل:
{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)} النساء

نلاحظ في الآية الأولى انها فقط نهت ” لا” لكنها لم تحرم نكاح ما نكح الآباء ، فقط نهت عنه ووصفته بأنه فاحشة ومقتا وسبيلا سيئا…. لكن الله حينما حكم على النكاح المعارض للفطرة استعمل لفظ التحريم مع الامهات والاخوات الى آخر الآية.

ألخص ما سبق في هذه النقاط:

اولا: الآية التي أحلت الطيبات ادخلت ضمنها نكاح الكتابيات لكنها سكتت عن الكتابيين…. والمسكوت عنه مباح ما لم يرد نص يحرمه….
ثانيا: الآية التي نهت عن نكاح المؤمنين والمؤمنات من المشركين والمشركات كانت تعالج واقعا سياسيا فيه عداء وحرب ، رغم ذلك اكتفت بالنهي وليس التحريم لتترك الباب مفتوحا للإستثناءات……

ثالثا: الآية التي نهت عن نكاح ما نكح الآباء اكتفت بالنهي وليس التحريم لانها كانت تعالج ثقافة قائمة فيها متداخلات ومتغيرات…..
رابعا: حينما أراد الله التحريم لما هو ضد الفطرة فقد صرح بلفظ التحريم كما في تحريم الامهات والاخوات…..
المؤسف في امر قوانين الزواج انها لا تسأل عن حال من ولد في بيئة مسلمة هل هو “مؤمن” او “مسلم” حقا، ام انه فقط جزء من القطيع في هذه البيئة!….. فكم من “مأذون” يعقد على فتاة مؤمنة رغم انفها من رجل اسمه احمد او محمد وهو اشد كفرا من الشيطان ويتم العقد على ” سنة الله ورسوله على مذهب فلان” ، بينما تقوم الدنيا ولا تقعد إن تزوجت فاطمة التي تلتزم فقط بأدنى صفات الإسلام بمايكل او جون الذي يؤمن بالله ويتدبر في آياته ويسارع في الخيرات ولا يشرك به آحدا فقط لأنه ولد في بيئة مسيحية او يهودية او غيرها. واختم بهذه المغالطة:

مغالطة المنطق في امر الزواج:

يقولون ان المرأة هي من تربي….فإن كان المسلم مباح له بنص القرءان الزواج من كتابية وهي التي ستربي النشأ ينطقون لغتها الام – ولم نسمع بلغة الاب ابدا – ويتعلمون منها مبادئ الحياة وقيمها الاساسية في سن التنشئة الاولى وهي كتابية، فمن المنطقي ان يكون حضن الام المسلمة للنشئ اولى بالاباحة من حضن الاب غير المسلم المسكوت عنه في القرءان….. والواقع الآن ينطق عليهم بالحق إذ ان الكثيرين جدا من الرجال الذين يتزوجون “غير مسلمات” – مع التحفظ على هذه التسمية – يتركون أبنائهم مع امهاتهم غير المسلمات سواء استمر الزواج او ادي الى انفصال، حيث تصبح الأم هي الحاضن للطفل في مهده ونشأته وينطق لسانها ويتعلم منها كل مبادئ الحياة سواء كان الاب موجودا او هجرها واطفاله معها…………..

لقد شرحت في الباب الأخير ” فقه الكلب” من كتاب ” امي كاملة عقل ودين” كيف تلاعب الفقه الذكوري القريشي بحدود الله التي حرم تحريما مغلظا تعديها في قضية الطلاق في تلاعبهم بهذه الآية:

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} البقرة….
ففسروا بأهوائهم ” مرتان” انها تعني كلمتان وهكذا نتجت “ثقافة طالق بالتلات” اي يطلق المراة ثلاثة مرات بكلمة واحدة، بينما الآية تصف ان الطلاق الرجعي “مرتان” وليس “كلمتان”.. وكل مرة لها “حدود” يحرم تعديها.. وكل مرة تستمر إلى ان تنتهي فترة العدة… اي ان المرة الواحدة تستغرق على ما يزيد على ثلاثة أشهر….إن الذين عبثوا بالطلاق وتعدوا على حدود الله فيه، هم انفسهم الذين عبثوا بالزواج وحرموا على المسلمات ما لم يحرمه الله عليهن……….

إن قضية “زواج المسلمة” من “غير المسلم” تم تسييسها منذ الإنحراف الأول عن القرءان في شر القرون التي غلبت فيها شهوات واطماع الدنيا مختلطة بالعنصريات القبلية التي انتجت توسع “إمبراطورية قريش العظمي” في رقعة واسعة من العالم وما زالت تحكمها نفس الأهواء الذكورية العنصرية القديمة التى لا علاقة لها البتة بشرع الله الذي شرع الإسلام دينا عالميا ودعانا للدخول في السلم كافة…….
{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)} النحل
ولا بد من التوضيح هنا ان ليس من المنطقي ان يأتي مسيحي متزمت من كاليفورنيا ليتزوج إمراة من مكة او المدينة، هذا تفكير احمق. الحالات التي يحدث فيها هذا التداخل غالبا هي حالات هجرة المسلمين لبلدان غير مسلم، او سياحة المسيحيين في بلاد المسلمين حيث تتم المعاشرة بالجوار والعمل وصداقة الاسر او الزمالة في المدرسة و العمل وغالبا يتم فيها انسجام بين الطرفين يجدان فيه انفسهما معا على ملة ابراهيم حيث تزول الفوارق الموروثة كونه من جذور مسيحية وكونها من جذور مسلمة. والفارق بينهما حينها غالبا اوهي من خيط العنكبوت.

فلا يوجد تحريم لاي شئ إلا ما حرمه الله نصا في القرءان، وفي الزواج فإن ما سكت عنه الله مباح ، وكل حالة يحكم عليها بنفسها سواء كانت بين “احمد وفاطمة” او كانت بين “أحمد و كلير” أو كانت بين “فاطمة ومايكل”…..والأصل الإباحة ما لم يرد سبب ينهي او يحرم غير التسميات والموروثات… والله اعلم.

http://www.eljawab.com/10120.html

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط