تنويه لازم.
هذه الدراسة أنقلها ههنا على هذا الموقع المبارك بصاحبه مولانا السيد الشريف فضيلة الدكتور محمود حفظه الله ، وهي ليست بالضرورة معبرة عن أي قناعات فكرية أو توجهات سياسية لديّ تجاه أي من جزئياتها ، ولكن الغرض من النقل هو النظر لمسألة مفصلية نعيشها حالياً من مختلف الجوانب والتوجهات.
الدراسة.
واحدية الثورة في مقاومة الاحتلال ونيل الاستقلال.
عنوان الورقة :سياسات تقسيم وتشطير اليمن في التاريخ الحديث والمعاصر(موقف الشعب اليمني منها).
إعداد :
أ - محمد سعيد شكري د - نصر سالم هادي د- حمود محمد احمد
نوفمبر 2007م بمناسبة احتفالات شعبنا اليمني بالعيد الخامس والأربعين للثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) لعام 2007م, ومرور خمسة وأربعين عامآ على ثورة سبتمبر الخالدة، وأربع وأربعين عامآ على ثورة 14أكتوبر المجيدة والعيد الأربعون ليوم الجلاء والإستقلال 30نوفمبر 1967م .
يسرنا أن نتقدم بورقة علمية متواضعة .... تحت عنوان سياسات تقسيم وتشطير اليمن في التاريخ الحديث والمعاصر وموقف الشعب اليمني منها.
والهدف من إعداد الورقة تقديم دراسة تاريخية لكيفية نشأة سياسات تقسيم وتشطير اليمن في تاريخه الحديث والمعاصر ، الأهداف .. والوسائل .. والغايات، وتبيان نضال الشعب اليمني العظيم في مواجهة هذه السياسات والمؤامرات والمصالح الخارجية والداخلية المتمثلة بالسياسة الأنجلو _عثمانية ودورها في تشطير اليمن (1839-1918م) منذ الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م وربط السلطانات والمشيخات والقبائل بالسياسة الاستعمارية البريطانية من خلال(الولاء والصداقة)وتطورها الى نظم ومعاهدات (الحماية) ، والذي كان مواكبآ للسيطرة العثمانية على تهامة عام 1849م وعلى وجهة الخصوص بعد سيطرة العثمانين على صنعاء عام 1872م.
ومن جانب أخر قد جرى تكوين مصالح داخلية لبعض قوة سياسية يمنية ممثلة برموز نظام الامامة والسلطنات والمشيخات الذي ساعد على تمرير التشطير والانفصال مستفيدين من المناخ الساسي في الجزيرة العربية والأقليم المجاور والسياسات العالمية وخاصآ بعد الحرب العالمية الاولى، مستفيدين من معاهدة الأنجلو -عثمانية الموقعة في 9/3/1914م من يطلع على وثيقتي المؤتمرين اللذان عقدا أحتفالا وتكريسآ لقيام هذة المصالح في الشطر الجنوبي من الوطن في عامي 1348هـ -1349هـ الموافق 1922م- 1923م ووقع المجتمعون من رموز أنظمة السلطنات والمشيخات على ميثاق التضامن على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتشكيل مجلس تحكيم لحل مشاكلهم بصورة ودية .
أفتتح المؤتمرين والي عدن الكولونيل سمس ورأس جلساتهما سلطان لحج ثم أقام السلطان عبد الكريم في جنينة القصر احتفالاً شائقآ بتكريم السلاطين والأمراء والمشايخ حضر ذلك الاحتفال كافة الأمراء ووالي عدن ورجال حكومتة وضباط جيش الطيران وكان يوم عشرين رجب من سنة 1349هـ يومآ تاريخيآ .
(انظر العبدلي "احمد فضل "هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن ص 287-288 ).
ومن جانب نظام الإمامة بعد الحرب العالمية الأولى فإن بعض الأراء تشير الى انة قد حصلت سياسات أمامية - إنجليزية متقاربة، ومساومات وتنازلات بينهما، كرس موقفين سياسيين انفصاليين داخل اليمن، الإمامة في الشمال السلطنات والمشيخات في الجنوب تحت السيطرة الاستعمارية.
ولا يخفي العديد من الباحثين والمفكرين أدانتهم لدور الجهاز الاداري الأمامي الفسد السياسة الامامية الطائفية كعامل يظاف الى العوامل السابقة ساعدت وكرست الانفصال والتشطير بن شمال وجنوب اليمن .
لقد حاولت كل القوى الداخلية والخارجية تغييب إرادة الشعب اليمني الواحدة في المقاومة ولكن هيهات لها ذلك. إن سياسة التقسيم والتفتيت للجسد اليمني والجسد العربي, كانت سياسة استعمارية على مستوى الجزيرة العربية والخليج العربي وفي عام 1916م وقعت اتفاقية سايكس - بيكوبين بريطانيا وفرنسا لاستكمال تفتيت المشرق العربي ، وتمهيدآ لوعد بلفور المشؤوم عام1917م, الذي على ضوئه تمكنت العصابات الصهيونية من الهجرة الى فلسطين وأقامة كيانها الغاصب على أرض فلسطين عام 1948م .
مانريد ان نصل اليه انة أذا كان من الواضح واحدية كفاح وثورة شعبنا اليمني فإن ما يؤكده التاريخ وما تطلبه مواجهة أمتنا العربية اليوم مع أعدائها القدامى والجدد هو تأكيد وحدة الثورة العربية وحركة التحرر العربية أيضاً كوحدة جدلية تؤكد معاني الحرية والوحدة العربية والتقدم .
وان نقدم تجربة شعبنا لمحاربة الانفصال والتشطير والاحتلال لإخواننا العرب صوب عزة وحرية ووحدة امتنا العربية .
فقد فجر الاحتلال الإنجليزي والسيطرة العثمانية، تمردات وانتفاضات يمنية دائمة ومستمرة، وتصدى الشعب اليمني لمؤامرة التقسيم والتشطير التي بدأت تلوح من قبل السياسيتين الأنجلو - عثمانية منذ عام 1886م منهية جريمتها بترسيم الحدود من خلال توقيع الاتفاقية في 9مارس 1914م ورغم ما استتبع الاحتلال والسيطرة الأجنبية الأنجلو - عثمانية على الارض اليمنية وجريمتها في التشطير والانفصال، من قيام سياسات داخلية انفصالية ، فان الشعب اليمني الواحد قد رفض كل السياسات العدائية ضد وحدته ومصالحة الوطنية الكبرى، واعتمد المقاومة سلاحآ ,وأيد التعامل مع الإمامة كقيادة له, عندما كانت تؤمن بالكفاح من اجل تحرير الأرض, وعاداها عندما كانت تنكص عن مشروع الكفاح والجهاد ضد المحتل والغاصب الغاشم.
وتمثلت المقاومة اليمنية الواحدة لمشروع واتفاقية ترسيم الحدود حينها بما يلي:-
1- رفض الاحتلال وسياساته التقسيمية الانفصالية لرقعة والأرض اليمنية الواحدة، وعدم تمكين دسائس الاستعمار في تقسيم الشعب اليمني وأثارة النزاعات الطائفية والمناطقية .
2- شكلت الأرض اليمنية بترابها وأشجارها وحيوانتها قبل الانسان الرادع القوي للانفصال فلا توجد حدود جغرافية حاجزآ بين الشمال والجنوب، وتلاقحت الأشجار شمالا وجنوبا فيما بينها بفضل الرياح، وسقطت الأمطار دون أن تراعي وتلتزم بالتشطير والانفصال، واخترقت الأغنام والماعز والأبقار والجمال الحدود الوهمية، واخترق الرعاة والراعيات الشباب والشيوخ أوهام الأستعمار في فصل الطبيعة والانسان اليمني، وأكدت واحدية الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) وفشل الانفصال.
ولدينا أدلة ووثائق من قبل إداريين وكتاب أستعماريين إنجليز، يتحدثون عن فشلهم الذريع في إقامة الفرقة والتقسيم والطائفية بين أبناء الشعب اليمني، إذ يشير أحد الإداريين الإنجليز المستعمرين بحرقة وغضب شديد الى فشل تلك السياسات الاستعمارية بقولة "إن هؤلاء الزيود والشوافع (طبعا يقصد اليمنيين) يصلون معاً في جامع واحد، ويزوج بعضهم بعضآ .
واستمرت العلاقات بي القبائل اليمني والمواطنين اليمنيين دون أدنى تغير .
وفاوم الشعب اليمني فكرة التقسيم ولجان تفسير الحدود الى درجة ان قبيلة القطيبي قد فرضت علي لجان الأنجلو- عثمانية ترسيم حدوده على الهوى والخرائط فقط دون قدرتها على الوصول الى المنطقة لرسمها على أرض الواقع، وكذلك جرى ايضآ بالنسبة للحدود المتجهة ناحية المشرق، والتي حددت فلكيآ لتصل الى درجة 20 وتتصل بما يسمى اتفاقية الحدود بين الانجليز والعثمانين في منطقة الخليج العربي.
واستطاعت أراد ة الشعب اليمني الوطنية الواحدة من الا نتصارات على كل الارادات المعادية، محبطة خططهم الاستعمارية التقسيمية الانفصالية ومحاولات التفتيت والتقسيم ونشر العداء الطائفي بين ابناء الشعب اليمني الواحد ولتنتصر في النهاية أرادة الشعب اليمني لأنها من أرادة الله، محققة لنفسها الوحدة الوطنية والاستقلال السياسي من خلال واحدية الثورة اليمنية 26 سبتمبر الخالدة 1962م و14 أكتوبر المجيد المتجسد في الجلاء عام 1967م ليصل الشعب اليمني إلى غايتة المنشودة في وحدة الارض والأنسان في اليمن السعيد في الثاني والعشرين من مايو 1990م بزعامة الأخ الرئيس القائد / علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية والقائد العام للقوات المسلحة .
1- أهداف الدراسة :-
أهداف وطنية - علمية موضوعية للوصول إلى الحقائق التاريخية التي تهدف إلى معرفة حقيقية الاحداث التاريخية التي توالت على المنطقة اليمنية والعربية في الفترة مدار البحث .
التصدي، وبروح علمية، موضوعية، حيادية، للمغالطات والأهداف الاستعمارية المتسترة ضد حقيقة وواقع شعبنا اليمني ونضالة ضد الاحتلال والتقسيم الاستعماري للمنطقة اليمنية ,وهذه المغالطات التي وردت سواء في شقها الرسمي الإداري الإنجليزي أو في كتابات المؤرخين الغربيين . الخروج بآراء واستنتاجات تاريخية عن الماضي والاستفادة منه على الصعيد الوطني والقومي في الحاضر والمستقبل، من أجل التصدي للمخططات الامبريالية والصهيونية ضد الوطن والأمة .
(2) موضوع الدراسة:-
السياسة الأنجلو - عثمانية ودورها في تشطير اليمن (1839-1918)، من حيث تتبع الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م وربط السلطنات والمشيخات والقبائل بالسياسة الاستعمارية البريطانية من خلال " الولاء والصداقة "وتطورها بعد دلك إلى نظام معاهدات " الحماية " بعد الاحتلال العثماني لتهامة عام 1849م, وعلى الأخص بعد الاحتلال العثماني لصنعاء عام 1872م . ثم تتبع السياسات والإجراءات بتفاصيلها في الفترة الرئيسية التي اتبعها طرفا الصراع البريطاني - العثماني مستعرضين المناخات السياسية في الجزيرة العربية والإقليم المجاور وفي النطاق الدولي وعوامل الشد والجذب والسلب والإيجاب ,الذي حكم صراع الطرفين على الأرض اليمنية والذي أدى في محصلته النهاية إلى توقيع معاهدة الحدود الأنجلو - عثماني في 9 مارس عام 1914م. وكان لزاما على البحث التقصي في الفترة السابقة للاحتلال الإنجليزي لعدن 1839م من أجل الربط الموضوعي والمنهجي للبحث ومعرفة الأهمية الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والتاريخية لليمن والمنطقة العربية ولمجمل التحولات التاريخية في العالم في التاريخ البشري الحديث فبدء تلمس البدايات منذ عام 1498م بحركة الكشوفات الجغرافية، مرورا ببدء حركة الاستعمار الغربي الحديث .
وتطرق البحث إلى أوضاع اليمن منذ الاحتلال العثماني الأول 1538م وطرده من الأرض اليمنية عام 1635بفعل المقاومة اليمنية، وما اعتور الدولة القاسمية من أحداث أدت إلى انفصال الأقاليم الجنوبية والشمالية في حضرموت، ويافع ولحج ... وأبي عريش عن جسم الدولة المركزية اليمنية وقد مهد هذا المجال لحركة الاستعمار البريطانية الإحتلالية للأرض اليمنية وعودة الاحتلال التركي .
وفي التاريخ اللاحق لأحداث الحرب العالمية الأولى تطرق البحث إلى العلاقة الأمامية الإنجليزية والى العوامل والأسباب التي أدت إلى تكريس الانفصال وعدم وحدة الأرض اليمنية، مما حفز الشعب اليمني لشن حركة المقاومة لإنهاء الإمامة والاستعمار واستعادة وحدة أرضة المقدسة تمهيدا لتوحيدها في الثاني والعشرين من مايو 1990م.
(3)المنهج:-
تتبع البحث بمنهج علمي تاريخي المراحل الأساسية لفترة مدار البحث من وثائق ودراسات ومخطوطات حسب ما وردت في الكتب المرجعية الحديثة ,وبموضوعية وحيادية بغية خدمة العلم، وإيضاح الحقائق التاريخية دون زيف أو بهتان أو سياسية آنية تعيق الاستفادة من الدراسات التاريخية . في مصادر الفترة مدار البحث .........
تتوزع مصادر الفترة مدار البحث على النحو التالي :-
أولآ: الوثائق الدبلوماسية البريطانية وغيرها من الوثائق غير المنشورة، وتقارير المندوبين البريطانيين وتوجيهات لندن والمسودات السرية للمعاهدات وغيرها، والمكتبات الدبلوماسية الكثيرة المتعلقة بالسياسة الاستعمارية البريطانية في الشرقين الأدنى والأوسط، وكذلك مواد من الصحافة البريطانية والعربية .(عزيز خوذة بيردييف : الاستعمار البريطاني وتقسيم اليمن "دار التقدم " موسكو 1990م صــــــــ4 ).
ووثائق البرلمان البريطاني ووزارة الدفاع البريطانية والبحرية البريطانية بالإضافة إلى مجموعة الوثائق الفرنسية و فضلا عن الوثائق الإيطالية والألمانية والأسبانية والتركية ومجموعة من المخطوطات اليمنية ..
ومجموعة من الوثائق القومية بالقاهرة والمؤلفات المعاصرة التي كتبت بأقلام وشخصيات عربية وأجنبية اشتركت في صنع الأحداث..
فضلاً عن مؤلفات أساتذة التاريخ العرب والأجانب ... وكتب الرحالة على اختلاف جنسياتهم والدوريات العربية والأجنبية (أباضة : عدن والسياسة البريطانية في البحر الأحمر "1839- 1918م" الهيئة المصرية للكتاب القاهرة 1976م. صــ11- 12-).
ثانيا: تنقسم الكتابات الغربية التاريخية إلى قسمين :-
1- الكتب والمراجع الإدارية الإنجليزية التي كتبها وألفها إداريون إنجليز أمثال ( برنار دريلي وهيكنبوتم وانجرا مز ). انظر ملحق بأسماء الكتب والإداريين ومؤرخين غربيين حول كتابات ألا وربيين عن اليمن بشكل عام وانظر أريك ماكرو : اليمن والغرب ترجمة د. حسين العمري . دار الفكر دمشق ط2 1987م صـــ8-10). لمزيد من التفاصيل انظر كتاب عدن تحت الحكم البريطاني " باللغة الإنجليزية للبروفيسور د. جية جافين" صدر عام 1975م عن مؤسسة سي هارست لندن ثبت المصادر والمراجع صــ451 - 455-).
2 . الكتب الغربية التي كتبها مؤرخون غربيون أشهرهم الإنجليزيان اريك ماكروور غافين والأمريكيان برايتون بوش، ومانفريد وينير . ( خودا بيردييف المرجع السابق صـ6-7-).
ثالثاً: الكتب الاستشراقية السوفيتية :- يأتي في مقدمة هذه الكتب كتاب " الاستعمار البريطاني وتقسيم اليمن (لمؤلفة عزيز خودا بيردييف أنظر هوامش مصادر ومراجع الكتاب المذكور آنفا كذلك ما قدمه الدكتور قائد محمد طربوش في كتابه بيبلوغرافيا اليمن في الاستشراق السوفيتي الصادر عن دار التقدم موسكو (1984- 1985م )
ولمزيد من التفاصيل حول المصادر والمراجع بصورة عامة انظر البحث القيم للدكتور صالح علي باصرة أستاذ تاريخ اليمن الحديث والمعاصر الموسوم بـــ"عدن بيبلوغرافيا مختارة " المقدم إلى ندوة ( عدن -ثغر اليمن ) مايو 1999م- عدن الجزء الأول صــ73-80-).
رابعا: الكتب لمؤلفين عرب :-
1- انظر ثبت المصادر والمراجع في نهاية البحث.
2- د. زكي حنا كور " تاريخ عدن " رسالة دكتوراه باللغة الإنجليزية، نوقشت في جامعة لندن، صدر عام 1981م.
أهمية وثائق الأرشيف الوطني في الهند :-
قسمت الوثائق إلى مجموعتين لتسهيل دراستها في كتاب " الاستعمار البريطاني " وتقسيم اليمن، حيث تتعلق المجموعة الأولى بالتقسيم الأنجلو _ عثماني لليمن وترسيم الحدود بين ولاية اليمن ومحميات جنوب اليمن .
وبالإضافة إلى المكاتبات الدبلوماسية الوفيرة وتقارير المقيم البريطاني في عدن وتوجيهات لندن، وتضم أيضآ معلومات ووثائق اللجنة الحدودية البريطانية التي تتضمن تفصيلية عن سير رسم الحدود وعن المقاومة اليمنية التي أبدتها القبائل وعن موقف السلطات العثمانية، وتوجد فيها الخرائط الحدودية ونصوص البرتوكولات التي صدقت على نتائج ترسيم الحدود والوثائق التي تشير إلى المناورات الدبلوماسية الأنجلو -عثمانية، وإلى خلافاتهما الإقليمية أثناء رسم الحدود.
وتضم المجموعة الثانية سياسة البريطانيين لحرمان اليمن . من أي منفذ بحري وتجاري لها وحصرها في المناطق الجبلية الداخلية، كما توجد وثائق حول التنافس الأنجلو إيطالي في اليمن .
خودا بيردييف المرجع السابق صـ 10-11-).
وننوه هنا إلى الجهود العظيمة للمرحوم الأستاذ عبدالله احمد محيرز في تصوير جزء كبير من هذه الوثائق البريطانية في الهند حتى عام 1905م.
من الأهداف الإجرائية العلمية للبحث:-
ومن الجوانب الإجرائية والفعلية لأهداف البحث حاولنا استنطاق الوثائق الأرشيفية وما ورد في المصادر، والمراجع المكتوبة حول التكتيكات الخفية للسياسة البريطانية الاستعمارية في شبة جزيرة العرب بغية تحقيق استراتيجيتها الإمبريالية في إخضاع الجزيرة العربية لنفوذها وسيطرتها والرد في الوقت نفسة على تخر صات المراجع الإدارية الإنجليزية التي تحاول أن تزيف الحقائق وتخفي الأهداف الاستعمارية، فقد حاول(هارولد انغرامس) أن يلزم الصمت بشأن دوافع بريطانيا الفعلية وان يتستر على حقيقة المخططات الاستعمارية البريطانية، كما أن (برنارد رديلي ) في كتابة "عدن واليمن" يصور السياسة الاستعمارية بأنها سياسة "تمدينية سلمية "تتوخى خير سكان جنوب اليمن الذين تقبلوا الحماية البريطانية طوعا.
ويصل توم هيكنبوتام الذي كان حاكما لعدن إلى غايته في التدليس، حيث يسعى لإقناع الرأي العام بأن اليمن لم يكن في الحقيقة مقسما بين العثمانيين والبريطانيين، ومارسم الحدود بين شطري اليمن، ماتم الا لمصلحة السكان اليمنيين، ومن اجل وضع حد للنزعات القبلية، لعدم تحديد حدود واضحة بينها .
(( كما يصور هيكنبوتام سعي المقاومة اليمنية في اليمن المستقل واليمن المستعمر لاسترداد عدن ومحميات جنوب اليمن بقولة " إن أئمة اليمن سعوا دوماً إلى بسط سلطتهم على أراضي محميات عدن . أما نحن فقد حاولنا من جهتنا دومآ ان نقيم علاقات ودية مع اليمن لكننا في الوقت ذاتة لم ننس التزامتنا تجاة حكام المحميات التي أخذنا على عاتقنا مهمة حماية أراضيها دون العدوان الخارجي )). وبالنسبة لآراء المؤرخين الغربيين فأن ( مانفريد وينير ) مؤرخ أمريكي، يعتبر كفاح ومقاومة الشعب اليمني في سبيل وحدة أراضية " مطامع يمنية بمحمية عدن" ويحاول ( ر. جية.جافن) - مؤرخ إنجليزي نقدي موضوعي إلى حد ما - أن يضفي على المستعمرين البريطانين صفة دعاة السلام وان السياسة البريطانية اللبرالية كانت ترفض التدخل في الشؤون الداخلية وانها في عموميتها كانت تستهدف تمتين الصداقة الأنجلو عربية .... وحفزتطور دول الجزيرة ".
(( لمزيد من التفاصيل عن أراء الإداريين البريطانيين والمؤرخين البريطانيين انظر خودا بير دييف المرجع السابق صــ4 -8-))
ويشير فرد هوليداي، مؤرخ إنجليزي يساري في كتابته " الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية إلا انه من الخطأ تاريخيآ القول، كما يفعل بعض الوطنين اليمنين، إن الامبريالية خلقت الانقسام . ويصح القول ان بريطانيا استخدمت انقسامآ كان قد حدث بالفعل قبل احتلالها " (صــ107-) .
وجهة نظر المؤرخ فرد هوليداي صحيحة ولكنها مجردة فلولا قوة الاحتلال وتكريس سياسة الانقسام من قبل المستعمريين البريطانيين، لما ظل اليمن مقسمآ طيلة فترة الاحتلال 1839 - 1967م، لقد تحمل الإنجليز تاريخيآ وزر الانفصال واستمرارة عندما اصبحوا سادة جنوب اليمن وادمنوا محاربة وحدة الارض والانسان والشعب اليمني .
قد أكون متخلفاً ولكن لن استمر متخلفاً إلى الأبد إلا إذا أبقت وفرضت وحافظت قوى أجنبية وبسياسة الحديد والنار على هذا التخلف، والمثال هنا هو التقسيم والانفصال الذي حافضت علية السياسة الاستعمارية . ثم ألم تكن السياسة الاستعمارية الأنجلو - فرنسية هي مهندسة تقسيم الوطن العربي في اتفاقية سايكس - بيكو عام 1916م، ومازالت تغذية وتسنده السياسات الاستعمارية الصهيونية الامبريالية، في شكل إبقاء وحماية غالبية الأنظمة القطرية التي تسود العالم العربي اليوم .والحقيقة التي نريد إيصالها انه لو لم يكن الانقسام والانفصال موجودا في اليمن إيان الاحتلال لكان خلقة المستعمر لا محاة ضمن سياسته الشهيرة " فرق تسد" ومهما كانت أشكال التوحيد الوطني آنذاك - في النموذج اليمني - متخلفة ورجعية أمامية وطائفية وعشائرية وسلالية ... الخ إلا انها ستشكل في حين تحققها تراكما وخبرات نضالية وطنية واحدة، ستجد لا محالة لنفسها مخرجاً في حركه صاعدة متقدمة، مثلما حصل في مثال ونموذج ثورة سبتمبر1962م الوطنية التي كنست النظام الإمامي الطائفي الكهنوتي الذي كان سائداً في اليمن حتى سبتمبر 1962م.
يتبع إن شاء الله.