موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: رداً على مقولة أوصياء الدين.. ضرورة التقليد واتباع المذاهب؟
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 27, 2024 11:43 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

زادت في الأونة الأخيرة أعداد من يهاجمون علماء الدين وخصوصاً علماء أزهرنا الشريف ودار الإفتاء المصرية متهكمين عليهم واصفين إياهم بأوصياء الدين ويريد هؤلاء المهاجمون من كل إنسان عادي أن يصبح هو مفتياً لنفسه وشيخاً لها ويهاجم كل من ينادي بضرورة التقليد بالنسبة للعوام وأهمية اتباعهم لأحد المذاهب الفقهية الأربعة.. ولا يعلمون - أو يعلمون- أن الخروج عن هذا الإطار هو أحد أسطر الدجال في خطته المرسومة لهدم ثوابت هذا الدين على أيدي جنوداً له يتكلمون بألسنتنا وليسوا منا .. فحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم وفي كل من سطر سطراً ونفذ قولاً من خطة الدجال لهدم ثوابت هذا الدين العظيم.

وفي هذا الموضوع بمشيئة الله نوضح ضرورة التقليد وما هو التقليد،وحقيقة التقليد وحكمه.


من كتاب:الأجوبة السديدة لبعض مسائل العقيدة عند أهل السنة والجماعة للشيخ علي جمعة ص52-57.


التقليد واتباع المذاهب الفقهية

س:ما هو التقليد، وهل التقليد أمر مذموم، حيث يصر بعض الناس على تنفير الناس منه، فما حقيقته، وهل هو جائز، وكيف نرد على اعتراضات من يعترض على التقليد بحجة أن المقلد ترك متابعة الكتاب والسنة واتبع الأشخاص؟

الجواب:

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. وبعد، فالتقليد في اللغة: مأخوذ من القلادة وهي ما جُعلت في العنق وتكون للإنسان والفرس والبدنة التي تُهدى في الحج، وجعلُ القلادة في عنق ما يُهدى إلى الحرم من النعم؛ ليُعلم أنه هَدي فيكف الناس عنه؛ تعظيماً للبيت وما أُهدي إليه(1).

وأما التقليد في الاصطلاح فله معنيان؛ أحدهما: العمل بقول الغير من غير حجة من الحجج الشرعية الملزمة، أي: من غير دليل قائم على حكمه أو حجيته.
والثاني: العمل بقول المجتهد من غير معرفة دليله معرفة تامة.
والأول غير جائز باتفاق والثاني جائز، بل لازم عند أهل العلم(2).

والمراد بقولنا:"من غير معرفة دليله"، أي: معرفة تامة للدليل، وهي معرفة الاستنباط الاجتهادي والاكتساب الفقهي الذي يُشترط في اعتبارهما توفر شروط الاجتهاد التي في كتب الأصول، فدخل في التقليد: أخذ العامي بقول المجتهد من غير معرفة دليله أصلاً أو مع عدم معرفته معرفة تامة بأن عرف وجه دلالته، ولكن لا يعرفها من الوجه الذي باعتباره يفيد الحكم. سواء أَذَكَرَ المجتهد في قوله سند الحكم أم لا، وسواء أأخذه عنه مباشرة أم بواسطة عالم موثوق به يرويه له عن نفس المجتهد أو عن مذهبه المدوَّن في الكتب المعتمدة(3).

والمكلفون بالنسبة لأحكام الشريعة وأدلتها قسمان: قسم قادر على أخذ الأحكام من أدلتها بطريق الاجتهاد، وقسم دون ذلك. والأول: هم المجتهدون، والثاني: هم المقلدون، ولابد لكل منهما من معرفة الحكم الشرعي ليعمل به حسبما كُلِّف.

فالأول بمقتضى التكليف العام مأمور بالاجتهاد للعمل بالأحكام الشرعية واتِّباعها. والثاني مأمور بتقليده كذلك(4).

وجمهور الأصوليين على أن المقلد يشمل: العامي المحض؛ لعجزه عن النظر والاجتهاد، والعالم الذي تعلم بعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد ولكنه لم يبلغ رتبة الاجتهاد، فكل منهما يلزمه التقليد.

يقول العلامة الشيخ محمد حسنين مخلوف في كتابه: ( بلوغ السول) تحت عنوان (استناد أقوال المجتهدين إلى المآخذ الشرعية): " وقد اعتبر الأصوليون وغيرهم أقوال المجتهدين في حق المقلدين القاصرين كالأدلة الشرعية في حق المجتهدين، لا لأن أقوالهم لذاتها حجة على الناس تثبت بها الأحكام الشرعية كأقوال الرسل عليهم الصلاة والسلام فإن ذلك لا يقول به أحد ؛ بل لأنهامستندة إلى مآخذ شرعية بذلوا جهدهم في استقرائها وتمحيص دلائلها مع عدالتهم وسعة اطلاعهم واستقامة أفهامهم وعنايتهم بضبط الشريعة وحفظ نصوصها، ولذلك شرطوا في المستثمر للأدلة المستنبط للأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية – لكونها ظنية لا تنتج إلا ظنا- أن يكون ذا تأهل خاص وقوة خاصة وملكة قوية يتمكن بها من تمحيص الأدلة على وجه يجعل ظنونه بمثابة العلم القطعي صوناً لأحكام الدين عن الخطأ بقدر المستطاع".

ثم قال:" وكما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم المستعدين للاجتهاد ببذل الوسع في النظر في المآخذ الشرعية لتحصيل أحكامه تعالى، أمر القاصرين عن رتبة الاجتهاد من أهل العلم باتِّباعهم والسعي في تحصيل ما يؤهلهم لبلوغ هذا المنصب الشريف، أو ما هو دونه حسب استعدادهم في العلم والفهم، وأمر العامة الذين ليسوا من أهل العلم بالرجوع إلى العلماء والأخذ بأقوالهم كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)} [الأنبياء: 7]، أي بحكم النازلة ليخبروكم بما استنبطوه من أدلة الشريعة مقروناً بدليه من قول الله أو قول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أو مجرداً عنه.
فإن ذكر الدليل من المجتهد أو العالم الموثوق به بالنسبة لمن لم يعلم حكم الله في النازلة غير لازم خصوصاً إذا كان ممن لا يفهم وجه الدلالة كأكثر عامة الأمة، أو كان الدليل ذا مقدمات يتوقف فهمها وتقريب الاستدلال بها على أمور ليس للعامي إلمام بها(5)" انتهى كلام الشيخ محمد حسنين مخلوف.

ويقول الشاطبي:" فتاوى المجتهدين بالنسبة إلى العوام كالأدلة الشرعية بالنسبة إلى المجتهدين، والدليل عليه أن وجود الأدلة بالنسبة إلى المقلدين وعدمها سواء إذ كانوا لا يستفيدون منها شيئاً، فليس النظر في الأدلة والاستنباط من شأنهم ولا يجوز ذلك لهم البتة وقد قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)} [الأنبياء: 7]. والمقلد غير عالم فلا يصح له إلا سؤال أهل الذكر وإليهم مرجعه في أحكام الدين على الإطلاق، فَهُمْ إذاً القائمون له مقام الشارع وأقوالهم قائمة مقام الشارع"(6) انتهى كلام الشاطبي.

والعوام في زمن الصحابة والتابعين كانوا إذا نزلت بهم حادثة أو وقعت لهم واقعة يهرعون إلى الصحابة والتابعين ليسألوهم عن حكم الله في تلك الحادثة وكانوا يجيبونهم عن هذه المسائل من غير أن ينكروا عليهم ذلك ولم ينقل عنهم أنهم أمروا هؤلاء السائلين بأن يجتهدوا ليعرفوا الحكم بأنفسهم فكان ذلك إجماعاً من الصحابة والتابعين على أن مَن لم يقدر على الاجتهاد فطريق معرفته للأحكام هو سؤال القادر عليها فتكليف العوام بالاجتهاد فيه مخالفة لهذا الإجماع السكوتي.

وكذلك فإن القول بمنع التقليد فيه ما فيه من تكليف مَن لا قدرة له على الاجتهاد بمعرفة الحكم عن دليله وهو تكليفٌ له بما ليس في وسعه فيكون منهياً عنه؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. ويضاف إلى ذلك أنه يؤدي إلى ترك الناس مصالحهم الضرورية والاشتغال عن معايشهم في الحياة الدنيا بتعطيل الحرف والصناعات لمعرفة الأحكام وفي ذلك فساد للأحوال(7).

وبعد أن قرر العلماء أن التقليد في الفروع مشروع بلا غضاضة اختلفوا بعد ذلك في أن التزام المقلد تقليد مذهب معين من مذاهب المجتهدين في كل واقعة على قولين:

الأول: أنه يجب التزام مذهب معين، قال الجلال المحلي في شرحه لجمع الجوامع:" والأصح أنه يجب على العامي وغيره ممن لم يبلغ رتبة الاجتهاد التزام مذهب معين من مذاهب المجتهدين يعتقده أرجح من غيره أو مساوياً له وإن كان في نفس الأمر مرجوحاً على المختار المتقدم، ثم في المساوي ينبغي السعي في اعتقاده أرجح ليتجه اختياره على غيره"(8). انتهي كلام الإمام جلال الدين المحلي

الثاني: أنه لا يجب عليه التزام مذهب معين في كل واقعة بل له أن يأخذ بقول أي مجتهد شاء وهو الصحيح؛ ولذلك اشتهر قولهم:" العامي لا مذهب له بل مذهبه مذهب مفتيه" ، أي : المعروف بالعلم والعدالة.

وهذا الأخير هو الصحيح؛ قال الإمام النووي:" الذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب بل يستفتي من شاء أو من اتفق من غير تلُّقط للرخص ولعل مَن منعه لم يثق بعد تلقطه"(9) انتهى كلام الإمام النووي.

ونقل ابن عابدين في حاشيته عن الشرنبلالي قوله:" ليس على الإنسان التزام مذهب معين وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلداً فيه غير إمامه مستجمعاً شروطه ويعمل بأمرين متضادين في حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى وليس له إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر؛ لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا يُنقص"(10) انتهى كلام الإمام ابن عابدين.

واتباع المقلد لمن شاء من المجتهدين هو اتباع للحق؛ فإن جميع الأئمة على حق، بمعنى أن الواحد ليس عليه إلا أن يسير حسب ما هداه إليه اجتهاده، ولا ينبغي للمقلد أن يتصور وهو يختار اتباع واحد منهم أن الآخرين على خطأ(11).

وأما اتباع المذاهب في إطار الدراسة والتفقه فهذا مما لا فكاك منه ولا بديل عنه؛ لأن هذه المذاهب الفقهية الأربعة المتبعة قد خُدمت خدمة لم تتوفر لغيرها فاعتنى بنقلها وتحريرها ومعرفة الراجح فيها واستدل لها وترجم لأئمتها بما جعل كل واحدة منها مدرسة مستقلة لها أصول معلومة وفروع محررة يتحتم على من أراد التفقه في الدين أن يسلك أحدها متعلماً ودارساً ومتدرباً فتكون بدايته هو من حيث انتهوا هم. أهـ

الهوامش: -
(1)تاج العروس 9/64 مادة: <ق ل د>، البحر المحيط للإمام الزركشي 8/316.
(2)بلوغ السول في مدخل علم الأصول ص25، الموجز في أصول الفقه ص295، التقرير والتحبير3/340-341.
(3)بلوغ السول ص23 بتصرف
(4)بلوغ السول ص26
(5) بلوغ السول ص15
(6)الموافقات للشاطبي 4/292-293
(7)أصول الفقه للعلامة محمد أبي النور زهير 4/464، وتعليق الشيخ/ عبد الله الدراز على الموافقات 4/292.
(8)شرح المحلي على جمع الجوامع 2/441.
(9)روضة الطالبين 11/117.
(10)حاشية ابن عابدين 1/51.
(11)أصول الفقه الإسلامي 2/1137-1139 ، واللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية لفضيلة الدكتور / محمد سعيد البوطي ص37-38 بتصرف.


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رداً على مقولة أوصياء الدين.. ضرورة التقليد واتباع المذا
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء فبراير 27, 2024 8:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2358
﷽___________
اللهم صل على سيدنا محمد النور الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وسلم عليه قدر نظرك إليه
- - -
زادك الله بسطة فى العلم والفهم وجزاك الله خيرا وكساك بأنوار حضرته وجعلكم من خاصته ﷺ)
- - -
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: رداً على مقولة أوصياء الدين.. ضرورة التقليد واتباع المذا
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء فبراير 28, 2024 9:22 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد إبريل 15, 2012 12:39 pm
مشاركات: 7477

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد النور وآله

جزاكم الله خيراً كثيراً أخي الحبيب وبارك الله فيكم... وجعلنا الله وإياكم وجميع الأحباب من خاصة خاصة خاصة سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


_________________
أبا الزهراء قد جاوزت قدري *** بمدحك بيد أن لي انتسابا

سألت الله في أبناء ديني *** فإن تكن الوسيلة لي أجــابا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 11 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط